لست مجنونة!

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • عائده محمد نادر
    عضو الملتقى
    • 18-10-2008
    • 12843

    لست مجنونة!


    لست مجنونة !
    انتابت زوجي موجة ضحك هستيري..
    لما فاجأني مضطجعة فوق الأريكة، أأرجح ساقي في الهواء وأنفخ دخان سيجارتي، فارتمى على الكرسي يقهقه قهقهة خرقاء مخفوقة بصقيع الدهشة، ومسح بحنق شعري الذي صبغته باللون الأشقر الفاقع بعد أن قصصته قصيرا، ثم خفتت ضحكته وامتقعت سحنته تعلوها غيمة خيبة بدت لي ستمطر غضبا!
    ارتبكت..
    أخرستُ صهيل خجلي المجلجل، وكفنت وجهي بيدي عنه لما لمحته ينظر إلي بريبة كأنه يحاول الولوج داخل بواطني ليكتشف كنه المخلوقة التي أمامه، تمنيت لو أننا أصبحنا شفافين مثل الزجاج لأرى مابداخله ولأختفي عن ناظريه، تمتمت بعناء كلمات مبهمة لم تفض لشيء، وارتأيت أن أرتشف حماقتي على مضض وصمت ، وأنتظر ردة فعله بدقات قلب خشيت ان يسمعها.
    صمت شاحبا برهة خلتها طالت، ثم غادر الصالة.
    ابتاع لي في اليوم التالي باروكة شعر طويلة، لأنه لا يحب الشعر القصير، رماها على الطاولة وخرج دون أن ينبس ببنت شفة.
    وأشعره تاه عني أكثر في دوامه حياتنا الروتينة، يشرد بأفكاره فنأكل صامتين، ويهاتف صديقه المقرب في حديث طويل، أو نتبادل كلمات جوفاء يردد صداها قحط قفز على حياتنا الفاترة، وأحاديث كنا نسترسل بها عن حياته الصعبة هنا وسط بلد غربي غريب عن بيئته الشرقية، وبحثه عن زوجة، تصلح أن تكون أما لأولاده، تعوضه احساسه بالغربة، وعن صباي وعشقي للعب دور الفاتنات، فأتقمص رقة أودري هيبورن وسيجارتها، ووحشية نظرات شارون ستون وفتنتها، فأبقى أعيش الشخصية أياما طويلة حتى يأتي دور شخصية أخرى!
    - هل كنت مجنونة، أمازلت تفعلينها!؟
    فاجأني سؤاله بنبرته الجادة، ونظرته المذهولة المحملقة بوجهي ألجمتني يومها، ففضلت توشح برقع الصمت.
    ساعات اليوم طويلة ومملة أقضيها بين أعمال البيت المعتادة وتحضير وجبة شرقية لاثنين، وأسرع بعدها لأروقة أفلامي التي ضمنتها ماكنت أود أن تكون حياتي عليه، أفلامي التي خبأتها بعيدا عن متناول يده لئلا أثير حفيظته التي استثيرت منذ ذاك اليوم المربك، فحفظت فيها كل لمحة ولقطة حميمة تجمع حبيبين، وأسأل نفسي لم لا يعشقني مثلما يغرم هؤلاء الرجال بزوجاتهم وحبيباتهم، وهو الرجل الذي عاش خمس سنين هنا، لمَ يبادرني بفتور المشاعر كلما جئته ببراكين الشوق، لأستفيق على حقيقة مرة أني بت أعيش حياتي وحيدة ومنبوذة، في بلد غريب.
    فقررت أن ألغي لعبة الفاتنات من حياتي، وألبس ثياب الحداد عليهن لمرة أخيرة، وأن أفاتحه اليوم بالحقيقة، نعم سأفعلها فلا مجال للتهرب بعد الآن.
    دخل الردهة وهو يرتدي بزة سوداء وربطة عنق جهنمية اللون، يضع إحدى يديه في جيبه الأيسر، وتنام الأخرى داخل صدره، وسيما، رائعا، والأضواء الخافتة تصب على وجهه غموض آسر.
    أجفلتني عودته المبكرة، حتى أني لم أستطع التخلص من نقاب الدانتيلا الأسود الذي وشحت رأسي ووجهي به، رفعت رأسي رويدا رويدا، أرمقه من خلال القماش الشفاف.
    صعق !
    فغر فاه..
    وضرب جبينه بيده وهو يتمتم ساخطا:
    - ياإلهي، أكان لابد أن تكوني اليوم، الأرملة السوداء!؟
    الشمس شمسي والعراق عراقي ..ماغير الدخلاء من أخلاقي .. الشمس شمسي والعراق عراق
  • عائده محمد نادر
    عضو الملتقى
    • 18-10-2008
    • 12843

