عبد القادر
عقارب الساعة تقترب من السادسة صباحا . في البداية كانت رنة جرس خجولة ، ثم تبعها طرق خفيف على الباب .
عندما لم يستجب أصحاب الدار للطارق ، رفعت الرنة الخجولة الطرحة عن رأسها ، وضرب صاحبنا الباب بكف يده ضربات متتالية
مما تسبب بخلخلة الهدوء الذي كانت تنعم به القطة النائمة على بسطة الدرج ، فهربت دون أن تنظر للوراء .
لم يتوقف عبد القادر ولو قليلا عن قرع الجرس أو عن طرق الباب .
في بداية الأمر ظن النائم أن المستهدف هو الشقة المجاورة لشقّتهم . لكنه عندما أدرك أن بابه بات على وشك التفتت والتفكك والإنهيار
من شدة الخبط والضرب ، وقبل أن يتساقط باب شقته قطعا متناثرة ، نهض الذي كان نائما ، هرول نحو الباب
والغضب يحتل كل تفكيره . وجد أمامه عبد القادر .
عبد القادر هو ابن عم عزام زميل غالب في الشقة . ولم يدخر غالب من جانبه وسعا في شحن موقف ردة الفعل الغاضبة ،
فجاء استقباله لعبد القادر فاترا وقال له قبل أن يدخل في طور النقاهة من الإنفعال :
ــ أتعرف يا قليل الذوق ، لولا ابن عمك كنت أوسعتك ضربا على هذه الفعلة .
وأكمل غالب حديثه بصورة تخلو من دسم المجاملة وقال صارخا :
ــ من " طيز " الليل يا " غبي " تطرق الأبواب على الناس ، صحيح ما عندك ذرة فِهِم !
أغلق الباب في وجهه وعاد إلى سريره .
جلس عبد القادر على دكة البواب ينصت إلى سكون الفجر وزقزقة العصافير . أغمض عينيه بعد أن عجز عن الإستمرار
في النظر والإنصات . ولما لم يعد يسمع شيئا ، فتح عينيه حين رأى أمامه ابن عمه عزام يبادله النظر في هدوء وابتسام :
ــ صباح الخير يا ابن عمي . لماذا تجلس هنا ولم تدخل البيت ؟
نهض عبد القادر عن الدكة ، نفّض ثيابه المُغبَرّة وقال معاتبا :
ــ صاحبك طردني وأغلق الباب في وجهي . هل تقبلها لي ولك ؟
توقف عن الكلام فجأة وهمس بأذن ابن عمه عزام قائلا :
ــ أصبحت الآن بلا مأوى بعد أن غادر زميلي الشقة التي كنت أسكن معه فيها. وكما تعلم أنا لا أستطيع أن أقوم بتحمل إيجار الشقة وحدي .
أعرف أن لديك غرفة ثالثة . لن أنسى معروفك إن وافقت أنت وزميلك على أن أقيم معكما ونتقاسم المصاريف كما تريدان .
تمت الموافقة من طرف غالب على مضض .
عبد القادر بدا نبتا شاذا في عالم تحكمه القوة والمراوغة . كان كثيرا ما يرجع إلى بيت العائلة ممزق الثياب أو دامي الأنف .
له طقوس في كل شيء ، طقوس في مواعيد الأكل ، ومواعيد الدراسة ، ومواعيد النوم .
اعتادا غالب وعزام على هذه الطقوس ، لا بل بات عبد القادر بنظرهما لعبة كالروبوت لا يقدم ساعة ولا يؤخر ساعة .
الإقطار الغذاء والعشاء مواعيدها مقدسة . أما االفُسح والسينما والمسرح فالمواعيد مقنّنة . أصبح عبد القادر المادة المسلية في قاموسهما .
في يوم من الأيام وكانت الساعة تشير إلى التاسعة مساء ، وهو موعد عشاء عبد القادر .
طبعا وكما هو مقرر . دخل المطبخ جهَّز عشاءه ، عمل الشاي وعزم على زميليه بكوبين وطلب منهما أن يوقظاه الساعة السادسة صباحا ،
وهو موعد الدراسة والإفطار .
