شال الصوف

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • سميرة سلمان
    عصفورة لاتجيد الزقزقة
    • 13-07-2012
    • 1326

    شال الصوف

    شال الصوف
    حين شد مسمارُ الخزانةِ أحدى غرزات الشال من عجالتها لم تنتبه، كان الخيط يلتهم الطول من انحلال غرزة بعد غرزة، عبر باب غرفتها و الممر الضيق للبيت الكبير كما هي بسلام، نفذا من الباب الخارجي وأشواك الجوري وسياج الحديقة وحتى قنطرة الساقية وتدلي الصفصاف.
    مرت بدروب سلسة، صادفت منعطفا واحدا مرنا ويفضي لطريق الزيتون والبعض من شيجرات الشمشار وأصص الفخار المزورعة بالآس وصغار الصبار، لو تلتفت الخيط يتبعها مستأنسا من عنفوان الخطوة وارتخاء الغرزة المدهونة بزيت شمس الخريف.
    إذ لا تمانع الإلتفات وتحفظ للرومي " الإنسان الحذر إنسان عاقل"
    لكن سطوة الدفء.. وما يتقدمها مغرٍ حد الهرولة، معطرٌ متوهج الألوان، فتلك السماء طافحة بالزرقة وبقية أغانٍ تقطر من الأسراب العائدة من الشمال.
    اغمضت عينيها عند شجرة فاحشة الأغصان تستنشق هبوب ريح.. هذا الهبوب بينما هي ثملة من طيبه، حمل خيط الشال الى الشجرة أنقطع الخيط.. أنقسم أثنين ما ينحل عن كتفيها ينتهي بين الأغصان... وللريح، للأفواه، للأضواء، للتراب، ودهس الخطوات الجزء العالق برأس المسمار.
    صبي صغير أقتطع منه جزءأ لطائرته الورقية، شيئ منه علق على شوكة منسية بحقل الريحان، عمود الأنارة تشبث بشيء، رف عصافير تكوم ناتفا بعضا؛ ففيه دفءٌ ناعم تماما كندف الهندباء. في التراب أنغمر جزء وعلى أطراف الأثل العالي تشربك آخر. جندي عاشق وهب شيئا منه رتما لحبيبته، كما بقصاصة ظفرت التلميذة التي ضاع خيط حذائها ليحذنّ حذوها التلميذات العائدات من مدارس الطفولة وفوضى الإبتدائي؛ يطوينّ قطعا منه يحتفظنّ بها غلة الخيط المنقذ... عاملات الأجرة للتبرك تهافتنّ يصنعنّ منه قلائد حبق وأساور سدر.. الكهل أبو البنات أضحى يسبح مرددا سبحان من جعل العبرة بخيط الكهرمان!
    كل هذا وما فتئت على ضلال البهجة العتيقة تخطو... على لهفتها وآمالها وثبات مقصدها.
    بقية الدفء في الافق لم تتركها تنتبه؛ الشال من خيطه وغرز ورداته وشك على النفاد، غيمةٌ من ناحية الشروق تسرع.. زخات تتقدمها وريح شتاء تصفر.
    أصابع برد ناعم دقت على كتفها الفقير للصوف، تلمست.. شهقت.. إلتفتت.. اسرعت منحنية إلى طرف النهاية فالشال للتو يفرغ من عقب قدمها خيطا يسرع للوراء.. ركضت خلفه، تمكنت من مسكه صرخت واشالاه!! من قبضتها انفلت، ركضت مرة وأخرى، انكبت مرة وأثنين وثلاثة والخيط قيد أنملة وأنملتين وثلاثة، ناي الراعي لم يعرها نغما واحدا ، لكن كلب الراعي...
    يداها كثر ما تفادتا من سقوط وتعثر، من هنا إلى هناك آثار الرجوع أربعة.. ثلاثة.
    إلى الشجرة الفاحشة الأغصان أخذها الآياب متعبة تقفز والخيط للأعلى؛ ينتهي كرة صوف تدورُ بين مخالبِ طائرٍ تعرفه ولا تعرفه يشبهها ولا يشبهها ـــ متى.. أين.. كيف.. هنا.. هناك.. ذات.. ذات.. ذات.. بلى. أخيرا غلب التركيزُ صدى النباح في رأسها وتمكنت من التذكر هذا الطائر ذات شتاء محلقا يقول: أطير للأبعد لو جناحي شال الصوف.
    التعديل الأخير تم بواسطة سميرة سلمان; الساعة 15-11-2017, 22:21.
  • محمد شهيد
    أديب وكاتب
    • 24-01-2015
    • 4295

    #2
    قراءة سريعة لأنبهك إلى بعض الأخطاء الإملائية أعيدي مراجعتها بسرعة. نص جذاب أريد أن أقرأه بتأنٍ. لي عودة.

