
من ندوة مناقشة رواية خيط سحري للمخرج والروائي :حسام نور الدين ناقش الرواية :العلامة الجليل والعالم القدير أ.د زكريا عناني أستاذ الأدب والنقد بكلية الآداب جامعة الاسكندرية
د. نجلاء نصير :دكتوراه في الدراسات الأدبية والنقدية كليةالآداب جامعة
الاسكندرية

الإسكندرية فضاء الزمان والمكان في رواية "خيط سحري "للمخرج والروائي : حسام نور الدين
قراءة نقدية د.نجلاء نصير
"إن العلاقة بين الأدب والمجتمع لا يقتصر تأثيرها على طرف واحد وإنما هي علاقة متبادلة ،فليس الأديب مجرد صدى للتغيرات الاجتماعية ،وإنما هو أيضاً من أهم عوامل التأثير في المجتمع "(1)
بدءا من الغلاف ندخل في أجواء الرواية فاللون الأحمر الذي يرمز في علم النفس اللوني للخطر والإنذار لون العنوان "خيط سحري" ، فضلا عن ذلك ساهمت الخلفية المكونة من لون من الألوان الباردة وهو البنفسجي بدرجاته مع البني والأسود فضاءً معمارياً لخلفية العنوان .
ناهيك عن الشخص السمين في الخلفية الذي تختلط ملابسه درجات اللون البنفسجي الذي _ يدل على التردد في اتخاذ القرارات _مع الأسود بملابسه مما يجعله يتطابق مع البناء الخارجي لشخصية إبراهيم بوجهه المكتنز وجسده المنفوخ فأول ما يلفت انتباه المتلقي عنوان الرواية الذي جاء على الغلاف في الجزء الأسفل بخط نسخ كبير ليشد عين المتلقي ناهيك عن حلفية البيوت والنخيل والطيور التي جاءت على هيئة السلويت Silhouette فهذا التجريد في الغلاف يفتح الأفق أمام المتلقي لسبر أغوار النص والولوج لفك شفرته ،فاجتماع اللون الساخن (الاحمر)مع الألوان الباردة ثم اللون الأبيض المحايد في أعلى الغلاف الذي يشير إلى النزعة إلى التحرر من شتى صنوف القيود فاللون الأبيض تخترقه الطيور المحلقة في الفضاء،ف(خَيط : (اسم بمعنى السِّلْك يُخاط به ، أو ينظم فيه الشيء ، أو يربط به، سِحريّ (اسم) يقصد به : عَمَلٌ قَائِمٌ عَلَى السِّحْرِ ، التَّمْوِيهُ والشَّعْوَذَةُ
والسؤال الذي يطرح نفسه الآن
هل تحررأبطال الرواية من القيود أم حُبِسوا في ظلال الواقع ؟وما هو الخيط السحري الذي يربط بينهم ؟
وتعد الشخصية مكوناً هاماً من المكونات الفنية للرواية وهي عنصر فاعل في تطور الأحداث .
وتتنوع الشخصيات في رواية خيط سحري وتتنوع مواقفها وطباعها.
محمود
المصور الفوتوغرافي في الثالثة والثلاثين من العمر "وجهه أبيض بشوش يخفي عمره " (2) يعمل في فرن
إيهاب ( الشخصية المحورية)
شاب :محب للصيد يصغر محمود بعدة أعوام ولكنه يبدو أكبر منه في العمر ،أسمر تشبه قسماته ملامح أهل جزر الكاريبي،تخرج في كلية الآداب قسم الصوتيات "(3)
عم كامل
"ترفض ملامحه البوح السافر فيما يعتمل داخله ،مدرس زراعة ،يرى في العزلة دواء لداء بعض النفوس"(4)
إبراهيم (والد إيهاب ) يعد الشخصية المحورية للرواية
"جسده المنفوخ ،وشعر رأسه الأشعث "(5)
زينب(والدة إبراهيم )
"القعيدة "(6)
فادية (عمة إيهاب)(عانس)
"طويلة ،بيضاء ،نحيفة شعرها قصير"(7)
فالصفات الخارجية لشخصيات الرواية تنطق بواقعها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي.والروائي حين يدخل بعض الشخصيات الثانوية مثل بوسي طالبة المرحلة الثانوية وتعد من المحطات التي غيرت مجرى حياة البطل (إيهاب ) التي عرض عليها الزواج لكنها تعللت بالدراسة مما صدمه وجعله يفكرمراراًوتكراراً في رد فعلها تجاه طلبه ، وقطعها للعلاقة بعد زيارتها للمركز الثقافي مما تسبب في تغيير وجهته في الحياة .
