حتى ..وعندما تخلّوا عنه ولم يمت !
***
رشيد ( فوزي ) مصباح
( كاتب )
***
مـداوروش في : الإثنين 28 نوفمبر 2016 ميلادى - ظ¢ظ§ صفر ظ،ظ¤ظ£ظ¨ هجرى
--------------------------------------------------------------------------
rachidmosbah779@gmail.com
--------------------------------------------------------------------------
***
رشيد ( فوزي ) مصباح
( كاتب )
***
مـداوروش في : الإثنين 28 نوفمبر 2016 ميلادى - ظ¢ظ§ صفر ظ،ظ¤ظ£ظ¨ هجرى
--------------------------------------------------------------------------
rachidmosbah779@gmail.com
--------------------------------------------------------------------------
لأن الله معنا حتى عندما يبتلينا بشيء من قبيل المرض أو الفقر والاحتياج ، وليس السبب غضبه علينا أو كرهه لنا ، بقدر ما هو رحمة يرحمنا بها وفرصة لنراجع أنفسنا واختبار حقيقي ، ننال من خلاله الأجر والثواب على قدر صبرنا إن لم يقيّض -عز وجل - من يسعفنا ويساعدنا على تجاوز محنتنا .وكم من عطايا منحناها الله دون أن نسأله !؟
***
***
وهو على فراش الموت يستحضر كل ما فاته ، بعدما خرج سالمًا من أخطر حادث - من العديد مما تعرّض له في حياته - مستلقى يكتب وصيته يضعها تحت الوسادة ، وما فيها غير ( كريدي ) ديون تراكمت ولم يعد قادرًا على تسديدها :
- " مرحبا بالموت كي تجي "لا تمنحك الأقدار فرصة أخرى لكي تصفي حساباتك مع الآخرين تأتي الفرصة مرة واحدة ، لا تعود بعدها ، لن يتوقّف الوقت لأجلك يا صديقي- لكن لديه الحق بتفقّد الأصدقاء وقد كانوا من حوله يأتونه عندما كان ينعم بصحة جيّدة ؛- " الكل راحوا "جميعهم تخلّوا عنه ، ولم يبق منهم سوى مجرّد انطباعات تركوها له ، ولم تكن سوى ضحك ومسخرة و تفاهات ...ارتسمت في الذاكرة يتصفّحها كلما يغمض عينيه أو يغوص في بحر الوجد يلج في أعماقه ، يستحضر ما يكفي من صور الذكريات يستأنس بها من كثرة ما تجافى البعض عنه :- " هل سيبكي أصدقائي علي عند رحيلي ؟ "أصبحت وحيدًا يا صديقي ، سيتظاهر البعض بعد موتك بالبكاء عليك – كما تقول - ، وحين يخيّم الصمت، فلا يجد أصحاب البطون ما يقولونه ليبرّروا تواجدهم بين الأهل والأصحاب، وستُذكر عندهم بكل خير ، يجرّدونك بألسنتهم ويبقى ما في القلب في القلب ، ثمّ يتخلّص الأهل والأصحاب منك بعدها ، يمسحونك من ذاكرتهم مثلما يفعلون بصحون المرقة الطازجة والشحوم الزائدة التي تبقى عالقة بالأواني .·
- " لو كان ( ميشال ) حيًّا !" ·الآن تذكر كلبك الوفي ، وكنت تلعنه قبل تخلّيك عنه لمن لا يرحمه ؟!·اشتراه ولم يفتح عينيه ، وقامت زوجته برعايته ، وعندما كبر وكبرت معه تكاليفه قام بتسليمه لأصحاب " الرينجرز " ، فتخلّصوا منه ومن نباحه و هرشه، ليلة الاحتفال بفوز الرئيس ·
- " تخلّصوا منه !؟... قتلوه !؟...الأوغاد ... لمَ قتلوه وقد كان يحرسهم ؟! " . تذكّر كلبه من فصيلة " الراعي الألماني ( چيرمن شيبارد ) ، الوحيد الذي كان يتفّقده أثناء غيابه ويتلهّف للقياه وعندما يعود فيأخذه بسيارته إلى الوادي حيث يصطاد له السمكة ، وكيف كان يحملها في فمه ولا يأكلها حتى يأذن له بذلك ؛بعض الحيوانات الفريدة من نوعها تكون أفضل من بعض البشر بمحبّتها الصادقة ووفائها لأصحابها .الجفاء من طبع الإنسان ، وكذلك الاستغباء ، والحقد ، والغيرة ، والخيانة ... وكلها من خصال البشر؛حتّى أن أقرب الناس إليه لم يزره خلال إقامته بمستشفى سوق أهراس ، و سدراتة ، وعنابة ... حيث أجريت له عملية استئصال للمرّراة .أصيب بالإرهاق ، فقد الرغبة من كل شيء تقريبًا ، من النوم والأكل ، من نظرات مشفقة يطالعه بها بعض من يزورنه على قلّتهم ، فمعظمهم كانوا غرباء من ذوي الفضل والإحسان ، ويحاول تفاديها بكل ما أوتي من جهد لأنّه صار يقرأ في وجوه أصحابها درجة خطورة مرضه ، كأن بها تقول :- " لا نجاة له المسكين مصيره الموت حتمًا " . ( المغبون !)
