ساعة أبجدية

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • حسن لشهب
    أديب وكاتب
    • 10-08-2014
    • 654

    ساعة أبجدية

    ساعة أبجدية


    يتجرع بأسى شعورا بالخيبة صار يغزو النفس بشراسة... هناك كان يتخطى الحواجز بإصرار، في كاليفورنيا كان يحلم بالآتي، بكل ثقة كان يرسم خريطة المسار، راقصا رقصة رعاة البقر. أماما، دائما إلى الأمام، فالأفضل هو الآتي.
    -YES I Can do it
    هكذا كان يحدث نفسه بلغة ذلك البلد...
    وهو الآن يداري الحنق، يرسم على شفتيه الابتسامة، ما من داع لأن ينتبه أحد لهذا الحال. هي مجرد لحظات عصيبة آيلة إلى زوال. والأفضل هو الآتي. "The best is yet to come"
    تزور البال ذات الخمار الأسود، تلك التي اجتمع في عينيها كل سحر العالم! هناك قرب الكثبان الرملية حصل العهد والوعد!
    وكأن العالم يتغير في لحظة، في ساعة، وفي دقيقة...
    ما ألعن هذه الأيام، وما أقسى أن تتغير الأشياء وتتحرك الحياة دون أن ننظر في ما نتوقع ،وننشئ العالم الذي نريد.
    عشق الدنيا والجمال، واللون والموسيقى ولحظات الهيام، واشترى بسخاء كل دقيقة وكل ساعة بمقدار ما تجمع في حسابه من دولارات.
    لا يصدق ما حصل من تحول بين ساعاته الماضية والآنية، بعد أن تغيرت وجهته عن ذات الخمار...
    يتذكر الأخرى التي أراد أن يلوي بها ذراع الزمن، لا بأس، فاقتحام عالم النفوذ قرار واختيار.
    في ذلك اليوم أهداها ساعة مرصعة باللؤلؤ والألماس.
    عادت إلى الذاكرة ابتسامتها، وفي كل مرة يساوره شعور بأنه ربما كان عليه أن يمنح أكثر، لأن الجمال بلا ثمن ويستحق أكثر.
    سأله صديقه:
    -أما زلت تردد الحكاية، أليس الأفضل هو أن تسعى إلى حكاية جديدة.
    أحب كل النساء في عيني ذات الخمار، غرف من بحار الحب، ولم يرتو... في كل ساعة تغزو الذهن من بقيت بالانتظار! بماذا عساه يعوض ما ضاع؟! لحظة أخرى قاسية هكذا قال، وليس أمامه سوى النسيان.
    مرت الأيام، ورسم الدهر على الجبين علامات الهرم. نظر إلى الوراء فعلق الذهن بعلامات استفهام. من كل الأحجام، طال الصدأ مسامعه رغم تحذير صديقه الآخر:
    -ساعتنا ماضية يا صديقي، فلا تنس الآتية بلا ريب!
    كلما ابتسمت، كان يستنشق عبير الأمل...
    ساعة سعيدة، س... عيدة س..عي ..دة.. يا عيني، يا ليلي...
    رغم الغيم في السماء كان يرى إشراقة الشمس، ويرمي كل ما جنته اليد من كد الأيام، ولم يدخر جهدا في تدليل الجمال.
    -I am Happy !!
    جملته الأثيرة في هذه الأحوال...
    وسرعان ما بدأت ساعة المتع تجف، وحل محل سعادة الكون الحزن كله، ساعات كئيبة.. كئيـ..بة.
    ما زال هو هنا... بعد اللحظة الكئيبة، أسقط في يده بعد أن التقطت أذنه السم الزعاف.
    غدا، كيف سيكون الحال، سأل نفسه بعد الذي حصل.
    تسلل الألم إلى الأعماق، ومنها سرق ساعات الحلم بالأفضل الآتي...
    كل شيء كان مجرد سجن مسيج بورود سرعان ما ذبلت وتناهى إلى سمعه ما قالت…
    ساعة أخرى! !
    ساعة من ساعات الله
    كل شيء حدث بسهولة مذهلة.
    حينها أدرك، وعاد إلى ذاته يفك كل الرموز...
    ساعة واحدة كانت كافية لينهار عالم الأحلام، وتستقبله صلابة أرض واقع غادره إلى حين...
    هاله أن تعود الذكريات إلى الذهن كشريط قديم... صور بالأبيض والأسود من بينها صورة ذات الخمار...
    ارتعد خوفا حينما أدرك مساحة الفراغ التي اتسعت من حواليه بمقدار ما فرغ الجيب مع الأيام.
    كل الأشياء والناس مجرد أشباح.
    يحيط به الخلاء، بعد أن خفت وجيب قلب كسره عناد عمر طويلا.
    وكأن الزمن اجتازه بقسوة ولم يخلف وراءه إلا يبابا.
    سوف يجن! ساوره الخوف حين خلا، الجيب والبيت إلا من أثاث جامد كالصخر.
    تذكر لحظة خروجه من المستشفى، وبلا مقدمات أغرقت أذنه بسيل من الأعذار تفسر سبب الغياب.
    وفي تلك اللحظة أدرك كل شيء! !
    انتصبت أمامه عينيه ذات الخمار غاضبة، وكأنه سقط من الأعالي ورأسه يرتطم بالصخر، صار كل شيء بلا ملامح، وكأن العالم كساه الضباب.
    ساعة سعيدة
    ساعة كئيبة
    ساعة من ساعات الله.
    ساعة أبجدية، لتعلم أبجديات الحياة بلا مساحيق ولا ألوان.
    وبخطى وئيدة سار في اتجاه كثبان الرمل، من بعيد لمحته ذات الخمار، لم يستطع النظر في عينيها خجلا... صار المكان غير المكان، غزته المباني والخيام...
    قالت له معاتبة:
    -أنت فارسي وعاشقي، وبك أهش على زمني... قم لالتقاط رزقك فالشمس تكاد تتوسط السماء.