ومن الشخصيات الثانوية
د.منى
جارة إبراهيم التي تشرف على علاج والدته وكيف وضح حضورها للمتلقي تردد إبراهيم وعدم قدرته على اتخاذ قرار حتى فاجأته بخبر هجرتها لكندا .
ومن الشخصيات الثانوية أيضا صيصا "في منتصف العمر ،يلبس ملابس رثة ويرفع ذراعه اليسرى على شكل زواية قائمة ...كان أعقل مني ومنك وكان الموظف الشريف الوحيد في مكتب الشهر العقاري ،إنما الرشاوي والمرتشين لفقوا له وشاية .."(8)
وربما هذا الحوار الذي دار بين محمود وإيهاب عن المجذوب كان سببا في في اطلاعنا على الملامح الداخلية لشخصية إيهاب الذي تفاعل مع قصة المجذوب وتساءل هل يكون سيفقد عقله يوما ما بسبب البطالة وهي قضية العصر "فكم من الأعمال الوظيفية التحق بها ثم تركها أو تركته ...."(9)
فمصير المجذوب جعل إيهاب يدخل في مونولوج داخلي عبر من خلاله عن قضية شائكة .
فضلا عن ذلك فقد ساهمت الشخصيات الثانوية بدور هام في دعم شخصية البطل مثل "عسكري البحرية المجند وزميل إيهاب القديم في الكلية "(10) فقد جعل فكرة الهجرة الغير شرعية تضيء في عقل إيهاب ويكون السبب الرئيس في تغيير مجرى حياة إيهاب وهذه قضية أخرى تناقشها الرواية بين سطور الأحداث_.
الحدث ((Action
"إن الحدث عبارة عن معادل موضوعي لقضية فكرية يريد المؤلف ان يوصلها بشكل فني"(11)
فالبداية هي الحدث المؤثر في المتلقي وقد نجح الراوي في استخدام اللغة الشاعرية منذ الوهلة الأولى التي رسمت جماليات المكان في الفضاء الروائي يقول الروائي:تتثاءب أمواج البحر بعد ليل طويل منهك ..سكون هامس يحتوي خيوط الشفق ...."(12) وينمو الحدث ويسير في أثر شخصية إيهاب الذي يعرض الروائي من خلاله لقضية البطالة وهي من القضايا الاجتماعية الشائكة فإيهاب شاب تخرج في كلية الآداب قسم الصوتيات واجتهد في الحصول على شهادة كمبيوتر ليجد فرصة عمل لكنه يقع فريسة الشركات الخاصة فكثيراً ما تتركه او يتركها .كما عرض من خلاله لقضية الهجرة غير الشرعية في حواره مع العسكري المجند صديقه
إبراهيم والد إيهاب الأديب المغمور الذي يبحث عن فرصة بعيداً عن المحسوبية ولكنه خير مثل على العجز والتردد كما يعرض من خلاله لقضية الخصخصة من خلال الحوار الذي يدور بينه وبين أمه (زينب)
فادية فتاة تجاوزت الأربعين يعرض من خلالها لقضية العنوسة وأثرها على شخصية فادية وحالتها النفسية
محمود : صديق إيهاب مثل حي للتصالح مع الذات والتكيف مع الظروف
وغيرها من الشخصيات التي تعرضها الرواية إلى أن نصل إلى النهاية وهي الأخطر على الاطلاق فكما بدأ إيهاب الرواية منصاعاً لواقعه وعدم قدرته على التكيف مع طموحه واحلامه انتهت الرواية بمونولوج داخلي يوضح الصراع النفسي الذي يعانيه البطل وتردده وعدم قدرته على اتخاذ القرار وكأن الراوي يريد أن يفك شفرة الرواية للمتلقي فيبعث له من خلال إيهاب فمسيرة الحياة رحلة بكل ما تحمله من طموح وأحلام فمن امتلك قراره امتلك حياته .
الفضاء الروائي (الزمان والمكان)
لقد اتسع مصطلح الفضاء الروائي ليشمل الزمان والمكان ومما لا شك فيه أن المكان لا يدرك إلا في سياق الزمان ،والزمان لا يمكن إدراكه إلا من خلال الشخصيات المحركة للعمل الروائي .
