صرخة ملذوغ بعقارب الساعة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • البكري المصطفى
    المصطفى البكري
    • 30-10-2008
    • 859

    صرخة ملذوغ بعقارب الساعة

    صرخة ملذوغ بعقارب الساعة

    ها أنت تنقب في مستودع أفكارك؛ وحيرتك الأماني المعلولة . هل ترغب في جلب المزيد من الآهات إلى باحة كيانك ؛ فيرتج صدرك كمرجل يغلي على النار . ألم يكن صدرك دافئا باسم الله ولسانك رطبا بذكره .ها أنت تركض خلف سراب أمانيك بعدما أصبح الناس في شغل عنك وانفض الجمع من حولك ؛ وأصبحت تضرب أخماس بأسداس . كيف تعيد للحلقة توهجها بحكاياتك الممتعة التي انتزعت لها المعاطف واعتلاها التصفيق الجماهري بحرارة ؟. كنت ترتشف من قوارير الانتشاء ما يُثلج صدرك ؛ لا سيما عندما تصغي لقهقهات من حولك ، لأنك أمسكت بزمامك، و أبدعت في مداعبة الحكاية بطراز رفيع من التشويق ، وصوت منغم يعلو بمسامع الأشخاص فوق كل التصورات المحتملة للإطراب .حقا عرفت كيف تلملم رموز الحكاية بخفة حركات جوارحك ؛ فتتهاطل معانيها على نفوس الجمهور كزخات مطر بارد يوم القيظ ؛ لينسى الجمهور حصاد جراحاته الغائرة طوال اليوم ويدوس بنعاله على هموم الدنيا ...حقا إنها الفرجة ... وهذا غيض من فيض ............
    انتبه فجأة فوجد نفسه في ساحة "جامع الفنا " أطلق نور الشمس شرارات المغيب فاختلطت الحمرة بدخان المقاهي الفواح. كان المشهد كله معتقا برائحة مقليات وشواء؛ والنهار يسلم مفاتيحه لمغيب الشمس ؛ غاص تفكيره في الحشد الذي بدا متدفقا من حوله كالسيل في اتجاه الموائد المبسوطة في الساحة ؛ شعر بخنق ؛ كاد أن يصرخ بأعلى صوته المبحوح " هلموا إلى الفرجة...." تبعثرت الأفكار بضجيج الأصوات في رأسه ؛ وتاه في دروبها لعله يظفر بالجواب المناسب الذي ينتشله من قبضة حيرته ؛ إنها الفكرة العارية من لباس التنميق الموشومة بصدق الحقيقة : " لا جدوى من الفرجة .." فالكل محمول على ظهر سفينة عالم افتراضي تمخر عباب " الوتساب والفايسبوك " الكل يحدق في الشاشة الصغيرة التي تخنق الأنفاس ؛ وتصم الآذان ؛وتعمي الأبصار ....
    انتصب واقفا وجال ببصره في دوامة العتمة؛ وارتشف جرعة ماء بللت ريقه؛ فتأكد للمرة الأخيرة أن .. لا جدوى من تلميع الحكاية كي تبرق في وجه الجميع ..... " لالا مستحيل ؛أنا ملفوف في ثنايا الماضي؛ مسكون بهاجس العطالة ؛ أين دربي أين مكاني في هذه الزوبعة العالمية .
    إن الدريهمات التي كانت تتقاطر عليه في هذا المكان عصفت بها رياح التغيير فجفت المنابع ؛ وتصحرت القلوب، وأصبح الذوق كليلا ؛ عليلا ؛ فجا ؛ ميئوسا من شفائه.
    ثم جثا على ركبتيه كعادته في الاستجداء؛ وقبل الأرض التي تشهد على صدق ما يقول؛ فاغرورقت عيناه بالدمع كأنما يكتب في سجل ذكرياته وداع المحبين؛ وجمع أغراضه في حقيبته التي طالها البلى حتى التمزيق. حملها على كتفه مترفقا بها متوجسا من أشلائها وهو يتمتم لا لا مستحيل ..أنا ..من أكون ؟ وأين دربي في هذه الزوبعة التي حجبت الأفق إلا من ظلال باهتة ؟....استجمع قواه ومشى متثاقلا يجر أذيال الخيبة ؛ ويجتر أمانيه بطعم المرارة حتى اختفى عن الأنظار وابتلعه ضجيج المقاهي.....
  • حسن لشهب
    أديب وكاتب
    • 10-08-2014
    • 654

    #2
    بدوري أقول لك أخي مصطفى الله عليك
    رائع هذا الحكي النوستالجي الجميل .

