كان عُرس خالي ,ومن عادة الأعراس في بلدتنا ان تحضر النساء المقربات ومنذ ساعات الصباح الى منزل والد العريس, للمساعدة والمشاركة في اتمام مراسم ذاك الزواج سواء باعداد الطعام او تزيين وتنظيم الحفل ليهنئ الجميع بليلة عرس مميزة,وكما سرت العادة بدأ سيل من النساء يندفع الى منزل جدي الكبير,وكأي طفل لم يتعدى العاشرة من عمره ,اعترتني الدهشة والاستغراب لما حولي,ربما لم يدهشني اندفاع هذا السيل بقدر ما ادهشني منظر هؤلاء النسوة وقد غطت وجوههن المساحيق والاصباغ حتى ظننت نفسي أتابع عرضا للبهلوانات .
بينهن أخذت أبحث عن أمي وأختي لمى ,ولكن كمن يبحث عن- ابرة في كومة قش -لم يكن لبحثي هذا وسط ذاك الزحام أي جدوى ,كانت كل الوجوه من حولي غريبة وغير مألوفة لي البتة, وكطفل تائه وسط سوق شعبي أردت ان أنفجر باكيا وأصرخ قائلا:"مــن أنتـــن؟؟؟ "
ولكن ما لبثت ان كتمت ضيقي هذا عندما تذكرت كلمات امي لي "الرجال لا يبكون" ,استمريت في البحث علي أجد ضالتي أو سبيلا اليها,وأخيرا جاء تعبي هذا بفائدة فقد عثرت صدفة على خالتي بين جمع من النساء ,حاولت ان أناديها ولكن يبدو ان طنين النساء من حولنا قد اصمها ,
فعدوت اليها أسابق الريح وحين وصلت سألتها ان كانت قد رأت أمي او لمى ,أجابتني بان امي ذهبت لتصفيف شعرها منذ ساعة ,وان لمى خرجت تلهو مع الاطفال الذين حضروا برفقة أمهاتهن في فناء المنزل الخلفي ,هممت بالذهاب حيث لمى ولكنها طلبت مني أن اجمع كل الاطفال الذين يحضرون وارشدهم لطريق الفناء الخلفي, كي يتسنى لامهاتهن العمل بعيدا عن مضايقتهم ,وعدت خالتي بأن أفعل ,وحين وجدت أن جميع الاطفال الحضور في داخل الفناء , خرجت الى حيث مدخل المنزل الكبير انتظر حضور المزيد من الاطفال .
كان عملا متعبا بعض الشيء, ولكن شيئا فشيء ومع اقتراب ساعات الظهيرة بدأ ذلك السيل من النسوة بالانحسار ,و يبدو ان هذه المرأة القادمة نحوي الآن ستكون أخر قطرة فيه ,همت تلك المرأة شاحبة الوجه مهلهلة الثياب والتي تمسك بيدها طفلة يبدو وأنها تكبرني بأعوام قليلة وعلى كتفها ملقاة طفلة ببشرة شديدة الزرقة بالدخول, الا انني اعترضتها قائلا:"ولكن هل سمحتي يا خالتي ان آخذ الطفلتين حيث يلعب الاطفال الأخرون" ابتسمت لي وادارت بوجهها نحو ابنتها الكبرى قائلة:"رؤى.. اذهبي والعبي مع الاطفال", قبلت الفتاة الدعوة ,ولكنني نظرت الى المرأة وقلت:"وماذا بشان الأخرى؟",اجابتني بشيء من التردد:"لا اتركها انها نائمة",قلت في نفسي :"نائمة!!" ,قد أصم صوت بكاؤها وانينها الحزين أذناي فكيف تكون نائمة ,على العموم قلت لها :"حسنا" أدخلتها الى المنزل وذهبت لارشد ابنتها الى الفناء,ولكن لا أخفيكم القول بأن صورة الطفلة المزرقة البشرة وصوت انينها لم يفارقا بالي منذ رؤيتها ,جاءت لمى تدعوني للعب معها ولربما انتهزت طلبها فرصة كي اطرد من عقلي هذه الافكار وتلك الصورة ,استجبت لطلبها وأخذت اشاركها اللعب.