فأحداث الرواية تدورفي فترة التسعينيات وتنتهي بنا إلى عام 2011م
وقد استغل الروائي فضاء الاسكندرية لتكون مسرح الأحداث فاتخذ من قلمه عدسة تلتقط وتسجل وتصور لنا أحياء وشوارع الاسكندرية مثل
(مدينة العرائس ،شارع الرحمة _شارع العطارين _حي كرموز_حي سموحة _شارع محسن _بحري .....) فشخصية عم كامل المنغلقة على الذات هوايته الوحيدة التجول بالترام ورصد تفاصيل كل محطة من محطاتها بل التأريخ لها وقد اتخذ الراوي من عم كامل قناعا ليعقد مقارنة بين الاسكندرية في الماضي وبين الحاضر فضلا عن المونولوج الداخلي الذي يرتد فيه عم كامل لفترة الخمسينيات ليقص علينا مسيرة حياته من خلال انتقاله من محطة لمحطة وكأنه يقف على محطات حياته يجتر ماضيه الذي عاش فيه بل سجن بداخله بسبب غوايته لفريال حبيبته التي (غمر قلبها من حنان معاملته ورومانسيته التي افتقدتها تماماً في زوجها ....أنت ظلمتني يا كامل )(13)ويعترف كامل بجرمه "اعترف لك ..وأنا النفس الشرهة التي تدور في دائرة الأنا ..."(14) وحينما نادى الكمساري :وصلنا يا حضرات العربية داخلة مخزن كان عم كامل قد فارق أنفاسه الأخيرة وكما آن الأوان للترام ان يصل للمحطة الأخيرة أصبحت ثمرة عمر عم كامل دانية للقطاف فدثروه بجريدته القديمة التي كانت له خير نديم .
وتظهر شخصية الروائي حين يتساءل "أفي الحياة موت بداخلنا يحيا ؟!أم في الموت حياة قد تكون أحلى "(15)
فنحن أمام سؤال فلسفي قائم على ثنائية التقابل بين الحياة والموت .
وهكذا ينقلنا الروائي من مشهد إلى آخر وكأننا أمام فيلم تسجيلي عن الاسكندرية يستعرض لنا شوارعها وتاريخها أبطال الرواية من خلال الأحداث
الزمان
ويقصدبه الفترة الزمنية التي تقع فيها الأحداث،فالنص الروائي في مجمله يعتمد على ثنائية الزمان والمكان الذان تحركهما الشخوص من خلال الأحداث فقد اعتمد الروائي على الزمن النفسي المستدير حيث يسير الزمان أحيانا إلى الأمام واخرى إلى الخلف عن طريق عملية الاسترجاع التي يتداخل من خلالها الماضي بالحاضر .
ومجمل القول :إن الروائي حسام نور الدين لم يكن أول من كتب عن الاسكندرية وخصوصية مجتمعها السكندري فأمير الرواية العربية نجيب مجفوظ كتب عنها في روايتي "ميرامار" و"السمان والخريف " ،و الطريق ولكن يحمد للروائي أنه استطاع من خلال روايته أن يسلط الضوء على قضايا اجتماعية واقعية كالبطالة والخصخصة والعنوسة والهجرة الغير شرعية والأزمة الاقتصادية التي يلعب فيها سعر الدولار بطلا يتحكم في قوت الشعب ومجريات الأمور.
والسؤال الذي يطرح نفسه الآن
ما الخيط السحري الذي يمسك أطراف الرواية نجده في نهاية الرواية في المونولوج الداخلي "أريد أن أعيش هنا ،أن أبقى في مدينتي ،أنا هنا ..أنا .."(16) فالخيط السحري هو الانتماء للمكان للأشخاص او للذكريات .
وجدير بالذكر ان الروائي استخدم اللغة الشاعرية منذ الوهلة الأولى فيشد المتلقي منذ الصفحة الأولى وحتى نهاية الرواية
فضا عن ذلك جاءت لغته سهلة عامية على لسان من ينتمون للطبقة الشعبية و اتخذ من لغته عدسة كاميرا لا قطة ترصد وتسجل الأحداث.
وهذه الرواية هي العمل الأول للمبدع :حسام نور الدين التي اتسمت ببعدها عن التكثيف وذلك بحكم عمله كمخرج فجاءت الرواية كمشاهد وصفية متكاملة وكأننا أمام فيلم تسجيلي أخرجه مبدع فنان يجيد العزف بالكلمات ونتمنى أن يضع في اعتباره في الأعمال القادمة عنصر التكثيف .