    تعليق

    • سميرة سلمان
      عصفورة لاتجيد الزقزقة
      • 13-07-2012
      • 1326

      #3
      المشاركة الأصلية بواسطة محمد شهيد مشاهدة المشاركة
      قراءة سريعة لأنبهك إلى بعض الأخطاء الإملائية أعيدي مراجعتها بسرعة. نص جذاب أريد أن أقرأه بتأنٍ. لي عودة.
      لي والاخطاء الإملائية رفقة ما تنتهي!
      لا أدري من منا المصاب بعمى الحروف ذهني أم أصابعي!
      دمت نبيلا طيبا أنتظر عودتك.. بشوق
      التعديل الأخير تم بواسطة سميرة سلمان; الساعة 15-11-2017, 21:13.

      تعليق

      • محمد شهيد
        أديب وكاتب
        • 24-01-2015
        • 4295

        #4
        أعدت قراءتها بالرغم من إصرار أناملك على إغفال ترتيب أبجدية الحروف. لكن يشفع لك عندي سحر المشهد "الكارتوني" الذي بفضل حنكة سردك وواسع خيالك جعلني أحلق بذاكرتي ـ لفترة ـ إلى عالم البراءة الطفولي برفقة خيط الشال المفقود.

        "كما بقصاصة ظفرت التلميذة التي ضاع خيط حذائها"، تخيلتها حكاية حذاء سندريلا المفقود، أليس كذلك؟

        على العموم، تملكين مخيلة نشيطة قادرة على وصف الأماكن والأحاسيس بكل عفوية و تسرح بالقاريء نحو فضاء فسيح من غير قيود...

        أريد المزيد من إبداعك.

        تعليق

        • نورالدين لعوطار
          أديب وكاتب
          • 06-04-2016
          • 712

          #5
          نص عتيد
          وكفى
          تحية

          تعليق

          • حنان عبد الله
            طالبة علم
            • 28-02-2014
            • 685

            #6
            جميلة ،مشوقة شدتني لإكمال القراءة ومعرفة ما آل اليه خيط الشال هذا
            تحيتي وتمنياتي بالتوفيق

            تعليق

            • سميرة سلمان
              عصفورة لاتجيد الزقزقة
              • 13-07-2012
              • 1326

              #7
              المشاركة الأصلية بواسطة محمد شهيد مشاهدة المشاركة
              أعدت قراءتها بالرغم من إصرار أناملك على إغفال ترتيب أبجدية الحروف. لكن يشفع لك عندي سحر المشهد "الكارتوني" الذي بفضل حنكة سردك وواسع خيالك جعلني أحلق بذاكرتي ـ لفترة ـ إلى عالم البراءة الطفولي برفقة خيط الشال المفقود.

              "كما بقصاصة ظفرت التلميذة التي ضاع خيط حذائها"، تخيلتها حكاية حذاء سندريلا المفقود، أليس كذلك؟

              على العموم، تملكين مخيلة نشيطة قادرة على وصف الأماكن والأحاسيس بكل عفوية و تسرح بالقاريء نحو فضاء فسيح من غير قيود...

              أريد المزيد من إبداعك.

              لا أذكر لمن: "الخيال بلا معرفة فوضى جمال والمعرفة بلا خيال نظام بلا جمال، لابد كلاهما معا"

              احاول جاهدة أدرك ولو شيئا من المعرفة لأرتب الفوضى؛ معشر "أحمد يقرأ، زينب تكنس" في البيت الكبير أبدا مقتطع الجزء المخصص للمكتبة لتوسيع المطبخ!


              سندريلا وخيط الحذاء : القارئ الفطن يعرف أكثر من الكاتب... زادك فطنة ورقي

              الجزائريون معرفة وطيبة وتواضع دمتم على ما فيه وأكثر

              أديبنا الأستاذ الفاضل محمد شهيد كم ممتنة وشاكرة لحضورك الكريم

              تقديري وأرق تحية
              التعديل الأخير تم بواسطة سميرة سلمان; الساعة 16-11-2017, 11:47.

