كتب مصطفى بونيف
[mark=FFFF00] مواطن بدرجة مقبول !![/mark]

يحلو للكثيرين حين يتكلمون عن طفولتهم بأن يتفاخروا بأنهم كانوا متميزين ، وأن العبقرية كانت ستفر من عينيهم فرا ..وبأن المعلمين كانوا يتوسمون فيهم علائم النبوغ ..!!!
أما أنا فلن أخجل بأن أقول لكم بأن طفولتي كانت عادية جدا ..لم أكن متميزا ولا نابغة ولم يطلق علي أي معلم لقب العبقري ..حتى شهادة البكالوريا حصلت عليها بدرجة "مقبول " ..بعد شق الأنفس ...وبعد أن أعدت سنة كاملة !!!
ولأن مجموعي كان متواضعا في البكالوريا ، لم يجد والدي الكريم داهية يرميني فيها سوى كلية الحقوق ...وتخرجت من الجامعة بليسانس درجة مقبول !
إن حياتي – بدرجة مقبول -...لهي أكبر دليل على أنني شخص عادي .
هناك مثل مصري جميل يقول " كل الناس خيبتهم السبت والأحد ، إلا خيبتي لم تخطر على بال أحد " ..
ورحت أخوض معارك الحياة بقلب جامد ، وصدر عار ...معتقدا أن صدري مثل صدر النجم العالمي " أرنولد " ...فتكسرت ضلوعي في أول هبة ريح ..لأن الدنيا محتاجة لصدر لا يقل عن صدر "شاكيرا" أو الست "هيفاء " ...وبدأ مسلسل الفشل يعصف بي ..وكأنه مسلسل برازيلي لا ينتهي . ومقسم على أجزاء ....
الهزيمة النكراء الأولى كانت في مسابقة دخول قسم الماجستير ..وسقطت في ثلاث دورات متتالية ، مع أنني كنت أعتقد بأنني ولا الصنهوري باشا في العلوم القانونية ...كنت أستمع إلى صوت حظي الأسود وهو يضحك مني ساخرا "الله يخليك للفشل يا موس !"..
ورأيت بأم عيني كيف نجح أصحاب الإمكانيات الخارقة التي لم امتلكها في حياتي ، ولم يمتلكها والدي ..ولم يمتلكها أجداد جدوي ....ولن يمتلكها أحفاد أحفادي !
ولكن لا تقلقوا ...الكاتب الانجليزي الكبير أوليفر جولد سميث كان بليدا أثناء دراسته حتى أن أساتذته كتبوا في كشف علاماته " لم نر في حياتنا أغبى من هذا التلميذ" ..وكان داروين صاحب نظرية النشوء والارتقاء غبيا وبليدا إلى درجة أن والده كان يخجل أن يصطحبه معه في الشارع أمام الناس ...أما العالم أينشتاين معجزة القرن العشرين ، أخذ سفنجة ..في أي مادة ؟؟؟ في الحساب ..وكان أساتذته يطلقون عليه لقب "النكبة" !!!!
لم أجد سبيلا بعد كل هذا سوى اللجوء إلى المدرسة التي تعلمت فيها ..لاشتغل فيها مدرسا للغة العربية ..فوالدي مفتش لغة عربية قد الدنيا ...وأنا ابنه ..يعني ابن البط عوام !!!
وعمت في أسوأ مهنة ...أستاذ بدرجة مقبول ...
وعلى الرغم من المثل القائل " هذا الشبل من ذاك الأسد " ...لم أكن شبلا ، ورفدتني وزارة التربية فور انتهاء مدة التعاقد ، وأحالتني إلى التقاعد المبكر بلا أجر !!!!
إلى أين أذهب يا رب ؟؟؟؟
وسوس لي شيطاني الرجيم بأن أترك البلاد ..وأهيم على وجهي ..بأن أطفش مثل الذين طفشوا ...حملت أمتعتي وجهزت باسبوري ...إلى أين العزم ؟؟؟ إلى مصر!!!!
وهناك حاولت أن ألتحق بجامعة من جامعاتها الكثيرة ..لأواصل دراسات الماجستير ...
كنت كلما أبرز شهادة ليسانس إلى موظف الجامعة ..يسخسخ من الضحك وهو يقول " ليسانس حقوق ، ومن الجزائر ..وبدرجة مقبول ؟؟؟ ...ثم ينهي قهقهته ...لا حول ولا قوة إلا بالله .." ...ثم يطلب مني مبلغ 5000 دولار كحقوق للتسجيل ....كيف لفاشل مثلي أن يحتكم على مبلغ 5000 دولار ...إلا إذا كان لصا !!!!
ضربت سندوتشين فول ..وعدت إلى بيتي ، مثل صبي الحمام ، يد من وراء ويد من قدام !
ماذا أفعل يارب ..؟؟؟
أشاهد على شاشة التلفزيون ...الدكتور إبراهيم الفقي ...وهو يعلم الناس كيف يجابهون تحديات الحياة ...يقول لهم ..أغمضوا عيونكم ، قولوا في قرارة أنفسكم : أنا قوي ن أنا ذكي ، أنا شجاع ...
