من شابه حفيده فما ظلم
نحن في زمن غير هذا الزمن . في زمننا المنصرم كنا نشتري حمولة البطيخ ونضعها تحت السرير وكل يوم نختار منها واحدة ،
نطرقها بكف اليد ، فإذا رنَّت تكون من نصيبنا ، نقسّمها قطع صغيرة ، نلتهمها ونحتفظ بالبذر للسهرة .
أما أذا كانت رنَّتها كرنّة العجوز المتصابية ، كنا نقدمها هدية لحمارنا ولزوجته الأتان .
الآن وفي هذه الأيام التي حكمت فيها الظروف أن نقترض من البنك الدولي ، تم وضع شروط " شيلوك " التعجيزية حول رقابنا .
ربما قد يراودنا الكرم الحاتمي " نطبشها " ونشتري شرحة بطيخة ناكلها ونعزم عليها الأحباب .
سبحان الله ، كانت أيام لو شافها الطائي لمات كمدا .
أقولها بصراحة . إن ما نحن به بكفة وتكنولوجيا هذه الأيام بكفة أخرى ! وكأننا نتسابق مع كرة ثلج تففز فوقنا ونحن خلفها
نتحسّر على ما فات منا من علم ومعلومات .
الولد حفيدي ابن .. السبع سنوات يقهرني بهذا الكم الكبير من المعلومات التي يمتلكها ويحفظها عن ظهر قلب
وكأنه ميسّي أو مارادونا أو رونالدو أو زين الدين زيدان وهم يتخاطفون كرة القدم بكل إتقان وحِرفيّة .
هذا الولد العجيب يتعامل مع التلفون ومع اللاب توب والآيباد ومع غيرها من الأجهزة المعقدة ، وكأنها عجينة بيده يشكلّها كما يريد .
كنت أتحايل عليه كي يساعدني في فك طلاسم هذا الحاسوب الذي امتلكته ذات يوم غصبا عني سدادا لدين . لكنه خذلني وكانني عدوه اللدود .
تعاملت مع الحاسوب هذا المخلوق متعدد المواهب كتعامل اسماعيل ياسين مع الفانوس السحري
وكأن هناك عفريتا بداخله يعرف لغتنا نحن البشر ، يلبي طلباتنا مهما كانت ، ذات قيمة رفيعة أو ضحكة رقيعة !
حفيدي لا يقدم خدماته بالمجان . وهذا حقه . فيما مضى كنا نرمي لأولادنا حبة ملبس إذا كان الأمر هينا ،
ونرمي لهم أحيانا حبة شيكولاطة إذا كبر حجم الطلب .
أما إذا كان لطلباتنا بعدا حيويا ولها أهمية كبيرة . كنا نرمي للولد ب " قرطة " .
والقرطة هي عبارة عن عملة معدنية صغيرة بحجم زر القميص ، فضية اللون وقيمتها الشرائية قرشان .
اليوم بماذا أرشو حفيدي ؟ بقرطة ؟ ولا حتى بخمسين دينار ذات الورقة الواحدة !
لم تفلح محاولاتي بزحزحة هذا الولد الخبيث عن تلفونه وحاسوبه وعن النت وعن الفيس وعن الباد .
في يوم من الأيام ، وكانت هذه آخر محاولاتي مع هذا الحفيد المشاكس .
ذات مساء وبينما كان يتهيّأ للنوم عرضت عليه أن أروي له قصة ، فإذا أعجبته وراقت له سيلبي طلباتي
ويساعدني في حل عقدة عفريت الفانوس السحري الي أمتلكته وامتلكني .
بدأت بالسرد واخترت للواقعة قصة من قصص الملاحم والبطولات .
كنت أمارس مع حفيدي هوايتي المقموعة في الأداء التمثيلي والمسرحي ، ولم تكن القصة ورقة صماء تُفرأ وتسمع فقط دون روح .
لا بل كانت مشاهد متتابعة مثل حكايات صندوق العجب ، وكنت في بعض المواقف أقلّد الأراجوز في حركاته ،
وأضيف عليها بعض المؤثرات الصوتية وأحيانا الموسيقى .
راقت لحفيدي القصة بتوابلها وتوابعها . وصار يطلب المزيد كلما اقترب موعد النوم ، وأنا من طرفي أطلب المزيد أيضا .
مرّت الأيام والسنين . دخل حفيدي كلية الطب بناءً على رغبة والديه وتخرّج منها طبيبا مرموقا ، لكنه كان يخبيء شيئا ما داخل عقله الباطن
لقد كان في نِفْسه ومن ضمن أحلامه المؤجلة أن يمارس هواية الفن كسينمائي محترف وليس كهاوٍٍ على باب الله
وأن يدخل معهد السينما من الباب وليس من الشباك .