    #2
    أتمنى على كل من يقرأ نصي ويجد نقدا لاذعا أو منصفا لايهم
    المهم أن ينقد النص بدون مجاملة أو شعور بالحرج ولن يكون هناك سوى الشكر، حتى لو شرحتموه تشريححا هاهاها
    مع محبتي للجميع والف باقة ورد
    الشمس شمسي والعراق عراقي ..ماغير الدخلاء من أخلاقي .. الشمس شمسي والعراق عراق

    تعليق

    • عمار عموري
      أديب ومترجم
      • 17-05-2017
      • 1300

      #3
      المشاركة الأصلية بواسطة عائده محمد نادر مشاهدة المشاركة
      أتمنى على كل من يقرأ نصي ويجد نقدا لاذعا أو منصفا لايهم
      المهم أن ينقد النص بدون مجاملة أو شعور بالحرج ولن يكون هناك سوى الشكر، حتى لو شرحتموه تشريححا هاهاها
      مع محبتي للجميع والف باقة ورد
      قد يكون النقد تحليلا فيظهر إيجابيات النص دون سلبياته، وقد يكون انتقادا يظهر سلبياته أكثر من إيجابياته، وفي كلا الحالتين وبالنهاية، فهو يساهم في إثراء النص كي يفهمه القارئ أكثر.
      يوم طيب لك، أستاذه عايده محمد نادر في انتظار عودتي إلى هذا النص الممتع.

      تعليق

      • حسين ليشوري
        طويلب علم، مستشار أدبي.
        • 06-12-2008
        • 8016

        #4
        أهلا بالنادرة عائده محمد نادر، أم رويدة.
        قرأت قصتك العجيبة ولم أجد فيها أية رسالة إلا رسالة قدرتك الكبيرة على التعبير الجميل، وقد أغامر فأقول إن قصتك هذه مما يدرج ضمن ما يسمى "الأدب من أجل الأدب" (بمفهوم الأدب الفني فقط وليس الأخلاقي) أو "الفن من أجل الفن" هذا من جهة الرؤية الأولية السطحية، وإلا فهي تصور حياة امرأة ضائعة في دوامة الحياة المدوخة لكن من غير سلاح فكري أو ثقافي إلا "ثقافة" الأفلام الغربية الممسوخة/المساخة وأبطالها نساء ورجالا.
        هي حياة امرأة لا تعرف من هي ولا ما هو دورها في الحياة، امرأة تعيش كالريشة في مهب التيارات الغربية العاتية، امرأة تعيش حياة الغراب الذي راح يقلد مشية القطاة (نوع من الحمام البري) فأضل مشيته ونسي مشيتها فبقي يترنح لا يستقر له حال.
        "إن الغراب وكان يشمي مشية فيما مضى من سالف الأجيال
        حسد القطا وأراد يمشي مشيها فأصــــــــــــابه ضرب من العُقَّال
        فأضل مشيته ونسي مشيها ولذلك كنَّوه أبا مِرْقـــــــــــــــــــــــــــال"
        وهذه حال من يضل عن ثقافته الأصيلة ويروح يقلد "ثقافة" لا تمت إلى تاريخه وشخصيته وتاريخه بصِلة إلا صلة التقليد الأعمى.
        قصة جميلة أعجبتني من حيث صياغتُها ولغتُها لكنها لم تعجبني من حيث رسالتُها.
        على فكرة: ما لون جهنم؟ "
        دخل الردهة وهو يرتدي بزة سوداء وربطة عنق جهنمية اللون
        تحيتي إليك ومحبتي لك كما تعلمين.

        sigpic
        (رسم نور الدين محساس)
        (رسّام بجريدة المساء الجزائرية 1988)

        "القلم المعاند"
        (قلمي هذا أم هو ألمي ؟)
        "رجوت قلمي أن يكتب فأبى، مُصِرًّا، إلاَّ عِنادا
        و بالرَّفض قابل رجائي و في الصَّمت تمــادى"

        تعليق

        • عائده محمد نادر
          عضو الملتقى
          • 18-10-2008
          • 12843

          #5
          مساء المساءات الجميلة بوجودكم
          أحببت أن أكتب معنى الجهنمي
          الجهنمية شجرة مزهرة متسلقة وممتدة الفروع ولها لون يمتزج بين ( الموف / البنفسجي / الأحمر )
          لاأدري هل لها اسم آخر في بلداننا العربية الأخرى حقيقة لكن بظني ان الاسم شائع جدا
          تحياتي للجميع
          الشمس شمسي والعراق عراقي ..ماغير الدخلاء من أخلاقي .. الشمس شمسي والعراق عراق

