مواطنة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • عروبة شنكان
    أديب وكاتب
    • 05-04-2017
    • 177

    مواطنة

    مواطنة:
    بين أريج وطنهِ، وتدفُقِ شلالاتهِ بدأت حكايتهُ.
    حمدان كان مواطناً ميسور الحال، يعملُ في تِجارَةِ الأقمشة واستيرادِ القُطن مِن الدولِ المجاورة، تطورت بهِ الحال ففتح معملاً صغيراً لِلمنْسوجاتِ القُطنيةِ، حازت صناعتهُ على الإعجابِ والإقبالِ، نالَ نصيباً مِن الشُهرةِ فارداد رِزقهُ وهنأت حياتهُ. في إحدى زياراتهِ لِدولةٍ مجاورة اُعجِب بفتاةٍ، تزوجها وعاد بها لِموطنهِ، الذي ازداد التدخل الأجنبي في شؤونهِ، تجهم وجههُ ذات صباحٍ عِندما وجد شابين فارِغي الطولِ، مُريبي المنظر، يقِفانِ بِالقُرب من معملهِ، تبادل وإياهُما نظرات اِحتجاجٍ، لِيبتَعِدا تاركين تربيتاتٍ فوق كتفيهِ ذات مغزى معادي!
    مرت الأيامُ وفي ذاكرتهِ تتكرر صورة الشابان، بينما ازدادت أعداد الوجوهِ في وطنهِ، وضعت زوجتهُ أول مولودٍ لهما، أطلقا عليهِ اسم وِئام.
    لعبتِ مشاعِرُ الوطنية التي كان اِكتنزها حمدان الدور الأكبر في تنشئة اِبنهِ، لكِن البيئة التي اِزداد فيها وجودُ الغريبِ كان لها أيضاً الدور الأليم في نفسية وِئام، فشب على ديانتين مُختلفتين، وعقيدتين مُتناقضتين، ما إن أنهى دِراستهُ الإعدادية حتى قرر الإلتحاق بمدرسةٍ أجنبية جلبها الغريب بحقائِبهِ لدى قرارِه بإنشاء مستوطنة أعلى مُرتفعات مدينة وئام، مما سهل له إتقان أكثر مِن لُغةٍ بيُسرٍ وسهولةٍ.
    أوقع الطريقُ المؤدي إلى منزله قلبهُ اليافِع بحُب مُستوطِنةٍ جميلة، لم تكن تعلم بأنهُ مِن أَهل المدينة، فانفتاحهُ على الثقافات الدخيلة طور مِن مهاراتهِ. أَمتلك أسلوباً لبِقاً في المُخاطبة، فكان بارِعاً في الإقناع، يوماً بعد يوم كان يزدادُ إعجاباً بوجهِ الفتاةِ الجميلة، وبِطريقة حياتها، وهدوء طِباعِها، مما سهل لهُ الإندماج بِمُجتمعها، والتعرف على بواطن المستوطنات التي حُرمت على سُكان المدينةِ.
    تقرب من أهلِ فتاتهِ، وراح يحضرُ وإياها جلساتِها الدينيةِ، لِتتولد القناعة لديه بأن الدين مُعاملة. أنهى وئام الدراسة الثانوية، وكان قد تشبع بِعقائِد المستوطنة وفتاتهِ مما دفعهُ لِلإلتِحاق بجيش كيانِها! تم التعرف على وئام عن قُرب، وقبل أن يُبت بأمر قبولهِ تم إخضاعهُ لِتدريباتٍ ودوراتٍ عقائدية، تخطاها بِنجاحٍ تام.
    غير أن والِدهُ غضب لما آلت إليهِ الأمور، أعلن مُقاطعة ابنهِ نهائياً، وألحق بهِ وصف الإبنُ العاق، تألم وئام لِقرارِ أبيهِ، في
    ظهيرةِ إحدى الأيام غلبهُ شوق العناق، وذهب لِزيارة منزل العائلة، لكنهُ فوجئ بِرفضه وقامت أُمهُ بِطردهِ.
    توجه وئام ورفاقه مِن جيش الدفاع للإلتحاق بكتيبتهم صبيحة اليوم التالي
    تعرف على المهام الموكلةِ إليه، وبدأ عملهُ بِكل تفاني وإخلاص، نالَ إعجاب قادتهِ واستحق وسام البطولة مِن أرفع الدرجات، كرمتهُ مدينتهُ الحزينة التي نشأ وترعرع في ربوعها، وتم زرعِ فسيلٍ أخضر أمام كُل دارٍ في حيهم الصغير
    يُلقي الأهالي عليه السلام ويقرؤون الفاتحة تخليداً لِروحهِ، بينما رفضت سُلطات الإحتلال تسليم جُثتهِ، إنتقاماً من أولى وآخر العمليات اليطولية التي قام بها حيثُ تمكن من تدمير كافة آلياتِ كتيبتهِ، ونسف مقرات قادته بِكلُ روحٍ قتاليةٍ عالية.
    التعديل الأخير تم بواسطة عروبة شنكان; الساعة 15-06-2017, 21:19.
    ولون الكفن بلون العلم
    غيرنا تقاليد أعراسنا
    حتى يرفع الأحرار
    رايتك ياوطن
    حرة
  • نورالدين لعوطار
    أديب وكاتب
    • 06-04-2016
    • 712

