.
كيف يأنيها وليست من قطرة من ماء في البيت , لَدَفْعُ المَضَرَّةِ أسبق على جلب المصلحة .
صدرها الكاعب وشفتاها الطريتان يتقدمان موكبها إليه , كل الشوق إليها طيلة سنوات خلت ينهمر الليلة غزيرا ليزهر في حقول رغبته باقات من الهيام هذا الذي يركض في دمه ويصهل على أعطافها
كان المحتفلون قد شربوا كل الماء في الجرار الثلاث المنصوبة في حوش البيت وهم يقرعون الطبول ويغنّون ويرقصون في مناسبة زفافها إليه .
عليهما أن يغتسلا حالاً بعد أن يلبسها وتلبسه , كيف به سيحمل كل الاوزارعلى ظهره حتى الصباح ؟ ستكون الكفة اليسرى يوم القيامة هي الأرجح .
إقترب , راودته شهوة من شيطان , همّ بها وهمّت به , لكنه رأى برهان ربّه , فنهض ليضع البرضعة (1) فوق ظهر الحمار وليرمي على جانبيها بشبكتين مربوطتين إلى حبل فوق البرضعة متشبوكتين على جرتين من الجرار الثلاث الفارغة , وليقفز على ظهر الحمار في طريقه إلى الوادي ليملأهما من البئر عند السائلة هناك .
قال لها : أعيدي سترتك إليك حتى أعود .
حتى للهواء لاتبدي المرأة زينتها غير لبعلها , هذا الطريّ بين يديها كحبات سنابل الذرة الخضراء المجهوشة (2) بين النار ,حارَّةً تتقرمط (3) على أسنان شوقها من جوع كل السنين إليه .
هَوْ .. هَوْ .. هوْ , نبحت الكلاب عليه في طريقه إلى السائلة ولم يعرها انتباها , كان كل شيئ هناك في السائلة من الوادي , حتى لو تأتي كلاب كل الدنيا .
أدلى بدلوه في قعر البئر القريب في الوادي وراح يملأ الجرتين , ليفرغ البقية من الدلو الأخير فوق جسده النصف عار وليتنهد ملء صدره في طريقه إليها .
حين دنا من القرية نبح كلب , ثم ثان وثالث , وتكالبت الكلاب في القرية عليه ,عَنْفَلَ (4) الحمار , واختل توازن الجرتين على جانبيه , فقفز جبريل من فوق البرضعة التي تدلّت , لتسقط إحدى الجرّتين وتنكسر بكل الماء فيها , سارع جبريل ليمسك بالجرة الثانية حين هي الآن فوق البرضعة في طريقها إلى السقوط لتلحق بالجرة المكسورة .
وألا بدّ مما ليس منه بدّ , فعليه أن يحمل الجرة التي لازالت ممتلئة بالماء غير مكسورة فوق زنديه حتى البيت , وليس بالضرورة أن يصل والحمار في ذات الوقت فقد كان يعلم بأن الحمار سيصل إلى البيت وحيدا دونه على أية حال .
ليس في مكان آخر , بل على مسافة لاتكاد بينه وباب البيت الآن ينزلق كاحل جبريل فوق حجر أملس ليقع على ظهره .
لم يكن غير بعض من ماء في تجويف تَبَقَّى من كسرات الجرة التي تحطمت الآن لايكاد يروي ظمأ دابة ,
تحسس قدمه , كانت سليمة .
فاضَلَ بين أن تكون قدمه قد انجرحت أو أن الجرّة قد انكسرت فاستراح إلى الأولى , لكن الجرّة كانت قد انكسرت .
حمل كسرة التجويف الفخاري الحامل لبعض قطرات من ماء وعلى مهل , سلّط عينيه جيدا على المسافة بين قبل الباب وبعد الباب حتى إليها , كان الباب مغلقا , وضع كسرة التجويف رويداً على التراب قبل الباب ليحرر يده ويطرق الباب عليها لتفتح له ولتفغر فاها : واااااو ... وأين الجرار وأين الحمار ياجبريل ؟ .
كاد أن يضحك , لكن الشوق كان أسبق من كل الضحكات .
بكل انتظار السنين حتى الآن كانت تريده , وكان يريدها .
مد يده ليتناول كسرة الفخار المجوفة لكن قدمه سبقته فانكسرت الكسرة كسرات .
ترك كل شيئ وراءه ,كانت كل الاشياء هناك خلف الباب , لم يكن يعلم هل عاد الحمار أم لم يعد , وأسرع إلى الداخل قابضا يدها في يده نحو مصحف كان يلازمه على الدوام .
فتح جبريل المصحف ليتلو على مسمعيها : " وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء احد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماءا فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وايديكم . إن الله كان عفوا غفورا "
2- الجهشة : من لهجة تهامة في اليمن وتعني حبات الذرة لازالت خضراء في السنابل والتي يتم تعريضها للهب النار مباشرة لقليها وأكل حباتها من السنبلة غير مطحونة .
3- القرمطة : من لهجة تهامة في اليمن وتعني حرفشة حبات الذرة المقلية بين الأسنان على مهل ولذة .
4-عنفل الحمار : من اللهجة اليمنية وتعني ركض الحمار على ذات المكان الذي يقف عليه , مقوّسا ظهره شديدا إلى الاعلى مع كل ركضة دون أن يتحرك إلى الأمام
كيف يأنيها وليست من قطرة من ماء في البيت , لَدَفْعُ المَضَرَّةِ أسبق على جلب المصلحة .
