من شابه حفيده فما ظلم

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • فوزي سليم بيترو
    مستشار أدبي
    • 03-06-2009
    • 10949

    من شابه حفيده فما ظلم

    من شابه حفيده فما ظلم


    نحن في زمن غير هذا الزمن . في زمننا المنصرم كنا نشتري حمولة البطيخ ونضعها تحت السرير وكل يوم نختار منها واحدة ،
    نطرقها بكف اليد ، فإذا رنَّت تكون من نصيبنا ، نقسّمها قطع صغيرة ، نلتهمها ونحتفظ بالبذر للسهرة .
    أما أذا كانت رنَّتها كرنّة العجوز المتصابية ، كنا نقدمها هدية لحمارنا ولزوجته الأتان .
    الآن وفي هذه الأيام التي حكمت فيها الظروف أن نقترض من البنك الدولي ، تم وضع شروط " شيلوك " التعجيزية حول رقابنا .
    ربما قد يراودنا الكرم الحاتمي " نطبشها " ونشتري شرحة بطيخة ناكلها ونعزم عليها الأحباب .
    سبحان الله ، كانت أيام لو شافها الطائي لمات كمدا .


    أقولها بصراحة . إن ما نحن به بكفة وتكنولوجيا هذه الأيام بكفة أخرى ! وكأننا نتسابق مع كرة ثلج تففز فوقنا ونحن خلفها
    نتحسّر على ما فات منا من علم ومعلومات .
    الولد حفيدي ابن .. السبع سنوات يقهرني بهذا الكم الكبير من المعلومات التي يمتلكها ويحفظها عن ظهر قلب
    وكأنه ميسّي أو مارادونا أو رونالدو أو زين الدين زيدان وهم يتخاطفون كرة القدم بكل إتقان وحِرفيّة .
    هذا الولد العجيب يتعامل مع التلفون ومع اللاب توب والآيباد ومع غيرها من الأجهزة المعقدة ، وكأنها عجينة بيده يشكلّها كما يريد .
    كنت أتحايل عليه كي يساعدني في فك طلاسم هذا الحاسوب الذي امتلكته ذات يوم غصبا عني سدادا لدين . لكنه خذلني وكانني عدوه اللدود .
    تعاملت مع الحاسوب هذا المخلوق متعدد المواهب كتعامل اسماعيل ياسين مع الفانوس السحري
    وكأن هناك عفريتا بداخله يعرف لغتنا نحن البشر ، يلبي طلباتنا مهما كانت ، ذات قيمة رفيعة أو ضحكة رقيعة !


    حفيدي لا يقدم خدماته بالمجان . وهذا حقه . فيما مضى كنا نرمي لأولادنا حبة ملبس إذا كان الأمر هينا ،
    ونرمي لهم أحيانا حبة شيكولاطة إذا كبر حجم الطلب .
    أما إذا كان لطلباتنا بعدا حيويا ولها أهمية كبيرة . كنا نرمي للولد ب " قرطة " .
    والقرطة هي عبارة عن عملة معدنية صغيرة بحجم زر القميص ، فضية اللون وقيمتها الشرائية قرشان .
    اليوم بماذا أرشو حفيدي ؟ بقرطة ؟ ولا حتى بخمسين دينار ذات الورقة الواحدة !
    لم تفلح محاولاتي بزحزحة هذا الولد الخبيث عن تلفونه وحاسوبه وعن النت وعن الفيس وعن الباد .


    في يوم من الأيام ، وكانت هذه آخر محاولاتي مع هذا الحفيد المشاكس .
    ذات مساء وبينما كان يتهيّأ للنوم عرضت عليه أن أروي له قصة ، فإذا أعجبته وراقت له سيلبي طلباتي
    ويساعدني في حل عقدة عفريت الفانوس السحري الي أمتلكته وامتلكني .
    بدأت بالسرد واخترت للواقعة قصة من قصص الملاحم والبطولات .
    كنت أمارس مع حفيدي هوايتي المقموعة في الأداء التمثيلي والمسرحي ، ولم تكن القصة ورقة صماء تُفرأ وتسمع فقط دون روح .
    لا بل كانت مشاهد متتابعة مثل حكايات صندوق العجب ، وكنت في بعض المواقف أقلّد الأراجوز في حركاته ،
    وأضيف عليها بعض المؤثرات الصوتية وأحيانا الموسيقى .


