دموع الصحراء

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • حسن لشهب
    أديب وكاتب
    • 10-08-2014
    • 654

    دموع الصحراء

    دموع الصحراء
    باولو كويليو
    ترجمة حسن لشهب

    عاد أحد أصدقائي من المغرب ومعه قصة جميلة…
    عند وصول رجل دين إلى مراكش، قرر بأن يتجول كل صباح في الصحراء الموجودة عند حدود المدينة. أثناء جولته الأولى، لاحظ رجلا ممددا فوق الرمل وبإحدى يديه كان يلمس الرمل وأذنه ملتصقة بالأرض.
    لعله مجنون قال لنفسه…
    لكن الحدث تكرر كل يوم، وبعد مرور شهر أثاره هذا السلوك الغريب وقرر أن يخاطب الرجل، جلس القرفصاء بجانبه، وبصعوبة بالغة –لأنه لم يكن يتكلم اللغة العربية جيدا- سأله:
    -ماذا تفعل؟
    -أؤنس الصحراء وأواسيها عن وحدتها ودموعها.
    -لم أكن أعلم أن الصحراء يمكن أن تبكي.
    -إنها تبكي كل يوم لأنها تحلم بأن تصبح مفيدة للإنسان وأن تتحول إلى حديقة فسيحة يمكن أن نزرعها حبوبا و ورودا، وأن نربي فيها خرافا.
    -إذن قل للصحراء بأن تنفذ مهمتها على الوجه الأكمل (قال رجل الدين) وكل مرة أمر من هنا، أفهم البعد الحقيقي للكائن الإنساني لأن فضاءه المفتوح يسمح لي أن أرى كم نحن صغار أمام الله.
    “لما أنظر إلى هذه الرمال أتخيل آلافا من البشر ولدوا متساوين، ولو أن العالم لم يكن على الدوام عادلا. جباله تسعفني على التأمل ولما أرى الشمس تشرق في الأفق تمتلئ روحي بالسعادة وأقترب أكثر من الخالق”.
    عاد رجل الدين إلى اهتماماته اليومية، وكم كانت دهشته كبيرة لما وجد الرجل صباح اليوم التالي في نفس المكان وفي نفس الوضع. فسأله:
    -هل أبلغت الصحراء كل ما قلته لك؟
    حرك الرجل رأسه بالإيجاب.
    -ومع ذلك تستمر في البكاء!
    -أسمع كل صرخاتها إنها تبكي الآن لأنها أدركت أنها بقيت بلا فائدة طوال آلاف السنين، وأنها أضاعت وقتها في الكفر بالله وبمصيرها.
    – فلتقل لها إذن بأن الكائن الإنساني بالرغم من حياته القصيرة، يقضي وقتا طويلا في التفكير بأنه بلا فائدة، معتقداً أن الله لم يكن عادلا معه، ولما تصل لحظة يحصل فيها حدث يوضح له لماذا ولد، يظن بأن الوقت قد فات لتغيير حياته، ويستمر في المعاناة، ومثل الصحراء يعذب نفسه عن الوقت الذي فات..
    قال الرجل: لا أدري إن كانت الصحراء تسمع لقد تعودت على الألم وليس بإمكانها رؤية الأشياء بشكل مغاير.
    -إذن سنعمل ما أقوم به دائما لما أشعر أن الناس فقدوا الأمل،.. سنصلي.
    جلسا معا على الركبتين وصليا، أحدهما استدار نحو مكة لأنه مسلم والآخر شبك يديه مصليا لأنه كاثوليكي. صلى كلا منهما لربه ولو أن الأمر يتعلق دائما بنفس الإله رغم أننا نلح على إعطائه أسماء مختلفة.
    في اليوم التالي، حين تابع رجل الدين جولته الصباحية، لم يكن الرجل هناك في المكان الذي اعتاد أن يعانق فيه الرمال، بدت الأرض رطبة لأن عينا صغيرة قد ظهرت. في الشهور الموالية كبرت العين و بنى سكان المدينة حولها بئرا.
    يسمي البدو المكان “بئر دموع الصحراء” ومن شرب ماءه كما يقولون سيحول مصدر آلامه إلى مبرر للفرحة وسينتهي إلى إدراك حقيقة مصيره.
    ______________
    *عن “مثل نهر يجري”; مجموعة نصوص لباولو كويليو
    التعديل الأخير تم بواسطة حسن لشهب; الساعة 14-10-2017, 18:44.
  • نورالدين لعوطار
    أديب وكاتب
    • 06-04-2016
    • 712