مرِّت ثلاث ساعات منذ أن بدأ عبد القادر بممارسة الشخير . غالب وعزام يرغبان بشرب الشاي
ومن يد عبد القادر لأنهما والكسل حبايب وأصحاب . تفتق ذهنهما عن خطة خبيثة تجعل عبد القادر
يعمل لهما الشاي عن طيب خاطر وبرضاه .
أمسك غالب بساعة يد عبد القادر الغارق في النوم وغيّر عقاربها من الساعة الثانية عشر إلى الساعة السادسة .
ربت عزام على جبين ابن عمه قائلا له :
ــ عبد عبد إصحى الساعة السادسة .
نظر عبد القادر بساعة يده ثم نهض . دخل المطبخ جهّز إفطاره ، عمل الشاي وعزم على زميليه بكوبين .
عبد القادر إنسان طيّب ويتمتع بأخلاق حميدة ومسالم ، كان أصحابه يتندرون عليه من شدة طيبته حتى أن بعضهم وصفه بالأهبل والعبيط . .
عرف عبد القادر بالمقلب الذي تم طهيه في مطبخ عزام وغالب ، ولم يزعل منهما
يدرك أمبابي بواب العمارة النوبي أن غالب هو الآمر الناهي وصاحب القرار في الشقة ، كما ويعرف أيضا أنهم يبحثون عن " شغالة "
تساعدهم في التنظيف والأكل والغسيل والكوي . فلجأ إليه .
نبوية بنت غلبانة ومقطوعة من شجرة ، لا يعرف لها أهل ولا حتى أصحاب . عندما سافر مخدوميها إلى اليونان بسبب الهجرة تيتّمت نبوية ،
لا أب لا أم لا إخوة ولا أخوات . كانوا بالفعل لا بالقول أسرتها الصغيرة .
اشتروا ثلاثتهم مرتبة ووسادة لنبوية الشغالة وقالوا لها بصيغة الجمع :
ــ هنا ، في هذه الصالة تنامين .
تقدّم غالب نحوها وهمس بأذنها مازحا :
ــ إذا لم ترتاحي في هذه النومة ، أمامك ثلاث أسرة ، اختاري إحداها ونامي . سرير كل واحد منا واسع ويتسع لثلاثة !
دبّت الحياة في الشقة ، وصار لساكني البيت عينا تراقبهم وترعاهم وعينا آخرى توزع خيراتها عليهم بالعدل والمساواة .
المتضرر الوحيد من هذه " النبوية " ، هو عبد القادر . مواعيده المقدسة جرفتها السيول وصارت بخبر كان .
نبوية هي التي باتت تقرر متى يأكل متى يدرس ومتى ينام .
بعد مرور عدة أشهر على استقرار نبوية في الشقة والتي جلبت لأصحابها حميمية ودفيء لا تقدر بأثمان ، أحسّت بأعراض تشبه وحام الحمل .
جلس الفرسان الثلاثة حول مائدتهم المستديرة يتداولون الأمر . جميعهم مدانون ، ونتيجة الحمل يجب أن يتحمّلها المتسبب .
أشار عزام إلى الإستعانة بقابلة تقوم بعملية الإجهاض . لكنهم صرفوا نظر عن هذه الخطوة بسبب خطورتها على حياة البنيّة .
عبد القادر كان أكثرهم حرصا على حل المشكلة من غير شوشرة وقال :
ــ علينا أن نتحمل المسؤولية ، وبما أننا لا نعرف من هو الأب الحقيقي لهذا المخلوق ، ربما يكون أنا أو غالب أو أنت يا عزام
أقترح عليكم أن نستعين بتكنولوجيا ال دي أن إي .
ضحك غالب وقال ساخرا :
ــ هل هذه من غير شوشرة يا فصيح ؟ الفيس بوك وقنوات الجزيرة والميادين والبي بي سي وال آر تي والعربية والقناة العاشرة الإسرائلية
سوف يفضحوننا على الملأ ، والّي ما يشتري يتفرّج .
والحل ؟ سأل كل من عزام وعبد القادر :
ــ الحل أن نعمل قرعة ويتزوج صاحب النصيب من البنت قبل أن تضعها ألسن الحارة والحي في سلة واحدة مع طالبات المتعة والغانيات .