    راقت لحفيدي القصة بتوابلها وتوابعها . وصار يطلب المزيد كلما اقترب موعد النوم ، وأنا من طرفي أطلب المزيد أيضا .


    مرّت الأيام والسنين . دخل حفيدي كلية الطب بناءً على رغبة والديه وتخرّج منها طبيبا مرموقا ، لكنه كان يخبيء شيئا ما داخل عقله الباطن
    لقد كان في نِفْسه ومن ضمن أحلامه المؤجلة أن يمارس هواية الفن كسينمائي محترف وليس كهاوٍٍ على باب الله
    وأن يدخل معهد السينما من الباب وليس من الشباك .
  • حسن لشهب
    أديب وكاتب
    • 10-08-2014
    • 654

    #2
    لذيذة وسائغة مثل حلاوة بطيخ أيام زمان
    بواقعيتها وصدقها وتلقائيتها.
    رائع أنت أستاذنا المحترم.

    تعليق

    • ربيع عقب الباب
      مستشار أدبي
      طائر النورس
      • 29-07-2008
      • 25792

      #3
      يروقني كثيرا أسلوبك السردي و أتمنى كثيرا حين أصطدم بك ساردا أن أقرأ لك رواية
      ورواية طويلة لأن المختزن في ذاكرة عم فوزي لا يتحرك كمادة جامدة بل يغادر الذاكرة حاملا معه الكثير من طباعه و قدرته على المزج بين السخرية و الواقع
      و لا شيء يغادر عبثا و لا رغبة في الرغي أو اللت و العجن كما جرت العادة حين نصطدم بأمثلة مشابه لأسلوب تناوله لمواضيعه
      و لذا نجده حين يكتب منتهجا هذا المزج السردي ومع تراكم الخبرة كطبيب تعامل مع كل طوائف الناس العالم و الجاهل الموظف و الحرفي قد يصل بنا إلي حالة
      الاشباع الإنساني و الفني !
      حاجتك إليه حاجته إليك
      والتشابه الذي تقصد لم يات عرضا بل كان نتيجة حاسمة لما كان منك حين دعتك الحاجة إلي القرب منه و محاولة نقل خبرته إليك أنت
      فإذا بك تنقل إليه حبك الواضح و الراسخ للفن حين قدمت له وجبة كانت هي الفصيل في رسم مستقبله
      و هذا هو المدهش في الأمر أن يتم هذا بطريقة غير مباشرة
      فليس من دوعي تحبيب ابنك أو حفيدك في القراءة أن تفرض عليه مالا يقبله و لن يتقبله إلا بطرق غير تقليدية تماما و ربما لو كانت الطريقة لا تلائم ميوله
      فلن تفعل إلا انصرافا كليا عن القراءة !

      صباحك جمال في جمال فوزي الجميل
      sigpic

      تعليق

      • سوسن مطر
        عضو الملتقى
        • 03-12-2013
        • 827

        #4

        ..



