اعراف

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • أحمد الغانم
    عضو الملتقى
    • 21-10-2016
    • 185

    اعراف



    يراها كل يوم واقفة على بابها، كأنها بأنتظاره،في ذات الطريق الذي يسلكه الى مدرسته المتوسطة. ينظر اليها خجلاً
    وهوَ يخطو خطوات مراهقته ،تكبره بعدة سنوات وأطول منه قليلا،شعرها الماثل للصفرة،ينسدل جديلة واحدة مبهرة
    تصل ظهرها،تزرع ابتسامة خفيفة على محياها كإشارة ود صامته تستدعيه ليكلمها .
    في اللحظة التي التقط فيها علبة الكبريت ألتي رمتها له ،امتلكته رغبة شديدة ان يفتحها،ليرى ما تحتويه . أدهشته
    تلك الوريقة البسيطة المكتوبة بأسطرمن كلمات عبرت فيها عن مشاعر حب وأماني باللقاء ورغبة حارة في العناق
    وذيلتها بعبارة المخلصة للابد.
    شعر أن قلبه يزداد خفقانا واستشعر الزهو يتسلل الى أعماق روحه،لانها أختارته دون الاخرين ...هل حقاً تحبه!
    ثم ماذا سيقول لها حين يلتقيها؟
    في قرارة نفسه قرر أنه سيطلب منها ان تتكلم بصراحة من دون قيود، انتبه لتداعيات روحه وبدد كل شكوكه
    أليس من حقي أن أستشعر الحنان والحب معها !سأوافيها بموعدنا المقرر ونذهب لمنتزه الزوراء الكبير- ملتقى العاشقين كما
    يقول اصدقائي...عندها أعرف كل ما تريده مني حقاً.
    تغيب عن مدرسته ذات خميس ،ليلتقيا وانتظرها في المكان الذي حددته وكانا قد أتفقا عليه بذات الطريقة في رمي
    علبة الكبريت التي يستخدماها للمراسلة والتي لاتثير انتباه أحد.
    بينما كان بأنتظارها داهمه شعور غريب ان جميع من في الشارع يعرف غايته ،وكيف لا وهو موعدهما الحقيقي الأول .
    رأها قادمة تمشي بدلال أثار في قلبه الفرح،بدت أجمل بكثير من كل يوم كان يسترق النظر فيه اليها .
    ابتسمت له فشعر بفرحة غامرة ،بادلها التحية واتجها نحو محطة وقوف الباصات العامة ،ركبا الباص ذا الطابقين
    واتجها للمقاعد الأمامية حيث جلسا يتأملان بعضهما بلهفة واشتياق،تأمل عينيها الواسعتين وشفتيها النديتين ، فكر كثيرا
    بمعانقتها،ألا أنه تردد عن ذلك ، منها اختياره الباص فقط لقضاء بعض الوقت للحديث معها رغم أنها تلصق جسدها بأطراف بدنه
    يغمره بالسعادة ويلهب مشاعره ومما زاد وضعه تأزماً همساتها المغرية :هناك في المنتزه سنشعر براحة أكثر.
    دخلا المنتزه واختارا مكاناً تضلله الاشجار وتحيطه الازهار. أمسك يدها بحرارة تنطق بعمق أشواقه لها .
    قربت شفتيها من شفتيه وقالت بتأوه :
    أتعلم يا حبيبي ! زواجي كان ثمنا ًلحماقة ارتكبها أبن عم لي قتل شاباً أثناء مشاجرة حصلت
    بينهما في مقهى ، خياري أنتهى وفق تلك الأعراف العشائرية ، حاول أخي كثيرا ابعادي عن تلك
    المساومات بالمال، إلا أن ذوي القتيل اصروا على زواجي من رجل مسن يتوكأ على عصاه لاذلالي وقهري .
    شكرت رب العالمين حين توفيت زوجة المسن ،التي جعلوني ضرتها فـتمعنت بدورها في تدمير روحي وكياني ،
    بعد شهور بسبب مقتل أبنها فتخلصت منها لكنني بقيت أعيش كممرضة لزوجي العاجز
    دون أن يبدي نحوي أي نوع من الاحترام ، حتى أنه حرّم علي زيارة أهلي.