          تعليق

          • المختار محمد الدرعي
            مستشار أدبي. نائب رئيس ملتقى الترجمة
            • 15-04-2011
            • 4257

            #6
            سأتناول القصة كقارئ ,و لا كناقد لذلك أرجو أن لا تأخذي كلامي مأخذ الجد فالأخ عمار عموري
            و الإخوة رواد القصة و النقد هم أدرى مني بالقراءة .
            رأيت القصة , تتناول مشكلة امرأة عربية , تريد أن ترضي زوجا , بدا لي متأثرا بالمرأة الغربية في النص , فهي تبذل قصارى جهدها لأجل المحافظة على عش الزوجية , مما حدى بها أن تتقمص دور بعض الشهيرات من نساء الغرب .
            و تقليد الغرب عند العرب قضية قديمة و شائكة منذ القديم فنحن على رأي المثل التونسي ( لا جينا غنم و لا جينا معيز ) لا كنا عرب و لا كنا غرب , لا إلى هؤلاء و لا إلى هؤلاء , شبابنا لم يقلد الغرب في صناعة الصاروخ , و الطائرة و إنما قلده في رقصة :
            ( البريك دانس ) و التزين بالأخراص في الأذنين و الشفاه , و الميوعة الزائدة .
            أعتقد أن الأستاذة عائدة قد حسمت الموضوع في نهاية القصة و ارتدت البرقع الأسود غير عابئة بشطحات هذا الأخير مهما كانت قاسية .
            أعجبني السرد , كان رائعا , أعجبني البناء كان محكما
            لكن في الآن نفسه ,رأيت أنك قد غيبت الكثير من العناصر عن القصة , كان من المفترض أن تكون حاضرة فيها .
            مثلا : كان بإمكانك أن تحدثينا ,و لو باقتضاب عن ذلك البلد الغربي , و لو عن الشارع الذي تقطنين به , و أنت ذاهبة للتسوق ,
            عن حالة الطقس ذات يوم , عن طبيعة الناس و عن تعاملك معهم .....
            كذلك كنت قادرة بأسلوبك السردي الرائع أن تحدثينا عن الأولاد , فالمكان هو البيت كما يراه القارئ , إن كانوا يعيشون معك في الغربة , أو أن تصفي لنا شوقك إليهم , إن كنت قد تركتهم مع الأهل في بلدهم الأصلي لأجل الدراسة .
            هذا باختصار رأي كقارئ , حيث كنت بإمكانك أن تبحري بنا أكثر بأسلوبك الشيق في السرد و ذلك عبر التوسع في القصة
            التي رأيتها مقتصرة على عنصرين فقط هما الزوج و الزجة..
            خلاصة القول أن قصتك رأيتها رائعة و ليس هذا من باب المجاملة
            مع احترامي لأراء بقية الزملاء و الزميلات
            تقبلي خالص ودي و تقديري
            و إن شاء الله من إبداع إلى آخر
            [youtube]8TY1bD6WxLg[/youtube]
            الابتسامة كلمة طيبة بغير حروف



            تعليق

            • حسين ليشوري
              طويلب علم، مستشار أدبي.
              • 06-12-2008
              • 8016

              #7
              "لست مجنونة" لعايده محمد نادر.

              لست مجنونة
              عايده محمد نادر

              انتابت زوجي موجة [نوبة] ضحك هستيري .. لما فاجأني مضطجعة فوق الأريكة، أأرجح ساقي في الهواء وأنفخ دخان سيجارتي، فارتمى على الكرسي يقهقه قهقهة خرقاء مخفوقة [ممزوجة] بصقيع [؟!!!] الدهشة، ومسح بحنق شعري الذي صبغته باللّون الأشقر الفاقع [أو الناصع] بعد أن قصصته قصيرا، ثم خفتت ضحكته وامتقعت سحنته تعلوها غيمة خيبة بدت لي ستمطر غضبا!
              ارتبكت..
              أخرستُ صهيل خجلي المجلجل، وكفنت وجهي بيدي عنه لما لمحته ينظر إلي بريبة كأنه يحاول الولوج داخل بواطني ليكتشف كنه المخلوقة التي أمامه، تمنيت لو أننا أصبحنا شفافين مثل الزجاج لأرى ما بداخله ولأختفي عن ناظريه، تمتمت بعناء كلمات مبهمة لم تفض لشيء [إلى شيء]، وارتأيت أن أرتشف حماقتي على مضض و[في] صمت، وأنتظر ردة فعله بدقات قلب خشيت أن يسمعها.
              صمت شاحبا برهة خلتها طالت، ثم غادر الصالة.