هوامش الورقة البحثية
1_د.صلاح فضل ،منهج الواقعية في الابداع الأدبي ،ط2، دارا المعارف ،ص:30
2_خيط سحري ص:13
3_فه ص :8 ،13
4_نفسه ص:9 ،48
5_خيط سحري ص:11
6_نفسه ص:12
7_نفسه ص:22،2
8_نفسه ص:22،23
9_خيط سحري ص:24
10_نفسه ص:205
11_د.طه وادي ،دراسات في نقد الرواية ،طبعة دار المعارف ،مصر1993م ص:29
12_خيط سحري ص: 7
13_خيط سحري :ص:200 وما بعدها
14_نفسه ،ص: 20
15_نفسه 204
16_خيط سحري:294
فمصير المجذوب جعل إيهاب يدخل في مونولوج داخلي عبر من خلاله عن قضية شائكة .
فضلا عن ذلك فقد ساهمت الشخصيات الثانوية بدور هام في دعم شخصية البطل مثل "عسكري البحرية المجند وزميل إيهاب القديم في الكلية "(10) فقد جعل فكرة الهجرة الغير شرعية تضيء في عقل إيهاب ويكون السبب الرئيس في تغيير مجرى حياة إيهاب وهذه قضية أخرى تناقشها الرواية بين سطور الأحداث_.
الحدث ((Action
"إن الحدث عبارة عن معادل موضوعي لقضية فكرية يريد المؤلف ان يوصلها بشكل فني"(11)
فالبداية هي الحدث المؤثر في المتلقي وقد نجح الراوي في استخدام اللغة الشاعرية منذ الوهلة الأولى التي رسمت جماليات المكان في الفضاء الروائي يقول الروائي:تتثاءب أمواج البحر بعد ليل طويل منهك ..سكون هامس يحتوي خيوط الشفق ...."(12) وينمو الحدث ويسير في أثر شخصية إيهاب الذي يعرض الروائي من خلاله لقضية البطالة وهي من القضايا الاجتماعية الشائكة فإيهاب شاب تخرج في كلية الآداب قسم الصوتيات واجتهد في الحصول على شهادة كمبيوتر ليجد فرصة عمل لكنه يقع فريسة الشركات الخاصة فكثيراً ما تتركه او يتركها .كما عرض من خلاله لقضية الهجرة غير الشرعية في حواره مع العسكري المجند صديقه
إبراهيم والد إيهاب الأديب المغمور الذي يبحث عن فرصة بعيداً عن المحسوبية ولكنه خير مثل على العجز والتردد كما يعرض من خلاله لقضية الخصخصة من خلال الحوار الذي يدور بينه وبين أمه (زينب)
فادية فتاة تجاوزت الأربعين يعرض من خلالها لقضية العنوسة وأثرها على شخصية فادية وحالتها النفسية
محمود : صديق إيهاب مثل حي للتصالح مع الذات والتكيف مع الظروف
وغيرها من الشخصيات التي تعرضها الرواية إلى أن نصل إلى النهاية وهي الأخطر على الاطلاق فكما بدأ إيهاب الرواية منصاعاً لواقعه وعدم قدرته على التكيف مع طموحه واحلامه انتهت الرواية بمونولوج داخلي يوضح الصراع النفسي الذي يعانيه البطل وتردده وعدم قدرته على اتخاذ القرار وكأن الراوي يريد أن يفك شفرة الرواية للمتلقي فيبعث له من خلال إيهاب فمسيرة الحياة رحلة بكل ما تحمله من طموح وأحلام فمن امتلك قراره امتلك حياته .
الفضاء الروائي (الزمان والمكان)
لقد اتسع مصطلح الفضاء الروائي ليشمل الزمان والمكان ومما لا شك فيه أن المكان لا يدرك إلا في سياق الزمان ،والزمان لا يمكن إدراكه إلا من خلال الشخصيات المحركة للعمل الروائي .
