لحظات يتيمة على الشّاطئ الجميل

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • مصباح فوزي رشيد
    يكتب
    • 08-06-2015
    • 1272

    لحظات يتيمة على الشّاطئ الجميل

    ليست مبالغة أو نكته أو مزحة، حتى وإن قلت بأننا نحن الثلاثة أصدقاء منذ الأزل، وليس بيننا سوى هذه المشاعر التي تقيّدنا كالأكبال، ولا مناص من بعضنا، ورغم بعض الظروف السيّئة ، ونوايا بعض الماكرين الأشرار ، يريدون قطع أواصر المحبّة والماضي الجميل الذي يجمع بيننا .
    حين كنا يافعين وكان الحلم بالهجرة ، إلى بلاد " العم صام " وإلى أيّ مكان آخر نعيش فيه بسلام ، زادنا المشترك، ولا مجال بيننا لكلام غيره ، ولا مكان لرابع أو أيّ شخص آخر يريد أن يتدخّل بيننا نحن المراهقين الثلاثة، مهما كانت درجة قرابته .
    صديقنا بمرتبة أخينا الكبير، مشاغب وماكر بامتياز، لكنّه مثقّف وفنّان ، وكنت لا أحسبه يحب الاستقرار ، حتى أضحى أبًا لأسرة متواضعة، مُجيّش بالمشاعر، أمضى شبابه يعزف على أوتار الحب وأنغام الحياة، يطربنا بأغانيه الغربية الجميلة ؛ الـ (بينك فلويد)،والـ (بي جيز)، و(مايك برونت)، و(كات ستيفانس) خاصّة ... نتفاعل معه حين نرى دموعه تسيل وهو يردّد على مسامعنا " حبيبتي سيدة أربانفيل لماذا ترقدين ساكنة هكذا؟ " ... لعلّ صديق العمر هذا قد ضيّع الكثير قبل أن يغزو الشيب ذقنه ورأسه، لذلك، فنحن نحبّه كثيرًا ولا نفارقه كثيرًا ، و لا نلومه كثيرًا مهما يمكر بنا ، سيما عندما نراه يتألّم في صمت، فلا نلومه وإن تقلّب مزاجه وقلب المواعيد ، وهو لا يؤمن أصلاً بالمواعيد، سوى عندما يتعلّق الأمر بنا نحن الثلاثة.
    لم يخيّب ظنّي، فقد كنت على يقين من أنّه سيأتي باكرا رن الهاتف في الموعد المحدّد، السّاعة تشير إلى الرابعة صباحًا، لنسرق لحظات يتيمة من حياة صارت كالجحيم، فهناك صديق ثالث، ينتظر قدومنا بالشاطئ الجميل على أحر من الجمر. ومعه سيتوقّف الزّمن.
    يتبع .../...
    التعديل الأخير تم بواسطة مصباح فوزي رشيد; الساعة 17-10-2017, 19:24.
    لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ
  • مصباح فوزي رشيد
    يكتب
    • 08-06-2015
    • 1272

    #2

    كلاكسون وراء كلاكسون ،باسترسال، تعوّدت على المنبّه، لا بأس ما دامه يُرضي صديقي العجوز، تلمّست جيبي: يا لتعاستي اا؟ حفنة نقود لا تحفظ على المرء ماء وجهه، الأزمة التي صرت أعاني منها في الآونة الأخيرة، بدأت بي قبل أن تعلن عنها الحكومة الآن، هكذا الحال معي دائمًا، الحمد لله الذي قيّض لي هذين الصديقين، هما أهم ما لديّ، وخير لي من حثالة المتكبّرين، وشرذمة من المتنكّرين ، والبقية الباقية في المحيط المزيّف.
    يذكرني هاهنا برواية " الأحمر والأسود " ، كنت قد قرأتها منذ عقود ، أثناء فترة اعتناقي للأدب الفرنسي، أنا جد متأسّف كوني لا أحمل منها سوى العبر و المواقف التي تنبذ البورجوازية المتعجرفة ، والملك الذي راح يندّد بنفاق حاشيته المتصنّعة.
    أنا جد متأسّف على الشباب الذي ضيّعته في العبث.
    ما أحوجني الآن إلى المطالعة.
    أنا جد متأسّف على تفريطي لخيرة الأصحاب.
    أشعر بالخجل كلّما تذكرت الطيش الذي كنت فيه.
    لكن الحمد لله على ما تبقّى من نِعم، وعلى الذّاكرة التي لا تزال تحتفظ ببعض العبر، هي بالنسبة لي أهم شيء في الوجود، أهم من المال، أهم من الجاه ، ومن بقية المحيط المتصنّع.