              ابتاع لي في اليوم التالي باروكة شعر طويلة، لأنه لا يحب الشعر القصير؛ رماها على الطاولة وخرج دون أن ينبس ببنت شفة؛ وأشعره تاه عني أكثر في دوامه حياتنا الروتينة، يشرد بأفكاره فنأكل صامتين، ويهاتف صديقه المقرب في حديث طويل، أو نتبادل كلمات جوفاء يردد صداها قحط قفز على [إلى] حياتنا الفاترة، وأحاديث كنا نسترسل بها عن حياته الصعبة هنا وسط بلد غربي غريب عن بيئته الشرقية، وبحثه عن زوجة تصلح أن تكون أما لأولاده، تعوضه إحساسه بالغربة، وعن صباي [تصابيَّ] وعشقي للعب دور الفاتنات، فأتقمص رقة "أودري هيبورن" وسيجارتها، ووحشية نظرات "شارون ستون" وفتنتها، فأبقى أعيش الشخصية أياما طويلة حتى يأتي دور شخصية أخرى!


              - هل كنت مجنونة، أمازلت تفعلينها!؟
              فاجأني سؤاله بنبرته الجادة، ونظرته المذهولة المحملقة بوجهي ألجمتني يومها، ففضلت توشح برقع الصمت.


              ساعات اليوم طويلة ومملة أقضيها بين أعمال البيت المعتادة وتحضير وجبة شرقية لاثنين، وأسرع بعدها لأروقة [إلى أروقة] أفلامي التي ضمنتها ما كنت أود أن تكون حياتي عليه، أفلامي التي خبأتها بعيدا عن متناول يده لئلا أثير حفيظته التي استثيرت منذ ذاك اليوم المربك، فحفظت فيها كل لمحة ولقطة حميمة تجمع حبيبين، وأسأل نفسي: "لم لا يعشقني مثلما يغرم هؤلاء الرجال بزوجاتهم وحبيباتهم، وهو الرجل الذي عاش خمس سنين هنا؟ لمَ يبادرني بفتور المشاعر كلما جئته ببراكين الشوق؟" لأستفيق على حقيقة مرة أني بت أعيش حياتي وحيدة ومنبوذة في بلد غريب؛ فقررت أن ألغي لعبة الفاتنات من حياتي وألبس ثياب الحداد عليهن لمرة أخيرة وأن أفاتحه اليوم بالحقيقة؛ نعم سأفعلها فلا مجال للتهرب بعد الآن.


              دخل الردهة وهو يرتدي بزة سوداء وربطة عنق جهنمية اللون؛ يضع إحدى يديه في جيبه الأيسر، وتنام الأخرى داخل صدره، وسيما، رائعا، والأضواء الخافتة تصب على وجهه غموضا آسرا.


              أجفلتني عودته المبكرة، حتى إني لم أستطع التخلص من نقاب الدانتيلا الأسود الذي وشحت رأسي ووجهي به، رفعت رأسي رويدا رويدا، أرمقه من خلال القماش الشفاف.
              صعق، فغر فاهوضرب جبينه بيده وهو يتمتم ساخطا:
              -
              يا إلهي، أكان لا بد أن تكوني اليوم الأرملة السوداء (!؟).

              ___________________

              سبحان الله وبحمد سبحان الله العظيم.
              (خدمات رابطة محبي اللغة العربية [والمدافعين عنها])

              sigpic
              (رسم نور الدين محساس)
              (رسّام بجريدة المساء الجزائرية 1988)

              "القلم المعاند"
              (قلمي هذا أم هو ألمي ؟)
              "رجوت قلمي أن يكتب فأبى، مُصِرًّا، إلاَّ عِنادا
              و بالرَّفض قابل رجائي و في الصَّمت تمــادى"

              تعليق

              • عمار عموري
                أديب ومترجم
                • 17-05-2017
                • 1300

                #8
                المشاركة الأصلية بواسطة حسين ليشوري مشاهدة المشاركة
                لست مجنونة
                عايده محمد نادر