صدرها الكاعب وشفتاها الطريتان يتقدمان موكبها إليه , كل الشوق إليها طيلة سنوات خلت ينهمر الليلة غزيرا ليزهر في حقول رغبته باقات من الهيام هذا الذي يركض في دمه ويصهل على أعطافها
كان المحتفلون قد شربوا كل الماء في الجرار الثلاث المنصوبة في حوش البيت وهم يقرعون الطبول ويغنّون ويرقصون في مناسبة زفافها إليه .
عليهما أن يغتسلا حالاً بعد أن يلبسها وتلبسه , كيف به سيحمل كل الاوزارعلى ظهره حتى الصباح ؟ ستكون الكفة اليسرى يوم القيامة هي الأرجح .
إقترب , راودته شهوة من شيطان , همّ بها وهمّت به , لكنه رأى برهان ربّه , فنهض ليضع البرضعة (1) فوق ظهر الحمار وليرمي على جانبيها بشبكتين مربوطتين إلى حبل فوق البرضعة متشبوكتين على جرتين من الجرار الثلاث الفارغة , وليقفز على ظهر الحمار في طريقه إلى الوادي ليملأهما من البئر عند السائلة هناك .
قال لها : أعيدي سترتك إليك حتى أعود .
حتى للهواء لاتبدي المرأة زينتها غير لبعلها , هذا الطريّ بين يديها كحبات سنابل الذرة الخضراء المجهوشة (2) بين النار ,حارَّةً تتقرمط (3) على أسنان شوقها من جوع كل السنين إليه .
هَوْ .. هَوْ .. هوْ , نبحت الكلاب عليه في طريقه إلى السائلة ولم يعرها انتباها , كان كل شيئ هناك في السائلة من الوادي , حتى لو تأتي كلاب كل الدنيا .
أدلى بدلوه في قعر البئر القريب في الوادي وراح يملأ الجرتين , ليفرغ البقية من الدلو الأخير فوق جسده النصف عار وليتنهد ملء صدره في طريقه إليها .
حين دنا من القرية نبح كلب , ثم ثان وثالث , وتكالبت الكلاب في القرية عليه ,عَنْفَلَ (4) الحمار , واختل توازن الجرتين على جانبيه , فقفز جبريل من فوق البرضعة التي تدلّت , لتسقط إحدى الجرّتين وتنكسر بكل الماء فيها , سارع جبريل ليمسك بالجرة الثانية حين هي الآن فوق البرضعة في طريقها إلى السقوط لتلحق بالجرة المكسورة .
وألا بدّ مما ليس منه بدّ , فعليه أن يحمل الجرة التي لازالت ممتلئة بالماء غير مكسورة فوق زنديه حتى البيت , وليس بالضرورة أن يصل والحمار في ذات الوقت فقد كان يعلم بأن الحمار سيصل إلى البيت وحيدا دونه على أية حال .
ليس في مكان آخر , بل على مسافة لاتكاد بينه وباب البيت الآن ينزلق كاحل جبريل فوق حجر أملس ليقع على ظهره .
لم يكن غير بعض من ماء في تجويف تَبَقَّى من كسرات الجرة التي تحطمت الآن لايكاد يروي ظمأ دابة ,
تحسس قدمه , كانت سليمة .
فاضَلَ بين أن تكون قدمه قد انجرحت أو أن الجرّة قد انكسرت فاستراح إلى الأولى , لكن الجرّة كانت قد انكسرت .
حمل كسرة التجويف الفخاري الحامل لبعض قطرات من ماء وعلى مهل , سلّط عينيه جيدا على المسافة بين قبل الباب وبعد الباب حتى إليها , كان الباب مغلقا , وضع كسرة التجويف رويداً على التراب قبل الباب ليحرر يده ويطرق الباب عليها لتفتح له ولتفغر فاها : واااااو ... وأين الجرار وأين الحمار ياجبريل ؟ .
كاد أن يضحك , لكن الشوق كان أسبق من كل الضحكات .
بكل انتظار السنين حتى الآن كانت تريده , وكان يريدها .
مد يده ليتناول كسرة الفخار المجوفة لكن قدمه سبقته فانكسرت الكسرة كسرات .
ترك كل شيئ وراءه ,كانت كل الاشياء هناك خلف الباب , لم يكن يعلم هل عاد الحمار أم لم يعد , وأسرع إلى الداخل قابضا يدها في يده نحو مصحف كان يلازمه على الدوام .
فتح جبريل المصحف ليتلو على مسمعيها : " وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء احد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماءا فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وايديكم . إن الله كان عفوا غفورا "
"........
1-البرضعة : البَرْدَعَةُ : ما يوضَعُ على الحِمَار أو البغل ، لِيُرْكَبَ عليه ، كالسَّرْج للفَرس والجمع : برادع .2- الجهشة : من لهجة تهامة في اليمن وتعني حبات الذرة لازالت خضراء في السنابل والتي يتم تعريضها للهب النار مباشرة لقليها وأكل حباتها من السنبلة غير مطحونة .
3- القرمطة : من لهجة تهامة في اليمن وتعني حرفشة حبات الذرة المقلية بين الأسنان على مهل ولذة .
4-عنفل الحمار : من اللهجة اليمنية وتعني ركض الحمار على ذات المكان الذي يقف عليه , مقوّسا ظهره شديدا إلى الاعلى مع كل ركضة دون أن يتحرك إلى الأمام
تعليق