جرت وصفة الفقي : أغمضت عيني ورحت أصرخ : أنا ذكي ، أنا ذكي ...ياااااع أنا ذكي ..فإذا بصوت من داخل البيت يصرخ : روح أشتري أنبوبة غاز يا حمار !!!
ولأن حكومتنا حكومة حق ، ودولتنا دولة قانون ....استدعت خريج القانون إلى أداء فريضة الخدعة العسكرية ...وكتب على ظهر الاستدعاء مقبول .
تأمل السيد النقيب الاستدعاء ..ثم تأملني جيدا ...وقرر أن يعفيني من الخدمة !!!
يبدو أن مقبول ..ملاحظة غير مقبولة !
وماذا بعد هذا النحس ؟؟؟؟
لا شيئ سوى الكتابة ...القلم هو صديقي الأوحد الذي خرجت به من هذه الدنيا .
بالمناسبة هل تعرفون مثلي الأعلى ؟؟؟
مثلي الأعلى هو الكاتب الإنجليزي برنارد شو ...فهو أستاذ في علم الفشل ..لدرجة أنه اختصر الطريق على نفسه وعلى مدرسيه وأولياء أموره وترك المدرسة ...لا ليسانس حقوق ولا ليسانس زفت !
ولأنه قدوة يحتذي بها أمثالي من الصائعين والضائعين ..رفض جائزة نوبل التي منحت له صارخا في وجه الجميع " قد أغفر لألفريد نوبل صانع الجائزة أنه اخترع قنابل الديناميت ، لكنني لن أغفر له بأنه اخترع هذه الجائزة ..".
قررت أن أكون ساخرا مثل برنارد شو ...
لم تنشر لي الصحف الوطنية مقالا ساخرا واحدا ...فالصفحات الأدبية في جرائدنا لا تنشر سوى الغراميات ..وخواطر من نوع "كنت نائمة ..فوجدت نفسي قد فقدت أعز ما أملك ..عد أيها السارق ..."
لا حول ولا قوة إلا بالله ...هل الذي يسرق شيئا كهذا يعود ؟؟؟؟
وعلى العموم..إذا كان الأستاذ برنارد شو قد حظي بعد سنوات فشله برئيس وزراء في مستوى ونستون تشرشل يقرأ أدبه ، ويتخذه صديقا ..فإن موس يثق كل الثقة في أنه لن يحظى بحمار حكومة واحد يقرأ ما يكتبه .
والله لا يوريكم نيران الفشل ! مصطفى بونيف
ترقبوا سلسلة مقالات وقصص "هلال رمضـــــــــان" .
[mark=FFFF00] مواطن بدرجة مقبول !![/mark]
يحلو للكثيرين حين يتكلمون عن طفولتهم بأن يتفاخروا بأنهم كانوا متميزين ، وأن العبقرية كانت ستفر من عينيهم فرا ..وبأن المعلمين كانوا يتوسمون فيهم علائم النبوغ ..!!!
أما أنا فلن أخجل بأن أقول لكم بأن طفولتي كانت عادية جدا ..لم أكن متميزا ولا نابغة ولم يطلق علي أي معلم لقب العبقري ..حتى شهادة البكالوريا حصلت عليها بدرجة "مقبول " ..بعد شق الأنفس ...وبعد أن أعدت سنة كاملة !!!
ولأن مجموعي كان متواضعا في البكالوريا ، لم يجد والدي الكريم داهية يرميني فيها سوى كلية الحقوق ...وتخرجت من الجامعة بليسانس درجة مقبول !
إن حياتي – بدرجة مقبول -...لهي أكبر دليل على أنني شخص عادي .
هناك مثل مصري جميل يقول " كل الناس خيبتهم السبت والأحد ، إلا خيبتي لم تخطر على بال أحد " ..
ورحت أخوض معارك الحياة بقلب جامد ، وصدر عار ...معتقدا أن صدري مثل صدر النجم العالمي " أرنولد " ...فتكسرت ضلوعي في أول هبة ريح ..لأن الدنيا محتاجة لصدر لا يقل عن صدر "شاكيرا" أو الست "هيفاء " ...وبدأ مسلسل الفشل يعصف بي ..وكأنه مسلسل برازيلي لا ينتهي . ومقسم على أجزاء ....
الهزيمة النكراء الأولى كانت في مسابقة دخول قسم الماجستير ..وسقطت في ثلاث دورات متتالية ، مع أنني كنت أعتقد بأنني ولا الصنهوري باشا في العلوم القانونية ...كنت أستمع إلى صوت حظي الأسود وهو يضحك مني ساخرا "الله يخليك للفشل يا موس !"..
ورأيت بأم عيني كيف نجح أصحاب الإمكانيات الخارقة التي لم امتلكها في حياتي ، ولم يمتلكها والدي ..ولم يمتلكها أجداد جدوي ....ولن يمتلكها أحفاد أحفادي !