                انتابت زوجي موجة [نوبة] ضحك هستيري .. لما فاجأني مضطجعة فوق الأريكة، أأرجح ساقي في الهواء وأنفخ دخان سيجارتي، فارتمى على الكرسي يقهقه قهقهة خرقاء مخفوقة [ممزوجة] بصقيع [؟!!!] الدهشة، ومسح بحنق شعري الذي صبغته باللّون الأشقر الفاقع [أو الناصع] بعد أن قصصته قصيرا، ثم خفتت ضحكته وامتقعت سحنته تعلوها غيمة خيبة بدت لي ستمطر غضبا!
                ارتبكت..
                أخرستُ صهيل خجلي المجلجل، وكفنت وجهي بيدي عنه لما لمحته ينظر إلي بريبة كأنه يحاول الولوج داخل بواطني ليكتشف كنه المخلوقة التي أمامه، تمنيت لو أننا أصبحنا شفافين مثل الزجاج لأرى ما بداخله ولأختفي عن ناظريه، تمتمت بعناء كلمات مبهمة لم تفض لشيء [إلى شيء]، وارتأيت أن أرتشف حماقتي على مضض و[في] صمت، وأنتظر ردة فعله بدقات قلب خشيت أن يسمعها.
                صمت شاحبا برهة خلتها طالت، ثم غادر الصالة.


                ابتاع لي في اليوم التالي باروكة شعر طويلة، لأنه لا يحب الشعر القصير؛ رماها على الطاولة وخرج دون أن ينبس ببنت شفة؛ وأشعره تاه عني أكثر في دوامه حياتنا الروتينة، يشرد بأفكاره فنأكل صامتين، ويهاتف صديقه المقرب في حديث طويل، أو نتبادل كلمات جوفاء يردد صداها قحط قفز على [إلى] حياتنا الفاترة، وأحاديث كنا نسترسل بها عن حياته الصعبة هنا وسط بلد غربي غريب عن بيئته الشرقية، وبحثه عن زوجة تصلح أن تكون أما لأولاده، تعوضه إحساسه بالغربة، وعن صباي [تصابيَّ] وعشقي للعب دور الفاتنات، فأتقمص رقة "أودري هيبورن" وسيجارتها، ووحشية نظرات "شارون ستون" وفتنتها، فأبقى أعيش الشخصية أياما طويلة حتى يأتي دور شخصية أخرى!


                - هل كنت مجنونة، أمازلت تفعلينها!؟
                فاجأني سؤاله بنبرته الجادة، ونظرته المذهولة المحملقة بوجهي ألجمتني يومها، ففضلت توشح برقع الصمت.


                ساعات اليوم طويلة ومملة أقضيها بين أعمال البيت المعتادة وتحضير وجبة شرقية لاثنين، وأسرع بعدها لأروقة [إلى أروقة] أفلامي التي ضمنتها ما كنت أود أن تكون حياتي عليه، أفلامي التي خبأتها بعيدا عن متناول يده لئلا أثير حفيظته التي استثيرت منذ ذاك اليوم المربك، فحفظت فيها كل لمحة ولقطة حميمة تجمع حبيبين، وأسأل نفسي: "لم لا يعشقني مثلما يغرم هؤلاء الرجال بزوجاتهم وحبيباتهم، وهو الرجل الذي عاش خمس سنين هنا؟ لمَ يبادرني بفتور المشاعر كلما جئته ببراكين الشوق؟" لأستفيق على حقيقة مرة أني بت أعيش حياتي وحيدة ومنبوذة في بلد غريب؛ فقررت أن ألغي لعبة الفاتنات من حياتي وألبس ثياب الحداد عليهن لمرة أخيرة وأن أفاتحه اليوم بالحقيقة؛ نعم سأفعلها فلا مجال للتهرب بعد الآن.


                دخل الردهة وهو يرتدي بزة سوداء وربطة عنق جهنمية اللون؛ يضع إحدى يديه في جيبه الأيسر، وتنام الأخرى داخل صدره، وسيما، رائعا، والأضواء الخافتة تصب على وجهه غموضا آسرا.


                أجفلتني عودته المبكرة، حتى إني لم أستطع التخلص من نقاب الدانتيلا الأسود الذي وشحت رأسي ووجهي به، رفعت رأسي رويدا رويدا، أرمقه من خلال القماش الشفاف.
                صعق، فغر فاهوضرب جبينه بيده وهو يتمتم ساخطا:
                -
                يا إلهي، أكان لا بد أن تكوني اليوم الأرملة السوداء (!؟).