              تعليق

              • سميرة سلمان
                عصفورة لاتجيد الزقزقة
                • 13-07-2012
                • 1326

                #8
                المشاركة الأصلية بواسطة نورالدين لعوطار مشاهدة المشاركة
                نص عتيد
                وكفى
                تحية
                " عتيد" منكم تعني لي الكثير الأستاذ الفاضل نور الدين لعوطار
                امتناني وكل الشكر والتقدير
                التحيات الطيبة

                تعليق

                • سميرة سلمان
                  عصفورة لاتجيد الزقزقة
                  • 13-07-2012
                  • 1326

                  #9
                  المشاركة الأصلية بواسطة حنان عبد الله مشاهدة المشاركة
                  جميلة ،مشوقة شدتني لإكمال القراءة ومعرفة ما آل اليه خيط الشال هذا
                  تحيتي وتمنياتي بالتوفيق
                  شكرا للقراءة وتتبع رحلة الخيط صديقتي حنان عبدلله
                  يسعدني رأيك مودتي وأجمل تحية

                  تعليق

                  • عائده محمد نادر
                    عضو الملتقى
                    • 18-10-2008
                    • 12843

                    #10
                    المشاركة الأصلية بواسطة سميرة سلمان مشاهدة المشاركة
                    شال الصوف
                    حين شد مسمارُ الخزانةِ أحدى غرزات الشال من عجالتها لم تنتبه، كان الخيط يلتهم الطول من انحلال غرزة بعد غرزة، عبر باب غرفتها و الممر الضيق للبيت الكبير كما هي بسلام، نفذا من الباب الخارجي وأشواك الجوري وسياج الحديقة وحتى قنطرة الساقية وتدلي الصفصاف.
                    مرت بدروب سلسة، صادفت منعطفا واحدا مرنا ويفضي لطريق الزيتون والبعض من شيجرات الشمشار وأصص الفخار المزورعة بالآس وصغار الصبار، لو تلتفت الخيط يتبعها مستأنسا من عنفوان الخطوة وارتخاء الغرزة المدهونة بزيت شمس الخريف.
                    إذ لا تمانع الإلتفات وتحفظ للرومي " الإنسان الحذر إنسان عاقل"
                    لكن سطوة الدفء.. وما يتقدمها مغرٍ حد الهرولة، معطرٌ متوهج الألوان، فتلك السماء طافحة بالزرقة وبقية أغانٍ تقطر من الأسراب العائدة من الشمال.
                    اغمضت عينيها عند شجرة فاحشة الأغصان تستنشق هبوب ريح.. هذا الهبوب بينما هي ثملة من طيبه، حمل خيط الشال الى الشجرة أنقطع الخيط.. أنقسم أثنين ما ينحل عن كتفيها ينتهي بين الأغصان... وللريح، للأفواه، للأضواء، للتراب، ودهس الخطوات الجزء العالق برأس المسمار.
                    صبي صغير أقتطع منه جزءأ لطائرته الورقية، شيئ منه علق على شوكة منسية بحقل الريحان، عمود الأنارة تشبث بشيء، رف عصافير تكوم ناتفا بعضا؛ ففيه دفءٌ ناعم تماما كندف الهندباء. في التراب أنغمر جزء وعلى أطراف الأثل العالي تشربك آخر. جندي عاشق وهب شيئا منه رتما لحبيبته، كما بقصاصة ظفرت التلميذة التي ضاع خيط حذائها ليحذنّ حذوها التلميذات العائدات من مدارس الطفولة وفوضى الإبتدائي؛ يطوينّ قطعا منه يحتفظنّ بها غلة الخيط المنقذ... عاملات الأجرة للتبرك تهافتنّ يصنعنّ منه قلائد حبق وأساور سدر.. الكهل أبو البنات أضحى يسبح مرددا سبحان من جعل العبرة بخيط الكهرمان!
                    كل هذا وما فتئت على
                    ضلال البهجة العتيقة تخطو... على لهفتها وآمالها وثبات مقصدها. ( ظلال البهجة لأنك لاتقصدين الضلالة مؤكد )
                    بقية الدفء في الافق لم تتركها تنتبه؛ الشال من خيطه وغرز ورداته وشك على النفاد، غيمةٌ من ناحية الشروق تسرع.. زخات تتقدمها وريح شتاء تصفر.
                    أصابع برد ناعم دقت على كتفها الفقير للصوف، تلمست.. شهقت.. إلتفتت.. اسرعت منحنية إلى طرف النهاية فالشال للتو يفرغ من عقب قدمها خيطا يسرع للوراء.. ركضت خلفه، تمكنت من مسكه صرخت واشالاه!! من قبضتها انفلت، ركضت مرة وأخرى، انكبت مرة وأثنين وثلاثة والخيط قيد أنملة وأنملتين وثلاثة، ناي الراعي لم يعرها نغما واحدا ، لكن كلب الراعي...
                    يداها كثر ما تفادتا من سقوط وتعثر، من هنا إلى هناك آثار الرجوع أربعة.. ثلاثة.
                    إلى الشجرة الفاحشة الأغصان أخذها الآياب متعبة تقفز والخيط للأعلى؛ ينتهي كرة صوف تدورُ بين مخالبِ طائرٍ تعرفه ولا تعرفه يشبهها ولا يشبهها ـــ متى.. أين.. كيف.. هنا.. هناك.. ذات.. ذات.. ذات.. بلى. أخيرا غلب التركيزُ صدى النباح في رأسها وتمكنت من التذكر هذا الطائر ذات شتاء محلقا يقول: أطير للأبعد لو جناحي شال الصوف.
                    سميرة
                    اليوم تعرفت على جانبك المبهر
                    كنت رائعة
                    نص يصلح قصصي وبكل كفاءة لانسيابيته ورقته والسرد الماتع والباتع هاهاها
                    كم أحببتك اليوم
                    كم شعرت بما عندك من خيال رحب ولغة تنساب عذبة جعلتني اشهق لها
                    رائعة سميره وأين كنت تخبئين عني هذا التشويق كله
                    محبتي والورد
                    الشمس شمسي والعراق عراقي ..ماغير الدخلاء من أخلاقي .. الشمس شمسي والعراق عراق

