ثلاثة آلاف ريال

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • أكمل سامي حامد
    أديب بدار الكتب المصرية
    • 21-10-2012
    • 515

    ثلاثة آلاف ريال

    ثلاثة آلاف ريال
    اغتربت ما يقرب من نصف قرن في هذا البلد و استنفذت مراهقتي و شبابي في شوارعها و درست في مدارسها و أعمل الآن بها و أنجبت ثلاثة أطفال فيها ... أتذكر أنني لم أكن أرغب في العيش هنا و كنت ثائراً عندما أحضرني أبي من مصر مع الأسرة كنت صغيراً و غير مرتبط نهائياً بهذه الطبيعة الصحراوية لكني كنت مضطراً و لم أقتنع نهائياً بعدم كوني في مصر و الألفة و الحارة و الجيران و رائحة النيل و اسكندرية ... لكني عندما انهيت دراستي الثانوية استكملت دراستي الجامعية في الوطن .. لا أخفي عليكم سراً كنت أشتاق للبلد التي قضيت فيها نصف عمري أيضاً و هنا نشأت العلاقة القوية بيني و بين وطن آخر حتى أنني اليوم لم أعد أفرق كثيراً بينهما و عندما أرى انجازات هنا ينتابني هذا الشعور بالزهو و لا أرضى لهم غير ما أرضــــــاه لنفسي و لأهلي ... فأنا لم آتي الى هنا من أجل بعض الريالات ... أنا هنا أساساً ... أصدقائي الذين تربيت معهم و تشاركنا الحلم سوياً يشغلون مناصب مرموقة و لا أعتبر نفسي غريباً أو ... ( أجنبي ) ...
    عندما ضاقت بنا بلدنا و اعتبرتنا عبئاً زائداً ... هجرناها و تحملنا الفراق .. لم نكن ندري أنه سيأتي اليوم الذي يلتقي فيه الرجل منا بقدره ثانية .... كيف يمكننا أن نكسب ما يجعلنا نعيش في مستوى حتى دون المتوسط في بلد الترتيب فيه
    - ارستقراطي
    - شعبي
    و هل يوجد في مصر مكان واحد يمكنه أن يتحمل مصروفات مدارس الأولاد و العيش الرغد و الأساسيات التي لا يمكن الاستغناء عنها .. ؟
    لست من الذين يطبلون و لست أكذب على نفسي ... لقد لمست بنفسي أنك عندما تعيش في الوطن لا تستطيع أن تنجو من حوادث تلوث النيـــــــــــــل و ما خفي كان أعظم ... و حـــــــــــــــوادث الطرق الرائعة التي تكرهها سيارتك ... بخلاف حوادث ( الاستنطاع و البلطجة و فاقدي الوعي و قائدي الميكروباصات - و أتباع اسح ادح امبو و انا مش عارفني أنا توت مني ... يعني اه أنا توت مني دي .... طب انت مش عارفني .... المطلوب مني أنا إه )
    رغم أنه لا بد من العودة ... العودة التي لا نكرهها .. و لكن نفكر في البنك الافتراضي الذي لا بد أن يكون موجوداً ... كي نعيش ضمن الطبقة المتوسطة و لا ينكشف الأمر بأننا و بعد مرور عام تقريباً من العيش بمصر و استنفاذ جميع العملة ... ستجوز علينا الصدقة ... ترى كيف يمكنك أن تحصـــــــل على مكاسب في بلد يوجد بها ملايين مثلك و مؤهلين تأهيل يشبهك أو أعلى منك و جاهزين كل صباح بكل ما أوتوا من قوة لنيل بعض من العملة المحلية التي لم تعد لها قيمة .. ؟
    من يستمع الى حديثي يعتقد انني لا أدافع عن مصريتي أو أنني أنتقد فقط ... أو أنني لست وطنياً... و الحقيقة أنني حزين جداً على ما وصلنا اليه و بكل قوتي أرغب أن يكون الوطن أرقى الأوطان ...
    و لكن هل أجد منكم من سيضع يده في يدي ... و يقرضني ثلاثين ألف من العملة المحلية التي يطلقون عليها ... الجنيه ...شهرياً حتـــــــى أتمكن من العيش مع أسرتي في أرض الوطن ... و أؤكد لكم أنني سأقوم بإنجاز رائع و هو أنني سأنام كثيراً كي لا أزحم الطرقــــــــــات و سأذهب مساء الى السينما كي أشاهد أفلاماً أمريكية تمجد في الامريكان و تظهر أنهم أسياد العالم ... و سأقوم بإنفاق المبلغ كله في الطعام و السياحة و سيعود الى أيدي الشعب أما في المساء سأذهب الى النيل العظيم كي أستنشق هواء نقياً ... لكني لن أشرب منه فأنا لست مجنوناً ...
    و كي تتحقق رغبتكم في النيل مني فقد نضطر جميعاً لنرحل الى أرض المائة مليون نسمة ... لا بد أن يكون الاستقبال حافلاً ... فقد تقرر أنه من يتجاوز إشارة المرور الحمراء عليه دفع مبلغ ثلاثة آلاف ريال ... و لست أستطيع أن أصرح بأكثر من ذلك حتى لا ينتهي بي الحال في مكان أقل بكثير من رفاهية الوطن و يوجد على بوابته حراس ... ثلاثة آلاف ريال تعني أنك لا بد أن تعمل كراقصة حتى يرضى عنك الجميع .
    كل يوم و أنا ذاهب الى العمل أقابل اشارة مرور خبيثة جداً لا يمكنك حتى لو كنت تعمل بالسيرك أن تفهمها ... قد تتحول الى اللون الأصفر ثم الأحمر في ثانيتين و لا يمكنك بعدها أن تتوقف سيتم تصويرك صورة جميلة جداً لن تستلمها الا عندما تدفع المبلغ الخرافي و إذا كنت ذكياً و توقفت سيأتي من هو خلفك ليلقنك درساً تنتهي به سيارتك الى حيث بدأت ... قطعاً صغيرة و طبعاً ستتجاوز اشارة المرور و ستدفع المبلغ المقرر أيضاً ... في الوقت الذي أصبح الراتب كالخل الوفي من المستحيلات كم أشتاق اليه فقد طال غيابه سبعة أشهر ترى كيف حاله اليوم ؟ لقد تعلمت الحكومات العربية الدرس من الشقيقة الكبرى مصر .. كل القوانين الجميلة و الممتعة اخترعتها مصر و كل التجارب الشيقة الروتينية صدرتها مصر
    فأهلاً و سهلاً بالرجوع الى زحام القاهرة و سنتشارك سوياً الطعام تحت سماء القاهرة .. ترى كم تبقى من قوت الشعب حتى نقتات منه نحن ؟ .
    10/10/2016

