حوار مع صديقى المدخن

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • احمد عبد اللطيف
    أديب وكاتب
    • 07-04-2015
    • 71

    حوار مع صديقى المدخن

    سألته لـِمَا لا أراك تحمل سيجارتك كما أعتدت أن أراك ؟ فقد كنت لا أراه إلا حاملاً لسيجارته ، و كأنها إرث قديم من إرث الآباء ، لا يريد أن يتركها خوفاً عليها من الضياع .

    كان رده غريباً كما كان فعله في السابق غريب ، تركت التدخين إلى غير رجعة ، و قبل أن أبدى تعجـّبى من إجابته - فقد كنت متعجباً حقاً - بادرني بقوله سأقص عليك كل شيء .

    ذهبتُ منذ أسبوع لخطبة فتاة عزمت أمري أن أرتبط بها ، و عندما جلسنا سويا لنتعارف بعد أن تعارف الأهل على بعضهم البعض كالعرف السائد ، ابتدرتني بسؤال أعجزني عن الإجابة لثواني مرت علىّ كساعات ، و أجبتها بالنفي على سؤالها لي هل تدخن ؟
    كذبتُ و الله كذبتُ و لا أدرى لما كذبت و أنا الصادق دائماً ، أخشيت أن تضيعَ من يدي ، و لم أكن عرفت عنها الكثير بعد ، لكن قدر الله كان أسبق فلم تكتمل الخطبة بالرغم من الكذبة السابقة .

    عندما عدتُ إلى بيتي خلوتُُ إلى نفسي ، و قد أخذ الضيق منى كل مأخذ ، فسألتُ نفسي لما الكذب أمن أجل فتاة ؟ فلما لا أترك التدخين من أجل نفسي ؟ و نمت بأسوأ حال .

    مر يومان و انا تارك للتدخين ليس لى رغبة فى تناول السيجارة و قد اتفق أنى كنت قد أخذت أجازة من عملي لإتمام الخطبة و تبقى منها هذان اليومان و أنا قابع فى البيت لا أبرحه و لا استسغ من الدنيا شئ .

    جاء صباح اليوم الثالث و تهيأت للذهاب إلى العمل ، و أنا ضجـِر من نفسى ، و عندما وصلت العمل استقبلني زملائي استقبال الفاتحين ، فلم يكن قد بلغهم من أمر فشل خطبتى شئ ، و عندما أخبرتهم بالأمر أخذوا في مواساتى و أنه نصيب ، و هم لا يدرون أنى حزين لا على فشل الخطبة بل على نفسى .

    حينها همّ أحدهم بإعطائي سيجارة فوجدتنى أقول له لقد تركت التدخين ، هكذا دون مقدمات ، كانت هذه الكلمات تبدو واضحة فى أعينهم ، و إن لم تنطق بها ألسنتهم .

    أتركت التدخين ؟ سؤال وجهته الى نفسى بعد لحظات ، لماذا قلت لهم هذا ؟
    لم أدخن لأني لم استسغ التدخين ليس إلا ، لكنني خشيت أن أعود في كلامي فيستصغروني .

    مضى اليوم بخيره و شره لم تلمس شفتاى سيجارة ، و فى اليوم الرابع وقفت على الرصيف أنتظرُ السيارة التي ستقلـّنى الى العمل ، و قد كان يقف بجوارى رجل قد استبطأ قدوم السيارة فأشعل سيجارته فاشتعلت نفسي شوقاً إلى السيجارة ، و قد هممت أن أطلب منه سيجارة لولا أنى استحى أن أطلب شئ من أحد ٍ لا أعرفه .

    قدمت السيارة فقطعت النزاع النفسي الذي أمسك بتلابيبي ما بين طالب و رافض ، ركبت السيارة و إذ بالرجل الذي كان يدخن سيجارته منذ لحظات يجلس بجواري بعدما ألقى السيجارة .

    مد يده ليعطى السائق الأجرة ، فكانت منى التفاته نحوه فاشتممت من ملابسه رائحة خبيثة تلك هى رائحة بقايا السيجارة ، فقلت لنفسي : يا الله أكنت أحمل هذه الرائحة على ملابسي طيلة هذه السنوات و أنا لاأدرى ؟ ، و قد كان الناس يتأذون منها بسببي و أنا لا أدرى ، فكانت هذه ثالثة الأثافي فأبرمت أمرى أن أترك التدخين إلى الأبد .
    التعديل الأخير تم بواسطة احمد عبد اللطيف; الساعة 14-07-2016, 15:39.
    مدونتى
    أحمد عبد اللطيف سلام
  • أميمة محمد
    مشرف
    • 27-05-2015
    • 4960

    #2
    عندما تنار البصيرة يرى قلبه التهلكة ويبصر أن لا فائدة منه ترتجى؛ تذل الخطوة ولا يستصعب التنفيذ و القرار
    أبي رحمه الله كان لفترة طويلة مدخنا حتى علم إنه خطر على حياته فأقلع عنه من بعد إدمانه عليه، وعاش بعد إقلاعه ما أحياه الله لسنوات.

    حييت وقلمك المفكر الهادف أخي أحمد.

    تعليق

    • محمد محضار
      أديب وكاتب
      • 19-01-2010
      • 1270

      #3
      نص جميل ، استطاعمن خلاله الكاتب ، أن يمرر خطابا توعويا بأسلوب سردي متماسك ، يشد المتلقي
      sigpicلك المجد أيها الفرح المشرق في ذاتي، لك السؤدد أيها الوهج المومض في جوانحي...

      تعليق

      • احمد عبد اللطيف
        أديب وكاتب
        • 07-04-2015
        • 71

        #4
        الاستاذة أميمة محمد السيجارة إدمان لكن بعون الله ثم بارادة الانسان تصبح ذكرى أليمة و تجربة مريرة و يصير الأنسان بعد تركها شخصاً آخر ..رحم الله والدك و جميع أموات المسلمين و أعان مدمنى السيجارة على طلاقها ثلاث لا رجعة فيها ... دمتى بخير .
        مدونتى
        أحمد عبد اللطيف سلام

        تعليق

        يعمل...
        X