بدأ قرص الشمس بالأفول ليعلن بذلك بدء مراسم الزفاف,وبعد اعداد كل شيء انطلق الجميع الى حيث قاعة الاحتفال والتي علتها أصوات الزغاريد والتهاليل فرحا بالعروسين, فجأة .......
.
.
يتبع
قلم :ليدا عمر
بينهن أخذت أبحث عن أمي وأختي لمى ,ولكن كمن يبحث عن- ابرة في كومة قش -لم يكن لبحثي هذا وسط ذاك الزحام أي جدوى ,كانت كل الوجوه من حولي غريبة وغير مألوفة لي البتة, وكطفل تائه وسط سوق شعبي أردت ان أنفجر باكيا وأصرخ قائلا:"مــن أنتـــن؟؟؟ "
ولكن ما لبثت ان كتمت ضيقي هذا عندما تذكرت كلمات امي لي "الرجال لا يبكون" ,استمريت في البحث علي أجد ضالتي أو سبيلا اليها,وأخيرا جاء تعبي هذا بفائدة فقد عثرت صدفة على خالتي بين جمع من النساء ,حاولت ان أناديها ولكن يبدو ان طنين النساء من حولنا قد اصمها ,
فعدوت اليها أسابق الريح وحين وصلت سألتها ان كانت قد رأت أمي او لمى ,أجابتني بان امي ذهبت لتصفيف شعرها منذ ساعة ,وان لمى خرجت تلهو مع الاطفال الذين حضروا برفقة أمهاتهن في فناء المنزل الخلفي ,هممت بالذهاب حيث لمى ولكنها طلبت مني أن اجمع كل الاطفال الذين يحضرون وارشدهم لطريق الفناء الخلفي, كي يتسنى لامهاتهن العمل بعيدا عن مضايقتهم ,وعدت خالتي بأن أفعل ,وحين وجدت أن جميع الاطفال الحضور في داخل الفناء , خرجت الى حيث مدخل المنزل الكبير انتظر حضور المزيد من الاطفال .
كان عملا متعبا بعض الشيء, ولكن شيئا فشيء ومع اقتراب ساعات الظهيرة بدأ ذلك السيل من النسوة بالانحسار ,و يبدو ان هذه المرأة القادمة نحوي الآن ستكون أخر قطرة فيه ,همت تلك المرأة شاحبة الوجه مهلهلة الثياب والتي تمسك بيدها طفلة يبدو وأنها تكبرني بأعوام قليلة وعلى كتفها ملقاة طفلة ببشرة شديدة الزرقة بالدخول, الا انني اعترضتها قائلا:"ولكن هل سمحتي يا خالتي ان آخذ الطفلتين حيث يلعب الاطفال الأخرون" ابتسمت لي وادارت بوجهها نحو ابنتها الكبرى قائلة:"رؤى.. اذهبي والعبي مع الاطفال", قبلت الفتاة الدعوة ,ولكنني نظرت الى المرأة وقلت:"وماذا بشان الأخرى؟",اجابتني بشيء من التردد:"لا اتركها انها نائمة",قلت في نفسي :"نائمة!!" ,قد أصم صوت بكاؤها وانينها الحزين أذناي فكيف تكون نائمة ,على العموم قلت لها :"حسنا" أدخلتها الى المنزل وذهبت لارشد ابنتها الى الفناء,ولكن لا أخفيكم القول بأن صورة الطفلة المزرقة البشرة وصوت انينها لم يفارقا بالي منذ رؤيتها ,جاءت لمى تدعوني للعب معها ولربما انتهزت طلبها فرصة كي اطرد من عقلي هذه الافكار وتلك الصورة ,استجبت لطلبها وأخذت اشاركها اللعب.
بدأ قرص الشمس بالأفول ليعلن بذلك بدء مراسم الزفاف,وبعد اعداد كل شيء انطلق الجميع الى حيث قاعة الاحتفال والتي علتها أصوات الزغاريد والتهاليل فرحا بالعروسين, فجأة .......
.
.
يتبع
قلم :ليدا عمر
تعليق