    التعديل الأخير تم بواسطة أكمل سامي حامد; الساعة 17-10-2016, 05:05.
    https://www.youtube.com/channel/UC-C..._as=subscriber
  • منار يوسف
    مستشار الساخر
    همس الأمواج
    • 03-12-2010
    • 4240

    #2
    رغم كل متاعبنا تبقى مصر هي الوطن الأحب إلينا

    اجمل تحياتي

    تعليق

    • أميمة محمد
      مشرف
      • 27-05-2015
      • 4960

      #3
      الوطن إنه لا يحتاج دموعي إنه يحتاج الحب الذي يترجم على أرض الواقع محبة وعطاء وتآزر وتكاثف يتجسد في عمل
      يبقى الوطن نصفي الضائع سأظل غريبا حتى نلتقي فأنا الغريب ينقصني أرض، وطن على ترابه أمشي حافي القدم
      حراً لا أحتاج لجواز سفر ولا تأشيرة ولا يتعلثم لساني حين أقرأ أبجدياته
      الوطن حلمي مذ كنت صغيرة أن يصنع لي جناحين فأرفرف بهما وحين حلقت أصابتني السهام
      ولو كان جناحي مكسوراً سأسير وسيرفرف العلم.. علم بلادي لا ترفعه الريح بل الأيدي فيبقى دائما أشم

      الأديب أكمل
      كثيراً ما تكون القراءة لك ممتعة لأنك لا تتكلف ولا تتجمل وتقول الحقائق وهذا ما ينبغي

      أعجبني قولك
      عندما ضاقت بنا بلدنا و اعتبرتنا عبئاً زائداً ... هجرناها و تحملنا الفراق .. لم نكن ندري أنه سيأتي اليوم الذي يلتقي فيه الرجل منا بقدره ثانية .... كيف يمكننا أن نكسب ما يجعلنا نعيش في مستوى حتى دون المتوسط في بلد الترتيب فيه
      - ارستقراطي
      - شعبي

      هذه أسباب الغربة يا أكمل

      وهنا
      من يستمع الى حديثي يعتقد انني لا أدافع عن مصريتي أو أنني أنتقد فقط ... أو أنني لست وطنياً... و الحقيقة أنني حزين جداً على ما وصلنا اليه و بكل قوتي أرغب أن يكون الوطن أرقى الأوطان ...

      كلنا حزانى على أوطاننا وما تصل إليه
      تحايا صادقة

      تعليق

      • أكمل سامي حامد
        أديب بدار الكتب المصرية
        • 21-10-2012
        • 515

        #4
        أشكرك بشدة على إعجابك و الحق أقول أنني افقد شيئاً فشيئاً لغتي الأدبية بسبب انشغالي بمنهج جديد هو اللحاق بالركب أو محاولة تأمين مستقبل أولادي أو اختياري للمادية و التي لم أكن أعترف بها فكنت الرومانسي الحالم الرجل الذي لا يهتم كثيراً بجمع المال ... و تلاحظي ذلك في كلماتي البسيطة التي لا تزن كثيراً في ميزان الأدباء لكنها صريحة
        https://www.youtube.com/channel/UC-C..._as=subscriber

        تعليق

        • أكمل سامي حامد
          أديب بدار الكتب المصرية
          • 21-10-2012
          • 515

          #5
          مما لا شك فيه أن مصر أجمل الأوطان لكني تأثرت فقط بمشاعر متراكمة تخص الغربة و الخوف من الوقوع في المستوى الذي أهرب منه ( دون المتوسط ) أما أنا فلا أقد ح و لا أهاجم
          https://www.youtube.com/channel/UC-C..._as=subscriber

          تعليق

          يعمل...
          X