هكدا رقصت كلماتي...

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • دريسي مولاي عبد الرحمان
    أديب وكاتب
    • 23-08-2008
    • 1049

    هكدا رقصت كلماتي...

    في زمن سطوة رأسمال السيطرة كآلهة منتصبة على مشارف الحياة بأسرها.في زمن تعدد الوسائط والمقالب.نبست قديسة من أقاصي المرتفعات الشامخة,تعلو وجهها سيماء من الهيبة والوقار المحترمين.نثرت حكمتها كبدور في الأراضي المقفرة بعدما حرثت بمحاريثها الشعورية أعماقي فأدمتها لفصول متتالية.مع مرور الزمن أثمرت حقولي قمحا ودرة وشعيرا.في وسطها ظهرت شقيقة نعمان متوحدة مطلقا مع الهدوء التام.تحركها نسماتي لأبسط هبة نسمة صباحية. اقتربت منها أداعب أوراقها الحمراء فظهرت في مركزها نقطة سوداء حالكة كظلمة الليل.دنوت منها أشم أريجها فشعرت بدوار في راسي وكان زوبعة متخمة بالأفكار الجميلة والأحلام التي لا تعرف حدودا,والمفاجئات المخفية في أعماق اللاشعور حملتني على متن أطياف إلى عوالم أخرى لم اعرفها قط في حياتي.

    في زمن هيمنة السرعة الافتراضية.ظهرت هده القديسة على كل المستويات.في كل أمكنتي,في كل أزمنتي.وأنا الذي أومن بزمن لا موضوعي يكسر حلقة الرتابة والقدرية.برزت من بين ثنايا الزحام.اقتحمت غمار اختراق الضجيج والصخب العالي.تقدمت نحوي متسللة إلى أعماقي المتصوفة لتنخر فيها كرحيق ملثاث.انتشرت دبدباتها المتوغلة إلى أوصالي فسكنت هناك في الداخل.حيث اختلطت علي الأمور في إيضاحها وجلاء صورتها كما الشمس في لحظة الإشراق من افلاق الصباح.اندست ببراعة بين طوابير من الانتظار الطويل لتقف أمامي في لحظة نزقة كأنها حقيقة مطلقة.متيقن أنا أن الحقيقة المطلقة مجرد فكرة وهل استطيع أن أصيرها كينونة تتحرك أمامي.تتنفس. ترتعش بالبرد.تنتشي لما تنتفض دماؤها لتتعرى.أم أنني قد اجعلها أيقونة أتعبدها في زمن الإلحاد واللاتدين.صراحة تماهى فكري مع اطلاقيتها الجمالية العذبة,فارتقى جنوني الى مراتب الصحو الخلاقة سألتها يوما.

    -هل تودين أن أكون مجنونك؟
    ردت بمكر فاضح
    -كن مجنون نفسك في حقولي الفسيحة,أنداك يمكن لجنوني أن يرتقي صحبة هلوستك لنلج السماء ونحلق بعيدا...

    رسمت في محيطي الهادئ بصمات من حضور ثقلي.أعجزتني بتوجسها المتواري من خلال أبواب توصد وأخرى تشرع.تسمرت لأول وهلة مكاني.وقفت أمام هيبتها كنصب تذكاري نحت من أوهام الصورة الجميلة الحالمة.شلال دافق يفيض بكل أشكال الانسياب الناضح بالشهوة والاتقاد.خرير مشاعرها الملحن بإيقاعات الزمن المشرق,الحر.بدا يخط على وقع خطوي مسارا إبداعيا من رقصات بديعة...

    في زمن مضطرم بالعربدة الارتجالية,ظهرت بصوتها الجهوري تتما يد على متن أخيلة جامحة قادمة من الماضي السحيق.اقتربت مني فبسطت راحتي يدي لتنزل على ارض حقولي.لمساتها صعقتني بتياراتها الداخلية المرتفعة التوتر.هويت لأثرها في حواف أجراف من التيه.أنا بدوري عهدت التيه لأنه اقرب إلى الاختيار المضطرب المختلط بمشاعر من الاختلال وفقدان التوازن .صرخت في وجهها بشكل صاعق.أغلقت أدنيها فجأة بسبابتيها وانسلت يداها لتغمض عينيها.أنداك برزت لي عين ثالثة في جبهتها العريضة ,انبعثت منها شرارة الومض والتشظي,فانكسرت أشلاء قلبي مبثوثة في تهويمات الأعماق السحيقة تحت وطأة الصراخ الداخلي...

    -من تكونين أيتها الغريبة؟أخالك من سلالة الشياطين.

    صمتت ولم تعرني أي اهتمام يذكر.نسمات ريح ربيعية تهب في محيطنا.المنظر يشي برومانسية مميزة.تعرت كاملة من ثيابها فخيل لي أنها ترمي بأفاعي رقطاء تتراقص في الهواء.افترشت الأرض لوقع صدمة المشهد مبهوتا فارغا فاهي وهو يتأوه همهمات من اللامعنى.حبوت على ركبتي وعيناي تتفادى أية لعنة من وجهتها.مددت يدي لانتزع قطعة من ثوبها ومررتها على ضفاف انفي.أنداك شممت روائح العطور المختلطة بعبق شهوة نادرة.تحركت صوبي وتراجعت مفزوعا من قطة برية تروم التهامي بين فكي فخديها وتبتلعني بطريقة الأفاعي المعششة في المستنقعات الاستوائية.قالت بنبرة وحي نزل لتوه من أعالي مجاري صدرها المرمري...