    حسن لشهب
  • عائده محمد نادر
    عضو الملتقى
    • 18-10-2008
    • 12843

    #2
    كأن العالم تغيير في ساعة أبجدية، لتعلم أبجديات الحياة بلا مساحيق ولا ألوان.
    حيث خلا الجيب والعمر من الوقت
    تمر السنين أحيانا دون أن نشعر بما خسرناه وجسامته
    من له كل هذه القدرة على تحمل مثل هذي الخسارات
    تجتاحنا أوراق الوسن متقدمة على امكانية معرفه التفريق بين الحلم والكابوس
    لكن الأمل يبزغ ولابد أن نمد الشراع ونبحر من جديد نحو حياة أخرى لها طعم الفوز
    نص جميل ربما الأجمل لك
    محبتي وغابات ورد

    لو جلس الكابوس قربك
    http://almolltaqa.com/vb/showthread....-%DE%D1%C8%DF-!
    الشمس شمسي والعراق عراقي ..ماغير الدخلاء من أخلاقي .. الشمس شمسي والعراق عراق

    تعليق

    • نورالدين لعوطار
      أديب وكاتب
      • 06-04-2016
      • 712

      #3
      لا أدري كيف داهمتني فكرة الأبعاد و أنا أنهي قراءة النص
      إن كانت النقطة بلا بعد والخط ببعد واحد و المستوى ببعدين والفضاء بثلاثة، وعززت الرياضيات فرضيات الأبعاد ما فوق الثلاثة بإتاحتها للإمكان المنطقي لها.
      وإن جئنا من الفزياء وجدنا انشطاين أضاف البعد الرابع حين يقرأ الكون زمكانيا.
      ومن خلال هذا الانفتاح البعدي وما عززته الرياضيات والفزياء، تصور البعض الروح كأفق، تُقرأ من البعد الخامس، لذلك تحس وجودها دون معرفتها واحتوائها بشكل واضح.
      تصورت فكرة الأبعاد هذه لأنّني تمثلت الإبداع، والذي يمكن أن تحكمه الحاسة السادسة، كارتقاء بُعدي.
      فكلّ كاتب يكتب وفق البعد الذي تصله حاسّته السادسة تلك.

      أتصور حضوركم الإبداعي يمارس فن الكتابة من زاوية نظر فوق ثلاثية الأبعاد المألوفة.

