قصتان بحبر الأمر الواقع

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • عبد الرحمن محمد الخضر
    أديب وكاتب
    • 25-10-2011
    • 260

    قصتان بحبر الأمر الواقع

    (1)القيء الوطني .
    صحى من نومه . لم تكن في المطبخ أنبوبة بوتاجاز ليطبخوا عليها . منذ أسبوع بعد عام من الحرب يوقدون الفحم .
    أدخل يده في جيبه , كان يريد مائة ريال لتذهب ابنته وتبادلها في فحم نباتي لتوقد المجمر وتقلي لهم على الزيت الذي حصل عليه من منظمات الإغاثة بعض الدقيق كطعام إفطار . لكن يده عادت فارغة .
    البارحة قال له البقال : لن أهبك أي شيء من الدكان بعد الآن . لقد تجاوز ديني لديك مبلغ راتبك . ويعلم الله بالديون الآخرى للآخرين عندك . لست وحدك فلقد أوقفت صرف أي شيء من الدكان لجميع الموظفين . لقد مرت ثلاثة اسابيع منذ استحقاق الراتب ولم تستلموا مرتباتكم أيها الموظفون .
    فتح باب بيته ونظر في الزقاق . لايريد أن يشحت أحدا فالكرامة تعني أن تموت جوعا في اللحظة الأخيرة . كان أحدهم يمر أمام عينيه في الطريق ويحمل على كتفه بندقية كلاشنكوف حين شاهده على عتبة الباب لينعطف نحوه ويقول له في حماس بالغ : هل تبرعت للبنك المركزي ؟ ألا تدري بأن المرتزقة قد نقلوه من العاصمة إلى عدن . ألم تسمع بحملة " التضامن الوطني " مع البنك المركزي ؟ لقد فتحوا تسعة حسابات للتضامن في مكتب البريد . الجميع يتبرعون , والشعب كله في البريد .
    تجشّع إبراهيم . وانطلقت من جوفه فهيقاء طويلة . وبصق عريضا على قدر كفه في التراب . وكاد أن يتقيّأ .
    -سأفعل , سأفعل . قال إبراهيم لصاحب الكلاشنكوف واستدار سريعا نحو الداخل ... وتقيّأ جوفه هناك .
    (2) العشى
    ياإبراهيم . ياإبراهيم .
    لم يلتفت . ولم يقف للتو . وعاد أدراجه أخيرا ليجيب الداعي . لكن لاأحد هناك .
    عاد يمشي . كنت أتابع خلفه كل شيء . وكان مثلي عائدا من العمل .
    ظللت خلفه حتى حاذيت باب بيتي على يميني . لكن إبراهيم ظل يمشي .
    تذكرت فورا أن باب بيته كان على يمينه قبل باب بيتي بعد النداء الأول : ياإبراهيم ياإبراهيم .
    علمتُ الآن أنه تجاوز بيته . نسي أن بيته كان هناك في الوقت الذي كان يعود إليه قادما من مقر العمل .
    لم أدخل بيتي وتبعت إبراهيم قادما من مقر العمل . كان لازال يمشي .
    صرخت وراءه : ياإبراهيم ياإبراهم .
    .لم يلتفت . لم يقف للتو . وعاد ادراجه أخيرا ليجيب الداعي . لكن لاأحد هناك
    وعاد يمشي . وعدت أمشي .
    ياإبراهيم . ياإبراهيم . ياإبراهيم
  • عبير هلال
    أميرة الرومانسية
    • 23-06-2007
    • 6758

    #2
    كنت هنا لأسجل اعجابي بقلمك الفاخر

    الذي رصد لنا معاناة من عمق الواقع الأليم


    يسرني ويشرفني أن اكون أول المتواجدين


    هنا في جنة ما أبدعته أناملك مما يجود

    به الواقع علينا ..ربما علينا أن نشكره لولاه

    لم نعرف كيف نعيش ولا كيف نتعلم الدروس

    في ظل هذه الحياة البائسة ..

    سنابل تقدير
    sigpic

    تعليق

    • عائده محمد نادر
      عضو الملتقى
      • 18-10-2008
      • 12843

      #3
      هل أصبح شبحيا كما حياتنا
      نعيش أمواتا صدقني
      نمشي على أقدامنا لكننا في الحقيقة لسنا أحياء
      الموت يربض على صدورنا وينام على وسائدنا
      وكم يوجعني ماوصلنا إليه
      أحب نصوصك
      محبتي يالغلا
      الشمس شمسي والعراق عراقي ..ماغير الدخلاء من أخلاقي .. الشمس شمسي والعراق عراق