    عانى من كبح رغباته واعتصار شيطانه برغبته القوية لاحتضانها ونظر إلى عينيها اللتين ازدادت فيها روح المغامرة.
    زاد توهج وجهها احمرارا وبريق عينيها لمعاناًَ حين أكملت: كعادته التي لا تتغير سيكون الليلة في مجلس المسنين يحتسون القهوة العربية معاً .
    نهضت من مكانها وقالت: حالتي شبيهة بحالتك ..أشعر بوحدتي ووحشتي كل ليلة وبيتي ليس ملاذا ً للاشباح.


    التعديل الأخير تم بواسطة أحمد الغانم; الساعة 02-12-2016, 11:40.
  • عبير هلال
    أميرة الرومانسية
    • 23-06-2007
    • 6758

    #2
    اعراف ونص بديع للغاية

    قلما نتداوله في النصوص..
    ها هنا طفلة صغيرة أجبرت
    على الزواج من رجل عجوز متزوج
    لاذلال أهلها لمجرد أن قريب لها
    قتل قريبهم والمسكينة دفعت
    الثمن وهيَ لا ذنب لها ..
    لم ينصفها أو يشفق عليها أحدا
    لا نعلم ما الذي كانت تفكر به، ولكن لو أية أنثى
    أخرى عانت ما عانته لتمنت الخلاص بشتى الطرق
    إما منهم أو من حياتها..
    شماتتها بموت ضرتها وفرحتها الكبيرة بالخلاص منها
    لم يخفف عنها إلا شذرا من حملها الثقيل ، وهوَ العناية برجل عجوز
    لم يعطها حتى طفلاً يكون لها السند..عاشت محرومة من حنان الرجل
    وعطفه عليها .رأت بذلك المراهق مرادها ..فقررت أن ترمي شباكها حوله
    وبالفعل كان لقمة سائغة لها وبدل من أن نجد ضحية ، نجد التحول الكبير
    بشخصها لصائدة ماهرة .. ومن يلام في هذه الحال ؟ هل هذه الطفلة ؟ أم المجتمع؟

    أشكر القدير أحمد الغانم على هذه التحفة الفنية

    التي تستحق أن تمثل ليتسلط الضوء على نقاط نحن أحوج أن نعالجها

    حتى لا تتفاقم بوقت نحن أمس الحاجة فيه للدفاع عن حقوق المرأة بكل قوة


    بدلا ً من التراخي ..

    من المرسف أن البعض يظن أن وقوف الأنثى في الباص يعتبر مساواة بين الرجل والمرأة،

    هناك مفهوم خاطيء عند البعض بهذا الخصوص..


    يمكنني أن أقول أنك أنرت جزءا من درب طويل شاق..

    فهل من مزيد...؟

    تقديري للمبدع
    sigpic

    تعليق

    • أحمد الغانم
      عضو الملتقى
      • 21-10-2016
      • 185

      #3
      تحية تقدير وامتنان للقاصة المبدعة عبير هلال وقرائتها الموضوعبة
      للنص الذي كان صرخة بوجه التقاليد البالية التي تفرضها الاعراف
      العشائرية المعروفة رغم انها من تقاليد العقود الطويلة الماضية وكم مرت
      عليها من السنوات لكن ربما البعض مصابون بالعمى والادراك وخروجا
      عن المألوف والقيود والتزمت بالظلم على حياة المرأة وحرمانها من ابسط
      حقوقها واعتبار حالتها جزء من مصالحات القتل والشجار ومنعها من التعبير
      عن رأيها وتفكيرها وبذلك في مثل هذه الحالات تحمل لقب (الفصلية)
      حيث تحرم من زيارة ذويها وتقوم بالاعمال المنزلية ويختارون لزوجها
      الشخصية الرديئة من بين عشيرة المقتول امعانا في الاذلال ولا تتلقى
      الاحترام والعطف حتى تحاشي ذكر اسمها .
      علاقاتها بالشاب المراهق ردة فعل عنيفة على التقاليد وربما في لحظة
      خروجها عن كرامتها ونظرتها الساخرة لتقاليد المجتمع البالية لانها تدرك
      انسانيتها وفق ما قدمته الاديان والحضارة الانسانية والقوانين لها في الاحترام
      اعتز بقراءتك للنص بشكل مميز ويبدو انك عارفة بمعاناة المرأة وحقها
      بالمساوة والعطف كونها ليست سلعة كمالية بل انسانة جار عليها الزمن
      شكرا عميقا لمروك وتحليك النص بروح الانصاف دمت مبدعة ومتالقة دوما
      التعديل الأخير تم بواسطة أحمد الغانم; الساعة 03-12-2016, 17:14.