    -لما ستراني ارقص سارقك أكثر.تيقن أن باستطاعتي أن ارسم كلمات بجسدي.

    انثنت وتلوت والتفت.تقدمت بحركات مختلطة بتعبير دوقي جميل.خطوات إلى الأمام ثم إلى الوراء.لفت حول نفسها دورات اقرب إلى رقصة الدراويش.شعرت بدوار يحلق في فضائي فصرخت بأعلى صوتي.

    -توقفي معبودتي.يكفيني أني أدور في حلقة مفرغة.كفاني دورانا.كفى. كفى.كفى...

    استمرت في رقصتها وكأنها ركبت الريح.رددت كلمات اقرب إلى حقيقة تلاشت ملامحها مع الدوران...

    -الدوران في مداراتي ارتحال عبر الزمن.سفر عبر أطياف المدى البعيد.هياج في الأعماق الدفينة .

    هكذا رقصت قديستي.هكذا عبرت كلماتي.هكذا كانت أسمائي.مجرد محطات من ارتحال دائم في فضاءات
    الجسد الذي يملك لغة تاريخية

    فادا أردتم أن تتحرروا من أغلال الكلمات أطلقوا العنان للجسد أن يرقص.فالرقص بحث
    عن الكينونة.
  • ريمه الخاني
    مستشار أدبي
    • 16-05-2007
    • 4807

    #2
    مرور وتحيه........

    تعليق

    • ربيع عقب الباب
      مستشار أدبي
      طائر النورس
      • 29-07-2008
      • 25792

      #3
      دريسى صديقى ...أما آن أن يهدأ البحر الهائج .. و يتوقف قليلا عند صخور .. كانمت قرب شاطئه .. أما آن لهذا التشظى .. أن يتهمل قليلا .. لنبتلع بعضا من غصصه ..و نسبح معه .. فى موجة هادئة ؟!!!
      حديث مفعم بالحزن الشجى .. و الملل .. و الجسد .. و الصوفية .. والحب .. و الجنون
      نعم قرأت كل هذا هنا .. بين ثنايا هذا السحر .. الذى كان يتلون بالأسطورة القديمة .. ز ويعود معانقا هذا الواقع الذى ترفض .. و بإصرار أبيد !!!!
      أحببت هذه اللغة .. و لعنت غبائى .. فرفقا بنا .. بى .. و لا تمعن فى تيه .. أنت أدرى به .. و إليما يصل بنا !!!!
      عشقت معك جنيتك .. و كرهتها .. ورغبتها .. وخفت منها .. و تدحرجت خوفا من غواية قاتلة .. لا راجعة منها .. و لكننى سوف أحاول ممارسة وصيتك الأخيرة :" فادا أردتم أن تتحرروا من أغلال الكلمات أطلقوا العنان للجسد أن يرقص.فالرقص بحث عن الكينونة.
      أشرق أيها الصوفى بالغنى الروحى .. وفض كما تشاء !!!!!
      sigpic

      تعليق

      • دريسي مولاي عبد الرحمان
        أديب وكاتب
        • 23-08-2008
        • 1049

        #4
        تحياتي ريمة الخاني.,تحي ثقافي ملؤهاالابداع...
        اشكر مرورك الالق

        تعليق

        • دريسي مولاي عبد الرحمان
          أديب وكاتب
          • 23-08-2008
          • 1049

          #5
          عزيزي ربيع...
          اسمح لي بتواضع شديد ان اقول لك انك استاذي الجليل,الذي منه اتعلم,ومنه انهل خبرة انسانية عميق.فارق الزمن بيننا ربما لعقود اخي الفاضل,وتجربتي في الكتابة متواضعة.لهدا لا يمكن ان اقبل غباءك امام لغتي حتى وان كانت على مستوى الابداع لغ تجريبية تنهل من الواقع,لكنها لغة تقف وقفة اجلال اما تميزك العجيب والفتاك والمنهك ايضا لقارء بسيط...
          لا تعجب اني اهتم بمقاربات المتصوفة منذ الحلاج مرورا بالسهروردي وتعريجا عن الشيخ الاكبر محيي الدين ابن عربي...كلها قمم ذاتية انسلخت عن الواقع بشكل من اشكالها.ولا عجب ان ترى عنوان نيتشه في كتابه للكل لا لاحد هكدا تكلم زارادشت يصبح عنوانا بذاته لحامد ابو زيد هكذا تكلم ابن عربي.وقلت بتواضع شديد لما لا اقول قول كلماتي في رقصتها البدائية...

          لي قراءة تاويلية اخي ربيع لهدا النص قد احيلك اليها بمقاربة بودليرية رمزية


          تحياتي استاذي الذي اتشرف دوما بحضوره الثقلي

          تعليق

          يعمل...
          X