ذاكرة مبعثرة
أحدهم ساعده على ارتداء معطفه الأسود، وانحنت امرأة شابة تساعده على وضع قدميه المتعبتين داخل الحذاء المثقل بالمسافات ومخلفات الأيام …
كعادته كان صامتا مستغرقا في عالمه الداخلي، لمح ابتسامتها، كانت تلبس عباءتها المراكشية الخضراء...
هكذا يتذكرها دائما !!!
تعلو وجهه ابتسامة، وكأنه يستعيد حيويته من ابتسامتها... بكل هدوء تستقبله صدفته المغلقة ، تحميه من مكر الزمن والفراغ المهيمن على الذهن والمكان…
هو عالمه السري الدافئ...
لم يكن يرغب في إشراك أحد معه في هذه الأحلام... بلا جدوى يسألونه، يحاولون اقتحام صمته، ...وكأن الكلام غاب عن لسانه بإصرار...
يحرك رأسه أحيانا، وأحيانا يكتفي بالإيماء...
يتذكرها، فتغمره سعادة الكون كله………
يحاصرها بناظريه، يسيج صورتها برموشه، كالحراب تحميها من مكر اللحظات وألاعيب الذاكرة…
شيء ما سرق منه الرغبة في الحياة !!
كأنها رحلت لغاية ما، وعم الجليد حنايا الفؤاد والمدينة وكل الأشياء والناس.
أحيانا يعتقد أن الأمور كانت هكذا دائما، الحاضرون بلا حضور، والغائبة تملأ الكون، ويغمر القلب شوق حزين.
- عد بسرعة، نحن نقلق كلما تأخرت في العودة …
هكذا قالت المرأة الشابة التي ألبسته الحذاء.
يا لها من امرأة لطيفة !
نظر إلى من يحيطون به ….
غرباء؟ مجرد غرباء؟…
بنظراتهم حنان غريب غير مفهوم !!...
تذكره المسافات بألم قدميه ، بثقل المعطف فوق كتفيه... يحلم بالعيش بين وجوه مألوفة ...ولكن كل شيء صار بلا معنى أو يكاد، وسادت الأيام ولحظات الزمن رتابة كالموت أو يكاد...
هكذا هي الأماني والأيام، متفاوتة ككفتي ميزان. عسى أن يحدث ما يعيد للأيام حركيتها وللزمن رونقه…
من يكون هؤلاء الناس؟ بأعينهم حنان الكون كله...
يوما ما حمله الشاب الذي ألبسه المعطف من الشارع حين سقط بين جموع الناس !
وحدها نظراتها وهي تلبس العباءة الخضراء تعيد لروحه بعضا من حياة…
وهذه المدينة هادئة مثل مقبرة…مغرية كالموت…
يتنهد بحرقة، يخفف عن ذاته ضيق اللحظات، ولا يدفئ أيامه وفضاءاته إلا تذكر لحظات جمعتهما في أماكن لم ينس تفاصيلها رغم عتمة الذكرى.
حسرة ما كانت تغزو ذاته كلما حمل اللقمة ولاحظ غيابها. !؟
يشعر بها تخاطبه…
- دع عنك الهم والكآبة وابتسم للحياة
كانت تقول له.
يجيبها والقلب يرتجف..
- يشق علي إكمال الرحلة، والوهن غزا كل أنحاء جسدي يا رفيقة.
لم أعد أدرك وأتبين ما يجري، هل هو الحلم أم الحقيقة !؟
والناس كالأشياء فقدت نكهتها …وما زلت لا أقوى على تناول ما يقدم لي من طعام …
أنت هناك...
بعيدة وقريبة، وأنا هنا بين أناس لا أعرفهم، فكيف تحلو اللقمة وأنت غائبة.
كيف لها أن تكون كذلك وأنت بعيدة؟ !
ومن حيث لا يدري سالت فوق خديه دمعتان، وخر فوق الطاولة بلا حراك.