        منذ السطور الأولى ومع حكاية البطيخ المتدحرج تحت السرير، ارتسمت ابتسامة على وجهي وجلست أقرأ بجديّة أكبر
        وكأنني أقرأ عن ماضٍ قريب أحبّه فعلاً وتستهويني تفاصيله الصغيرة،
        فهذه هي ذاتها حكايات أمي لي عن طفولتها وشبابها، كوني أنا من جيل أوائل التسعينات
        لم أعش مع الأسف في ذاك الزمن الجميل..
        هي ذاتها حكاية البطيخ المتواجد في المنزل طيلة موسمه والبزر الذي كانوا يجمعونه لأجل السهرة،
        وكيف كانت الفواكه كلها أكبر حجماً وأجمل طعماً وكانوا يجمعون بذور المشمش اللوزي
        ثم يكسرونها ليأكلوا ما بداخلها والجوز الذي كان منتشرا بكثرة، أما اليوم لم يعد أحد يحبه (بسبب غلائه ربما)
        وعن الدجاج ومرقه الذي لم يكن بحاجة إلى مكعبات الماجي لتزكيه وتمنحه طعمة الدجاج!
        وعن لعبهم في الشارع في طفولتهم وجمع أكياس الدحل التي يتباهون بها أمام رفاقهم،
        وعن الأمان العظيم الذي كان موجوداً آنذاك حتى ليُخيّل للمرء أنه لا وجود للّصوص والقتلة في ذاك الزمان
        وأن الموت شيء بعيد عنهم لا يعرفونه ولا يفكرون به حتّى..
        وعن السيران (الرحلات العائلية) التي كانوا يقومون بها كل أسبوع ويأخذون معهم أنواع الطعام والمقبّلات المختلفة
        بالإضافة إلى الشّواء طبعاً ولا ينسون العود والطرب حيث يُظهر كل شخص من أفراد العائلة مواهبه الفنيّة!
        وعن أغاني أم كلثوم التي كانت تصدر يوم الخميس أول كل شهر وكانو ينتظرونها بفارغ الصبر
        وتجتمع العائلة لسماع الأغنية الجديدة عبر الراديو، حيث يجلسون ويصغون باهتمام وصمت كبيرين.
        وعن الرسائل الخطيّة والطوابع والهاتف الأرضي الذي كانوا يتهافتون عليه ما إن سمعوا رنّته
        وحكت لي مرّة عن فترة الإعدادية، كيف اتّفقت مع أختيها أن يجمعوا في العيد عيديّتهم وتشتري كل منهنّ فروجاً خاصّاً بها،
        دون علم الأهل، ولشدّة ما كان طيّباً ظنّت كل واحدة منهنّ أنّ بإمكانها أن تأكله بمفردها،
        واشتروا فعلاً ثلاثة فراريج (الواحد ربما كان سعره 25 ليرة) وصعدوا بهم إلى سطح البناية وأكلو أكلوا إلى
        أن لم يبق مكانا في بطونهم يتسع للقمة زيادة، تساءلن ماذا سيفعلن بالباقي، فوضعنهم في كيس ورموا به إلى
        أحد السطوح كي يتخلّصن من آثار الجريمة...
        والأحاديث والقصص من هذه كثيرة، ومازلت أسأل أمي عن تلك الأوقات وحتى أطلب منها أن تعيد لي تلك القصص أحياناً ...
        وأحكيها بدوري إعجاباً بها، وأنت السبب أستاذ فوزي في إطالتي للحديث عندما ذكّرتني بها.


        وفي قصتك أستاذنا، أعجبتني النهاية ووجدت نفسي أضحك فعلاً، فقد ظننتَ في البداية أن حفيدك العبقريّ
        يكاد يكون خُلقَ عارفاً لكل الأمور وأنه ليس بحاجة لشيء مما تملكه مع ما لديه من تكنولوجيا الزمن الحاضر
        وتحيّرتَ في ما تقدّمه له مقابل تعليمه لك في أمور الحاسب، فقدّمت ما قدّمت بحبّ وإخلاص
        وإذ به رغم تخرّجه كطبيب، أخذ من هوايتك وموهبتك واستفاد منها بشكل لم يخطر ببالك ولم تتوقعه،
        بل وأثرتَ به كثيراً دون أن تنتبه لدرجة أنكَ تركتَ لديه طموحاً كبيراً بدخول عالم السينما والفن من أوسع أبوابه.
        إذاً مازال لِدى الجيل الأسبق ما يقدّمونه للجيل الحديث بطريقة أفضل من النت وغيره...
        وقد يكون عامل الوراثة أيضاً قد لعبَ دوره..
        وقد اخترتَ العنوان ( من شابه حفيده فما ظلم ) على منوال ( من شابه أباه فما ظلم )
        ومن المتعارف أننا نشبّه الصغير بالكبير لكنّك أستاذنا قصدت أن تعكس الحالة
        وأن تُشبّه الرجل بحفيده ... والشبه موجود موجود في كلتا الحالتين والأجيال تأخذ من بعضها البعض وتتبادل الخبرات..
        سرد ممتع أخذنا بين الماضي والحاضر
        شكراً لك دكتور فوزي على ما كتبته وقدّمته لنا


        لكَ التقدير والتحيّة


        ..

        تعليق

        • فوزي سليم بيترو
          مستشار أدبي
          • 03-06-2009
          • 10949

          #5
          المشاركة الأصلية بواسطة حسن لشهب مشاهدة المشاركة
          لذيذة وسائغة مثل حلاوة بطيخ أيام زمان
          بواقعيتها وصدقها وتلقائيتها.
          رائع أنت أستاذنا المحترم.
          أخي الفاضل حسن لشهب
          سررت بكم أنكم هنا بعد غيبة طويلة
          وأسعدني أكثر أن القصة قد راقت لكم
          أجمل تحية
          فوزي بيترو

          تعليق

          • فوزي سليم بيترو
            مستشار أدبي
            • 03-06-2009
            • 10949