                ___________________

                سبحان الله وبحمد سبحان الله العظيم.
                (خدمات رابطة محبي اللغة العربية [والمدافعين عنها])

                شكرا لك أخي الحبيب الأستاذ الجليل على المساهمة القيمة في تصحيح هذا النص...
                ومع ذلك لا يزال في حاجة إلى تصحيح لغوي أو نحوي !
                على سبيل المثال لا الحصر :

                أأرجح = أرجح
                تعلوها غيمة خيبة بدت لي ستمطر غضبا! = تعلوها غيمة خيبة بدت لي أنها سترعد(أو ستزبد) غضبا!
                وأنتظر ردة فعله = وأنتظر رد فعله
                إلخ...

                تعليق

                • عائده محمد نادر
                  عضو الملتقى
                  • 18-10-2008
                  • 12843

                  #9
                  المشاركة الأصلية بواسطة حسين ليشوري مشاهدة المشاركة
                  لست مجنونة
                  عايده محمد نادر

                  انتابت زوجي موجة [نوبة] ضحك هستيري .. لما فاجأني مضطجعة فوق الأريكة، أأرجح ساقي في الهواء وأنفخ دخان سيجارتي، فارتمى على الكرسي يقهقه قهقهة خرقاء مخفوقة [ممزوجة] بصقيع [؟!!!] الدهشة، ومسح بحنق شعري الذي صبغته باللّون الأشقر الفاقع [أو الناصع] بعد أن قصصته قصيرا، ثم خفتت ضحكته وامتقعت سحنته تعلوها غيمة خيبة بدت لي ستمطر غضبا!
                  ارتبكت..
                  أخرستُ صهيل خجلي المجلجل، وكفنت وجهي بيدي عنه لما لمحته ينظر إلي بريبة كأنه يحاول الولوج داخل بواطني ليكتشف كنه المخلوقة التي أمامه، تمنيت لو أننا أصبحنا شفافين مثل الزجاج لأرى ما بداخله ولأختفي عن ناظريه، تمتمت بعناء كلمات مبهمة لم تفض لشيء [إلى شيء]، وارتأيت أن أرتشف حماقتي على مضض و[في] صمت، وأنتظر ردة فعله بدقات قلب خشيت أن يسمعها.
                  صمت شاحبا برهة خلتها طالت، ثم غادر الصالة.


                  ابتاع لي في اليوم التالي باروكة شعر طويلة، لأنه لا يحب الشعر القصير؛ رماها على الطاولة وخرج دون أن ينبس ببنت شفة؛ وأشعره تاه عني أكثر في دوامه حياتنا الروتينة، يشرد بأفكاره فنأكل صامتين، ويهاتف صديقه المقرب في حديث طويل، أو نتبادل كلمات جوفاء يردد صداها قحط قفز على [إلى] حياتنا الفاترة، وأحاديث كنا نسترسل بها عن حياته الصعبة هنا وسط بلد غربي غريب عن بيئته الشرقية، وبحثه عن زوجة تصلح أن تكون أما لأولاده، تعوضه إحساسه بالغربة، وعن صباي [تصابيَّ] وعشقي للعب دور الفاتنات، فأتقمص رقة "أودري هيبورن" وسيجارتها، ووحشية نظرات "شارون ستون" وفتنتها، فأبقى أعيش الشخصية أياما طويلة حتى يأتي دور شخصية أخرى!


                  - هل كنت مجنونة، أمازلت تفعلينها!؟
                  فاجأني سؤاله بنبرته الجادة، ونظرته المذهولة المحملقة بوجهي ألجمتني يومها، ففضلت توشح برقع الصمت.


                  ساعات اليوم طويلة ومملة أقضيها بين أعمال البيت المعتادة وتحضير وجبة شرقية لاثنين، وأسرع بعدها لأروقة [إلى أروقة] أفلامي التي ضمنتها ما كنت أود أن تكون حياتي عليه، أفلامي التي خبأتها بعيدا عن متناول يده لئلا أثير حفيظته التي استثيرت منذ ذاك اليوم المربك، فحفظت فيها كل لمحة ولقطة حميمة تجمع حبيبين، وأسأل نفسي: "لم لا يعشقني مثلما يغرم هؤلاء الرجال بزوجاتهم وحبيباتهم، وهو الرجل الذي عاش خمس سنين هنا؟ لمَ يبادرني بفتور المشاعر كلما جئته ببراكين الشوق؟" لأستفيق على حقيقة مرة أني بت أعيش حياتي وحيدة ومنبوذة في بلد غريب؛ فقررت أن ألغي لعبة الفاتنات من حياتي وألبس ثياب الحداد عليهن لمرة أخيرة وأن أفاتحه اليوم بالحقيقة؛ نعم سأفعلها فلا مجال للتهرب بعد الآن.


