قراءة في قصيدة اعتراف بين يدي سيدة للشاعر السكندري :أشرف قاسم

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • د.نجلاء نصير
    رئيس تحرير صحيفة مواجهات
    • 16-07-2010
    • 4931

    قراءة في قصيدة اعتراف بين يدي سيدة للشاعر السكندري :أشرف قاسم



    غدا بصحيفة المستقبل العراقي العراقية تكتب الدكتورة د.نجلاء نصير قراءة مهمة لقصيدتي اعتراف بين يدي سيدة
    شكرا لك دكتورة نجلاء و شكرا لأخي الشاعر المبدع مؤيد عبد الزهرة Muiad Abd
    قراءة في قصيدة اعتراف بين يدي سيدة للشاعر السكندري :أشرف قاسم
    د.نجلاء نصير

    اعتراف بين يديّ سيدة
    لا تقلقي
    فهواكِ أسورةٌ
    تُسَوِّرُ مِعصمي !
    وحمامتانِ تُنَقِّرانِ مواجعي
    ورسالة كُتِبَتْ بِدمعِ الأنجُمِ
    لا تقلقي
    فأنا وأنتِ الضائعان الأوحدانِِ
    على رصيفِ الأُمنياتِ
    بذلك الزمنِ العمي !
    ليلِي يجيءُ
    على ضفائركِ الطوالِ
    وفي عيونِكِ تختبي مني
    جميعُ مواسمي
    صُبحي يجئُ مُراوِغاً
    يمضي بِمَرْجِ البرتقالِ
    ويبتغي قيلولةً
    ما بين نهْدٍ يستحي مني
    وآخرَ حالِمِ !
    وأنا أُنَقِّطُ مِن قواريرِ الدموعِ
    قصائدي
    أسقي بها النُعناعَ
    والرُّمَّانَ
    والزَّيتونَ
    والتينَ الظَّمِي !!
    ما زلتُ أخترعُ الحياةَ
    بِبَسمةِ الأطفالِ
    تُطفئُ لي
    لهيبَ تَجَهُّمي
    تحت الرمادِ
    دفنتُ موَّالَ الأسى
    وأتيتُ كالطوفانِ
    أبحثُ عنكِ
    بين تمائمي
    هذي يدي
    مُدِّي يديكِ
    لِتفتحي كوناً وسيعاً
    فيه قلبي يرتمي
    ريشُ النعامِ على ذُراكِ
    مُعَرِّشٌ
    وأنا أُسافرُ
    في كُراتِ دمِ الهوى
    فدعي السكوتَ
    - أميرتي -
    وتكلَّمي !
    إني شبِعتُ مِن الرحيلِ
    ومِن مفازاتِ الضياعِ
    ومِن نحيبِ حمائمي
    ويئِسْتُ مِن زمنٍ
    غريبِ الوجهِ
    يشربُ مِن دمي !!
    لا تقلقي
    أنتِ البدايةُ
    والنهايةُ
    والحياةُ
    ومِن جراحي أنتِ
    أطيبُ بلسمِ !!!
    تحمل القصيدة عنوان "اعتراف بين يدي سيدة "
    اِعتَرَفَ: ( فعل
    اعترفَ إلى / اعترفَ بـ يَعترف ، اعترافًا ، فهو مُعترِف ، والمفعول مُعترَف إليه
    اِعْتَرِفْ ، مصدر اِعْتِرافٌ .
    فنحن أمام شاعر يقدم اعترافا بين يدي سيدة فعنوان القصيدة يعد الشفرة التي يرسلها الشاعر للمتلقي ليقرأ ما بين السطور ويفك شفرة النص ولكن بماذا يعترف ؟
    هل اقترف ذنباً أو جرما ً في حقها ؟ ولماذا لم يقل اعتراف إلى سيدتي أو سيدة القلب ؟؟ ليتركنا نسبح معه في لوحتة الشعرية الخلابة نغوص في قاع الكلمات لنقتفي أثر " سيدة " مبهمة بالنسبة لنا ولكنها معلومة للشاعر وكأننا أمام شاعر من شعراء الحب العذري الذين يكنون عن المحبوبة بأسماء رمزية حتى تتوارى عن الأنظار وحتى يرسل لها شفرة تعلمها ولا يعلمها المتلقيين