    يتبع .../...
    التعديل الأخير تم بواسطة مصباح فوزي رشيد; الساعة 05-10-2017, 06:57.
    لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ

    تعليق

    • مصباح فوزي رشيد
      يكتب
      • 08-06-2015
      • 1272

      #3

      " رائحتك عندي أفضل من عطور الدنيا كلّها "
      قالها صديقي العجوز، حين كنت أحاول تعطير الجو بواسطة الرّذاذ لإزالة رائحة النّوم العالقة اا
      بهذا الجنون صرنا نعشق بعضنا، نحن جيل الأمس القريب بواقع ملموس، وليس عبر شبكة " عنكبوتية" وهمية.
      " طيّب الله خاطرك " اختزلت الكلام لأتركه يقود الميكنة التي لا تفقه الكثير من الحميمية، ومازال هناك مشوار كبير ينتظرنا.
      بدأ النور يتسلّل عبر الأفق، وشيئًا فشيئًا يتجلّى الصّبح والطريق عبره ، ليكوّر اللّيل من ورائنا، سبحان الله اا لعله الآخر يرحّب بصديقين ، تحابّا لوجه الله، طال قدومهما،
      أما آن لقلبين غافلين أن يخشعا لمن صوّر فأبدع، ألا يجب التسبيح؟
      " رويدك صديقي..إنّك تقتلنا .. رويدك ..إنّك لا تسمع.."
      الطريق مُتزلّج وأصبح خطيرًا بنزول بعض القطرات.
      " لا تخف عزيزي..هذا أنا وأنت تعرفني أكثر من أيّ أحد ."
      رويدك يا هذا ، فهناك من ينتظر عودتك بفارغ الصبر ، أكثر من أي أحد آخر ، ليستأنس بك ، وليتشجّع بوجودك جنبه يا صديقي العجوز ، فلمن عساك تتركه؟
      يتبع .../...
      التعديل الأخير تم بواسطة مصباح فوزي رشيد; الساعة 05-10-2017, 15:06.
      لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ

      تعليق

      • مصباح فوزي رشيد
        يكتب
        • 08-06-2015
        • 1272

        #4

        يسود الصمت لفترة لا بأس بها، وصار لزامًا مجاراته بكيت وكيت لطرد روح التشاؤم، وترطيب الجو لصديقنا حتى تحلو له القيّادة، ومن عادتنا ندخل بنقاشات لا نخرج منها إلاّ بشق الأنفس، لكن في المقابل، نحن لسنا من صنف آكلي لحوم البشر، ولا نستسيغ أكله، ولا أظنّ الذي لديه قليل من المروءة أو تعلّم في إحدى مدارس الأخلاق، يسمح لنفسه بتتبّع عورات الناس، وأما البعض، فيجد فيه متعة ولا حول ولا قوّة إلاّ بالله العلي العظيم. يا سيدي " يكفينا اللّي فينا " كما يقول المثل، ومثل ذلك يهدّ المروءة ولا يبقيها.
        هبّت ريح عاتية، وما تعرّض له في العقود الأخيرة، لم يكن ليمر على صاحبي دون أن يترك أثره في نفسيته، فقد تحوّل أستاذ المادّة الحيّة، من فنّان صاحب مشاعر إلى شخص ملتزم قليل المخالطة، ومن شاب ثائر إلى رجل مسالم، لكن طيب الأعراق سمح المعاشرة، ليس بظلاّم للعبيد. وعرف صديقنا كيف يروّض ظروفه الصّعبة بالتمرّن على المسائل الفكرية والرّوحية، وتمرّس حتى تفرّس، وكنا نخاله ونحسبه قد تنسّك أو ترهبن، وأصبح يقارع بالحجّة والبرهان ويأتي بالدليل من الكتاب والسنّة، ولا مجال للكلام معه، ولا مناص منه إلاّ بترك المسألة، ليعود صديقنا من جديد.

