**
لا غرابة !
***
أليس غريب أن يتكلّم الكل في السياسة ، من أعلى هرم في السلطة إلى أبسط فرد في المجتمع ، والبعض يريد أن يترشّح للأنتخابات البلدية القادمة ، وربما لا يملك أحدهم نضجًا في السياسة ولا خبرة في التسيير ، ويتخلّى الجميع عن نظافة المحيط الذي في ظل أيّامنا التعيسة هذه يتدهور ، وقد تخلّت عنه المصالح المعنية بالترميم والصيانة نهائيًّا ، تاركة ورائها شوارعنا اليتيمة تعجّ بأنواع الفضلات والمرميات والقاذورات التي تقتات منها الحيوانات المشرّدة والمريضة التي تحمل أخطرأنواع الفيروسات ، ونحن على أبواب صيف قد يكون ألأحر حسب التوقّعات ؟ا
الكل يسب النظام والكل ينتقد السلطة ، وكم يحلو لنا جميعًا الطعن في أجهزة الدولة ، وفينا شقيٌّ لا يفقه في فن السياسة التي تجعل الحليم حيران ، ومنّا محرومٌ لا يحمل شيئًا ولا حول له ولا قوة ، وحتى عامل النظافة البسيط تجده يتجرّأ على الكلام في دقائق الأمور ؟ وليس مطالبًا سوى بتأدية عمله اليومي حتى وإن كان الأجر زهيدًا لا يلبّي جميع مطالبه . وكان حريٌّ بهذا البلدي الذي يهدر الأوقات ويقف مطوّلاً ليتكلّم في أصحاب البلدية ( ويعني بذلك رئيس البلدية وحاشيته ) أن يعمل بجد وإخلاص لعل المولى – عز وجل – يبارك له في القليل الذي يتقاضاه ويصلح له في الأهل والولد . لكن المشكلة لا تكمن في تقصير هذا الموظّف البسيط وحده فـ " الطيور على أشكالها تقع " ، الأمثلة كثيرة والمشاكل أكبر من أن تحصى ، و" فاقد الشيء لا يعطيه " ؛ فالذي فوق هذا العامل البسيط هو الآخر لاحول ولا قوة له ! ، وكثيرٌ من حول هؤلاء جهلة تنقصهم الحنكة والخبرة لا يفقهون في التسيير ولا في الكثير ولا اليسير من المعرفة ، تخرّجوا من العدم وتقدّموا بوجوههم المخشّبة ، وجاؤوا إلى السياسة بطرق مشبوهة وملتوية .
السياسة المغرضة ؛ هي تلك الأساليب التي تتعامل بها السلطات المركزية والأحزاب التي ترشّح الناس للمناصب الحسّاسة سيّما التي في القاعدة ، وهي الطريقة المثلى لكليهما . وفي جميع الأحوال فإن المراد بات واضحًا يتجسّد في محاولة تقويض صلاحيات المنتخب المحلّي وإذابته في السلطة وإخضاع جميع تصرّفاته للرقابة .
والمشكلة الأساسية في كون هذه الأحزاب لا تريد تجاوز محنتها باختيارها أكفإِ الناس ؟ا
وتبقى البلدية ضعيفة بمواردها وإمكانياتها ، بمسؤوليها ومرؤوسيها ومواطنيها ، تعاني من النقائص و العيوب و الثغرات التي تتعمّدها أجهزة الدولة والأحزاب ، وبالرغم من كل الإمكانيات المادية والمعنوية المتوفّرة ، والعالم الآن صار قريةً مفتوحة ، والمعاهد المتخصّصة في الجزائر تقذف أرحامها بالعشرات - إن لم نقل بالمئات - من المتخصّصين في الإدارة والتسيير ، ومنها المدرسة الوطنية للإدارة التي تولّيها الأجهزة المركزية رعاية خاصّة وليتها تلتفت إلى البلدية التي باتت تعاني من التهميش .
لذلك فلا غرابة أن نرى الوضع يتردّى من حولنا ؛ الشوارع التي تغزوها المزابل في موسم تتكاثر فيه الأمراض والميكروبات الخطيرة التي تحملها الحيوانات التي تقتات منها ، بينما نحن نقعد طول الوقت ننظّر في السيّاسة والبعض الآخر يتكلّم في شؤونٍ قد لا تعنيه ، و" يُمقِّص " في هذا و" يُمنشِر" في ذاك ، ومن أكبر " مسعول " في أعلى الهرم ، إلى أصغر موظّف في القاعدة . والكل يتقن " التمنشير " و" التمقاص " ولا من ينهي عن منكر .
لا غرابة مادامت أحزاب العُتاة ترشّح كل من هب ودب ولا تتابع ، والمؤسّسات العمومية توظّف ولا تراقب ، والمواطن يصفّق بكلتي يديه كالذبابة ، لا غرابة !.
تعليق