    #2
    أهلا بالترجمان حسن لشهب

    نص جميل
    مأخوذ هذا الرجل بالصحراء

    تحيّاتي

    تعليق

    • عبدالرحيم التدلاوي
      أديب وكاتب
      • 18-09-2010
      • 8473

      #3
      استمتعت بقراءة النص البليغ ذي الرسالة الإنسانية العميقة. اهنئك على ترجمتك القيمة.
      مودتي

      تعليق

      • إيمان الدرع
        نائب ملتقى القصة
        • 09-02-2010
        • 3576

        #4
        نصّ رائع استحوذ على اهتمامي
        وللصحراء أسرارها..ونبضها المتقاطع مع نبض البشر..
        بين أحلام مدفونة في الرمال..واستجرار ألم في رحلة شقاء..
        وبين منعطفٍ نحو الفرح..عندما ندرك ذواتنا ومصائرنا...
        سلمت يداك أستاذ حسن لشهب..ترجمة رائعة قدّمت نصّاً مدهشاً..له بعده النفسي والفلسفي..تحياتي ومودتي.

        تعيش وتسلم يا ااااااوطني ...يا حبّ فاق كلّ الحدود

        تعليق

        • عائده محمد نادر
          عضو الملتقى
          • 18-10-2008
          • 12843

          #5
          هلا بالأشهب الرائع
          أحببت أنك ترجمت هذا النص ونشرته كي نتعرف على أدب المختلفين عنا جغرافيا
          جمال الصحراء وعمق دلاليتها وأسرارها التي تكتنفها آسرة
          رحلة تصلح أن تكون رسالة تقترب من مقاربة بين الأديان وملاقحة صائبة بين الدمع والماء
          والعنوان لامس واقع النص بجزئية الدمع والنبع
          رؤيتي مؤكد تخص رأسي المجنون ولاعلاقة لها برؤية الناص
          شكرا جزيلا للفسحة
          محبتي وغابات ورد

          لو جلس الكابوس قربك

          http://almolltaqa.com/vb/showthread....-%DE%D1%C8%DF-!
          الشمس شمسي والعراق عراقي ..ماغير الدخلاء من أخلاقي .. الشمس شمسي والعراق عراق

          تعليق

          • حسن لشهب
            أديب وكاتب
            • 10-08-2014
            • 654

            #6
            اهلا بك أخي نور الدين
            ومن منا لا يعشق فضاء تبين فيه الأشياء وتتمايز بوضوح يفوق الوصف وترتاح النفس وأمامها تتحدد معالم الفكر .
            نص جميل فعلا أحببت مشاركنه معكم.
            شكرا لحضورك المفيد.
            تحياتي

            تعليق

            • حسن لشهب
              أديب وكاتب
              • 10-08-2014
              • 654

              #7
              أخي عبد الرحيم
              شكرا لمرورك وإشادتك التي أسعدتني فعلا
              مودتي

              تعليق

              • حسن لشهب
                أديب وكاتب
                • 10-08-2014
                • 654

                #8
                اهلا بالأديبة الرائعة إيمان الدرع
                شرف لي أن أحضى بهذه الزيارة المثرية .
                حقا أستاذتي فبين الصحراء كرمز وكفضاء جغرافي وبين الإنسان وشائج وروابط تحكي تاريخ الإنسان ، تاريخ تبين فيه الأشياء وتتضح حقيقة العلاقة بين النجاح والفشل ، القوة والضعف،.....
                شكرا لك سيدتي
                لك كل التقدير والاحترام

                تعليق

                يعمل...
                X