    #2
    استمتعت بقراءة النص

    هناك هدوء واسترسال بل هناك أدبية

    لكن رغم ذلك، كاد النص يجنح إلى حكاية ، بل لاستغراق عمر شخص في القصة القصيرة يجب أن تكون هناك ضرورة لذلك و توظيف الفلاش باك ليكون هناك حدث رئيسي واحد في النص تخدمه بقية الأحداث .

    النص تناول أزمة الهوية ، والضياع في الآخر "الغريب"ـ"المحتل "، و أخيرا المقاومة والإعلان عن الوجود ، وهي قيمة تقطر نبلا

    تقديري

    محبتي

    تعليق

    • عروبة شنكان
      أديب وكاتب
      • 05-04-2017
      • 177

      #3
      المشاركة الأصلية بواسطة نورالدين لعوطار مشاهدة المشاركة
      استمتعت بقراءة النص

      هناك هدوء واسترسال بل هناك أدبية

      لكن رغم ذلك، كاد النص يجنح إلى حكاية ، بل لاستغراق عمر شخص في القصة القصيرة يجب أن تكون هناك ضرورة لذلك و توظيف الفلاش باك ليكون هناك حدث رئيسي واحد في النص تخدمه بقية الأحداث .

      النص تناول أزمة الهوية ، والضياع في الآخر "الغريب"ـ"المحتل "، و أخيرا المقاومة والإعلان عن الوجود ، وهي قيمة تقطر نبلا

      تقديري

      محبتي
      أشكُرُ الاسترسال بنصي، وتحليله وتقييمه، بما أن هُناك أدبية إذا باب الإبداع مفتوح
      وتعرض النص لِأكثر مِن حدث هو تداعيات الأحداث، أعجبتني الفلاش باك، فعلاً فتحت لي نافذة جديدة
      أشكر مرورك، أملي أن نلتقي في نصوص قادمة
      تحيتي وتقديري
      ولون الكفن بلون العلم
      غيرنا تقاليد أعراسنا
      حتى يرفع الأحرار
      رايتك ياوطن
      حرة

      تعليق

      • سميرة رعبوب
        أديب وكاتب
        • 08-08-2012
        • 2749

        #4
        خشيتُ من خنجر الغدر خاصةً وأن السرد في بدايته تناول التحرر من الهوية
        والتيه في الغريب المحتل ...
        لكن زال ذلك القلق بعد عمله البطولي، والإعلان عن رسوخ جذوره في أرض
        آبائه وأجداده رغما عن أنوف الغزاة المحتلين.

        كانت الخاتمة انتقالا جذريا جميلا يلخصه العنوان، أعجبني سردك أختي
        الأستاذة عروبة،
        إليكِ التحية والتقدير.
        رَّبِّ
        ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا




        تعليق

        • عائده محمد نادر
          عضو الملتقى
          • 18-10-2008
          • 12843

          #5
          نص جميل اقترب السرد فيه للحكائي
          الفكرة واعية
          اقترب من عدوك وماأكثر اعدائنا اليوم
          روح القتال كانت كامنة بين الثنايا وأطلقت العنان لها في ومضة النهاية
          وو كنت أرجو نهاية فيها دهشة وننتهي لكن لاتثريب عليك فالنص جاء هادئا وانتهى واعيا
          أحببت روحك المقاومة
          ومساء الورد للغلا
          الشمس شمسي والعراق عراقي ..ماغير الدخلاء من أخلاقي .. الشمس شمسي والعراق عراق

          تعليق

          • عروبة شنكان
            أديب وكاتب
            • 05-04-2017
            • 177

            #6
            المشاركة الأصلية بواسطة سميرة رعبوب مشاهدة المشاركة
            خشيتُ من خنجر الغدر خاصةً وأن السرد في بدايته تناول التحرر من الهوية
            والتيه في الغريب المحتل ...
            لكن زال ذلك القلق بعد عمله البطولي، والإعلان عن رسوخ جذوره في أرض
            آبائه وأجداده رغما عن أنوف الغزاة المحتلين.

            كانت الخاتمة انتقالا جذريا جميلا يلخصه العنوان، أعجبني سردك أختي
            الأستاذة عروبة،
            إليكِ التحية والتقدير.
            أ. سميرة
            سرني مرورك نصي وقراءتك المتأنية
            نورت متصفحي
            بانتظارك على الدوام
            مع كل التحية
            ولون الكفن بلون العلم
            غيرنا تقاليد أعراسنا
            حتى يرفع الأحرار
            رايتك ياوطن
            حرة

            تعليق

            يعمل...
            X