    ولكن بماذا يعترف ؟
    يقول في مفتتح القصيدة
    لا تقلقي
    هنا يرسل لها إشارة تبعد عن قلبها وعقلها القلق فالقلق ينغص الحب ويضج مضجع العشاق
    ويقول :
    فهواكِ أسورةٌ
    تُسَوِّرُ مِعصمي
    هنا لوحة فنية وانزياح رائع حيث شبة الشاعر هوى المحبوبة بالأسورة
    فالأسورة أو السوار رمز للقيد والتقيد فالشاعر إبراهيم ناجي قال في الأطلال
    "آه من قيدك أدمى معصمي" فتيمة القيد عند الشاعر أشرف قاسم تختلف عن تيمة قيد أحمد ناجي قالأول تقيد مع محبوبته بسوار واحد فنحن أمام شاعر تماهى مع محبوبته في الألم ويدل على ذلك قوله :
    وحمامتانِ تُنَقِّرانِ مواجعي
    ورسالة كُتِبَتْ بِدمعِ الأنجُمِ
    فاستخدام واو العطف تفيد استرسال الحالة الشعورية للشاعر في اتجاه واحد ألا وهو المواجع فقد شبه هوى المحبوبة بحمامتان تنقران مواجعه ومن العجيب أن نجد الحمام وهو رمز المحبة والسلام ينقر المواجع وكيف لا ونحن أمام شاعر يرسم بريشة حروفه لوحات متناغمة فنجده يكرر النهي "لا تقلقي "
    فأنا وأنتِ الضائعان الأوحدانِِ
    على رصيفِ الأُمنياتِ
    بذلك الزمنِ العمي !
    وهنا يشدو الشاعر بتوحد الألم وكأننا أمام توأمة بين الشاعر ومحبوبته توأمة فصلها لنا بقوله :فأنا ثم عطف بالواو "وأنت ِ" خصهما بالضياع وحدهما وأكد على ذلك بقوله الاوحدان وحدد لنا مكانية الضياع فهما الضائعان على رصيف الأمنيات فهذا التشبيه الرائع جعل المتلقي يقتفي آثر اللوحة ويسير مع الشاعر عبر دهاليز القصيدة ويفجعنا بواقعنا المرير حين يقول "بذلك الزمن العمي " فاستعار للزمان العمى " والأعمى يتحسس طريقه قد يخطيء وقد يصيب وكأننا أمام حالة من القلق النفسي والتخبط لدى الشاعر يسقطه على محبوبته ويخاطبنا من خلالها فقد التقيا في وقت خطأ بلا أمل فهم يتحسسون طريقهم المظلم الأسود فتيمة السواد نقرأها في قوله " العمي "
    وتيمة السواد تظهر أيضا في قوله
    ليلِي يجيءُ
    على ضفائركِ الطوالِ
    وفي عيونِكِ تختبي مني
    جميعُ مواسمي
    وهنا نرى لوحة لشعر المحبوبة الأسود حيث يأتي ليل الشاعر على ضفائرها وفي عيونها تختبيء مواسمه هنا شمول وعموم بأن حبه لها حبا أبديا وليس حبا موسميا أو نزوة .
    صُبحي يجئُ مُراوِغاً
    يمضي بِمَرْجِ البرتقالِ
    ويبتغي قيلولةً
    ما بين نهْدٍ يستحي مني
    وآخرَ حالِمِ
    فالصبح هنا رمز البياض يأتي مراوغا غير صريح يمضي بمرج البرتقال استعارتشخصية حيث صورلنا الصبح بإنسان يمضي ويبتغي قيلولة بين نهد يستحي منه وآخر حالم
    فضلا عن ذلك يشكل لنا الشاعر لوحة المحبوبة ذات الضفائر الحالكة السواد .
    ويصف لنا حاله بقوله :
    وأنا أُنَقِّطُ مِن قواريرِ الدموعِ
    قصائدي
    أسقي بها النُعناعَ
    والرُّمَّانَ
    والزَّيتونَ
    والتينَ الظَّمِي !!
