إلاّ عينك الشمال !
رافق مدير قسم المستخدمين الموظفة الجديدة إلى الموقع الذي ستعمل به .
وجّه كلامه نحوها مشيرا إلى أحد الموظفين بينما كان مشغولا بمكالمة هاتفية :
ــ هذا موريس زميلك وجارك في الركن الذي سيجمعكما معا ، يعمل بوظيفة " تليفونيست " .
تقدم المدير نحو موريس ، نكزه بكتفه قائلا له :
ــ موريس انتبه ، هل أنت معي ؟ هذه إلهام زميلتك الجديدة في قسم الإستقبال .
قم بمساعدتها إن طلبت منك ذلك ، ولا ترهقها في أيامها الأولى للوظيفة .
ابتسمت إلهام لموريس . وابتسم موريس لإلهام ثم قال مازحا:
ــ لا تشغل بالك يا مديري العزيز ، سأضع إلهام في " بوبو " عيني الشمال ، ثم غمز له بينما كان يرد على مكالمة تلفونية .
ربت المدير على رأس موريس مداعبا وهو يغادر :
ــ إلاّ عينك الشمال يا موريس !
وضعت إلهام زميلها موريس في دائرة اهتماماتها . فهو يبدو أنيقا ، مجاملا . استطاعت أن تنفذ إلى أعماقه من خلال عينيه
رغم أنه يخفيهما بنظَّاراة ذات عدستين قاتمتي اللون . وكأن ما تراه في الأعماق يرسل الرعدة في جسدها .
وماذا يهمني أنا في هذا كلّه ؟ قالت ذلك في سرّها بصوت حاولت أن تجعله طبيعيا . ثم تنظر بإمعان إلى عينيه الشبيهتين بعيني قطة
تضطرب وتقول وهي تصطنع عدم المبالاة : ــ طبعا .. طبعا .. إن هذا لا يهمني في شيء .
كانت هذه الأحاديث التي تدار همسا في ركن مغلق من قفصها الصدري ، تترك دائما في أعماق نفسها احساسا ملتهبا .
حقا إنها واثقة من نفسها ومن قدرتها على دك الحصن الذي يتمترس خلفه زميلها ، ولن تتحسّر على اللبن المسكوب إذا فشلت أول محاولة .
لأنها تدرك تماما أن الفرصة إن ذهبت فلن تعود كما حصل معها بفرص كثيرة ضائعة .
ما هذا القلق كلّه ؟ لماذا أجهد نفسي في أمر قد يكون بعيد المنال ؟ أمَا كان الأجدر بي أن أخطف نظرة نحو أصابع يديه
فأعرف إن كان مرتبطا بعلاقة زواج أو خطوبة !
ولكن _ لسوء الحظ _ قد تستطيع أي إمرأة اعتياد كل شيء ، إلا أن تعيش بلا زوج ! وكان هذا أسوأ ما يواجهها في حياتها .
وأخيرا قررت أن تستجمع شجاعتها ، وتفعل مثلما تفعل البنات المراهقات . وانتهزت فرصة انشغاله بالرد على مكالمة تلفونية .
تقدمت خطوة نحوه وقالت :
ــ أتسمح من فضلك ؟
وكأنه لم يسمع شيئا .. ولكنها لم تتراجع ، ولم تلبث أن حصلت على مرادها .
أصابع اليد نظيفة ، العريس غير مرتبط ، وبدا لها أن طاقة القدر قد انفتحت .
تلفّتت حولها كالذي يفيق من سبات ، قررت أن تسير حتى آخر محطة في الطريق .
لا شك أنها يجب أن تستغل شبابها وجمالها ودلالها الآن .. ولكن لا بد إذا سارت بهذا الدرب أن ينتهي بها المطاف
إلى نظرة فابتسامة فسلام فكلام فموعد فلقاء ! وهذا ما لا ترغب به . أنها تريد أن تتزوج " على سنة الله ورسوله " .
قد يظنني مسلمة ؟ اسم إلهام ، هو للمسلم وللمسيحي . وبما أنه مسيحي سوف يبتعد عني وكأنني مصابة بمرض معدي .
وكيف سيعرف أنني مسيحية مثله ؟ عدم لبسي للحجاب لا يكفي ، فكثير من البنات المسلمات غير محجبات .
هكذا صارت تكلّم نفسها كالمجانين !
كان يكفيها أن تجلس في الركن البعيد من مكتبهما المشترك وتترك الإلهام يطرق بابها .
يا للسماء ! ما أروع ما تفتّق ذهني عنه . سوف أبرز صليبي الذي بعنقي فوق صدري فيشاهده المحروس فيعرف أنني
مسيحية أجوز له ، " ونخلص من الهم اللي اسمه موريس " .
ومضت في نهاية الدوام إلى الركن القريب من موريس . رفعت صليبها الذهبي المعلّق بصدرها ووضعته فوق بلوزتها ، هزَّته بطريقة مسرحية ،
فبدا بجماله كأنه " هياكل من رقبتها حتة " ! ولكنها توقفت قبل أن تقترب منه أكثر ، لم يكن المنظر يسر .
رأت موريس يحمل عصاته البيضاء ويغادر .