      تعليق

      • عبد الرحمن محمد الخضر
        أديب وكاتب
        • 25-10-2011
        • 260

        #4
        لست واقعية فحسب هذه التناولة السردية أختي الكريمة فحسب. بل وفي النخاع من الحياة هنا في اليمن .. تحدث في بلادي الآن عملية تكسير - ليست رياضية - شعورية للانسان , وسحق لإنسانيته .
        في بلادي لايدفعون المرتبات منذ اربعة اشهر , وهناك عملية إفلاس عامة في النقود وفي الشعور ..
        في ذات الوقت الذي يذهبون بكل الموارد فيها أجرك مقابل عملك إلى لجبهات سيقولون لك بأن الوطن اسبق من الراتب .. في حين الراتب وطن , فأي وطن ستحترمه لايحفظ لك كرامتك ..
        وفي حين تنتظر رسالة إشعار بإضافة أجرك االمتوقف منذ أشهر إلى حسابك ستجد رسالة تقول لك : لتتبرع إلى الحسابات التالية دعما للنبك المركزي .. تخيلي : أن تتبرعي للبنك المركزي هذا الذي أوقف صرف اجرك عن عملك لمائة وعشرين يوما تامة ولازال ... بل وستتبعها رسالة أخرى تطلب منك التبرع لصالح المجهود الحربي .
        صارت الثقافة هنا ثقافة البندقية ليس لقتال العدو الصهيوني بل لقتل العربي كمهر لبنات الحور في الجنان عما قليل .
        لقد تقيأ البطل في السردية الأولى كل الواقع هذا والذي لن يستطيع حمله داخل جوفه الوطني أو الانساني , الخاص أم العام , لتأتي السردية الثانية لتكشف عن حال التيهان للبطل في واقع من مجاعة وحرب واحتقار لأبسط حق للانسان في ماكله ومشربه ...
        هنا يصرون على الحرب ولاغيرها . ويدفعون بالشباب إلى الجبهات والذين يقتلون يوميا بالعشرات على ايدى إأبناء بلدتهم اليمنيين وبطائرات التحالف العربي وصواريخهم.. عربي يقتل عربيا ...ولا فرصة بين ايدينا لحياة كريمة .. نحن نهرق دم المستقبل ونخنق أنفاس ابنائنا ..
        إمتناني لمرورك الكريم وتعليقك المحيط .. محبتي
        التعديل الأخير تم بواسطة عبد الرحمن محمد الخضر; الساعة 21-11-2016, 08:27.

        تعليق

        • عبد الرحمن محمد الخضر
          أديب وكاتب
          • 25-10-2011
          • 260

          #5
          دعيني أكذب عليك فلست إلا واحدا من الكاذبين في هذا البلد الكاذب
          بصدق أستاذة عائدة كنت ساهدي النص إليك .. لكني احمل طبعا غير اجتماعي في تناسي الآخرين ليس عن قصد بل كما قلت عن طبع وللأسف ولابد ان أعترف به ... وربما سيبرر احدهم إهدائي هذا إليك كاستجداء مني للتعليقات والتي ستفتتحينها بقلمك العالي ...
          ليكن ... فأنت - وبيننا الله في الآخرة - ذات مكانة خاصة في نفسي لأني احترم ليس قلمك فحسب بل مكنونك الذي يتدفق على سن هذا القلم خلال كتابتك الكاشفة عن الانسان الراقي في أعماقك .
          وعن النص :
          لست واقعية فحسب هذه التناولة السردية أختي الكريمة فحسب. بل وفي النخاع من الحياة هنا في اليمن .. تحدث في بلادي الآن عملية تكسير - ليست رياضية - شعورية للانسان , وسحق لإنسانيته .
          في بلادي لايدفعون المرتبات منذ اربعة اشهر , وهناك عملية إفلاس عامة في النقود وفي الشعور ..
          في ذات الوقت الذي يذهبون بكل الموارد فيها أجرك مقابل عملك إلى لجبهات سيقولون لك بأن الوطن اسبق من الراتب .. في حين الراتب وطن , فأي وطن ستحترمه لايحفظ لك كرامتك ..
          وفي حين تنتظر رسالة إشعار بإضافة أجرك االمتوقف منذ أشهر إلى حسابك ستجد رسالة تقول لك : لتتبرع إلى الحسابات التالية دعما للنبك المركزي .. تخيلي : أن تتبرعي للبنك المركزي هذا الذي أوقف صرف اجرك عن عملك لمائة وعشرين يوما تامة ولازال ... بل وستتبعها رسالة أخرى تطلب منك التبرع لصالح المجهود الحربي .
          صارت الثقافة هنا ثقافة البندقية ليس لقتال العدو الصهيوني بل لقتل العربي كمهر لبنات الحور في الجنان عما قليل .
          لقد تقيأ البطل في السردية الأولى كل الواقع هذا والذي لن يستطيع حمله داخل جوفه الوطني أو الانساني , الخاص أم العام , لتأتي السردية الثانية لتكشف عن حال التيهان للبطل في واقع من مجاعة وحرب واحتقار لأبسط حق للانسان في ماكله ومشربه ...
          هنا يصرون على الحرب ولاغيرها . ويدفعون بالشباب إلى الجبهات والذين يقتلون يوميا بالعشرات على ايدى إأبناء بلدتهم اليمنيين وبطائرات التحالف العربي وصواريخهم .. عربي يقتل عربيا ...ولا فرصة بين ايدينا لحياة كريمة .. نحن نهرق دم المستقبل ونخنق أنفاس ابنائنا ..
          إمتناني لمرورك الكريم وتعليقك الغالي .. محبتي
          التعديل الأخير تم بواسطة عبد الرحمن محمد الخضر; الساعة 21-11-2016, 08:25.

          تعليق

          يعمل...
          X