فأحداث الرواية تدورفي فترة التسعينيات وتنتهي بنا إلى عام 2011م
وقد استغل الروائي فضاء الاسكندرية لتكون مسرح الأحداث فاتخذ من قلمه عدسة تلتقط وتسجل وتصور لنا أحياء وشوارع الاسكندرية مثل
(مدينة العرائس ،شارع الرحمة _شارع العطارين _حي كرموز_حي سموحة _شارع محسن _بحري .....) فشخصية عم كامل المنغلقة على الذات هوايته الوحيدة التجول بالترام ورصد تفاصيل كل محطة من محطاتها بل التأريخ لها وقد اتخذ الراوي من عم كامل قناعا ليعقد مقارنة بين الاسكندرية في الماضي وبين الحاضر فضلا عن المونولوج الداخلي الذي يرتد فيه عم كامل لفترة الخمسينيات ليقص علينا مسيرة حياته من خلال انتقاله من محطة لمحطة وكأنه يقف على محطات حياته يجتر ماضيه الذي عاش فيه بل سجن بداخله بسبب غوايته لفريال حبيبته التي (غمر قلبها من حنان معاملته ورومانسيته التي افتقدتها تماماً في زوجها ....أنت ظلمتني يا كامل )(13)ويعترف كامل بجرمه "اعترف لك ..وأنا النفس الشرهة التي تدور في دائرة الأنا ..."(14) وحينما نادى الكمساري :وصلنا يا حضرات العربية داخلة مخزن كان عم كامل قد فارق أنفاسه الأخيرة وكما آن الأوان للترام ان يصل للمحطة الأخيرة أصبحت ثمرة عمر عم كامل دانية للقطاف فدثروه بجريدته القديمة التي كانت له خير نديم .
وتظهر شخصية الروائي حين يتساءل "أفي الحياة موت بداخلنا يحيا ؟!أم في الموت حياة قد تكون أحلى "(15)
فنحن أمام سؤال فلسفي قائم على ثنائية التقابل بين الحياة والموت .
وهكذا ينقلنا الروائي من مشهد إلى آخر وكأننا أمام فيلم تسجيلي عن الاسكندرية يستعرض لنا شوارعها وتاريخها أبطال الرواية من خلال الأحداث
الزمان
ويقصدبه الفترة الزمنية التي تقع فيها الأحداث،فالنص الروائي في مجمله يعتمد على ثنائية الزمان والمكان الذان تحركهما الشخوص من خلال الأحداث فقد اعتمد الروائي على الزمن النفسي المستدير حيث يسير الزمان أحيانا إلى الأمام واخرى إلى الخلف عن طريق عملية الاسترجاع التي يتداخل من خلالها الماضي بالحاضر .
ومجمل القول :إن الروائي حسام نور الدين لم يكن أول من كتب عن الاسكندرية وخصوصية مجتمعها السكندري فأمير الرواية العربية نجيب مجفوظ كتب عنها في روايتي "ميرامار" و"السمان والخريف " ،و الطريق ولكن يحمد للروائي أنه استطاع من خلال روايته أن يسلط الضوء على قضايا اجتماعية واقعية كالبطالة والخصخصة والعنوسة والهجرة الغير شرعية والأزمة الاقتصادية التي يلعب فيها سعر الدولار بطلا يتحكم في قوت الشعب ومجريات الأمور.
والسؤال الذي يطرح نفسه الآن
ما الخيط السحري الذي يمسك أطراف الرواية نجده في نهاية الرواية في المونولوج الداخلي "أريد أن أعيش هنا ،أن أبقى في مدينتي ،أنا هنا ..أنا .."(16) فالخيط السحري هو الانتماء للمكان للأشخاص او للذكريات .
وجدير بالذكر ان الروائي استخدم اللغة الشاعرية منذ الوهلة الأولى فيشد المتلقي منذ الصفحة الأولى وحتى نهاية الرواية
فضا عن ذلك جاءت لغته سهلة عامية على لسان من ينتمون للطبقة الشعبية و اتخذ من لغته عدسة كاميرا لا قطة ترصد وتسجل الأحداث.
وهذه الرواية هي العمل الأول للمبدع :حسام نور الدين التي اتسمت ببعدها عن التكثيف وذلك بحكم عمله كمخرج فجاءت الرواية كمشاهد وصفية متكاملة وكأننا أمام فيلم تسجيلي أخرجه مبدع فنان يجيد العزف بالكلمات ونتمنى أن يضع في اعتباره في الأعمال القادمة عنصر التكثيف .
هوامش الورقة البحثية
1_د.صلاح فضل ،منهج الواقعية في الابداع الأدبي ،ط2، دارا المعارف ،ص:30
2_خيط سحري ص:13
3_فه ص :8 ،13
4_نفسه ص:9 ،48
5_خيط سحري ص:11
6_نفسه ص:12
7_نفسه ص:22،2
8_نفسه ص:22،23
9_خيط سحري ص:24
10_نفسه ص:205
11_د.طه وادي ،دراسات في نقد الرواية ،طبعة دار المعارف ،مصر1993م ص:29
12_خيط سحري ص: 7
13_خيط سحري :ص:200 وما بعدها
14_نفسه ،ص: 20
15_نفسه 204
16_خيط سحري:294
تعليق