ينام أهل قرية مهجورة النائية بلا هوادة ولا استكانة , ينهضون من النوم ثم ما يلبثون أن يعودوا إليه , حتى تخالهم أهل كهف من تلك الكهوف الغارقة في النوم , فقط سعد المهجوري فهو دائم الحركة كثير التنقل في أطراف القرية و مزاربها و بين بيوتها الطينية المتناثرة , وكثيرا ما يقصد حائط المقبرة فيأخذ قطعة الطوب الجيري ويخط رسومات غريبة أو أشكال مبهمة , و ربما يكتب عبارات مسيئة لبعض الأسماء التي تتحكم في رقاب أهل مهجورة من مسئولين أو غيرهم , و حتى إمام المسجد الوحيد لم يسلم من كتاباته اللاذعة خصوصا إذا تجرأ وخطب ود الحاكم خلال خطبتي الجمعة أو في المناسبات الدينية الأخرى , و قد دأب على التعمق و الغوص في متاهات السب و الشتم , و حين تنتابه لحظات الهستريا المتواصلة من الضحك و البكاء و الصياح و العويل , حتى يعتقد البعض أن روحا من الأرواح الشريرة المقيمة في المقبرة قد سكنت جسده النحيل و أصبحت تتحكم في لسانه و حركاته و قسمات وجهه ,
و حدث وإن انتابته تلك النوبة و هو عائد من المقبرة
فتسرع إليه امه و هي تحمل إناء الماء الطيني فتصبه على وجهه ثم تشرع في مسح وجهه بخرقة بالية رثة لا تفارقها على الدوام , و ما إن يتحرر من نوبته هذه حتى يرفع إحدى كفيه إلى السماء كأنه يودع عزيزا عليه و هو يقول لأمه
_ قتلوهم يا أمي بوحشية يندى لها الجبين , و ببشاعة لم تحدث في التاريخ البشري , لقد عرفتهم من خلال صيحاتهم المعتادة و قهقهاتهم المتشعبة ""؟
و حين يحاول أن يذكر بعض الأسماء تباغته أمه بكفها المرتجفة فتغلق له منافذ الصوت كي لا يذكر سيرة و أسماء من قتلوا أهل مهجورة و هجروهم , و تتركه شاخصا إلى فراغ , و هي تشير له بالصمت ,,,,
آخر مرة زار المدينة و تأخر في العودة , باغتته عقارب ساعة منع التجوال , و اختصرت الطلقات المتقطعة تلك المسافة الراجفة في قلبه قبل الموعد بساعات
قال المجند المأجور و هو يتلفت بارتباك و يمسح على صدر الرشاش
_ كنت متأكدا أنه سيبلغ القرية بعد حلول الظلام و يدخل حيز التنفيذ لا محالة
نقر القاضي سطح الخشب الأحمر الصقيل دون الاشارة لترقيم قانوني في سجلات القضاء يستثني حالة القتل التي اختصرت سر تلك المجازر الرهيبة و دفنته إلى الأبد , بعدما نقلت الرعب و الخوف إلى قلوب أهل مهجورة , ثم ردد و كأنه يقرأ من دباج
_ قتل سعد المهجوري قبل سريان مفعول التوقيت , ثم استدرك حينها كأن يقول لهم لسعته عقارب منع التجوال في الطريق و قد استعجلته الرصاصة القاتلة و رسمت منحي الكتم التي أنهت سرا بقي يؤرق الجميع , ثم طوى الملف و رفعت الجلسة و قيدت الجريمة ضد مجهول
الأحد 25-06-2017
و حدث وإن انتابته تلك النوبة و هو عائد من المقبرة
فتسرع إليه امه و هي تحمل إناء الماء الطيني فتصبه على وجهه ثم تشرع في مسح وجهه بخرقة بالية رثة لا تفارقها على الدوام , و ما إن يتحرر من نوبته هذه حتى يرفع إحدى كفيه إلى السماء كأنه يودع عزيزا عليه و هو يقول لأمه
_ قتلوهم يا أمي بوحشية يندى لها الجبين , و ببشاعة لم تحدث في التاريخ البشري , لقد عرفتهم من خلال صيحاتهم المعتادة و قهقهاتهم المتشعبة ""؟
و حين يحاول أن يذكر بعض الأسماء تباغته أمه بكفها المرتجفة فتغلق له منافذ الصوت كي لا يذكر سيرة و أسماء من قتلوا أهل مهجورة و هجروهم , و تتركه شاخصا إلى فراغ , و هي تشير له بالصمت ,,,,
آخر مرة زار المدينة و تأخر في العودة , باغتته عقارب ساعة منع التجوال , و اختصرت الطلقات المتقطعة تلك المسافة الراجفة في قلبه قبل الموعد بساعات
قال المجند المأجور و هو يتلفت بارتباك و يمسح على صدر الرشاش
_ كنت متأكدا أنه سيبلغ القرية بعد حلول الظلام و يدخل حيز التنفيذ لا محالة
نقر القاضي سطح الخشب الأحمر الصقيل دون الاشارة لترقيم قانوني في سجلات القضاء يستثني حالة القتل التي اختصرت سر تلك المجازر الرهيبة و دفنته إلى الأبد , بعدما نقلت الرعب و الخوف إلى قلوب أهل مهجورة , ثم ردد و كأنه يقرأ من دباج
_ قتل سعد المهجوري قبل سريان مفعول التوقيت , ثم استدرك حينها كأن يقول لهم لسعته عقارب منع التجوال في الطريق و قد استعجلته الرصاصة القاتلة و رسمت منحي الكتم التي أنهت سرا بقي يؤرق الجميع , ثم طوى الملف و رفعت الجلسة و قيدت الجريمة ضد مجهول
الأحد 25-06-2017
تعليق