    تعليق

    • البكري المصطفى
      المصطفى البكري
      • 30-10-2008
      • 859

      #3
      المشاركة الأصلية بواسطة حسن لشهب مشاهدة المشاركة
      بدوري أقول لك أخي مصطفى الله عليك
      رائع هذا الحكي النوستالجي الجميل .
      أخي الكريم حسن؛ تحيتي الخالصة ،وشكري الموفور لك على حضورك وعنايتك ..أنا ممتن لك ؛ بذوققك الرفيع ؛ وقدراتك النقدية السديدة ..
      دامت لك المسرات .

      تعليق

      • فوزي سليم بيترو
        مستشار أدبي
        • 03-06-2009
        • 10949

        #4
        كالعقرب يلدغك بغفلة من الوقت
        وعقارب في هذا النص هو جمع " عقرب " !
        إن كنت لا تدري يا صاحب الساعة فإن الوقت كالسيف إن لم تسبقه سبقك .


        يبدو أن زمنه غير هذا الزمن ، فلا غرابة في أن يستجمع قواه ويمشي
        متثاقلا يجر أذيال الخيبة . فالخسارة أمامه واضحة وضوح قمر 14 . " صندوق العجب "
        الذي يحمله فوق ظهره ويلتف حوله الأطفال ، صار أضحوكة وصرخة
        يسجلها التاريخ في صفحة منسية من دفتره .
        جذبني السرد في هذه القصة فمنح البطل مساحة جعلته يمسك بزمام الحدوتة ويغوص في تفاصيلها .
        صندوق العجب هو مثل الأراجوز ومثل الحكواتي ...
        كنت جميلا هنا واللغة راقية أخي البكري
        فوزي سليم

        تعليق

        • زياد الشكري
          محظور
          • 03-06-2011
          • 2537

          #5
          سردية جميلة أستاذي البكري ..
          هل هي ملذوغ أم ملدوغ ؟
          ولمحياك التحية.

          تعليق

          • البكري المصطفى
            المصطفى البكري
            • 30-10-2008
            • 859

            #6
            المشاركة الأصلية بواسطة فوزي سليم بيترو مشاهدة المشاركة
            كالعقرب يلدغك بغفلة من الوقت
            وعقارب في هذا النص هو جمع " عقرب " !
            إن كنت لا تدري يا صاحب الساعة فإن الوقت كالسيف إن لم تسبقه سبقك
            يبدو أن زمنه غير هذا الزمن ، فلا غرابة في أن يستجمع قواه ويمشي
            متثاقلا يجر أذيال الخيبة . فالخسارة أمامه واضحة وضوح قمر 14 . " صندوق العجب "
            الذي يحمله فوق ظهره ويلتف حوله الأطفال ، صار أضحوكة وصرخة
            يسجلها التاريخ في صفحة منسية من دفتره .
            جذبني السرد في هذه القصة فمنح البطل مساحة جعلته يمسك بزمام الحدوتة ويغوص في تفاصيلها .
            صندوق العجب هو مثل الأراجوز ومثل الحكواتي ...
            كنت جميلا هنا واللغة راقية أخي البكري
            فوزي سليم
            يبدو أن زمنه غير هذا الزمن ، فلا غرابة في أن يستجمع قواه ويمشي
            الأستاذ القدير العزيز فوزي بترو
            نعيش الآن في عالم معولم الحياة فيه_ رغم التقدم التكنولوجي؛ وأسباب الرفاه _ ذات ندوب ؛ الهويات الثقافية تتعرض لضربات موجعة. حقا لا مكان فيه اليوم لرموز وأشكال ثقافية ؛ كانت تؤثث مشاهد الحياة الطبيعية؛ والراقية أحيانا لجماعات بشرية.
            أجدد لك تحيتي وطابت أوقاتك.

