
تذكّر يا صديقي المشاكس
تذكر صديقي " المشاكس " ذات مرة..عندما التقينا صدفة في يوم وهج؛ بغابة المدينة التي كنت تزاول فيها تعليمك
قررنا ساعتها التخلّي عن المراجعة رغم الرقابة المضروبة علينا وكنا نتظاهر لعائلتينا بالاجتهاد ونخفي كثيرًا من الفتور والكلل.. شعرنا يومها بالنفور من المداومة على مراجعة الدروس استعدادًا للامتحانات ..فرحنا نبحث عن اللهو بأي ثمن..
استسلمنا تاركينا العنان لأنفسنا ..تقودنا رغبة جامحة لينتهي بنا المطاف في أحد الأماكن الغريبة التي لا نعرفها.. لم نزرها من قبل ..ولم تكن في الحسبان... حين قمنا باقتناء تلك القنينات اللعينة خلسة. مستترين هل يرانا من أحد .. فيزف خبرنا إلى أهلينا..لم نشعر إلاّ ونحن في وسط الغابة..وأم الخبائث تعبث برأسينا .. نلهث نجري تارة ثم نتوقف.. فروع الأشجار وأغصانها تلطم وجهينا تجلد أطرافنا.. وانتهينا عند صفك بمكان الدراسة .. وقتها كان بعض زملائك يقومون بالمراجعة..
هل تتذكّر ماذا فعلنا بهم ؟ا
أتذكر ما جنيته أنا على أحدهم ؟ا
ذاك الشخص المحترم..هو الآن في أعلى مراتب الأمّة..ا
كنا نبحث عن اللهو بكل التكاليف .. نشعر بالنشوة بعد كل مغامرة نقوم بها..
تغمرنا السعادة ..وتدفعنا الرغبة لنخوض معاركًا جديدة
- هل تذكر يا صديقي المشاكس ذلك اليوم ؛ عندما طلبت مني مرافقتك إلى المكان المذكور.. كنا قد تجاوزنا العشرين من عمرنا ولم نشعر بمرور الزمن..يومها كنا قد كبرنا في أعين الناس.. كنتُ موظّفا وكنت أنت مصرفيًّا ..لكن النزق الذي ألفناه لم يبرحنا ولم يتبدّل فينا .. تقابلنا بنفس المحطة ..وتوجهنا فورها إلى الفندق السياحي ..ويقع في ضواحي المدينة التي تعودنا عليها وكانت تجمعنا ..كنت أنت تزاول فيها دراستك الثانوية..
تذكر ما فعلت بنا تلك القنينات التي جعلنا نتلمّظها من شدة الظمأ ..ا
ثم سرقت منك فردة الحذاء ..فخرجت تطلبني .. تلهث ورائي.. نسابق بعضنا ..إلى أن فرّقت بيننا محطة القطار لنكملا المشوار بعدها ويأخذ كل واحد منا طريقه .
هل تذكر ماذا جرى بيننا وبين تلك الجموع من الطلبة ؟ا
عندما رؤوا حالتك المخجلة ؛ نصف سروالك مُزّق .. قد قُدّ من الدبر..ا
أتذكر لمّا قابلتهم على مضض .. بعد إذ كنت متسترًا..
كبرت الآن يا صديقي ولم تعد ذاك المشاكس..ا
الظاهر أن الحميمية التي نشأت بيننا كان من ورائها العفوية والبساطة ..ولم يكن لنا من دور فيها..ولا المراتب الاجتماعية التي تميّزنا كانت تجمعنا...
تذكّر يا صديقي أن تقول ذات يوم قد فرّقت بيننا.
تعليق