      سيدي باقة احترام

      تعليق

      • حسن لشهب
        أديب وكاتب
        • 10-08-2014
        • 654

        #4
        أهلا بك سيدتي
        سعيد بمرورك وبما خلفه النص لديك من امتاع وإشادة.
        كل التقدير والمودة

        تعليق

        • عبدالرحيم التدلاوي
          أديب وكاتب
          • 18-09-2010
          • 8473

          #5
          رغم كم الخيبات وما عاشته الشخصية من مآس، يبقى الأمل واردا.
          مودتي

          تعليق

          • حسن لشهب
            أديب وكاتب
            • 10-08-2014
            • 654

            #6
            يتخطى الحواجز بإصرار

            تعليق

            • عبدالرحمن السليمان
              مستشار أدبي
              • 23-05-2007
              • 5434

              #7
              قال الأول:
              أعلِّلُ النفسَ بالآمال أرقُبُها * * * * * ما أضيقَ العيشَ لولا فسحةَ الأملِ!

              وأنا أقول: لولا الأمل في لقاء من ودَّع المهاجرُ ذات يومٍ - ومن ذلك أمٌّ أو أبٌ أو ذاتُ خمارٍ أسود - لمات من أوَّل يوم هاجر فيه، ذلك أن الشِّرش - شرشَ الانسان في الحياة الطبيعية - يُقتلع في أول يوم من أيام الهجرة، ويَبقى نصفه الآخر مترنحًا بين الحياة والموت، يقاوم من أجل البقاء ما دام الأمل في لقيا من ودَّع المهاجرُ قائمًا يمدُّه بأسباب المقاومة.

              الأستاذ الفاضل حسن لشهب،

              لست قاصًا ولا ناقدًا له موهبة مثل موهبة الأستاذ نورالدين لعوطار والأستاذ عمار عموري وغيرهما من الأدباء والنقاد، فلا أتحدث في فنية النص. لكني قرأت واستمتعت وتعرفت على كثير مما جاء في قصتك من لحظات وقعها في قلب المهاجر أشد إيلامًا من الكَي. فالهجرة - سواء أكانت طوعية أو إكراهية - محنة ما بعدها محنة،

              تحياتي العطرة.
              عبدالرحمن السليمان
              الجمعية الدولية لمترجمي العربية
              www.atinternational.org

              تعليق

              • حسن لشهب
                أديب وكاتب
                • 10-08-2014
                • 654

                #8
                أهلا بك أخي نور الدين
                أتدري أنني وأنا أقرأ تعليقك أدركت مدى تفاعلك مع المقروء وقدرتك على الغوص ببراعة لسبر أغوار الكاتب.
                سعيد بحضورك أستاذي
                شكرا لمتابعتك المثرية

                تعليق

                • بسمة الصيادي
                  مشرفة ملتقى القصة
                  • 09-02-2010
                  • 3185

                  #9
                  الأستاذ حسن
                  تهت في نصّك وأخذتني لغتك الجميلة بعيدا
                  وربما أفضل النصوص هي التي كلما توغلنا فيها غرقنا أكثر
                  هناك خيط غامض ... بل عقرب في الساعات يدور ويدور
                  ساعة على معصم كل منا.. لا ترى .. ولكنها كالبوصولة تأخذنا إلى مصائرنا
                  هو الزمن بكل أقنعته ..جبار وإن بدا هشّا كأوراق الخريف
                  كل الودّ لك
                  في انتظار ..هدية من السماء!!

                  تعليق

                  • حسن لشهب
                    أديب وكاتب
                    • 10-08-2014
                    • 654

                    #10
                    شكرا للمرور المفيد
                    كن بألف خير سي عبد الرحيم

                    تعليق

                    • حسن لشهب
                      أديب وكاتب
                      • 10-08-2014
                      • 654

                      #11
                      العزيز نور الدين
                      أدركت متأخرا ما يفسر اختيارك لخط قراءة يمتح من الفيزياء.
                      إنه الزمن بما في ذلك زمن الحدث وتنقل البطل بين الماضي والحاضر ، الواقع والحلم ، الكائن والممكن وهذا التنقل بين أزمنة متعددة يجعل الانتقال من امريكا إلى رمال مرزوكة مستحيلا إلا إذا كان التحرك بسرعة خيالية وعبر الزمن كبعد رابع.
                      شكرا للإضافة المفيدة
                      التعديل الأخير تم بواسطة حسن لشهب; الساعة 25-10-2017, 19:30.

                      تعليق

                      يعمل...
                      X