                    تعليق

                    • محمد شهيد
                      أديب وكاتب
                      • 24-01-2015
                      • 4295

                      #11
                      المشاركة الأصلية بواسطة سميرة سلمان مشاهدة المشاركة

                      الجزائريون معرفة وطيبة وتواضع دمتم على ما فيه وأكثر

                      صدق قولك في الأشقاء الجزائريين، هم فعلاً كذلك.
                      دمت مبدعة سميرة.

                      تعليق

                      • سميرة سلمان
                        عصفورة لاتجيد الزقزقة
                        • 13-07-2012
                        • 1326

                        #12
                        المشاركة الأصلية بواسطة عائده محمد نادر مشاهدة المشاركة
                        سميرة
                        اليوم تعرفت على جانبك المبهر
                        كنت رائعة
                        نص يصلح قصصي وبكل كفاءة لانسيابيته ورقته والسرد الماتع والباتع هاهاها
                        كم أحببتك اليوم
                        كم شعرت بما عندك من خيال رحب ولغة تنساب عذبة جعلتني اشهق لها
                        رائعة سميره وأين كنت تخبئين عني هذا التشويق كله
                        محبتي والورد
                        ألف مرحبا استاذة عائدة أسعدني جدا جدا رأيك

                        أنا إيضا أحبك والله تعجبني كثيرا المقدرة مع لمسة المرح في ردودك

                        "ضلال" نعم أستاذة.. هذي فلتت من لعنة الأخطاء الإملائية!

                        وهج الفرح نتوه فيه وكأنه سرمدا لا ينتهي مثل أي عتمة أوعابر

                        لا نحذر لا نلتفت لا نتوقع. اتمنى وفقت...

                        دام الفرح بعمرك أستاذة عائدة شكرا شكرا لحضورك البهي المشجع

                        خالص مودتي والتحيات العابقة بالجوري
                        دمت بالقرب

                        تعليق

                        • سميرة سلمان
                          عصفورة لاتجيد الزقزقة
                          • 13-07-2012
                          • 1326

                          #13
                          المشاركة الأصلية بواسطة محمد شهيد مشاهدة المشاركة
                          صدق قولك في الأشقاء الجزائريين، هم فعلاً كذلك.
                          دمت مبدعة سميرة.
                          كلنا أخوة دمت على ما فيه وأكثر أديبنا البهي الطيب زادك علما ومعرفة
                          مساؤك خلاب كرذاذ نياغارا

                          همسة: من أول متصفح الألغاز حاولت أحل لغزا، ومرة واحدة أهزم غبائي وعبثا

                          تعليق

                          • مها راجح
                            حرف عميق من فم الصمت
                            • 22-10-2008
                            • 10970

                            #14
                            استمتعت بهذا النص ولاحقت أحداثه السلسة بشوق لمعرفة ما آل إليه الشال
                            شكرا استاذة سميرة
                            رحمك الله يا أمي الغالية

                            تعليق

                            • سميرة سلمان
                              عصفورة لاتجيد الزقزقة
                              • 13-07-2012
                              • 1326

                              #15
                              المشاركة الأصلية بواسطة مها راجح مشاهدة المشاركة
                              استمتعت بهذا النص ولاحقت أحداثه السلسة بشوق لمعرفة ما آل إليه الشال
                              شكرا استاذة سميرة
                              كل الشكر لك أستاذة مها راجح

                              وجودك شرف كبير لي

                              وأرجو المعذرة عن التأخير

                              قراءة وهبت الشال لمعة الجديد

                              التقدير الدائم والاحترام الكبير

                              إمتناني وخالص الود



                              تعليق

                              يعمل...
                              X