            #6
            المشاركة الأصلية بواسطة ربيع عقب الباب مشاهدة المشاركة
            يروقني كثيرا أسلوبك السردي و أتمنى كثيرا حين أصطدم بك ساردا أن أقرأ لك رواية
            ورواية طويلة لأن المختزن في ذاكرة عم فوزي لا يتحرك كمادة جامدة بل يغادر الذاكرة حاملا معه الكثير من طباعه و قدرته على المزج بين السخرية و الواقع
            و لا شيء يغادر عبثا و لا رغبة في الرغي أو اللت و العجن كما جرت العادة حين نصطدم بأمثلة مشابه لأسلوب تناوله لمواضيعه
            و لذا نجده حين يكتب منتهجا هذا المزج السردي ومع تراكم الخبرة كطبيب تعامل مع كل طوائف الناس العالم و الجاهل الموظف و الحرفي قد يصل بنا إلي حالة
            الاشباع الإنساني و الفني !
            حاجتك إليه حاجته إليك
            والتشابه الذي تقصد لم يات عرضا بل كان نتيجة حاسمة لما كان منك حين دعتك الحاجة إلي القرب منه و محاولة نقل خبرته إليك أنت
            فإذا بك تنقل إليه حبك الواضح و الراسخ للفن حين قدمت له وجبة كانت هي الفصيل في رسم مستقبله
            و هذا هو المدهش في الأمر أن يتم هذا بطريقة غير مباشرة
            فليس من دوعي تحبيب ابنك أو حفيدك في القراءة أن تفرض عليه مالا يقبله و لن يتقبله إلا بطرق غير تقليدية تماما و ربما لو كانت الطريقة لا تلائم ميوله
            فلن تفعل إلا انصرافا كليا عن القراءة !

            صباحك جمال في جمال فوزي الجميل
            كثيرة هي النقاط التي أشرت إليها وكانت محل تقدير وسعادة ودروس لي في القادم من أعمال .
            نعم الذاكرة هي مخزن والكاتب القادر على الحفظ هو مخزنجي .
            السخرية سلاح ذو حدّين إذا عرفت أن تتعامل معها دون إسفاف ، تصيب الهدف وتوصل الرسالة من غير لف ولا دوران .
            الأحفاد هم وعد القادم من الأيام ، وما فاتك من أحلام قد تجده أمامك فيهم .
            الرواية التي أكتبها الآن وعلى وشك كتابة فصلها الأخير هي " سعيدة " وسوف أعرضها عليكم قبل نشرها إذا كان لديك الوقت .
            أجمل تحية أخي ربيع
            فوزي بيترو

            تعليق

            • فوزي سليم بيترو
              مستشار أدبي
              • 03-06-2009
              • 10949

              #7
              المشاركة الأصلية بواسطة سوسن مطر مشاهدة المشاركة

              ..