ولكن لا تقلقوا ...الكاتب الانجليزي الكبير أوليفر جولد سميث كان بليدا أثناء دراسته حتى أن أساتذته كتبوا في كشف علاماته " لم نر في حياتنا أغبى من هذا التلميذ" ..وكان داروين صاحب نظرية النشوء والارتقاء غبيا وبليدا إلى درجة أن والده كان يخجل أن يصطحبه معه في الشارع أمام الناس ...أما العالم أينشتاين معجزة القرن العشرين ، أخذ سفنجة ..في أي مادة ؟؟؟ في الحساب ..وكان أساتذته يطلقون عليه لقب "النكبة" !!!!
لم أجد سبيلا بعد كل هذا سوى اللجوء إلى المدرسة التي تعلمت فيها ..لاشتغل فيها مدرسا للغة العربية ..فوالدي مفتش لغة عربية قد الدنيا ...وأنا ابنه ..يعني ابن البط عوام !!!
وعمت في أسوأ مهنة ...أستاذ بدرجة مقبول ...
وعلى الرغم من المثل القائل " هذا الشبل من ذاك الأسد " ...لم أكن شبلا ، ورفدتني وزارة التربية فور انتهاء مدة التعاقد ، وأحالتني إلى التقاعد المبكر بلا أجر !!!!
إلى أين أذهب يا رب ؟؟؟؟
وسوس لي شيطاني الرجيم بأن أترك البلاد ..وأهيم على وجهي ..بأن أطفش مثل الذين طفشوا ...حملت أمتعتي وجهزت باسبوري ...إلى أين العزم ؟؟؟ إلى مصر!!!!
وهناك حاولت أن ألتحق بجامعة من جامعاتها الكثيرة ..لأواصل دراسات الماجستير ...
كنت كلما أبرز شهادة ليسانس إلى موظف الجامعة ..يسخسخ من الضحك وهو يقول " ليسانس حقوق ، ومن الجزائر ..وبدرجة مقبول ؟؟؟ ...ثم ينهي قهقهته ...لا حول ولا قوة إلا بالله .." ...ثم يطلب مني مبلغ 5000 دولار كحقوق للتسجيل ....كيف لفاشل مثلي أن يحتكم على مبلغ 5000 دولار ...إلا إذا كان لصا !!!!
ضربت سندوتشين فول ..وعدت إلى بيتي ، مثل صبي الحمام ، يد من وراء ويد من قدام !
ماذا أفعل يارب ..؟؟؟
أشاهد على شاشة التلفزيون ...الدكتور إبراهيم الفقي ...وهو يعلم الناس كيف يجابهون تحديات الحياة ...يقول لهم ..أغمضوا عيونكم ، قولوا في قرارة أنفسكم : أنا قوي ن أنا ذكي ، أنا شجاع ...
جرت وصفة الفقي : أغمضت عيني ورحت أصرخ : أنا ذكي ، أنا ذكي ...ياااااع أنا ذكي ..فإذا بصوت من داخل البيت يصرخ : روح أشتري أنبوبة غاز يا حمار !!!
ولأن حكومتنا حكومة حق ، ودولتنا دولة قانون ....استدعت خريج القانون إلى أداء فريضة الخدعة العسكرية ...وكتب على ظهر الاستدعاء مقبول .
تأمل السيد النقيب الاستدعاء ..ثم تأملني جيدا ...وقرر أن يعفيني من الخدمة !!!
يبدو أن مقبول ..ملاحظة غير مقبولة !
وماذا بعد هذا النحس ؟؟؟؟
لا شيئ سوى الكتابة ...القلم هو صديقي الأوحد الذي خرجت به من هذه الدنيا .
بالمناسبة هل تعرفون مثلي الأعلى ؟؟؟
مثلي الأعلى هو الكاتب الإنجليزي برنارد شو ...فهو أستاذ في علم الفشل ..لدرجة أنه اختصر الطريق على نفسه وعلى مدرسيه وأولياء أموره وترك المدرسة ...لا ليسانس حقوق ولا ليسانس زفت !
ولأنه قدوة يحتذي بها أمثالي من الصائعين والضائعين ..رفض جائزة نوبل التي منحت له صارخا في وجه الجميع " قد أغفر لألفريد نوبل صانع الجائزة أنه اخترع قنابل الديناميت ، لكنني لن أغفر له بأنه اخترع هذه الجائزة ..".
قررت أن أكون ساخرا مثل برنارد شو ...
لم تنشر لي الصحف الوطنية مقالا ساخرا واحدا ...فالصفحات الأدبية في جرائدنا لا تنشر سوى الغراميات ..وخواطر من نوع "كنت نائمة ..فوجدت نفسي قد فقدت أعز ما أملك ..عد أيها السارق ..."
لا حول ولا قوة إلا بالله ...هل الذي يسرق شيئا كهذا يعود ؟؟؟؟
وعلى العموم..إذا كان الأستاذ برنارد شو قد حظي بعد سنوات فشله برئيس وزراء في مستوى ونستون تشرشل يقرأ أدبه ، ويتخذه صديقا ..فإن موس يثق كل الثقة في أنه لن يحظى بحمار حكومة واحد يقرأ ما يكتبه .
والله لا يوريكم نيران الفشل ! مصطفى بونيف
ترقبوا سلسلة مقالات وقصص "هلال رمضـــــــــان" .
تعليق