                  دخل الردهة وهو يرتدي بزة سوداء وربطة عنق جهنمية اللون؛ يضع إحدى يديه في جيبه الأيسر، وتنام الأخرى داخل صدره، وسيما، رائعا، والأضواء الخافتة تصب على وجهه غموضا آسرا.


                  أجفلتني عودته المبكرة، حتى إني لم أستطع التخلص من نقاب الدانتيلا الأسود الذي وشحت رأسي ووجهي به، رفعت رأسي رويدا رويدا، أرمقه من خلال القماش الشفاف.
                  صعق، فغر فاهوضرب جبينه بيده وهو يتمتم ساخطا:
                  -
                  يا إلهي، أكان لا بد أن تكوني اليوم الأرملة السوداء (!؟).

                  ___________________

                  سبحان الله وبحمد سبحان الله العظيم.
                  (خدمات رابطة محبي اللغة العربية [والمدافعين عنها])

                  ياخدمات رابطة اللغة العربية
                  مساء الخير
                  نكتب الجمل المجازية وليس من حقكم أن تتحكموا بها أو تقولوا عنها ( خطأ ) وتصححون لأنها ( مجاز )
                  (صباي ) تعني الصبا ومابعد الطفولة
                  والتصابي هي صفة كبار العمر الذين يتصرفون بشكل متصابي
                  أما ماتبقى فهي ( إلى وعلى ) وهذه ليست أخطاء بل تعتمد على الأديب نفسه
                  شكرا لتعبكم
                  الشمس شمسي والعراق عراقي ..ماغير الدخلاء من أخلاقي .. الشمس شمسي والعراق عراق

                  تعليق

                  • عمار عموري
                    أديب ومترجم
                    • 17-05-2017
                    • 1300

                    #10
                    المشاركة الأصلية بواسطة عائده محمد نادر مشاهدة المشاركة
                    ياخدمات رابطة اللغة العربية
                    مساء الخير
                    نكتب الجمل المجازية وليس من حقكم أن تتحكموا بها أو تقولوا عنها ( خطأ ) وتصححون لأنها ( مجاز )
                    (صباي ) تعني الصبا ومابعد الطفولة
                    والتصابي هي صفة كبار العمر الذين يتصرفون بشكل متصابي
                    أما ماتبقى فهي ( إلى وعلى ) وهذه ليست أخطاء بل تعتمد على الأديب نفسه
                    شكرا لتعبكم
                    أقدم هنا، امتناني وعرفاني للأستاذ الجليل حسين ليشوري على قراءته وتصحيحه لهذا النص.
                    وأقول :
                    صححت كم مرة نصوص كتاب كبار، ومنهم أستاذي الذي درسني العربية في مرحلة الثانوي، وصار فيما بعد أستاذا جامعيا وأديبا وناقدا جزائريا كبيرا، وأنت ستعرفه لو ذكرت لك اسمه، ولم أسمع من أي واحد منهم، إلا الشكر والترحم على الوالدين.
                    أما هنا، فلا نسمع إلا السب من أشخاص أقل ما يقال عنهم، أنهم كتاب مبتدئون.

                    تعليق

                    • عائده محمد نادر
                      عضو الملتقى
                      • 18-10-2008
                      • 12843

                      #11
                      المشاركة الأصلية بواسطة عمار عموري مشاهدة المشاركة
                      أقدم هنا، امتناني وعرفاني للأستاذ الجليل حسين ليشوري على قراءته وتصحيحه لهذا النص.
                      وأقول :
                      صححت كم مرة نصوص كتاب كبار، ومنهم أستاذي الذي درسني العربية في مرحلة الثانوي، وصار فيما بعد أستاذا جامعيا وأديبا وناقدا جزائريا كبيرا، وأنت ستعرفه لو ذكرت لك اسمه، ولم أسمع من أي واحد منهم، إلا الشكر والترحم على الوالدين.
                      أما هنا، فلا نسمع إلا السب من أشخاص أقل ما يقال عنهم، أنهم كتاب مبتدئون.
                      ولماذا اخترت مداخلتي وقدمت شكرك للصديق ليشوري
                      كان الأحرى بك أن تقتبس ماجاء على لسانه وتشكره وليس على مداخلتي
                      أما الأدباء المبتدئين فعلى الأقل هم في بداية المشوار ولم يذيلوا ( اسمهم ) ب ( أديب وناقد ) وهنا يكمن الفرق عمار
                      شكرناك على التصحيح أما النقد فلا ناقة لك به ولا جمل لأنك لا تمتلك أدنى مقومات الناقد والنقد وهذه حقيقة عليك أن تفهمها وأتصور هذه رؤيتي لك وليس عليك أن تتذمر منها لأن الناقد هناك من ينقد نقده سواء رضى بذلك أو لم.
                      من يسب ويشتم إنسان ضعيف ومن يتصيد بالماء العكر خبيث ولسنا من هذا ولا ذاك والحمد لله
                      رد على المقتبس ولكن لا ترد على الآخرين باقتباس مداخلتي فهذا ليس من حقك مطلقا
                      أنت مصحح جيد لكنك لست ناقدا بل ... فاشل بالنقد حد الضحك
                      أتمنى عليك أن تقرأ بعض النقد لنقاد حقيقين ومن ثم تمارس النقد
                      كن بخير
                      الشمس شمسي والعراق عراقي ..ماغير الدخلاء من أخلاقي .. الشمس شمسي والعراق عراق