              منذ السطور الأولى ومع حكاية البطيخ المتدحرج تحت السرير، ارتسمت ابتسامة على وجهي وجلست أقرأ بجديّة أكبر
              وكأنني أقرأ عن ماضٍ قريب أحبّه فعلاً وتستهويني تفاصيله الصغيرة،
              فهذه هي ذاتها حكايات أمي لي عن طفولتها وشبابها، كوني أنا من جيل أوائل التسعينات
              لم أعش مع الأسف في ذاك الزمن الجميل..
              هي ذاتها حكاية البطيخ المتواجد في المنزل طيلة موسمه والبزر الذي كانوا يجمعونه لأجل السهرة،
              وكيف كانت الفواكه كلها أكبر حجماً وأجمل طعماً وكانوا يجمعون بذور المشمش اللوزي
              ثم يكسرونها ليأكلوا ما بداخلها والجوز الذي كان منتشرا بكثرة، أما اليوم لم يعد أحد يحبه (بسبب غلائه ربما)
              وعن الدجاج ومرقه الذي لم يكن بحاجة إلى مكعبات الماجي لتزكيه وتمنحه طعمة الدجاج!
              وعن لعبهم في الشارع في طفولتهم وجمع أكياس الدحل التي يتباهون بها أمام رفاقهم،
              وعن الأمان العظيم الذي كان موجوداً آنذاك حتى ليُخيّل للمرء أنه لا وجود للّصوص والقتلة في ذاك الزمان
              وأن الموت شيء بعيد عنهم لا يعرفونه ولا يفكرون به حتّى..
              وعن السيران (الرحلات العائلية) التي كانوا يقومون بها كل أسبوع ويأخذون معهم أنواع الطعام والمقبّلات المختلفة
              بالإضافة إلى الشّواء طبعاً ولا ينسون العود والطرب حيث يُظهر كل شخص من أفراد العائلة مواهبه الفنيّة!
              وعن أغاني أم كلثوم التي كانت تصدر يوم الخميس أول كل شهر وكانو ينتظرونها بفارغ الصبر
              وتجتمع العائلة لسماع الأغنية الجديدة عبر الراديو، حيث يجلسون ويصغون باهتمام وصمت كبيرين.
              وعن الرسائل الخطيّة والطوابع والهاتف الأرضي الذي كانوا يتهافتون عليه ما إن سمعوا رنّته
              وحكت لي مرّة عن فترة الإعدادية، كيف اتّفقت مع أختيها أن يجمعوا في العيد عيديّتهم وتشتري كل منهنّ فروجاً خاصّاً بها،
              دون علم الأهل، ولشدّة ما كان طيّباً ظنّت كل واحدة منهنّ أنّ بإمكانها أن تأكله بمفردها،
              واشتروا فعلاً ثلاثة فراريج (الواحد ربما كان سعره 25 ليرة) وصعدوا بهم إلى سطح البناية وأكلو أكلوا إلى
              أن لم يبق مكانا في بطونهم يتسع للقمة زيادة، تساءلن ماذا سيفعلن بالباقي، فوضعنهم في كيس ورموا به إلى
              أحد السطوح كي يتخلّصن من آثار الجريمة...
              والأحاديث والقصص من هذه كثيرة، ومازلت أسأل أمي عن تلك الأوقات وحتى أطلب منها أن تعيد لي تلك القصص أحياناً ...
              وأحكيها بدوري إعجاباً بها، وأنت السبب أستاذ فوزي في إطالتي للحديث عندما ذكّرتني بها.


              وفي قصتك أستاذنا، أعجبتني النهاية ووجدت نفسي أضحك فعلاً، فقد ظننتَ في البداية أن حفيدك العبقريّ
              يكاد يكون خُلقَ عارفاً لكل الأمور وأنه ليس بحاجة لشيء مما تملكه مع ما لديه من تكنولوجيا الزمن الحاضر
              وتحيّرتَ في ما تقدّمه له مقابل تعليمه لك في أمور الحاسب، فقدّمت ما قدّمت بحبّ وإخلاص
              وإذ به رغم تخرّجه كطبيب، أخذ من هوايتك وموهبتك واستفاد منها بشكل لم يخطر ببالك ولم تتوقعه،
              بل وأثرتَ به كثيراً دون أن تنتبه لدرجة أنكَ تركتَ لديه طموحاً كبيراً بدخول عالم السينما والفن من أوسع أبوابه.
              إذاً مازال لِدى الجيل الأسبق ما يقدّمونه للجيل الحديث بطريقة أفضل من النت وغيره...
              وقد يكون عامل الوراثة أيضاً قد لعبَ دوره..
              وقد اخترتَ العنوان ( من شابه حفيده فما ظلم ) على منوال ( من شابه أباه فما ظلم )
              ومن المتعارف أننا نشبّه الصغير بالكبير لكنّك أستاذنا قصدت أن تعكس الحالة
              وأن تُشبّه الرجل بحفيده ... والشبه موجود موجود في كلتا الحالتين والأجيال تأخذ من بعضها البعض وتتبادل الخبرات..
              سرد ممتع أخذنا بين الماضي والحاضر
              شكراً لك دكتور فوزي على ما كتبته وقدّمته لنا


              لكَ التقدير والتحيّة


              ..
              لم تختلف ذاكرتك مع ما رشح من ذكريات الأم مع جدّتها ومع ما أحتفظ به من حواديت وحكايات عاصرتها وكنت عاملا فاعلا بها .
              ولقد قمتِ بوصف المكان والمناسبة والناس يا أخت سوسن ، فجاء تفاعلك مع النص والتعليق واقعيا وكأنك تسردين قصة .
              مزج السخرية في أحداث هذه الحدوتة والتي قد تكون واقعية كان عاملا كبير الأهمية وذلك كي تصل الرسالة بشكل أسرع .
              الجد لم يفلح بتحقيق الحلم ولا الإبن ، يبدو أن الطرق التي نسير عليها غير سالكة حتى نصل إلى المرمى ونسجل هدف
              لكن هناك أمل في أن يفعلها الحفيد .
              لقد طاب لي أنك قمت بالفضفضة عن زمان وجمال زمان
              أجمل تحية
              فوزي بيترو