            تعليق

            • البكري المصطفى
              المصطفى البكري
              • 30-10-2008
              • 859

              #7
              المشاركة الأصلية بواسطة زياد الشكري مشاهدة المشاركة
              سردية جميلة أستاذي البكري ..
              هل هي ملذوغ أم ملدوغ ؟
              ولمحياك التحية.
              أخي الكريم زياد ؛ تحية ود وإخلاص. شكري موفور لك على حضورك ؛ بذوقك الرفيع لمست إبداعية النص في هذه التجربة المتواضعة .
              دامت لك المسرات.

              تعليق

              • سعيد ماروك
                أديب وكاتب
                • 12-09-2012
                • 52

                #8
                رغم محاسن التكنولوجيا ونعمها إلا أن الحنين إلى الماضي لازال متغلغلا في حنايانا، لازلنا نختزن فرحة التحلّق حول الحكواتي يبهرنا بخرّيفاته الهلامية.
                فعلا أخي مصطفى، لقد غفى فلدغته عقارب الساعة.
                راق لي نصك ايها المبدع.
                مودتي.

                تعليق

                • عائده محمد نادر
                  عضو الملتقى
                  • 18-10-2008
                  • 12843

                  #9
                  مصيبتنا في الوقتة
                  لانعرف متى يأخذنا
                  وحين ننتبه يكون الآوان قد فات
                  ربما لن يفوتنا قطار الوقت كثيرا لو عملنا على التدارك ومعالجة الكثير مما شابنا
                  المجتمعات بأسرها تعاني نفس المشكلة لأن الحلول بعيدة ومامن عقول تعمل من أجل الوصول ( لأس المشكل )
                  وهل عدمت الحلول الجذرية سؤال أطرحه لأسجل أننا نعيش على الهامش اليوم وشبابنا تتضائل حظوظه بمستقبل وافر
                  شكرا على فسحة البوح التي منحني إياها نصك
                  محبتي والورد لك
                  الشمس شمسي والعراق عراقي ..ماغير الدخلاء من أخلاقي .. الشمس شمسي والعراق عراق

                  تعليق

                  • البكري المصطفى
                    المصطفى البكري
                    • 30-10-2008
                    • 859

                    #10
                    المشاركة الأصلية بواسطة عائده محمد نادر مشاهدة المشاركة
                    مصيبتنا في الوقتة
                    لانعرف متى يأخذنا
                    وحين ننتبه يكون الآوان قد فات
                    ربما لن يفوتنا قطار الوقت كثيرا لو عملنا على التدارك ومعالجة الكثير مما شابنا
                    المجتمعات بأسرها تعاني نفس المشكلة لأن الحلول بعيدة ومامن عقول تعمل من أجل الوصول ( لأس المشكل )
                    وهل عدمت الحلول الجذرية سؤال أطرحه لأسجل أننا نعيش على الهامش اليوم وشبابنا تتضائل حظوظه بمستقبل وافر
                    شكرا على فسحة البوح التي منحني إياها نصك
                    محبتي والورد لك
                    أننا نعيش على الهامش اليوم وشبابنا تتضائل حظوظه بمستقبل وافر
                    الراقية عائدة محمد نادر.
                    صحيح أننا نعيش على الهامش أمام تغول رأسمالي..وشركات عابرة للقارات ؛ وعالم معولم يبني جدارا سميكا بين الأثرياء و الفقراء ؛ وتكنلوجيا باهرة ؛ براقة ؛ تخفي ندوب الحياة؛ غارقون إلى أخمص القدمين في أوحالها؛ ومُطالَب منا التغريد...يا للمفارقة العجيبة!!!...ملدوغون بعقارب الساعة ؛قد يكون هذا الحكواتي البسيط الذي جمع أغراضه وانصرف ؛ أكثر إحساسا بعمق الطفرة النوعية لإيقاع الحياة التي بعثرت الأوراق بين عشية وضحها........
                    صدقتِ أننا نعيش على الهامش.........
                    مودتي وتقديري.

