حتى إذا بلغت الحلقوم
بقلم : أحمد توفيق أبو جندي
ما الغـــــــــــــــربةً لمن كـــــان قاصـــــداً سفرِ
إنَّمـــا الغربـــــةُ لمنْ كان للمــوت محتضرِ
ســــــــفــري طــــــــــويلٌ و زادي قليــــــــــلٌ
فليــــس لِي إلا ما كــان منِّي مِنْ تَقوَى و بِرِ
ما أحلـــــــمُ ربـــــــــي عنــــــدما رآنــــــــــي
علــــى الخطـــايا و المعـــاصي كـنت مصرِ
أنــــــــا الذِّي كـنتُ فــي خَـــــــــلَاوَاتِــــــــــي
بالشَّــــهواتِ مُتـــلذِذاً و مُتعطِشـــاً لكلِّ نُكُــرِ
وَ ربـِّــــي كــــــــريمٌ عفــــــــوٌ قـــــد منَّ عليَّ
بالنعـــــــمِ و جــــــــلَّاني منــــه بأوسعِ سترِ
فإذا المنــايـــــــا قــــــدْ دَنَـــــــا آجـــــالـُــــــها
و النـفسُ تشكـو أسقامَها و بات القلبُ منكسرِ
و الأخـــلاءُ حـــولــي كــــان الكلُّ مجـــــتمعاً
في حــــــزنٍ أمــــالـــــوا إليَّ بلـوعةِ النظرِ
أَتُوا بالطـــــــبيبِ لعــــــــــــــلَّه يـــــــــــداوي
فهــــزَّ برأســـِـــهٍ و قــــال لا أُخفيــــكم سرِّ
و العيــــــــــنُ شـــــــاخصـــــــــةٌ إلــــى ملأٍ
قــــــــــــــــــــدْ أتَوْا لنـــــزعِ الروحَ بقصــرِ
و الروحُ تغــــــــــررُ فـــــــي حلقـــــــــومِها
و جــــــــــــرى الريــــــــقُ فــي نزعِها مرِ
فـــــــــإذا الروحُ فـــــاضتْ إلى بـــــــــارِئها
لا تدري أيســــــــــــرٌ حســــــــابها أم عسرِ
و غمضُونِي و صــــــارَ الكلُّ مُصـــــطرِخاً
و سَحُّوا الدمــــــعَ على فِــــراقي و هَـــجِري
و على ألواحٍ منطرِحاً و بيضَ لباسٍ لِي كفناً
و خرُّوا الماءَ عليَّ ثلاثاً وكانَ الحانوطُ عُطرِي
و شَيعونِي على اكتفٍ أربعٍ و صلُّوا عليَّ صلاةً
بلا ركوعٍ و لا سجودٍ و كان المحرابُ لي مقرِ
و أَنْزلـــــُــــــــــونِي القبرَ على مَهْلٍ مُلتحِداً
و أَهلُّوا عليَّ الترابَ و أَسكنونِي في بيتٍ من طينٍ و حَجَرِ
و قــــــــــامَ الإمــــــــامُ خاطباً و ليَ داعياً
وقدْ بــــــــَـــالغَ في مدِيــــــــــحِي و نَثـْـــرِي
و تَركـُــــــونِي في ظلمـــــةٍ كنتُ وحيدَها
منْ كان بالأمــــسِ إليَّ مُقبلاً فاليومَ عنِّي مُدبرِ
و يا مَنْ كـان خِلِّـــــــــي و صـَــــــحْبِي
مَنْ يُجِرْنِي اليــــــــومَ مِنْ ضَـــــمَّةِ القــــــــبرِ
و إذا الملكينِ أقعـــــــدُوني و سألُــــوني
عنْ صلاةٍ قَدْ أَضعتُها و جَدُّوا في السؤالِ عنْ كلِّ أمرِ
يا مــَــــــنْ ذا عقـــــلٍ و لُبٍ كُنْ مُتفكِراً
أما كــــان لك في المــــــوتِ مِنْ وَعْظٍ و نُذْرٍ
فأقمِ الصلاةَ لخمسٍ و اتلُو الكتابَ مُتدبِراً
و في الليــــــلِ قــــائماً لك مِنَ الرُّجْـــزِ هَجْرِ