      تعليق

      • عائده محمد نادر
        عضو الملتقى
        • 18-10-2008
        • 12843

        #4
        صباح الورد
        ضحكت من كل قلبي على مراهقنا وتذكرت أيام الصبا وشقاوة المراهقين والرسائل البريئة ودفئها
        هاهاها
        وكم كنت أتمنى لو أنك عرضتهم لموقف يهزهما كالذي يحدث في الحقيقة والزوراء لسان حالها يشكو ( البلاوي ) وتطفل المتطفلين.
        مصيبتنا اليوم أننا بتنا نتقهقر وكأن عجلة الزمن تعود للخلف
        تحياتي لك
        الشمس شمسي والعراق عراقي ..ماغير الدخلاء من أخلاقي .. الشمس شمسي والعراق عراق

        تعليق

        • أحمد الغانم
          عضو الملتقى
          • 21-10-2016
          • 185

          #5

          مساء الخير استاذتي القديرة عايدة
          اسعدتني قرأتك للنص وملاحظاتك النابهة
          ربما لي قناعاتي الشخصية ان القاص والروائي
          هو ابن بيئته وقدحاولت ان اخضع الموضوعات الحياتية
          واحداثها الى حكايات تكشف واقعيتها وانسانيتها وبساطتها
          لانها اعتمدت موضوعا وحولته الى لفت الانتباه ضد التقاليد الاجتماعية
          البالية والقسوة والعنف الذي تتعرض له المرأة (الفصلية)
          حين يتجنى المجتمع على صبايا بعمر الورود ثمنا
          لحماقات البعض. . .
          سيدتي المحترمة ممتن جدا من مرورك واتمنى لك مساءا بهي
          التعديل الأخير تم بواسطة أحمد الغانم; الساعة 06-12-2016, 13:13.

          تعليق

          • عبير هلال
            أميرة الرومانسية
            • 23-06-2007
            • 6758

            #6
            نعم هي ردة فعل عنيفة

            وصرخة بوجه المجتمع

            يا ناس دعوني اقرر

            ما أريد

            وما حدث في هذه القصة أنها انحرفت

            ولم يكن ليحدث هذا لو قالت لا

            وكانت لها كلمتها ورأيها الخاص بها..

            للأسف الشديد للأن الأنثى في بعض المناطق


            لا تتمتع بحريتها والقيود تكاد تقتلها

            مساؤك ابداع مجددا


            أنتظر جديدك المدهش


            تحية وتقدير
            sigpic

            تعليق

            • أحمد الغانم
              عضو الملتقى
              • 21-10-2016
              • 185

              #7
              القاصة القديرة عبير هلال
              تحية اعتزاز وتقدير لمروك على قراءة النص
              وبودي الاشارة لحروفك المتوهجة في نصرة
              المرأة من هذا المنطق البائس من الاعراف
              وهو بالتاكيد من الاعراف البالية ويحتاج
              لصرخة قوية بوجه الجهلاء وضعاف النفوس
              الذين يقررون مصائر النسوة لضعفهن وفي
              الشواهد مايكفي للنظر في اعماق الذات للمشكلة
              التي تسبب الى جانب الانحرافات في بعض الاحيان الى الركون
              لفكرة الانتحار..شكري العميق لك وجديدي سيطل خلال
              اليومين القادمين واتمنى لك دوام الالق والابداع

              تعليق

              يعمل...
              X