        يتبع .../...
        التعديل الأخير تم بواسطة مصباح فوزي رشيد; الساعة 06-10-2017, 12:50.
        لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ

        تعليق

        • مصباح فوزي رشيد
          يكتب
          • 08-06-2015
          • 1272

          #5

          السيارة تلتهم المنعرجات على إيقاع محرّك، كأنّنا أصبحنا قطعة فيه .
          ويعود الصّمت ليخيّم من جديد ؛ الأعمار تفلت من بين أيدينا ، وشغفنا بالحياة معها يكبر ويزيد ، كيف كان المرء يافعًا حتى صار في النهاية تلعب الأقدار به .
          يعود الصمت ومعه الزّمن إلى الوراء ، ذات غياب ، دفع شغف المطالعة بصاحبه ،فقام باقتناء كتاب، " عقيدة المؤمن " (لأبي بكر الجزائري)، على حساب ثمن التذكرة، ثم احتار ، فاختار أن يعود إلى البيت عبر " الأتوستوب ".
          نحن ثلاثة تجمع بيننا روح المغامرة ، والألفة ، والمواعيد ،
          نحن أيتام الأبوين لا نهتم لما تجري الأقدار به ،
          نحن على أعتاب خريف العمر وموسم قاتم ، مؤشّره بدأ في النّزول.
          وهل تستحق الحياة كل هذه المعاناة؟
          يرن الهاتف: - " أينكم؟ "
          صديقنا من جهة السّاحل، يتابع سيرنا بدقّة متناهية، ويتدخّل في الوقت المناسب .
          يجيبه صاحبنا :
          - " نحن في الطريق". يستعين في ذات الوقت بنظام الـ(ج.ب.أس) .
          دخلنا العمران، سألني العجوز عن اسم المدينة، ولم أنتبه، لوحات الإشارة يغطّيها الظلام ، بدأت السّرعة تنخفض، ليركن سيارته على اليمين .
          أخيرًا، القهوة شذاها يفوح عبر الأرجاء، تلاشينا داخل مقهى، في مكانٍ شبه خالٍ، جاء النّادل متودّدًا، يتلو علينا قائمة المشروبات والمرطّبات، أشار عليه صديقي ببعض منها، فوافقته دون تردّد. تنفّس الصبح، وبان وجه الطريق، ارتشفنا ما تبقّى، نحن على قدم وساق، في سباق مع الزّمن، وبمجرّد إيماءة، عاد الولد من جديد ليستلم النّقود هذه المرّة ، كنت خلالها أحاول أن أخرج بعض النّقود ، وتعبث يدي بجيبي ، فتبقى عالقة، ويسرّها الكريم كعادته:
          - " والله ما صرا، بل هذه على حسابي أنا "
          لأتنفّس الصُّعَداءَ .
          يتبع .../...
          التعديل الأخير تم بواسطة مصباح فوزي رشيد; الساعة 08-10-2017, 15:44.
          لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ

          تعليق

          • مصباح فوزي رشيد
            يكتب
            • 08-06-2015
            • 1272

            #6


            الرطوبة تتسلّل عبر أنوفنا المحتقِنه، رائحة البحر الزكيّة تعيد إلى الأذهان، المصيف والسباحة والملوحة وشمس الأصيل ... أخذت اعصابنا ترتخي، ونحن على مشارف منطقة سُكيكدة الفيحاء، بجنانها وأدغالها وقبائلها المحافظين، إنّها الجزائر العميقة بتاريخها العريق وشعبها العظيم، التفت إليّ صديقي: - " هؤلاء أبناء كتامة المحترمين هم أمازيغ أحرار " وبين الأمازيغ الأحرار والعرب الفاتحين أكثر من علاقة وجود، وتجمع بينهم ألفة ومحبّة، " سمن على عسل " كما يقال، وتريد السيّاسة المغرضة أن تقلّب الحقائق فتغدو في نظر البعض، علاقة غزو وخضوع. ومهما تكن، فإن الجغرافيا تبقى لوحدها صامدة في وجه الأقذار؛
            يتحوّل الواقع بألوانه الزّاهية إلى مجرّد أبيض وأسود، والوقت يمضي ويفوت، وإمّا سعادة أو شقاء، فنحن في النهاية، مجرّد خلائق تفنى وتموت.
            أما آن الأوان كي نتخلّص من السيّاسات المغرضة، والنّفاق والرّياء والكذب، ومن واقع أشبه ما نكون فيه بدمى بيّد الأقدار؟
            همست في أذن صاحبي: - " محرّك الدمى "
            للحظات بقينا نردّد كلمات الأغنية معا: - ( لكن قل لي كل شيء ** محرّك الدّمى ** لدي خيوط بمصيري** إنّك تديرني عبر طريق ** لكن أين أذهب لست أدري؟)
            على نسق الفنّان، رحت أدغدغ المشاعر البريئة: - " أ ما زلت تذكر صاحبي تلك الفتاة ؟ "،
            التعديل الأخير تم بواسطة مصباح فوزي رشيد; الساعة 15-10-2017, 11:33.
            لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ

