محاكمة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • بسباس عبدالرزاق
    أديب وكاتب
    • 01-09-2012
    • 2008

    محاكمة

    طاولة مهترئة، وكتاب مفتوح على كل الاحتمالات، على مقربة منه حاسوب يفكر بصمت.
    غرفة مظلمة، مغلقة على نفسها، جدرانها الباردة توشك أن تتهاوى على نفسها.
    هناك متمدد على سريره الصدئ الذي يحدث بين اللحظة والأخرى أزيزا؛ منبها لوجود آثار باقية؛ لحياة بائسة.
    نافذة حمقاء تتوسط الجدار كرواق وهم، وريح تعبث في الخارج بباب المنزل الحديدي الذي ترك عمدا مفتوحا.
    متوسدا أفكاره، وغارقا في أوهامه، كان يفكر بعمق.
    بين الكتاب والحاسوب أوراق مبعثرة بعشوائية، وقلم معاند يرفض النوم.
    رهان بين الكتاب والحاسوب، والأوراق في حوار مع الكلمات التي التصقت بها ذات عبث روائي.
    الكتاب: سينتصر البطل ويحقق ذاته.
    الحاسوب: الخطة مصممة ليفشل.
    الروائي غارق في خياله، وهو يبحث عن حل للعقدة التي تأزمت أكثر مما توقع.
    البطل يقفز بين الأوراق متجاوزا ما رسمه الروائي من أحداث، حتى وصل آخر كلمة خطها قلم صارم وذكي.
    البطل: يجب أن أعرف حقيقتي.
    القلم: قدرك في رأسي، سأكتب حاضرك كما أريد.
    الأوراق: أعرف أبطالا كثيرين، بعضهم مجانين، وأغلبهم، ماتوا بين أحضاني.
    الكتاب: أعرف أكثر منك، الأبطال يعيشون في رأس الروائي، وحده من يستطيع رسم معالم انتصاراتهم.
    الحاسوب: في المعادلات التفاضلية يكون البطل مجرد رقم افتراضي بمقام معدوم فيكون الحل حالة عدم تعيين.
    انتفض الروائي، كمن أوشك أن يجد حلا.
    ضجيج الباب الحديدي، أعلن عن غلق كل منافذ التفكير، عندما صفعته الريح بقوة.
    حاول أن يجد حلا لبطله الذي يشبهه لحد كبير، مع فارق بسيط، أن بطله مجرد شبح يطوف غرفته، أحيانا يترجل عن الأوراق، يتحدث معه، يفكران معا، يتبادلان المواقع، فيكتب البطل حياة الروائي، ويتنفس الروائي مأساة كتاباته.
    الروائي: كيف يمكن أن يموت البطل بتلك الطريقة.
    القلم: كان رأيي منذ البداية أن نجهز عليه، لنستطيع إقامة جنازة راقية للشعر.
    الروائي: عندما نكتب، نحمل سكاكين حادة، نصيب بها أنفسنا، فنكرر أحزاننا ومآسينا، وكأننا ننتقم من الحياة بطريقة معكوسة.
    الكتاب: البطل لا يموت...أبدا يبقى حيا في ذاكرة الأجيال.
    الحاسوب: الأبطال مجرد وهم..
    الأوراق: أعرف الكثير من الأبطال الحقيقيين.
    الكتاب: وأنا أيضا، في دار النشر التي ولدت فيها، تعرفت بالكثير من الكتب الذين يحفظون قصصا مدهشة عنهم.
    الحاسوب: أنا مطلع عليهم أكثر منكم، بل رأيتهم كيف ماتوا، وكيف استسلموا، وبعضهم تائه في الحياة.
    الكتاب والأوراق معا: لا نصدقك.
    القلم: أعرف كل أسرار الروائيين، فهم يفشون بكل ما يفكرون به لي، وأحيانا يصدرون أوامرهم بقتل أبطالهم ببرودة.
    تصفع الريح مرة الباب الخارجي، كقاض يعلن حكمه:
    -أنا أعرف البشر قبلكم، كلهم يخافون البطولة.
    ينهض الروائي، ويتوجه نحو قلمه لينهي روايته.
    انتصر البطل، أصيب بالجنون ومات تائها بين الأوراق.
    السؤال مصباح عنيد
    لذلك أقرأ ليلا .. حتى أرى الأزقة بكلابها وقمامتها
  • عبدالرحيم التدلاوي
    أديب وكاتب
    • 18-09-2010
    • 8473

    #2
    جميل هذا الحوار بين أعضاء الكتابة، وطريقة طرح الموضوع كانت ذكية.
    مودتي

    تعليق

    • بسباس عبدالرزاق
      أديب وكاتب
      • 01-09-2012
      • 2008

      #3
      المشاركة الأصلية بواسطة عبدالرحيم التدلاوي مشاهدة المشاركة
      جميل هذا الحوار بين أعضاء الكتابة، وطريقة طرح الموضوع كانت ذكية.
      مودتي
      سعيد بقرائتك وتشجيعك
      إشادتك بالنص تريحني نوعا ما

      شكرا أيها البهي العذب
      محبتي
      السؤال مصباح عنيد
      لذلك أقرأ ليلا .. حتى أرى الأزقة بكلابها وقمامتها

      تعليق

      • عائده محمد نادر
        عضو الملتقى
        • 18-10-2008
        • 12843

        #4
        هلا وغلا بسباس
        وجدتها محاكمة لشابكة والحاسوب
        فهما الوحيدان يعيشان في الأثير ومن يعيش معهما دائما وحيد!!
        هل كنت متمردا هنا أم أن الكتابة أتعبت رأسك المليء بالهموم والعلم؟!
        أحببت بعض الرؤى العميقة هاهنا
        وبعض التعبيرات كانت رائعة فعلا
        محبتي والورد لك
        الشمس شمسي والعراق عراقي ..ماغير الدخلاء من أخلاقي .. الشمس شمسي والعراق عراق

        تعليق

        • بسباس عبدالرزاق
          أديب وكاتب
          • 01-09-2012
          • 2008

          #5
          المشاركة الأصلية بواسطة عائده محمد نادر مشاهدة المشاركة
          هلا وغلا بسباس
          وجدتها محاكمة لشابكة والحاسوب
          فهما الوحيدان يعيشان في الأثير ومن يعيش معهما دائما وحيد!!
          هل كنت متمردا هنا أم أن الكتابة أتعبت رأسك المليء بالهموم والعلم؟!
          أحببت بعض الرؤى العميقة هاهنا
          وبعض التعبيرات كانت رائعة فعلا
          محبتي والورد لك
          أحبب أستاذتي أن أكتب عني وعن الجميع ولكن بطريقة ربما تميل للنخبوية أكثر
          نعم هو التمرد وطلب الجمال أكثر فأكثر

          العمق... رغم أنني أطلبه حثيثا ولكن يظل بعيدا وكلما ظننته بعيد كلمة أصدم ببعده أكثر فأكثر
          في عالمنا العمق مغلف بالغباء المقنن والممنهج
          تلك البرمجة التي برمجنا عليها تحجب الرؤية

          محبتي وتقدير أستاذتي
          السؤال مصباح عنيد
          لذلك أقرأ ليلا .. حتى أرى الأزقة بكلابها وقمامتها

          تعليق

          يعمل...
          X