
" توحه "
أَعْرَابيٌّ بزيِّ المعاصر
أربعة حروفٍ مهملة، لا مكانة لها من الإعراب ، ولا تفيد اللغة في شيء ، وليس الاسم المكوّن منها بالعَلَم الذي يُهتدي به ، ولا بالناموس القديم الذي يُفضي بالمعاني السّامية . لكن الاحتلال البغيض الذي أقرّ مدنيّته ، إنّما أراد قتل صاحبه مرتين ، واحدة ليهمّشه ، وأخرى ليقتلعه من جذوره ، ويحوّله من ( محمد ) العربي الفصيح ، إلى ( مُحْنَدْ ) البربري القبيح ، ليعيد إلي الذهن صورته القديمة ، لا يحافظ على نسله ، ولا يستبرِئ لدينه ، بعد إذ أنقذ نفسه وخرج ، وبفضل الله – عز وجل - ، من براثن الجهل والشرك والإلحاد.
كما يوحي ( توحه ) إلى طبع الإنسان القديم ، المتعصّب ، بلهجته الركيكة التي لا تفارقه ، كالهاتف اللعين الذي أدمن عليه من فرط الاستخدام ، يحمله معه أينما رحل وحيثما حل ، و في غرفة النوم يزعج به النائمين ، ويخرجه أثناء السفر ، يتباهى و يفتخر ، و في المسجد عندما يرنّ ، فيفسد على الناس حلاوة الإيمان ، صلاتهم وخلوتهم ، فلا يرد ، لا لكثرة خشوعه ، ولكن مخافة أن يُقال له أعد صلاتك يا كسول ! حتى صارت التكنولوجية شقاوة ، يستخدمها فتجرّ عليه ، ولعنة في يده تطارد الآخرين ، رغم كل ما لها من فوائد جليلة ..ااا
- " آه أشكون معايا ؟ "
هذا حاله دائمًا ، و بنبرة ( الأَعْرابَيُّ ) الجِلْف ، يرد على كل من يناديه ، دونما اعتبار وحتى على جيرانه
يكرّر ولساعات ، والناس بين نومة هادئة وغفوة خفيفة ، ومنهم من لم يجئه النوم ليلة طويلة ، من كثرة الوساوس و الهواجس ، وآخر بسبب ألسخانه الزائدة ، أو من لسعة بعوض محرقة ، ويمنعه المرض من تشغيل المكيّف ،
نِعم الجارُ أنت يا ( توحه ) ؟ا
الجار " الفاغر " فاه بصوتٍ مرعب ، يسرق النوم من الجفون الثقيلة .
خرج إليه جاره المسكين معاتبًا :
- " أخي ( توحه ) رأفةً بالناس المرضى والغلبانين "
لكن ( توحه ) لا يرد إلاّ بالإشارة ؟ا ليقول إني مشغول ، وراح يزيد من نبرته غير مكترث بجاره المسكين .