                    تعليق

                    • البكري المصطفى
                      المصطفى البكري
                      • 30-10-2008
                      • 859

                      #11
                      المشاركة الأصلية بواسطة سعيد ماروك مشاهدة المشاركة
                      رغم محاسن التكنولوجيا ونعمها إلا أن الحنين إلى الماضي لازال متغلغلا في حنايانا، لازلنا نختزن فرحة التحلّق حول الحكواتي يبهرنا بخرّيفاته الهلامية.
                      فعلا أخي مصطفى، لقد غفى فلدغته عقارب الساعة.
                      راق لي نصك ايها المبدع.
                      مودتي.
                      أخي الكريم سعيد
                      حقيقة هناك أشياء كثيرة في الماضي؛ جميلة وممتعة .أخذت حظها من القصاص التكنولوجي. بدأت تختفي عن أنظارنا رويدا رويدا حت خامرنا الشك فيها ؛ وببرودة أعصاب نتسرع ونعتبرها من الأعطاب....يا للهول اين حظنا من السعادة ؛ من راحة الضمير أمام جنون العقل ..؟؟
                      مع خالص تحياتي

                      تعليق

                      • سلمى الجابر
                        عضو الملتقى
                        • 28-09-2013
                        • 859

                        #12
                        راق لي النص كثيرا استاذ البكري مصطفى
                        دمت مبدعا

                        تعليق

                        • محمد فهمي يوسف
                          مستشار أدبي
                          • 27-08-2008
                          • 8100

                          #13
                          الأستاذ مصطفى البكري
                          السلام عليكم
                          أعجبني قولك :
                          ألم يكن صدرك دافئا باسم الله ولسانك رطبا بذكره .ها أنت تركض خلف سراب أمانيك بعدما أصبح الناس في شغل عنك وانفض الجمع من حولك)
                          نعم تلهينا الآمال والأماني وهي تلوح لنا بسعادة مفقودة ، لأنها ليست من حقنا ..... ولكن رحمة الله تعالى الواسعة تعيدنا إليه سريعا بذكره وشكره وحسن عبادته ، وتبقى الذكريات
                          ============
                          الأستاذ سعيد ماروك
                          أعجبني تعليقك الإيجابي الطيب
                          رغم محاسن التكنولوجيا ونعمها إلا أن الحنين إلى الماضي لازال متغلغلا في حنايانا، لازلنا نختزن فرحة التحلّق حول الحكواتي يبهرنا بخرّيفاته الهلامية.

                          فعلا أخي مصطفى، لقد غفى فلدغته عقارب الساعة.

                          راق لي نصك ايها المبدع.

                          مودتي.

                          تحياتي .
                          دائما لكل جديد في حياتنا وجهان ؛ أحدهما جميل ، وعلينا أن نبحث عنه فقط
                          ونترك الوجه الآخر لماضينا الحلو
                          كلنا ( رجالا ونساء ) هو المقصود
                          تقديري لفكرك وخاطرتك

                          ========
                          الأستاذة سلمى الجابر
                          حرفك ذكي ولطيف
                          تذوقك للنص في صمت وروقان بقولك :( راقَ لي النص )
                          فيه حكمة . أن الكلام ينطبق علينا جميعا ، بإبداع الأديب الصادق في أسلوبه

                          شكرا للأستاذ مصطفى البكري

                          تعليق

                          • سعيد ماروك
                            أديب وكاتب
                            • 12-09-2012
                            • 52

                            #14
                            المشاركة الأصلية بواسطة محمد فهمي يوسف مشاهدة المشاركة
                            الأستاذ مصطفى البكري

                            الأستاذ سعيد ماروك
                            أعجبني تعليقك الإيجابي الطيب
                            رغم محاسن التكنولوجيا ونعمها إلا أن الحنين إلى الماضي لازال متغلغلا في حنايانا، لازلنا نختزن فرحة التحلّق حول الحكواتي يبهرنا بخرّيفاته الهلامية.
                            شرف لي أن ينال تعليقي اعجابك أستاذنا محمد فهمي.
                            لك مني كل المودة والحب.

                            تعليق

                            • البكري المصطفى
                              المصطفى البكري
                              • 30-10-2008
                              • 859

                              #15
                              المشاركة الأصلية بواسطة سلمى الجابر مشاهدة المشاركة
                              راق لي النص كثيرا استاذ البكري مصطفى
                              دمت مبدعا
                              الفاضلة والأديبة سلمى الجابر.أتشرف بقراءتك النص ؛وسعيد بكونه نال إعجابك.
                              مودتي.

                              تعليق

                              يعمل...
                              X