أحاط غالب بيديه عبد القادر وعزام وكأنه الأخ الأكبر ، وقال لهما هامسا :
ــ على أن يعتبر كل من العريس والعروس أن ما حصل سابقا هي تجربة قديمة وعدّت . موافقون ؟
تآمر غالب وعزام واتفقا خلسة على أن يكتبا اسم عبد القادر في أوراق القرعة الثلاثة .
رضِيَ عبد القادر بنصيبه وحظه فيما رسمه له القدر المكتوب . عقد قرانه على نبوية وصارت زوجته ، تنام معه في غرفته وفوق سريره
دون أن يشاركه بها أحد .
فاجأت آلام المخاض غير المتوقعة عبد القادر بأسرع مما حسب وقدَّر . زعق على إمبابي كي يحضر الداية .
الولادة كانت سريعة وسهلة . حملت الداية الصبي وخرجت به ألى عبد القادر .
ناولته المولود . أصابته دهشة كادت تودي بوقاره . المولود أسمر ولا يتفق مع لون بشرة أي من المرشحين في أن يكون أحدهم هو الأب الحقيقي .
حمل عبد القادر المولود ونظر نحو إمبابي الواقف بالباب ينتظر الداية كي يوصلّها إلى بيتها في هذه الساعة المتأخرة من الليل
ونظر أيضا نحو زميلية . كانت نظرة شاملة جامعة فيها من التساؤل الكثير ومن الشك أكثر بكثير . حضن الطفل ، قبّله بحنان أبوي ،
لكنه لم يستطع أن يغفل عن الحقيقة المرة وهي أنه ليس أبا حقيقيا . تقدّم نحو نبيوية ، ناولها الطفل وقال في حياء :
ــ مبروك .
. جالت عينيه بنظرات حامت حول الجميع ، غالب ، عزام ، إمبابي ، نبوية والداية ثم أكمل حديثه ، لكن هذه المرة بجرأة :
ــ هل أصبحت الحياة الشريفة مستحيلة حقا ؟!
عقارب الساعة تقترب من السادسة صباحا . في البداية كانت رنة جرس خجولة ، ثم تبعها طرق خفيف على الباب .
عندما لم يستجب أصحاب الدار للطارق ، رفعت الرنة الخجولة الطرحة عن رأسها ، وضرب صاحبنا الباب بكف يده ضربات متتالية
مما تسبب بخلخلة الهدوء الذي كانت تنعم به القطة النائمة على بسطة الدرج ، فهربت دون أن تنظر للوراء .
لم يتوقف عبد القادر ولو قليلا عن قرع الجرس أو عن طرق الباب .
في بداية الأمر ظن النائم أن المستهدف هو الشقة المجاورة لشقّتهم . لكنه عندما أدرك أن بابه بات على وشك التفتت والتفكك والإنهيار
من شدة الخبط والضرب ، وقبل أن يتساقط باب شقته قطعا متناثرة ، نهض الذي كان نائما ، هرول نحو الباب
والغضب يحتل كل تفكيره . وجد أمامه عبد القادر .
عبد القادر هو ابن عم عزام زميل غالب في الشقة . ولم يدخر غالب من جانبه وسعا في شحن موقف ردة الفعل الغاضبة ،
فجاء استقباله لعبد القادر فاترا وقال له قبل أن يدخل في طور النقاهة من الإنفعال :
ــ أتعرف يا قليل الذوق ، لولا ابن عمك كنت أوسعتك ضربا على هذه الفعلة .
وأكمل غالب حديثه بصورة تخلو من دسم المجاملة وقال صارخا :
ــ من " طيز " الليل يا " غبي " تطرق الأبواب على الناس ، صحيح ما عندك ذرة فِهِم !
أغلق الباب في وجهه وعاد إلى سريره .