                      تعليق

                      • عمار عموري
                        أديب ومترجم
                        • 17-05-2017
                        • 1300

                        #12
                        المشاركة الأصلية بواسطة عائده محمد نادر مشاهدة المشاركة
                        ولماذا اخترت مداخلتي وقدمت شكرك للصديق ليشوري
                        كان الأحرى بك أن تقتبس ماجاء على لسانه وتشكره وليس على مداخلتي
                        أما الأدباء المبتدئين فعلى الأقل هم في بداية المشوار ولم يذيلوا ( اسمهم ) ب ( أديب وناقد ) وهنا يكمن الفرق عمار
                        شكرناك على التصحيح أما النقد فلا ناقة لك به ولا جمل لأنك لا تمتلك أدنى مقومات الناقد والنقد وهذه حقيقة عليك أن تفهمها وأتصور هذه رؤيتي لك وليس عليك أن تتذمر منها لأن الناقد هناك من ينقد نقده سواء رضى بذلك أو لم.
                        من يسب ويشتم إنسان ضعيف ومن يتصيد بالماء العكر خبيث ولسنا من هذا ولا ذاك والحمد لله
                        رد على المقتبس ولكن لا ترد على الآخرين باقتباس مداخلتي فهذا ليس من حقك مطلقا
                        أنت مصحح جيد لكنك لست ناقدا بل ... فاشل بالنقد حد الضحك
                        أتمنى عليك أن تقرأ بعض النقد لنقاد حقيقين ومن ثم تمارس النقد
                        كن بخير
                        كما ترين أستاذتنا الكبيرة عايده محمد نادر ، أنا لا أحذف أي مشاركة حتى تلك المسيئة لي مثل مشاركتك هذه وغيرها منك ومن غيرك، هنا وفي غير هذا المتصفح.

                        والحمد لله الذي أرانا بفيك، شر ما فيك، وكفانا بذلك قول المزيد عنك.

                        تعليق

                        • عائده محمد نادر
                          عضو الملتقى
                          • 18-10-2008
                          • 12843

                          #13
                          المشاركة الأصلية بواسطة عمار عموري مشاهدة المشاركة
                          كما ترين أستاذتنا الكبيرة عايده محمد نادر ، أنا لا أحذف أي مشاركة حتى تلك المسيئة لي مثل مشاركتك هذه وغيرها منك ومن غيرك، هنا وفي غير هذا المتصفح.

                          والحمد لله الذي أرانا بفيك، شر ما فيك، وكفانا بذلك قول المزيد عنك.

                          الحمد لله الذي أنقذ ملتقى النقد من ( انتقادك )
                          لأنك لا تعرف من النقد شيئا وليس لك به ناقة ولا جمل حتى أنك حولت الكلبة في نص ما الى امرأة بقراءة لم أقرأ اسسوء منها بحياتي وبالرغم من أن نصوصي تتعرض للنقد كنت ومازلت أجد النقد فسحة تحول لأي نص بشرط أن لا تكون عينا الناقد عين ( حاقد )
                          وتبقى أنت مصحح جيد ولاشك
                          الشمس شمسي والعراق عراقي ..ماغير الدخلاء من أخلاقي .. الشمس شمسي والعراق عراق

                          تعليق

                          • زحل بن شمسين
                            محظور
                            • 07-05-2009
                            • 2139

                            #14
                            اقرب الناس الى المجانين هم الفلاسفة....
                            لذلك يقولون خذوا الحكمة من افواه المجانين،،
                            دمت بالعطاء يا عائدة
                            البابلي يقرؤك السلام

                            تعليق

                            يعمل...
                            X