بقلم : أحمد توفيق أبو جندي
ما الغـــــــــــــــربةً لمن كـــــان قاصـــــداً سفرِ
إنَّمـــا الغربـــــةُ لمنْ كان للمــوت محتضرِ
ســــــــفــري طــــــــــويلٌ و زادي قليــــــــــلٌ
فليــــس لِي إلا ما كــان منِّي مِنْ تَقوَى و بِرِ
ما أحلـــــــمُ ربـــــــــي عنــــــدما رآنــــــــــي
علــــى الخطـــايا و المعـــاصي كـنت مصرِ
أنــــــــا الذِّي كـنتُ فــي خَـــــــــلَاوَاتِــــــــــي
بالشَّــــهواتِ مُتـــلذِذاً و مُتعطِشـــاً لكلِّ نُكُــرِ
وَ ربـِّــــي كــــــــريمٌ عفــــــــوٌ قـــــد منَّ عليَّ
بالنعـــــــمِ و جــــــــلَّاني منــــه بأوسعِ سترِ
فإذا المنــايـــــــا قــــــدْ دَنَـــــــا آجـــــالـُــــــها
و النـفسُ تشكـو أسقامَها و بات القلبُ منكسرِ
و الأخـــلاءُ حـــولــي كــــان الكلُّ مجـــــتمعاً
في حــــــزنٍ أمــــالـــــوا إليَّ بلـوعةِ النظرِ
أَتُوا بالطـــــــبيبِ لعــــــــــــــلَّه يـــــــــــداوي
فهــــزَّ برأســـِـــهٍ و قــــال لا أُخفيــــكم سرِّ
و العيــــــــــنُ شـــــــاخصـــــــــةٌ إلــــى ملأٍ
قــــــــــــــــــــدْ أتَوْا لنـــــزعِ الروحَ بقصــرِ
و الروحُ تغــــــــــررُ فـــــــي حلقـــــــــومِها
و جــــــــــــرى الريــــــــقُ فــي نزعِها مرِ
فـــــــــإذا الروحُ فـــــاضتْ إلى بـــــــــارِئها
لا تدري أيســــــــــــرٌ حســــــــابها أم عسرِ
و غمضُونِي و صــــــارَ الكلُّ مُصـــــطرِخاً
و سَحُّوا الدمــــــعَ على فِــــراقي و هَـــجِري
و على ألواحٍ منطرِحاً و بيضَ لباسٍ لِي كفناً
و خرُّوا الماءَ عليَّ ثلاثاً وكانَ الحانوطُ عُطرِي
و شَيعونِي على اكتفٍ أربعٍ و صلُّوا عليَّ صلاةً
بلا ركوعٍ و لا سجودٍ و كان المحرابُ لي مقرِ
و أَنْزلـــــُــــــــــونِي القبرَ على مَهْلٍ مُلتحِداً
و أَهلُّوا عليَّ الترابَ و أَسكنونِي في بيتٍ من طينٍ و حَجَرِ
و قــــــــــامَ الإمــــــــامُ خاطباً و ليَ داعياً
وقدْ بــــــــَـــالغَ في مدِيــــــــــحِي و نَثـْـــرِي
و تَركـُــــــونِي في ظلمـــــةٍ كنتُ وحيدَها
منْ كان بالأمــــسِ إليَّ مُقبلاً فاليومَ عنِّي مُدبرِ
و يا مَنْ كـان خِلِّـــــــــي و صـَــــــحْبِي
مَنْ يُجِرْنِي اليــــــــومَ مِنْ ضَـــــمَّةِ القــــــــبرِ
و إذا الملكينِ أقعـــــــدُوني و سألُــــوني
عنْ صلاةٍ قَدْ أَضعتُها و جَدُّوا في السؤالِ عنْ كلِّ أمرِ
يا مــَــــــنْ ذا عقـــــلٍ و لُبٍ كُنْ مُتفكِراً
أما كــــان لك في المــــــوتِ مِنْ وَعْظٍ و نُذْرٍ
فأقمِ الصلاةَ لخمسٍ و اتلُو الكتابَ مُتدبِراً
و في الليــــــلِ قــــائماً لك مِنَ الرُّجْـــزِ هَجْرِ
تعليق