رهين الصوت

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • شيرين حسن يوسف
    أديب وكاتب
    • 09-09-2015
    • 29

    رهين الصوت

    - لو كانت السماء بيضاء ! كررتها ثلاث مرات بشغف الغريق حتى قاطعتها عبارة مباغتة
    - لكان القمر أسود ...
    ارتبكت وطرقعت اصابعها بخجل ملحوظ ثم ربتت فوق رأس كلبها الذي ظل طيلة الوقت يتمسح بطرف ثوبها بقلق وتوتر محاولاً معرفة ما الذي اعتراها ولماذا اندفعت سيول الادرينالين من خلاياها الصامتة، حتي طمأنته أصابعها ليجلس إلى جوارها بهدوء .
    قطع الصمت بعبارة أخرى:معذرة سيدتي ولكن جذبتني العبارة فتخيلت تلك السماء الحيادية تستحيل إلى بحر من اللبن الأبيض لا يقطع موجه سوى قمر أسود يكتمل مرة كل شهر جالبا ً المزيد من التعاسة والظل فوق البيوت المزيد من الأرق والحيرة والسؤال اللحوح:متى ينتهي الليل؟
    - ينتهي الليل حين نكف عن السؤال عن القمر والتاريخ وابداء الضجر والضيق ينتهي الليل حين نتعلم كيف نتجاوز التفاصيل الدميمة للذكريات السيئة ونكف عن عادة المزاج السيء .
    - المزاج السيء ... المزاج السيء ...لا يتبدد المزاج السيء أبدا لأن الليل يطول ..أتدرين أن لصوتك وقع جميل ؟
    - ولكن صوتي ليس جميلا ً كصوت أمي.
    - هناك صوت لا يتجاوز الأذن فقط ولكنه ينفذ إلى جدار القلب بشكل مباشر مزيحا ً هالات الغربة وبشاعة الخوف من الآخر، الصوت مفتاح كل شيء من حولي .
    - وأنا كذلك أستنشق الأصوات وأراها وأتلمسها حتي قمرك الأسود الذي ذكرته منذ قليل أمسكه بين أصابعي الآن ..أقلبه كتفاحة أو حجر نرد حفر علي وجوهه الستة أرقام تخمينية.
    - الحياة يا سيدتي محض نغمات تتراقص فوق سلم موسيقي، تتنوع جودتها كتنوع مستوى عازفي الأوركسترا .
    - تذكرت الآن تحديدا ً أول الدروس التي تعلمتها في عزف الكمان حين كانت يدي ترتعش وتفسد الأمر كله حتي بدأت بشكل تدريجي الإصغاء التام لرنة الوتر..إنه الصوت..الصوت .
    سادت لحظات صمت قطعها صوت حارس الحديقة :ياسيدي حان وقت الإنصراف وأنت وحيد هنا هل تنتظر أحدا ً يصطحبك أم أساعدك حتى سيارة أجرة .
    ارتبك كثيرا ً متساءلاً: وحدي ! وأين السيدة التي كانت هنا منذ قليل ؟
    امتقع وجه الحارس : اصطحبتها سيدة أخرى وغادرتا منذ قليل .....
    في تلك اللحظة أدرك أنها رهينة الصوت مثله تماما ً.
  • حسن لشهب
    أديب وكاتب
    • 10-08-2014
    • 654

    #2
    سرد شاعري أخاذ مبني بسلاسة .
    تحيتي لهذا الإبداع الجميل.
    شكرا لك.

    تعليق

    • سميرة رعبوب
      أديب وكاتب
      • 08-08-2012
      • 2749

      #3
      "...هناك صوت لا يتجاوز الأذن فقط ولكنه ينفذ إلى جدار القلب بشكل مباشر مزيحا ً هالات الغربة وبشاعة الخوف من الآخر، الصوت مفتاح كل شيء من حولي ...."


      وهناك أصوات تعبر إلى القلب مباشرةً طريقها التواصل بالعين فقط.
      الكون يضج بالأصوات التي لم نسمعها، والصور التي لا نراها ...
      فهل يمكن أن يكون لهذا العالم شكل آخر؟


      أعجبني الحوار الرقيق والشاعري بينهما وفلسفة كل منهما للحياة
      وأعجبني أكثر محاولته المتكررة أن يُلقِيَ بصيصًا من النّور رغم عتمة الليل.
      ما أحوجنا إلى مثل هؤلاء المبشرون لا المنفرون.!


      تحياتي إليكِ والياسمين أختي الأستاذة شيرين.
      التعديل الأخير تم بواسطة سميرة رعبوب; الساعة 16-09-2017, 21:06.
      رَّبِّ
      ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا




      تعليق

      • عائده محمد نادر
        عضو الملتقى
        • 18-10-2008
        • 12843

        #4
        الله كم أحببت نصك
        رائع
        رائع
        رائع
        وكما جاء بالنص ثلاث مرات
        سردك سلس وفيه عمق فلسفي
        كان اللون مسيطرا وله مدلولات عميقة وظفتها بشكل مهول
        تركت لك النجوم بعدي لأنك أبدعت هاهنا
        أتمنى أن أراك معنا لأن لك رؤيا وروح جميلة وكي أتعرف عليك أكثر
        وسأترك باقات الورد لك أيضا
        الشمس شمسي والعراق عراقي ..ماغير الدخلاء من أخلاقي .. الشمس شمسي والعراق عراق

        تعليق

        • شيرين حسن يوسف
          أديب وكاتب
          • 09-09-2015
          • 29

          #5
          الاديب الراقي حسن لشهب
          شكرا لكلماتك الرقيقة وتواجدك الأنيق

          تعليق

          • شيرين حسن يوسف
            أديب وكاتب
            • 09-09-2015
            • 29

            #6
            وردة الجمال سميرة رعبوب
            سعدت كثيرا بعطر تواجدك يا رائعة

            تعليق

            • شيرين حسن يوسف
              أديب وكاتب
              • 09-09-2015
              • 29

              #7
              المتألقة عائدة
              لك إطلاله مميزة على النص دوما
              دمت بالقرب

              تعليق

              • ربيع عقب الباب
                مستشار أدبي
                طائر النورس
                • 29-07-2008
                • 25792

                #8
                نص مدهش
                تجلى ادهاشه في لغته و قفلته المربكة التي من الصعب تجاوزها إلا لقراءة جديدة للرؤية و الاقتناع
                مبدعة أنت أستاذة شيرين
                sigpic

                تعليق

                • شيرين حسن يوسف
                  أديب وكاتب
                  • 09-09-2015
                  • 29

                  #9
                  ربما هذا النص محظوظا بما فيه الكفاية لأنه حظي بقراءتك

                  تعليق

                  يعمل...
                  X