            تعليق

            • مصباح فوزي رشيد
              يكتب
              • 08-06-2015
              • 1272

              #7

              وأنا اتسلّل بفكري لأعبر الزمن، أدركت معنى التواطؤ الذي يتبجّح به صديقي كلما حاولت أن أشكّك في صحبته لي، لأعود إلى أجمل نكتة عشناها معا خلال أيّام الدراسة وطّيش الشباب، وكرّاس، والله لا نملك غيره، ولا نتفقّده سوى عند شعورنا بالنّكد، ونتخاصم عليه ليأخذه أحدنا فيفترشه.
              وفي هذه المرّة، من خلال الطبيعة الغنّاء، كأنّها الحسناء تعرض علينا مفاتنها لتغرينا، فهي تمنحنا كل ما لديها من جمال ولا تبخل، ولا تريد منا بالمقابل، سوى القليل من الحب والرّعاية لتتقوّى.
              ما قدرنا الله حق قدره ونحن نمرّ بهذه الجنان المتوسّطية، مرور اللّئام، ناكرين لفضلها. وإنّها لتستحق منّا كل الاجلال، فهي تنفخ فينا روحًا جديدة، وتمنحنا الشباب.
              بعدما سلب الدّهر منا زهرة العمر، صرنا نحب الجمال ونحيا به، ونعشق الحياة حتى النّخاع، والأيام تجري بنا في بحر الدّنيا الهائج، بينما نحن لا نشعر بأعمارنا وهي تتقدّم بسرعة مخيفة.
              .../...
              لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ

              تعليق

              • مصباح فوزي رشيد
                يكتب
                • 08-06-2015
                • 1272

                #8

                دخلنا سُكيكدة، المدينة المُدلّلة، " قوقعة " الشرق كما تسمى، حركة المرور أخذت تختنق، ما دفع بنا إلى التوقّف أحيانا، ضاع نصف الوقت في الطريق، بسبب تدهور البنى التحتية وبعض السوّاق المتهوّرين، وبعض الشجيرات مثل وجوه أصاحبها، ليس فيها من رمق، بسبب الرّطوبة والأتربة المنتشرة هنا، وهناك غير بعيد عنّا، محطّة لتوريد الغاز تعبث بالجو، لم تر عيني ما يدل على الدلال المزعوم.
                أخيرًا وجدنا صاحبنا الأصغر عند الباب، كثرة الانتظار تفقد الأشياء بريقها. عبثا يحاول صنع الفرحة بمجرّد ابتسامة، وكما عبثا تريد الدولة أن تدعم السيّاحة بالغُثاء، السنونو لا يصنع الرّبيع، بل الانسان هو من يحدث الفارق، ولا يكون الاستثمار إلا في هذا الانسان الأناني السّاذج، بتوعيته ورفع مستواه الثقافي والأخلاقي، وأما أصحاب الذّهنيات السّلبيّة، فهم لا يدركون معنى السّياحة كاستراتيجية ذات أبعاد، وهمّهم الوحيد هو الرّبح والرّبح السريع، والسّياحة بالنسبة لهم هي: الملاهي اللّيليّة، وتجارة الرّقيق الأبيض، وبيع الخمور، وفقط. لتبقى السّياحة الحقيقية مغيّبة، وتعاني من التهميش في بلد، بات يعاني هو الآخر من الويلات، بتدنّي أسعار النفط، والاعتماد على المحروقات، وسياسة البزار، والتسيير الارتجالي " البريكولاج ".
                .../...
                لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ

                تعليق

                • عمار عموري
                  أديب ومترجم
                  • 17-05-2017
                  • 1300