جلس عبد القادر على دكة البواب ينصت إلى سكون الفجر وزقزقة العصافير . أغمض عينيه بعد أن عجز عن الإستمرار
في النظر والإنصات . ولما لم يعد يسمع شيئا ، فتح عينيه حين رأى أمامه ابن عمه عزام يبادله النظر في هدوء وابتسام :
ــ صباح الخير يا ابن عمي . لماذا تجلس هنا ولم تدخل البيت ؟
نهض عبد القادر عن الدكة ، نفّض ثيابه المُغبَرّة وقال معاتبا :
ــ صاحبك طردني وأغلق الباب في وجهي . هل تقبلها لي ولك ؟
توقف عن الكلام فجأة وهمس بأذن ابن عمه عزام قائلا :
ــ أصبحت الآن بلا مأوى بعد أن غادر زميلي الشقة التي كنت أسكن معه فيها. وكما تعلم أنا لا أستطيع أن أقوم بتحمل إيجار الشقة وحدي .
أعرف أن لديك غرفة ثالثة . لن أنسى معروفك إن وافقت أنت وزميلك على أن أقيم معكما ونتقاسم المصاريف كما تريدان .
تمت الموافقة من طرف غالب على مضض .
عبد القادر بدا نبتا شاذا في عالم تحكمه القوة والمراوغة . كان كثيرا ما يرجع إلى بيت العائلة ممزق الثياب أو دامي الأنف .
له طقوس في كل شيء ، طقوس في مواعيد الأكل ، ومواعيد الدراسة ، ومواعيد النوم .
اعتادا غالب وعزام على هذه الطقوس ، لا بل بات عبد القادر بنظرهما لعبة كالروبوت لا يقدم ساعة ولا يؤخر ساعة .
الإقطار الغذاء والعشاء مواعيدها مقدسة . أما االفُسح والسينما والمسرح فالمواعيد مقنّنة . أصبح عبد القادر المادة المسلية في قاموسهما .
في يوم من الأيام وكانت الساعة تشير إلى التاسعة مساء ، وهو موعد عشاء عبد القادر .
طبعا وكما هو مقرر . دخل المطبخ جهَّز عشاءه ، عمل الشاي وعزم على زميليه بكوبين وطلب منهما أن يوقظاه الساعة السادسة صباحا ،
وهو موعد الدراسة والإفطار .
مرِّت ثلاث ساعات منذ أن بدأ عبد القادر بممارسة الشخير . غالب وعزام يرغبان بشرب الشاي
ومن يد عبد القادر لأنهما والكسل حبايب وأصحاب . تفتق ذهنهما عن خطة خبيثة تجعل عبد القادر
يعمل لهما الشاي عن طيب خاطر وبرضاه .
أمسك غالب بساعة يد عبد القادر الغارق في النوم وغيّر عقاربها من الساعة الثانية عشر إلى الساعة السادسة .
ربت عزام على جبين ابن عمه قائلا له :
ــ عبد عبد إصحى الساعة السادسة .
نظر عبد القادر بساعة يده ثم نهض . دخل المطبخ جهّز إفطاره ، عمل الشاي وعزم على زميليه بكوبين .
عبد القادر إنسان طيّب ويتمتع بأخلاق حميدة ومسالم ، كان أصحابه يتندرون عليه من شدة طيبته حتى أن بعضهم وصفه بالأهبل والعبيط . .
عرف عبد القادر بالمقلب الذي تم طهيه في مطبخ عزام وغالب ، ولم يزعل منهما
يدرك أمبابي بواب العمارة النوبي أن غالب هو الآمر الناهي وصاحب القرار في الشقة ، كما ويعرف أيضا أنهم يبحثون عن " شغالة "
تساعدهم في التنظيف والأكل والغسيل والكوي . فلجأ إليه .
نبوية بنت غلبانة ومقطوعة من شجرة ، لا يعرف لها أهل ولا حتى أصحاب . عندما سافر مخدوميها إلى اليونان بسبب الهجرة تيتّمت نبوية ،
لا أب لا أم لا إخوة ولا أخوات . كانوا بالفعل لا بالقول أسرتها الصغيرة .
اشتروا ثلاثتهم مرتبة ووسادة لنبوية الشغالة وقالوا لها بصيغة الجمع :
ــ هنا ، في هذه الصالة تنامين .
تقدّم غالب نحوها وهمس بأذنها مازحا :
ــ إذا لم ترتاحي في هذه النومة ، أمامك ثلاث أسرة ، اختاري إحداها ونامي . سرير كل واحد منا واسع ويتسع لثلاثة !