              تعليق

              • نورالدين لعوطار
                أديب وكاتب
                • 06-04-2016
                • 712

                #8
                بداية النصّ ميالة للمقالة، بعد ذاك جاء أسلوب حكاء ماهر سارد باهر، الأمل هو ما يزرع البهجة في النفس، هو ما يجعل الإنسان قادرا على رؤية نفسه في الأبناء حينا و متى أحسّ الفرق وجد الأحفاد عجينا لينا قد يصيغ منه ما فاته، لكن الفارق فارق فعلا رغم وجود الأماني التي لا تنتهي.
                في النصّ بعض لمحات سيرة أو يوميات ممّا يوحي أنك قادر فعلا على كتابة مشروع ضخم يضم مخزونا من التجارب في الغالب مفيدة بأسلوب شيق يجمع بين السخرية والجدّية.
                حتى وإن لم ينشر فربما كان منطلقا لحفيد يؤسس عليه بنيانا شامخا من الأدب الرفيع.

                أستاذي فوزي تحية تليق بروحكم المرحة و حكمتكم و رصانتكم.

                تعليق

                • ربيع عقب الباب
                  مستشار أدبي
                  طائر النورس
                  • 29-07-2008
                  • 25792

                  #9
                  المشاركة الأصلية بواسطة فوزي سليم بيترو مشاهدة المشاركة
                  كثيرة هي النقاط التي أشرت إليها وكانت محل تقدير وسعادة ودروس لي في القادم من أعمال .
                  نعم الذاكرة هي مخزن والكاتب القادر على الحفظ هو مخزنجي .
                  السخرية سلاح ذو حدّين إذا عرفت أن تتعامل معها دون إسفاف ، تصيب الهدف وتوصل الرسالة من غير لف ولا دوران .
                  الأحفاد هم وعد القادم من الأيام ، وما فاتك من أحلام قد تجده أمامك فيهم .
                  الرواية التي أكتبها الآن وعلى وشك كتابة فصلها الأخير هي " سعيدة " وسوف أعرضها عليكم قبل نشرها إذا كان لديك الوقت .
                  أجمل تحية أخي ربيع
                  فوزي بيترو
                  ليتك تفعل
                  و أي شيء قد يغنينا عن القراءة فوزي الطيب ؟
                  لم يعد أمامنا سواها حتى لا تأكلنا الأيام و لياليها المظلمة و نذهب بالكثير من التراب الخالي من النور
                  القراءة و المعرفة هو بقعة النور في التراب !

                  محبتي
                  قصتك أتت بي و أبي وجها لوجه ( رحمه الله و طيب ثراه )
                  sigpic

                  تعليق

                  • سوسن مطر
                    عضو الملتقى
                    • 03-12-2013
                    • 827

                    #10
                    المشاركة الأصلية بواسطة فوزي سليم بيترو مشاهدة المشاركة
                    (.....)
                    مزج السخرية في أحداث هذه الحدوتة والتي قد تكون واقعية كان عاملا كبير الأهمية وذلك كي تصل الرسالة بشكل أسرع .
                    الجد لم يفلح بتحقيق الحلم ولا الإبن ، (......)
                    إذاً هي نقطة التشابه الأهم التي كانت سبباً
                    لكتابة هذا النص بأسلوب ساخر..
                    ومن هنا أتعلّمُ أنّ استخدام هذا الأسلوب
                    لابد أن يكون له سبب ، وأن يحوي هذا السبب الكثير من (لم) و(لا) !

                    تحيّتي لك وشكري

                    تعليق

                    • فوزي سليم بيترو
                      مستشار أدبي
                      • 03-06-2009
                      • 10949

                      #11
                      المشاركة الأصلية بواسطة نورالدين لعوطار مشاهدة المشاركة
                      بداية النصّ ميالة للمقالة، بعد ذاك جاء أسلوب حكاء ماهر سارد باهر، الأمل هو ما يزرع البهجة في النفس، هو ما يجعل الإنسان قادرا على رؤية نفسه في الأبناء حينا و متى أحسّ الفرق وجد الأحفاد عجينا لينا قد يصيغ منه ما فاته، لكن الفارق فارق فعلا رغم وجود الأماني التي لا تنتهي.
                      في النصّ بعض لمحات سيرة أو يوميات ممّا يوحي أنك قادر فعلا على كتابة مشروع ضخم يضم مخزونا من التجارب في الغالب مفيدة بأسلوب شيق يجمع بين السخرية والجدّية.
                      حتى وإن لم ينشر فربما كان منطلقا لحفيد يؤسس عليه بنيانا شامخا من الأدب الرفيع.