لا يجد راحته إلـاّ في جهاز الكمبيوتر ، يروي له عن معاناته المستديمة ، لكنه لا يقدر على الجلوس إليه طويلاً من شدّة الألم ، فصار يفضّل الشاشة ، فهي تحمل له أخبار الدنيا كلها ، ترويها له وهو جالس أو مستلقي ، عن كل ما يحدث ولا يستطيع أن يراه ، عن الحرب القذرة الدائرة في سوريا ، والعراق ، واليمن ووو... وعن المقاومة في فلسطين ، يعيش مع الأحداث بكل جوارحه ، يتمنّى لو تنتصر المقاومة الضعيفة على النظام الجائر ، كم تعاني مثله هي الأخرى !.وكذلك يشاهد الأفلام ، السيناريوهات الجميلة تعيد له الأمل في الحياة فينسى الهمّ الذي هو فيه ، وتستمر الحياة .لكن ختلات المصلين عند الفجر وهم في طريقهم إلى الصلاة بالمسجد تعذّبه فيتمنّى :
لا يجد راحته إلـاّ في جهاز الكمبيوتر ، يروي له عن معاناته المستديمة ، لكنه لا يقدر على الجلوس إليه طويلاً من شدّة الألم ، فصار يفضّل الشاشة ، فهي تحمل له أخبار الدنيا كلها ، ترويها له وهو جالس أو مستلقي ، عن كل ما يحدث ولا يستطيع أن يراه ، عن الحرب القذرة الدائرة في سوريا ، والعراق ، واليمن ووو... وعن المقاومة في فلسطين ، يعيش مع الأحداث بكل جوارحه ، يتمنّى لو تنتصر المقاومة الضعيفة على النظام الجائر ، كم تعاني مثله هي الأخرى !.وكذلك يشاهد الأفلام ، السيناريوهات الجميلة تعيد له الأمل في الحياة فينسى الهمّ الذي هو فيه ، وتستمر الحياة .لكن ختلات المصلين عند الفجر وهم في طريقهم إلى الصلاة بالمسجد تعذّبه فيتمنّى :
- " لو يحدث أن أتعافى يومًا ما ... ومن يدري ؟.. فلن أفارق المسجد ولو لحظة واحدة !"
يستعيد الفرحة بعد غيابها عند طلوع الشمس ، حين تدبّ الحياة وينهض الأحياء ،فيشعر بالسعادة ، والتي يفتقدها من كثرة الإرهاق والهواجس التي تبقيه معظم الليل صاحيًّا .يريد التخلّص من رؤية الموتى عندما يغفو قليلاً ، فيصيبه الهلع عند استفاقته ، ولأنه لم يستمتع بالدنيا كما يجب ، ولا يزال في بداية عقده الخامس يتمنّىوقد عاث كالحيوان فسادًا في الأرض ، لكنه لم يتلذّذ من أطيب ما فيهاحتى أنّه كره ذكر ماضيه أمامه ، بالكاد يستثنى الطفولة السعيدة منه ،كان قد قضّى أيّامها الجميلة في اللهو واللعب والمرح مع أمثاله من الصبيان الأبرياء .
الآن فقط قد بدأ يعرف سر الحياة ، وبعد أدائه العمرة ومخالطة الصالحين من الناس ، أصبح يركن كثيرًا إلى جانب الدين والأيمان :
الآن فقط قد بدأ يعرف سر الحياة ، وبعد أدائه العمرة ومخالطة الصالحين من الناس ، أصبح يركن كثيرًا إلى جانب الدين والأيمان :
- " إنّما أراد الله أن يميّزنا بالدين عن بقية الحيوانات " .
الآن على فراش الموت صرت تؤمن به ، وكنت من قبل لاهيًا عنه لاغيًا فيه.
.../... يتبع
تعليق