    فهو ينقط من قوارير الدموع قصائده يا له من حزن يعتري الشاعر فيجعله ينقط من قوارير الدموع قصائده التي تسقس النعناع "الأخضر " والرمان "الأحمر" "والزيتون" والتينَ "البني "الظَّمِي لكنه بالرغم من كل ذلك
    ما زلتُ أخترعُ الحياةَ
    بِبَسمةِ الأطفالِ
    تُطفئُ لي
    لهيبَ تَجَهُّمي
    تحت الرمادِ
    دفنتُ موَّالَ الأسى
    يخترع الحياة وهل تبتدع الحياة فالشاعر يبتدع الحياة ولكن ما هي أدوات هذا الابتداع أو الاختراع
    إنها بسمة الأطفال رمز الطهر والبراءة والنقاء في عالم الزيف فبسمتهم هي القادرة على ان تطفيء له لهيب تجهمه تحت الرماد فبسمة الاطفال الملاذ الأخير والمنجى والفرار من لهيب الواقع المرير الذي يجتره الشاعر ووصفه بموال الأسى ويعود مرة أخرى للبحث عن المحبوبة
    أبحثُ عنكِ
    بين تمائمي
    هذي يدي
    مُدِّي يديكِ
    لِتفتحي كوناً وسيعاً
    فيه قلبي يرتمي
    ريشُ النعامِ على ذُراكِ
    مُعَرِّشٌ
    وأنا أُسافرُ
    في كُراتِ دمِ الهوى
    فدعي السكوتَ
    أميرتي -
    وتكلَّمي
    فهو يبحث عنها بين تمائمه ويمد يده لها ويطلب منها أن تفتح له كونا وسيعا يرتمي فيه قلبه وكيف يسافر ويرتحل وريش النعام معرش بذراك ويأمرها أن تترك السكوت ويصفها بأميرته ويطلب منها أن تتكلم
    إني شبِعتُ مِن الرحيلِ
    ومِن مفازاتِ الضياعِ
    ومِن نحيبِ حمائمي
    ويئِسْتُ مِن زمنٍ
    غريبِ الوجهِ
    يشربُ مِن دمي !!
    لا تقلقي
    أنتِ البدايةُ
    والنهايةُ
    والحياةُ
    ومِن جراحي أنتِ
    أطيبُ بلسمِ
    فقد شبع من الرحيل ومن صحراء الضياع ومن نحيب حمائمه ويئس من زمن شخصه حين قال " غريب الوجه " وأكد لنا على معاناته حين قال "يشرب من دمي " فهذا الزمن مستمر في شرب دمائه أو بمعنى أدق الشاعر يعاني من زمن يقتات عليه وعلى أحلامه
    ثم يعود ويختم القصيدة بقوله لمحبوبته للمرة الثالثة "لا تقلقي "
    لماذا لأن محبوبته هي البداية وهي النهاية أتى بالتضاد ليعزز المعنى
    والحياة فالمحبوبة حياة الشاعر وهي أطيب بلسم للشاعر .
    والسؤال الذي يطرح نفسه الآن هل نحن أم نص مفتوح أم نص مغلق ؟
    النص مفتوح على قراءات متعددة تختلف باختلاف القاريء فهناك من يرى المحبوبة الأنثى المتفردة وهناك من يقرأ النص كما قرأته فالسيدة هنا هي رمز للوطن بآهاته وأحزانه بأطراحه التي نحياها وليس سبيل أمامنا ليعود لنا هذا الوطن جميلا مشرقاً إلا بسمة الاطفال البريئة فهي النجاة والخلاص لأن بسمة الطفل ترتبط بالشعور بالأمان فحين تحرر الأوطان من الجراح والأحزان ومن تجار الاوطان وقتها يعود البياض والنقاء الذي رمز لنا به الشاعر بالأطفال ففي الوطن قد نسعد وقد نشقى لكن علاقتنا به أبدية كعلاقة السوار بالمعصم .غدا بصحيفة المستقبل العراقي العراقية تكتب الدكتورة د.نجلاء نصير قراءة مهمة لقصيدتي اعتراف بين يدي سيدة


    sigpic
يعمل...
X