                  #9
                  المشاركة الأصلية بواسطة مصباح فوزي رشيد مشاهدة المشاركة

                  دخلنا سُكيكدة، المدينة المُدلّلة، " قوقعة " الشرق كما تسمى، حركة المرور أخذت تختنق، ما دفع بنا إلى التوقّف أحيانا، ضاع نصف الوقت في الطريق، بسبب تدهور البنى التحتية وبعض السوّاق المتهوّرين، وبعض الشجيرات مثل وجوه أصاحبها، ليس فيها من رمق، بسبب الرّطوبة والأتربة المنتشرة هنا، وهناك غير بعيد عنّا، محطّة لتوريد الغاز تعبث بالجو، لم تر عيني ما يدل على الدلال المزعوم.
                  أخيرًا وجدنا صاحبنا الأصغر عند الباب، كثرة الانتظار تفقد الأشياء بريقها. عبثا يحاول صنع الفرحة بمجرّد ابتسامة، وكما عبثا تريد الدولة أن تدعم السيّاحة بالغُثاء، السنونو لا يصنع الرّبيع، بل الانسان هو من يحدث الفارق، ولا يكون الاستثمار إلا في هذا الانسان الأناني السّاذج، بتوعيته ورفع مستواه الثقافي والأخلاقي، وأما أصحاب الذّهنيات السّلبيّة، فهم لا يدركون معنى السّياحة كاستراتيجية ذات أبعاد، وهمّهم الوحيد هو الرّبح والرّبح السريع، والسّياحة بالنسبة لهم هي: الملاهي اللّيليّة، وتجارة الرّقيق الأبيض، وبيع الخمور، وفقط. لتبقى السّياحة الحقيقية مغيّبة، وتعاني من التهميش في بلد، بات يعاني هو الآخر من الويلات، بتدنّي أسعار النفط، والاعتماد على المحروقات، وسياسة البزار، والتسيير الارتجالي " البريكولاج ".
                  .../...
                  ما أروعك يا صديقي مصباح
                  وما أجمل هذه النصوص في لغتها وفي طرحها
                  تحيتي لك

                  تعليق

                  • مصباح فوزي رشيد
                    يكتب
                    • 08-06-2015
                    • 1272

                    #10
                    " ما أروعك يا صديقي مصباح
                    وما أجمل هذه النصوص في لغتها وفي طرحها
                    تحيتي لك "
                    إنّي أحبّك في الله يا ... هُمام
                    دمت ناقدًا..وراقيًا .. تحمل راية الاصلاح .
                    التعديل الأخير تم بواسطة مصباح فوزي رشيد; الساعة 19-10-2017, 05:16.
                    لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ

                    تعليق

                    • مصباح فوزي رشيد
                      يكتب
                      • 08-06-2015
                      • 1272

                      #11

                      ارحنا سيارة " البولو" من مغبّة السير ، ليقوم صاحبنا المضياف ، في مرتبة أخينا الأصغر ، بإخراج سيارة رباعية الدفع من المرأب الذي يتوسّط فناء البيت، في أجمل مكان يطل من أعالي المدينة على البحر .والشيء الوحيد الذي كنت أعرفه مسبقًا هو أن مشوارنا لا زال طويلا ولم ينته بعد، شعرت بالأمان وهو يسوق بمهارة تفوق الوصف ، وبروح عالية، تغلّب الصّمت على شهوة الكلام ، ما زاد اللّقاء عذوبة ، يتجوّل بنا مستبسلاً عبر شوارع المدينة ، كانّه يروّض مشاعرنا ، لكننا ندرك جيّدا أن أخانا الصغير لم يعد ذاك الفتى السعيد . فلولا بعض المصالح الدنيوية، وتعلّقه الشديد بأسرته المتواضعة، ببنيه الطيّبين وشريكة عمره اللّطيفة، لكان له رأي آخر، ولربما اتّخذ قراره بالعودة فورًا إلى أحضان العائلة الكبيرة، في مسقط رأسه، أين سيعيش حميمية قديمة بتفاصيلها الجديدة. لذلك فنحن لا ننكر عليه هذا الاحساس الغريب، ولطالما أفضى به ، نتشاطره معه عند كل حركة يقوم بها، وعندما يتجوّل بنا حول ساحة الكنيسة الشهيرة مثلا، أو على ضفاف خليج (سطوره)، أو من خلال كلامه المقتضب عن بعض الآثار والمعالم التي تزخر بها المنطقة، في حين لم يبق الكثير منها في ( روسيكادا )، كما كانت تُسمّى في عهد الفينيقيّين . يتبع .../...
                      التعديل الأخير تم بواسطة مصباح فوزي رشيد; الساعة 22-10-2017, 06:58.
                      لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ

                      تعليق

                      • عمار عموري
                        أديب ومترجم
                        • 17-05-2017
                        • 1300

                        #12
                        هنيئا لكم الجولة الممتعة في مدينة الفراولة :
                        سكيكدة الحبيبة.

