كثيرا ما ترسمنا ريشةُ الآخرين بإتقان مغلق ..إذ لا يبدو من وجوهنا إلا ما أراد الآخرُ أن يبرزه، أو يظهر فنياته على حدّهِ ..لتضيع كل تفاصيلنا بين لحظة أنانية محضة ،وبريق زائف ما يلبث أن يخبو..
وكم تتوه بنا الخطى ونحن نبحث عنا بهوامش الآخرين إطارا بدون صورة ..لأن صورتنا الحقيقة لا يعرف دواخلها إلا نحن......
تماما كجراحاتنا التي تظل تنزّ بصدورنا في صمت موجع..
ولا يمكن أن تراها إلا قلوبُـنا ..حتى وإن شُل بصرُنا لحظيا ببهرج صورة قد يُبهرنا زيفُ وهجها للوهلة الأولى..لكننا سرعان ما نصحو وننفضَ عنا غبار الوجوم لنبحث بإصرار مرير عن صورتنا الحقيقية..حتى وإن كانت بالية المظهر باهتة الإطار....
وقد يكون الآخر أقربَ إلينا من حبل الوريد..لكننا يستحيل أن نرى ماهية صورته؛ لأنها تقبع بذاته وجها غافيا ..قد يلبس ألف لون ولون ليضللنا بما يريد أن يظهره هو فحسب..
بينما تبقى حقيقته خيوطا متشابكة الرؤوس ،، غائرة النهايات
لتعجز أيدينا عن فكّها مهما اجتهدتْ إذا ما وهنَ النبضُ مناّ خلف تشكيل وجه صورة من غموض أخرى ،، وقد عبث بألقها زيفُ الألوان ..لتبدو لنا مُجزّأة ما تكاد تُـكمل منها هذه نقص تلك؛
حتى تنحني تمزقا أنّى لتعرّج شظاياه أن يعيد لها ما تناثر منها عبر محطات الترحل الباردة، وهي تلهث خلف لحظة تجمّل
هاربة من صقيع الإطار..
هاربة من صقيع الإطار..
فما أوجع أنات صورنا الصامتة وهي قابعة وحيدة وراء إطار أتقن رسم وجه حاضرها مجردا من خيوط الذكريات الشفيفة تماما كالمرآة التي تتوهج صورُنا بداخلها خيالات صماء تتأرجح بهام الفراغ..ذاك الذي لا ندري كم سنظل عالقين به بحثا عمن يكملنا ونحن نرى أنفسنا مجرد قطعٍ متناثرةٍ أنّى لبهاء الإطار أن يجمع شتاتها
من مجموعة "الخيط الرفيع "
من مجموعة "الخيط الرفيع "
تعليق