لوحة ناطقة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • محمد الفاضل
    أديب وكاتب
    • 21-12-2011
    • 208

    لوحة ناطقة

    لوحة ناطقة – محمد الفاضل

    اكفهرت السماء واصطبغت بلون رمادي ، جن جنون العاصفة و بدأت تزمجر وكأنها عويل عجوز تنتحب ، في تلك اللحظة كانت روحه في حالة توحد مع الكون ، مثل متصوف زاده الخشوع نوراً ، يناجي رب العباد بتذلل ، والدموع الساخنة تنهمر فوق وجنتيه حتى خضبت لحيته ، وقف مشدوهاً وسط بقايا الأجساد المقطعة والأشلاء الَاَدمية التي تفوح منها رائحة شواء فوق أرضية الأسفلت ، وقد أفقده المشهد توازنه ، فبدأ يهذي والحزن يعتصر قلبه المكلوم ،

    طار صوابه عند رؤيته رأس طفله الصغير وقد تلطخ شعره الذهبي بالدماء وتعفر بالتراب ، بالأمس القريب كانت ضحكاته تملأ المكان ، لطالما داعب خصلات شعره بيده الحانية ، فرد ذراعيه في الفضاء ، حتى بدا مثل صقر يحاول التحليق بأجنحته ليغادر هذا العالم المنافق .

    مال برأسه نحو السماء و بدأ يتمتم ببعض الأدعية . على مقربة منه يرقد بقايا صبي وقد غطى وجهه وكأنه لا يريد رؤية قبح الانسان ، بالأمس كان يقفز فرحاً مثل طائر مغرد ، نحو اليمين قليلاً أصابع يد ربما تعود لأب كان يمسح على رأس أطفاله ويربت على أكتافهم ليبث الطمأنينة في نفوسهم البريئة ويهدأ من روعهم ، ولكل قطعة لحم حكاية تروي مأساة شعب ذبيح ، تنكر له الجميع .

    خلفه تماماً رجل مسن انكفأ على وجهه وقد تجلط الدم حول رأسه . المشهد الأكثر قسوة رأس امرأة ملقى بعيداً ، علامات الفزع بادية على محياها وقد فغرت فاها وهي تصرخ ولسان حالها يقول ، كفى ... كفى ، أوقفوا الحرب ، ألم ترتوا من دمائنا ؟ لقد بدا ذلك الوجه مألوفاً ، لم يدر كيف قادته رجلاه نحوها , تفحصها عن كثب ، تعرق وبدأت تسري في كامل جسده قشعريرة ، أحس بدوار وانتابه صمت عميق ، توقف الزمن عن الدوران في تلك اللحظة ، تسارعت دقات قلبه حتى خيل إليه أنه سوف يتوقف ، راعه ذلك الوجه !
    - ولكنها زوجتي .. زوجتي الحبيبة ....

    السويد –3 / 6 / 2016
    التعديل الأخير تم بواسطة محمد الفاضل; الساعة 04-06-2016, 21:59.
    sigpic

    روحي تحلق بعيداً في الفضاء تخترق الاَفاق ، ترنو إلى أحبة حيث الشحرور والحسون يشدو على الخمائل أعذب الألحان . لما رأى الحمام لوعتي وصبابتي رق لحالي وناح على الأيك فهيج أحزاني وأشجاني . أتسكع في أروقة المدينة وأزقتها .. أبحث عن هوية ووطن ! ولا شئ غير الشجن . أليس من الحماقة أن نترك الذئاب ترتع فوق تخوم الوادي ؟
  • عبد الحميد عبد البصير أحمد
    أديب وكاتب
    • 09-04-2011
    • 768

    #2
    نص ماتع وجلي ..
    دام لنا قلمك السامق
    شكراً لك
    الحمد لله كما ينبغي








    تعليق

    • محمد الفاضل
      أديب وكاتب
      • 21-12-2011
      • 208

      #3
      المشاركة الأصلية بواسطة احمد فريد مشاهدة المشاركة
      نص ماتع وجلي ..
      دام لنا قلمك السامق
      شكراً لك