                        تعليق

                        • مصباح فوزي رشيد
                          يكتب
                          • 08-06-2015
                          • 1272

                          #13
                          المشاركة الأصلية بواسطة عمار عموري مشاهدة المشاركة
                          هنيئا لكم الجولة الممتعة في مدينة الفراولة :
                          سكيكدة الحبيبة.
                          هنّأك الله بالتقوي والايمان يا هُمام
                          مدينة الفراولة وجنة الله فوق الأرض لكنّها تُعاني من بعض التهميش .
                          حضورك المميّز يُسعدني أستاذنا المحبوب
                          تقبّل منّي كل الاحترام .
                          التعديل الأخير تم بواسطة مصباح فوزي رشيد; الساعة 22-10-2017, 05:43.
                          لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ

                          تعليق

                          • عمار عموري
                            أديب ومترجم
                            • 17-05-2017
                            • 1300

                            #14
                            المشاركة الأصلية بواسطة مصباح فوزي رشيد مشاهدة المشاركة
                            هنّأك الله بالتقوي والايمان يا هُمام
                            مدينة الفراولة وجنة الله فوق الأرض لكنّها تُعاني من بعض التهميش .
                            حضورك المميّز يُسعدني أستاذنا المحبوب
                            تقبّل منّي كل الاحترام .
                            صاحيت، مصباح
                            آس انون دامنار

                            تعليق

                            • مصباح فوزي رشيد
                              يكتب
                              • 08-06-2015
                              • 1272

                              #15

                              أطلّ علينا الصباح ونحن نلتوي في طريق الكورنيش، غربي مدينة (جيجل) الأصيلة، بمنطقة تسمّى (زيّامة المنصورية)، الطبيعة فيها عذراء، بل ساحرة و" مجنونة " تأجّج المشاعر ، ها نحن ذا على مشارف (بجاية)، ونزولا لدى رغبتنا الجامحة، قام صديقنا العزيز بخفض سرعة عربيته المريحة، بمثل هذه المنطقة القريبة من (النّاصرية ) المفقودة، وتسلب العقول، قد تغنّى الشاعر الجزائري – قديمًا – وأنشد يقول:
                              دع العـراق وبغداد وشـــــــــامهما / فالناصرية مــــــا إن مثلــــــها بلد
                              بـر وبحر وموج للعيــــــــــون بـه / ســــارح بــــــان عنها الهم والنكد
                              حيث الهوى والهواء الطلق مجتمع / حيث الغنى والمنى والعيشة الرغد
                              يـــا طالبا وصفها إن كنت ذا نصف / قــل جنة الخلد فيــها الأهل الولـد
                              زرقة البحر تحفّ خضرة الغابة الكثيفة، التقى العشيقان فشكّلا ألوانًا" قزحية " عجيبة، في مشهد سريالي قلّما يحدث، امتزج الخيال بالواقع فولّد مشاعرا جيّاشة. وبينما نحن تحت تأثير السحر والجنون، خطر في بالي أن أداعب " العجوز " صاحبي، فرحت أسأله عن الرّومانسية وعن المنغمسين في هذا الأدب " الرّاقي " ، ليردّ على سؤالي باستهزاء – وكعادته:
                              - " عن " أدب الفراش " أصحاب الباطل عزيزي تسألني؟" .
                              قد يكون صائبا، فأصحاب الأقلام المأجورة، من الذين يطوّعون الحرف ويتفنّنون في سبك المعاني، يتلاعبون بالمشاعر في هذه الأيّام، بما يلقونه من دعم من طرف البعض .
                              يتبع .../...
                              التعديل الأخير تم بواسطة مصباح فوزي رشيد; الساعة 29-10-2017, 10:44.
                              لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ

                              تعليق

                              يعمل...
                              X