                      أستاذي فوزي تحية تليق بروحكم المرحة و حكمتكم و رصانتكم.
                      يبدو أنها تجربة شخصية ، فعلا هي كذلك لشخص خذلته الحياة ولم تعطه ما كان يتمنى .
                      حتما سيكون راضيا عندما يرى نفسه في القادم من الأحفاد .
                      تحياتي لك أخي نور الدين
                      فوزي بيترو

                      تعليق

                      • عائده محمد نادر
                        عضو الملتقى
                        • 18-10-2008
                        • 12843

                        #12
                        المشاركة الأصلية بواسطة فوزي سليم بيترو مشاهدة المشاركة
                        من شابه حفيده فما ظلم


                        نحن في زمن غير هذا الزمن . في زمننا المنصرم كنا نشتري حمولة البطيخ ونضعها تحت السرير وكل يوم نختار منها واحدة ،
                        نطرقها بكف اليد ، فإذا رنَّت تكون من نصيبنا ، نقسّمها قطع صغيرة ، نلتهمها ونحتفظ بالبذر للسهرة .
                        أما أذا كانت رنَّتها كرنّة العجوز المتصابية ، كنا نقدمها هدية لحمارنا ولزوجته الأتان .
                        الآن وفي هذه الأيام التي حكمت فيها الظروف أن نقترض من البنك الدولي ، تم وضع شروط " شيلوك " التعجيزية حول رقابنا .
                        ربما قد يراودنا الكرم الحاتمي " نطبشها " ونشتري شرحة بطيخة ناكلها ونعزم عليها الأحباب .
                        سبحان الله ، كانت أيام لو شافها الطائي لمات كمدا .


                        أقولها بصراحة . إن ما نحن به بكفة وتكنولوجيا هذه الأيام بكفة أخرى ! وكأننا نتسابق مع كرة ثلج تففز فوقنا ونحن خلفها
                        نتحسّر على ما فات منا من علم ومعلومات .
                        الولد حفيدي ابن .. السبع سنوات يقهرني بهذا الكم الكبير من المعلومات التي يمتلكها ويحفظها عن ظهر قلب
                        وكأنه ميسّي أو مارادونا أو رونالدو أو زين الدين زيدان وهم يتخاطفون كرة القدم بكل إتقان وحِرفيّة .
                        هذا الولد العجيب يتعامل مع التلفون ومع اللاب توب والآيباد ومع غيرها من الأجهزة المعقدة ، وكأنها عجينة بيده يشكلّها كما يريد .
                        كنت أتحايل عليه كي يساعدني في فك طلاسم هذا الحاسوب الذي امتلكته ذات يوم غصبا عني سدادا لدين . لكنه خذلني وكانني عدوه اللدود .
                        تعاملت مع الحاسوب هذا المخلوق متعدد المواهب كتعامل اسماعيل ياسين مع الفانوس السحري
                        وكأن هناك عفريتا بداخله يعرف لغتنا نحن البشر ، يلبي طلباتنا مهما كانت ، ذات قيمة رفيعة أو ضحكة رقيعة !


                        حفيدي لا يقدم خدماته بالمجان . وهذا حقه . فيما مضى كنا نرمي لأولادنا حبة ملبس إذا كان الأمر هينا ،
                        ونرمي لهم أحيانا حبة شيكولاطة إذا كبر حجم الطلب .
                        أما إذا كان لطلباتنا بعدا حيويا ولها أهمية كبيرة . كنا نرمي للولد ب " قرطة " .
                        والقرطة هي عبارة عن عملة معدنية صغيرة بحجم زر القميص ، فضية اللون وقيمتها الشرائية قرشان .
                        اليوم بماذا أرشو حفيدي ؟ بقرطة ؟ ولا حتى بخمسين دينار ذات الورقة الواحدة !
                        لم تفلح محاولاتي بزحزحة هذا الولد الخبيث عن تلفونه وحاسوبه وعن النت وعن الفيس وعن الباد .


