
ما لا يستطيع بعض الفرانكفونيين إنكاره
*****
*****
الوجودية والعبثية والعلمانية والإباحية وكثيرًا من الدجل والإيديولوجيات والنظريات المعاصرة ، والتي استطاعت أن تلقى رواجًا كبيرًا لدي بعض المثقفين الجزائريين ، منهم خاصة أولئك الذين زاولوا التعليم بالمدارس العمومية ( النظامية ) في ظل الاحتلال ، وعلى يد فرنسيين وأجانب أغلبهم يدين بإحدى الديانتين : المسيحية أو اليهودية ، وكان للمبشرين ( الآباء البيض ) الدور الرئيسي في التغريب الثقافي ، محاولة طمس الهوية العربية الإسلامية ، وقد كبر هؤلاء إلى أن أصبحوا فرانكفونيين إلى حد النخاع كما قال عنهم أبوهم ( شارل ديغول ) ، و بداية وبعد جلاء القوات الفرنسية شكل هؤلاء المستغربون ، قاعدة أساسية للسلطة التي قامت تدريجيا ، وتحت إملاءات خارجية ، بالوقوف في وجه جميع محاولات التعريب ، كما قاموا بحملات تشويهية ضد رموز اللغة والدين ، والمساهمة في شل الجهود التي تبذلها الحركات الأصولية في هذا الميدان ، وعلى رأسها جمعية العلماء المسلمين الجزائريين ، والتي كان لها الدور الرئيس في الدفاع عن اللغة العربية والذود عن الدين الإسلامي ، بمحاربة جميع مظاهر البدع التي كانت تمارس في الزوايا الجزائرية ، وتحت سلطة العسكر ، ولم يشفع لها ذلك بعد الاحتلال الفرنسي ؛ فقد تعرّض أقطابها المهمّين للتصفية والاغتيالات ، من قبل السلطة الجزائرية المشكّلة أساسًا من جنرالات ما يسمّى بضبّاط فرنسا الذين قاموا بالانقلاب على السلطة الشرعية مطلع الستينيات .
وكان لتلامذة فرنسا العسكريين، دور كبير في الحفاظ على نظام، شمولي- أزلي، لم يتزعزع، رغم التحول السياسي الذي برز فور انتهاء ما يسمى بالحرب الباردة، وفرض الديمقراطية على دول العالم الثالث، والتي كانت تتبنّى الاشتراكية، وبعد تفكيك دول الاتحاد السوفيتي... ولم يتأثر النظام العسكري الجزائري بسقوط أسماء كبيرة ومهمّة، وبموت بعض قياداته الثورية والحزبية (الحزب الوحيد: حزب جبهة التحرير ) وإزاحة بعض الجنرالات من ( ضباط فرنسا ) الحكام الفعليين .
مر هذا التحول مرور الكرام، بل وزاد السلطة استبدادًا، ما دفع بالشعب للخروج إلى الشارع مندّدين، وقد أثمرت انتفاضة نهاية الثمانينات بدستور جديد، يقر ولأول مرة بحرية ممارسة النشاط السياسي. لكن ؛ وبمجرد فوز جبهة الإنقاذ الإسلامية ، حدث انقلاب على الشرعية وتولاّه العسكر من ( ضباط فرنسا ) الذين لم يعترفوا بالنتائج التي افرزها الصندوق ؛ لأن فرنسا ضغطت على السلطات خلال الحملة الانتخابية التي قام بها الأحزاب ، ولم يتجاوب معه ( الانقلاب ) رئيس الجمهورية آنذاك ( الشادلي بن جديد ) رحمه الله ، فأرغم على الاستقالة .
كعادتها؛ تقف فرنسا ضد الحركات الأصولية في الجزائر، وفي أفريقيا، وفي العالم العربي بصفة عامّة، حفاظًا على أبنائها بالتبنّي ، ولكي تجنّب مصالحها أيّ منافسة قد تنجم عن التحولات السياسية.