      يامرحبا بالصديق العزيز الأديب الجميل أحمد
      شكر من القلب على حضورك وكل عام وأنت بألف خير بمناسبة شهر رمضان المبارك
      محبتي
      sigpic

      روحي تحلق بعيداً في الفضاء تخترق الاَفاق ، ترنو إلى أحبة حيث الشحرور والحسون يشدو على الخمائل أعذب الألحان . لما رأى الحمام لوعتي وصبابتي رق لحالي وناح على الأيك فهيج أحزاني وأشجاني . أتسكع في أروقة المدينة وأزقتها .. أبحث عن هوية ووطن ! ولا شئ غير الشجن . أليس من الحماقة أن نترك الذئاب ترتع فوق تخوم الوادي ؟

      تعليق

      • عباس العكري
        أديب وكاتب
        • 07-07-2016
        • 139

        #4
        [aimg=borderSize=0,borderType=none,borderColor=blac k,imgAlign=none,imgWidth=,imgHeight=]https://1.bp.blogspot.com/-9phi5LaDhY4/V2rVNlbfaOI/AAAAAAAACsc/OshbmwVAztQERdePaGW3LWEezfAjbY-7wCLcB/s1600/%25D9%2584%25D9%2588%25D8%25AD%25D8%25A9%2B%25D9%2 586%25D8%25A7%25D8%25B7%25D9%2582%25D8%25A9.png[/aimg]

        تعليق

        • محمد الفاضل
          أديب وكاتب
          • 21-12-2011
          • 208

          #5
          ألف شكر صديقي المبدع الأستاذ عباس
          تحايا عطرة
          sigpic

          روحي تحلق بعيداً في الفضاء تخترق الاَفاق ، ترنو إلى أحبة حيث الشحرور والحسون يشدو على الخمائل أعذب الألحان . لما رأى الحمام لوعتي وصبابتي رق لحالي وناح على الأيك فهيج أحزاني وأشجاني . أتسكع في أروقة المدينة وأزقتها .. أبحث عن هوية ووطن ! ولا شئ غير الشجن . أليس من الحماقة أن نترك الذئاب ترتع فوق تخوم الوادي ؟

          تعليق

          • مصباح فوزي رشيد
            يكتب
            • 08-06-2015
            • 1272

            #6
            " لكل قطعة لحم حكاية تروي مأساة شعب ذبيح ، تنكر له الجميع ".
            " ألم ترتوا من دمائنا ؟ "
            كم يكفيهم من الدماء ليرتووا ؟!
            سلامتك أخي محمد الأديب الفاضل
            ( وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا ۖ)
            لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ

            تعليق

            • محمد الفاضل
              أديب وكاتب
              • 21-12-2011
              • 208

              #7
              المشاركة الأصلية بواسطة مصباح فوزي رشيد مشاهدة المشاركة
              " لكل قطعة لحم حكاية تروي مأساة شعب ذبيح ، تنكر له الجميع ".
              " ألم ترتوا من دمائنا ؟ "
              كم يكفيهم من الدماء ليرتووا ؟!
              سلامتك أخي محمد الأديب الفاضل
              ( وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا غ–)

              أستاذي الأديب المبدع
              الله يسلمك ويحفظك يارب , شاكر نبل مشاعرك
              تقديري لحضورك الجميل
              sigpic

              روحي تحلق بعيداً في الفضاء تخترق الاَفاق ، ترنو إلى أحبة حيث الشحرور والحسون يشدو على الخمائل أعذب الألحان . لما رأى الحمام لوعتي وصبابتي رق لحالي وناح على الأيك فهيج أحزاني وأشجاني . أتسكع في أروقة المدينة وأزقتها .. أبحث عن هوية ووطن ! ولا شئ غير الشجن . أليس من الحماقة أن نترك الذئاب ترتع فوق تخوم الوادي ؟

              تعليق

              يعمل...
              X