                        في يوم من الأيام ، وكانت هذه آخر محاولاتي مع هذا الحفيد المشاكس .
                        ذات مساء وبينما كان يتهيّأ للنوم عرضت عليه أن أروي له قصة ، فإذا أعجبته وراقت له سيلبي طلباتي
                        ويساعدني في حل عقدة عفريت الفانوس السحري الي أمتلكته وامتلكني .
                        بدأت بالسرد واخترت للواقعة قصة من قصص الملاحم والبطولات .
                        كنت أمارس مع حفيدي هوايتي المقموعة في الأداء التمثيلي والمسرحي ، ولم تكن القصة ورقة صماء تُفرأ وتسمع فقط دون روح .
                        لا بل كانت مشاهد متتابعة مثل حكايات صندوق العجب ، وكنت في بعض المواقف أقلّد الأراجوز في حركاته ،
                        وأضيف عليها بعض المؤثرات الصوتية وأحيانا الموسيقى .


                        راقت لحفيدي القصة بتوابلها وتوابعها . وصار يطلب المزيد كلما اقترب موعد النوم ، وأنا من طرفي أطلب المزيد أيضا .


                        مرّت الأيام والسنين . دخل حفيدي كلية الطب بناءً على رغبة والديه وتخرّج منها طبيبا مرموقا ، لكنه كان يخبيء شيئا ما داخل عقله الباطن
                        لقد كان في نِفْسه ومن ضمن أحلامه المؤجلة أن يمارس هواية الفن كسينمائي محترف وليس كهاوٍٍ على باب الله
                        وأن يدخل معهد السينما من الباب وليس من الشباك .
                        هاهاها ويبدو أن الحفيد على سر جده
                        لم ينس كيف اجتذبته الحكايات والتعابير التي رسمها الجد
                        بظني أن بكل انسان بذرة تميل للتميثل فأحيانا نفعل أشياء نتعمد بها أن نظهر علامات وحركات تعبيرية ( اوفر ) كي نوصل الرساه
                        والجد فعلها والحفيد أحب مارأى فقرر أن يكون ممثلا مع أنه طبيب
                        حكايا الجد كانت رسائل أحببت أن توصلها
                        أننا نستطيع أن نعلم ونحبب القراءة والفنون من الصغر وسيتعلمون لأن الصغار أبناء بيئتهم
                        نص جميل وفيه روح سخرية وفكاهة وكأنه نزهة
                        لونت لك مارأيته فائضا ولك أن تحذفه ولن يتأثر النص مطلقا
                        محبتي وغابات الياسمين
                        الشمس شمسي والعراق عراقي ..ماغير الدخلاء من أخلاقي .. الشمس شمسي والعراق عراق

                        تعليق

                        • فوزي سليم بيترو
                          مستشار أدبي
                          • 03-06-2009
                          • 10949

                          #13
                          المشاركة الأصلية بواسطة عائده محمد نادر مشاهدة المشاركة
                          هاهاها ويبدو أن الحفيد على سر جده
                          لم ينس كيف اجتذبته الحكايات والتعابير التي رسمها الجد
                          بظني أن بكل انسان بذرة تميل للتميثل فأحيانا نفعل أشياء نتعمد بها أن نظهر علامات وحركات تعبيرية ( اوفر ) كي نوصل الرساه
                          والجد فعلها والحفيد أحب مارأى فقرر أن يكون ممثلا مع أنه طبيب
                          حكايا الجد كانت رسائل أحببت أن توصلها
                          أننا نستطيع أن نعلم ونحبب القراءة والفنون من الصغر وسيتعلمون لأن الصغار أبناء بيئتهم
                          نص جميل وفيه روح سخرية وفكاهة وكأنه نزهة
                          لونت لك مارأيته فائضا ولك أن تحذفه ولن يتأثر النص مطلقا
                          محبتي وغابات الياسمين
                          في بيتنا وحش اسطوري ، إذا لم نتعامل معه بحزم
                          سوف نسير خلفه كما تسير الضحية خلف الضبع .
                          يظن المضبوع أن الضبع أبوه فيسير خلفه إلى أن يصل وكره
                          فينقض عليه ويفترسه .
                          هذا ما يجري في البيت ، الجميع " مضبوعين " من ما يسمى بالنت
                          وتوابعه من فيس وتويتر ...
                          الأحفاد هم اللقمة السائغة والهدف السهل .
                          وإذا بالجد يقف بالمرصاد لهذا الوحش ، يسحب حفيده بهدوء من بين براثن " الأي باد "
                          ويحقق الحلم الذي راوده طيلة حياته الفائتة .
                          سلامي لك أختنا عائدة
                          فوزي بيترو

                          تعليق

                          يعمل...
                          X