حسن لشهب
أحدهم ساعده على ارتداء معطفه الأسود، وانحنت امرأة شابة تساعده على وضع قدميه المتعبتين داخل الحذاء المثقل بالمسافات ومخلفات الأيام …
كعادته كان صامتا مستغرقا في عالمه الداخلي، لمح ابتسامتها، كانت تلبس عباءتها المراكشية الخضراء...
هكذا يتذكرها دائما !!!
تعلو وجهه ابتسامة، وكأنه يستعيد حيويته من ابتسامتها... بكل هدوء تستقبله صدفته المغلقة ، تحميه من مكر الزمن والفراغ المهيمن على الذهن والمكان…
هو عالمه السري الدافئ...
لم يكن يرغب في إشراك أحد معه في هذه الأحلام... بلا جدوى يسألونه، يحاولون اقتحام صمته، ...وكأن الكلام غاب عن لسانه بإصرار...
يحرك رأسه أحيانا، وأحيانا يكتفي بالإيماء...
يتذكرها، فتغمره سعادة الكون كله………
يحاصرها بناظريه، يسيج صورتها برموشه، كالحراب تحميها من مكر اللحظات وألاعيب الذاكرة…
شيء ما سرق منه الرغبة في الحياة !!
كأنها رحلت لغاية ما، وعم الجليد حنايا الفؤاد والمدينة وكل الأشياء والناس.
أحيانا يعتقد أن الأمور كانت هكذا دائما، الحاضرون بلا حضور، والغائبة تملأ الكون، ويغمر القلب شوق حزين.
- عد بسرعة، نحن نقلق كلما تأخرت في العودة …
هكذا قالت المرأة الشابة التي ألبسته الحذاء.
يا لها من امرأة لطيفة !
نظر إلى من يحيطون به ….
غرباء؟ مجرد غرباء؟…
بنظراتهم حنان غريب غير مفهوم !!...
تذكره المسافات بألم قدميه ، بثقل المعطف فوق كتفيه... يحلم بالعيش بين وجوه مألوفة ...ولكن كل شيء صار بلا معنى أو يكاد، وسادت الأيام ولحظات الزمن رتابة كالموت أو يكاد...
هكذا هي الأماني والأيام، متفاوتة ككفتي ميزان. عسى أن يحدث ما يعيد للأيام حركيتها وللزمن رونقه…
من يكون هؤلاء الناس؟ بأعينهم حنان الكون كله...
يوما ما حمله الشاب الذي ألبسه المعطف من الشارع حين سقط بين جموع الناس !
وحدها نظراتها وهي تلبس العباءة الخضراء تعيد لروحه بعضا من حياة…
وهذه المدينة هادئة مثل مقبرة…مغرية كالموت…
يتنهد بحرقة، يخفف عن ذاته ضيق اللحظات، ولا يدفئ أيامه وفضاءاته إلا تذكر لحظات جمعتهما في أماكن لم ينس تفاصيلها رغم عتمة الذكرى.
حسرة ما كانت تغزو ذاته كلما حمل اللقمة ولاحظ غيابها. !؟
يشعر بها تخاطبه…
- دع عنك الهم والكآبة وابتسم للحياة
كانت تقول له.
يجيبها والقلب يرتجف..
- يشق علي إكمال الرحلة، والوهن غزا كل أنحاء جسدي يا رفيقة.
لم أعد أدرك وأتبين ما يجري، هل هو الحلم أم الحقيقة !؟
والناس كالأشياء فقدت نكهتها …وما زلت لا أقوى على تناول ما يقدم لي من طعام …
أنت هناك...
بعيدة وقريبة، وأنا هنا بين أناس لا أعرفهم، فكيف تحلو اللقمة وأنت غائبة.
كيف لها أن تكون كذلك وأنت بعيدة؟ !
ومن حيث لا يدري سالت فوق خديه دمعتان، وخر فوق الطاولة بلا حراك.
حسن لشهب
تعليق