دبّت الحياة في الشقة ، وصار لساكني البيت عينا تراقبهم وترعاهم وعينا آخرى توزع خيراتها عليهم بالعدل والمساواة .
المتضرر الوحيد من هذه " النبوية " ، هو عبد القادر . مواعيده المقدسة جرفتها السيول وصارت بخبر كان .
نبوية هي التي باتت تقرر متى يأكل متى يدرس ومتى ينام .
بعد مرور عدة أشهر على استقرار نبوية في الشقة والتي جلبت لأصحابها حميمية ودفيء لا تقدر بأثمان ، أحسّت بأعراض تشبه وحام الحمل .
جلس الفرسان الثلاثة حول مائدتهم المستديرة يتداولون الأمر . جميعهم مدانون ، ونتيجة الحمل يجب أن يتحمّلها المتسبب .
أشار عزام إلى الإستعانة بقابلة تقوم بعملية الإجهاض . لكنهم صرفوا نظر عن هذه الخطوة بسبب خطورتها على حياة البنيّة .
عبد القادر كان أكثرهم حرصا على حل المشكلة من غير شوشرة وقال :
ــ علينا أن نتحمل المسؤولية ، وبما أننا لا نعرف من هو الأب الحقيقي لهذا المخلوق ، ربما يكون أنا أو غالب أو أنت يا عزام
أقترح عليكم أن نستعين بتكنولوجيا ال دي أن إي .
ضحك غالب وقال ساخرا :
ــ هل هذه من غير شوشرة يا فصيح ؟ الفيس بوك وقنوات الجزيرة والميادين والبي بي سي وال آر تي والعربية والقناة العاشرة الإسرائلية
سوف يفضحوننا على الملأ ، والّي ما يشتري يتفرّج .
والحل ؟ سأل كل من عزام وعبد القادر :
ــ الحل أن نعمل قرعة ويتزوج صاحب النصيب من البنت قبل أن تضعها ألسن الحارة والحي في سلة واحدة مع طالبات المتعة والغانيات .
أحاط غالب بيديه عبد القادر وعزام وكأنه الأخ الأكبر ، وقال لهما هامسا :
ــ على أن يعتبر كل من العريس والعروس أن ما حصل سابقا هي تجربة قديمة وعدّت . موافقون ؟
تآمر غالب وعزام واتفقا خلسة على أن يكتبا اسم عبد القادر في أوراق القرعة الثلاثة .
رضِيَ عبد القادر بنصيبه وحظه فيما رسمه له القدر المكتوب . عقد قرانه على نبوية وصارت زوجته ، تنام معه في غرفته وفوق سريره
دون أن يشاركه بها أحد .
فاجأت آلام المخاض غير المتوقعة عبد القادر بأسرع مما حسب وقدَّر . زعق على إمبابي كي يحضر الداية .
الولادة كانت سريعة وسهلة . حملت الداية الصبي وخرجت به ألى عبد القادر .
ناولته المولود . أصابته دهشة كادت تودي بوقاره . المولود أسمر ولا يتفق مع لون بشرة أي من المرشحين في أن يكون أحدهم هو الأب الحقيقي .
حمل عبد القادر المولود ونظر نحو إمبابي الواقف بالباب ينتظر الداية كي يوصلّها إلى بيتها في هذه الساعة المتأخرة من الليل
ونظر أيضا نحو زميلية . كانت نظرة شاملة جامعة فيها من التساؤل الكثير ومن الشك أكثر بكثير . حضن الطفل ، قبّله بحنان أبوي ،
لكنه لم يستطع أن يغفل عن الحقيقة المرة وهي أنه ليس أبا حقيقيا . تقدّم نحو نبيوية ، ناولها الطفل وقال في حياء :
ــ مبروك .
. جالت عينيه بنظرات حامت حول الجميع ، غالب ، عزام ، إمبابي ، نبوية والداية ثم أكمل حديثه ، لكن هذه المرة بجرأة :
ــ هل أصبحت الحياة الشريفة مستحيلة حقا ؟!
تعليق