رافق مدير قسم المستخدمين الموظفة الجديدة إلى الموقع الذي ستعمل به .
وجّه كلامه نحوها مشيرا إلى أحد الموظفين بينما كان مشغولا بمكالمة هاتفية :
ــ هذا موريس زميلك وجارك في الركن الذي سيجمعكما معا ، يعمل بوظيفة " تليفونيست " .
تقدم المدير نحو موريس ، نكزه بكتفه قائلا له :
ــ موريس انتبه ، هل أنت معي ؟ هذه إلهام زميلتك الجديدة في قسم الإستقبال .
قم بمساعدتها إن طلبت منك ذلك ، ولا ترهقها في أيامها الأولى للوظيفة .
ابتسمت إلهام لموريس . وابتسم موريس لإلهام ثم قال مازحا:
ــ لا تشغل بالك يا مديري العزيز ، سأضع إلهام في " بوبو " عيني الشمال ، ثم غمز له بينما كان يرد على مكالمة تلفونية .
ربت المدير على رأس موريس مداعبا وهو يغادر :
ــ إلاّ عينك الشمال يا موريس !
وضعت إلهام زميلها موريس في دائرة اهتماماتها . فهو يبدو أنيقا ، مجاملا . استطاعت أن تنفذ إلى أعماقه من خلال عينيه
رغم أنه يخفيهما بنظَّاراة ذات عدستين قاتمتي اللون . وكأن ما تراه في الأعماق يرسل الرعدة في جسدها .
وماذا يهمني أنا في هذا كلّه ؟ قالت ذلك في سرّها بصوت حاولت أن تجعله طبيعيا . ثم تنظر بإمعان إلى عينيه الشبيهتين بعيني قطة
تضطرب وتقول وهي تصطنع عدم المبالاة : ــ طبعا .. طبعا .. إن هذا لا يهمني في شيء .
كانت هذه الأحاديث التي تدار همسا في ركن مغلق من قفصها الصدري ، تترك دائما في أعماق نفسها احساسا ملتهبا .
حقا إنها واثقة من نفسها ومن قدرتها على دك الحصن الذي يتمترس خلفه زميلها ، ولن تتحسّر على اللبن المسكوب إذا فشلت أول محاولة .
لأنها تدرك تماما أن الفرصة إن ذهبت فلن تعود كما حصل معها بفرص كثيرة ضائعة .
ما هذا القلق كلّه ؟ لماذا أجهد نفسي في أمر قد يكون بعيد المنال ؟ أمَا كان الأجدر بي أن أخطف نظرة نحو أصابع يديه
فأعرف إن كان مرتبطا بعلاقة زواج أو خطوبة !
ولكن _ لسوء الحظ _ قد تستطيع أي إمرأة اعتياد كل شيء ، إلا أن تعيش بلا زوج ! وكان هذا أسوأ ما يواجهها في حياتها .
وأخيرا قررت أن تستجمع شجاعتها ، وتفعل مثلما تفعل البنات المراهقات . وانتهزت فرصة انشغاله بالرد على مكالمة تلفونية .
تقدمت خطوة نحوه وقالت :
ــ أتسمح من فضلك ؟
وكأنه لم يسمع شيئا .. ولكنها لم تتراجع ، ولم تلبث أن حصلت على مرادها .
أصابع اليد نظيفة ، العريس غير مرتبط ، وبدا لها أن طاقة القدر قد انفتحت .
تلفّتت حولها كالذي يفيق من سبات ، قررت أن تسير حتى آخر محطة في الطريق .
لا شك أنها يجب أن تستغل شبابها وجمالها ودلالها الآن .. ولكن لا بد إذا سارت بهذا الدرب أن ينتهي بها المطاف
إلى نظرة فابتسامة فسلام فكلام فموعد فلقاء ! وهذا ما لا ترغب به . أنها تريد أن تتزوج " على سنة الله ورسوله " .
قد يظنني مسلمة ؟ اسم إلهام ، هو للمسلم وللمسيحي . وبما أنه مسيحي سوف يبتعد عني وكأنني مصابة بمرض معدي .
وكيف سيعرف أنني مسيحية مثله ؟ عدم لبسي للحجاب لا يكفي ، فكثير من البنات المسلمات غير محجبات .
هكذا صارت تكلّم نفسها كالمجانين !
كان يكفيها أن تجلس في الركن البعيد من مكتبهما المشترك وتترك الإلهام يطرق بابها .
يا للسماء ! ما أروع ما تفتّق ذهني عنه . سوف أبرز صليبي الذي بعنقي فوق صدري فيشاهده المحروس فيعرف أنني
مسيحية أجوز له ، " ونخلص من الهم اللي اسمه موريس " .
ومضت في نهاية الدوام إلى الركن القريب من موريس . رفعت صليبها الذهبي المعلّق بصدرها ووضعته فوق بلوزتها ، هزَّته بطريقة مسرحية ،
فبدا بجماله كأنه " هياكل من رقبتها حتة " ! ولكنها توقفت قبل أن تقترب منه أكثر ، لم يكن المنظر يسر .
رأت موريس يحمل عصاته البيضاء ويغادر .
تعليق