نحن في زمن غير هذا الزمن . في زمننا المنصرم كنا نشتري حمولة البطيخ ونضعها تحت السرير وكل يوم نختار منها واحدة ،
نطرقها بكف اليد ، فإذا رنَّت تكون من نصيبنا ، نقسّمها قطع صغيرة ، نلتهمها ونحتفظ بالبذر للسهرة .
أما أذا كانت رنَّتها كرنّة العجوز المتصابية ، كنا نقدمها هدية لحمارنا ولزوجته الأتان .
الآن وفي هذه الأيام التي حكمت فيها الظروف أن نقترض من البنك الدولي ، تم وضع شروط " شيلوك " التعجيزية حول رقابنا .
ربما قد يراودنا الكرم الحاتمي " نطبشها " ونشتري شرحة بطيخة ناكلها ونعزم عليها الأحباب .
سبحان الله ، كانت أيام لو شافها الطائي لمات كمدا .
أقولها بصراحة . إن ما نحن به بكفة وتكنولوجيا هذه الأيام بكفة أخرى ! وكأننا نتسابق مع كرة ثلج تففز فوقنا ونحن خلفها
نتحسّر على ما فات منا من علم ومعلومات .
الولد حفيدي ابن .. السبع سنوات يقهرني بهذا الكم الكبير من المعلومات التي يمتلكها ويحفظها عن ظهر قلب
وكأنه ميسّي أو مارادونا أو رونالدو أو زين الدين زيدان وهم يتخاطفون كرة القدم بكل إتقان وحِرفيّة .
هذا الولد العجيب يتعامل مع التلفون ومع اللاب توب والآيباد ومع غيرها من الأجهزة المعقدة ، وكأنها عجينة بيده يشكلّها كما يريد .
كنت أتحايل عليه كي يساعدني في فك طلاسم هذا الحاسوب الذي امتلكته ذات يوم غصبا عني سدادا لدين . لكنه خذلني وكانني عدوه اللدود .
تعاملت مع الحاسوب هذا المخلوق متعدد المواهب كتعامل اسماعيل ياسين مع الفانوس السحري
وكأن هناك عفريتا بداخله يعرف لغتنا نحن البشر ، يلبي طلباتنا مهما كانت ، ذات قيمة رفيعة أو ضحكة رقيعة !
حفيدي لا يقدم خدماته بالمجان . وهذا حقه . فيما مضى كنا نرمي لأولادنا حبة ملبس إذا كان الأمر هينا ،
ونرمي لهم أحيانا حبة شيكولاطة إذا كبر حجم الطلب .
أما إذا كان لطلباتنا بعدا حيويا ولها أهمية كبيرة . كنا نرمي للولد ب " قرطة " .
والقرطة هي عبارة عن عملة معدنية صغيرة بحجم زر القميص ، فضية اللون وقيمتها الشرائية قرشان .
اليوم بماذا أرشو حفيدي ؟ بقرطة ؟ ولا حتى بخمسين دينار ذات الورقة الواحدة !
لم تفلح محاولاتي بزحزحة هذا الولد الخبيث عن تلفونه وحاسوبه وعن النت وعن الفيس وعن الباد .
في يوم من الأيام ، وكانت هذه آخر محاولاتي مع هذا الحفيد المشاكس .
ذات مساء وبينما كان يتهيّأ للنوم عرضت عليه أن أروي له قصة ، فإذا أعجبته وراقت له سيلبي طلباتي
ويساعدني في حل عقدة عفريت الفانوس السحري الي أمتلكته وامتلكني .
بدأت بالسرد واخترت للواقعة قصة من قصص الملاحم والبطولات .
كنت أمارس مع حفيدي هوايتي المقموعة في الأداء التمثيلي والمسرحي ، ولم تكن القصة ورقة صماء تُفرأ وتسمع فقط دون روح .
لا بل كانت مشاهد متتابعة مثل حكايات صندوق العجب ، وكنت في بعض المواقف أقلّد الأراجوز في حركاته ،
وأضيف عليها بعض المؤثرات الصوتية وأحيانا الموسيقى .
راقت لحفيدي القصة بتوابلها وتوابعها . وصار يطلب المزيد كلما اقترب موعد النوم ، وأنا من طرفي أطلب المزيد أيضا .
مرّت الأيام والسنين . دخل حفيدي كلية الطب بناءً على رغبة والديه وتخرّج منها طبيبا مرموقا ، لكنه كان يخبيء شيئا ما داخل عقله الباطن
لقد كان في نِفْسه ومن ضمن أحلامه المؤجلة أن يمارس هواية الفن كسينمائي محترف وليس كهاوٍٍ على باب الله
وأن يدخل معهد السينما من الباب وليس من الشباك .
تعليق