القصّة الأولى:
أردت أن أتعرّف على جذور عائلتنا وعن سبب قدومنا إلى هذه المنطقة فقال والدي:"هي قصّة طويلة، تتلخّص في ذلك الصراع حول هنشير يقع أنحاء الساحل وهو عبارة عن مجموعة من الأراضي الخصبة الممتدّة الأطراف وقد كان ملكا مشاعا بين قبيلة أولاد سعيد وقبائل أخرى مثل "نفات" والتي كانت جميعها ترتحل بحثا عن المرعى كلّما قلّ الكلأ والعشب لإطعام الماشية فيستغلّ البايات مغادرتهم له للاستيلاء عليه".
- وكيف كان يتصرّف أجدادنا؟
- كانوا يثورون عليهم ويستردّونه بقوّة السّيف.
- وما وضعيّة ذلك الهنشير اليوم؟
- لا أعلم، فوّت فيه البايات بعد اصدار قانون الملكيّة العقاريّة للوزير المصلح خير الدين باشا كمنحة بدل المال فقام هو ببيعه إلى شركة مرسيليا الفرنسية للقرض قبل دخول الاستعمار بفترة قصيرة وقد جلبت هذه الشركة معمّرين فرنسيين وإيطاليين فقاموا بتسجيله باسمهم واستحوذوا عليه.
- المصلح خير الدين فعل ذلك!
- للأسف، نعم، هكذا جرت الأمور، لم يجد الباي مالا ليسدّد جرايته فأعطاه الهنشير دون استشارة أو موافقة المتحوّزين عليه وأمام رفضهم اختار خير الدّين أن يوظفهم عنده مقابل خمس المحصول مبرما معهم عقود "خماسة" أمّا بعد فراره إلى تركيا فقد باع الأرض إلى الأجانب ولم يتمكّن للأسف أجدادنا من إثبات حقّهم لدى المحاكم التي أصبحت تلزمهم بتسجيل الأرض بأسمائهم.
أخذ والدي بعد ذلك يروى لي قصّة مشهورة عن فترة النّزاع فحدّثني عن أحد البايات الذي أرسل مجموعة من الجند للاستحواذ على تلك الأراضي وبعد معركة غير متكافئة قُتل فيها خلق كبير من فرسان أولاد سعيد، طلب قائد جند الباي من شيخ القبيلة أن يستسلم حقنا للدّماء فرفض وقال له ملزومة هذا مطلعها:"
يا جاي من بلاد التّـرك * يا ويحك من أولاد سعيـد
لا يغرّك جندك لا سلاحك * ما يموت منّا كان الصّنديد
يبقى دمّه وراك ملاحق * لا ينفعك باي ولا درع حديد
اغتاظ قائدهم وطالب جنده برأسه فاندفع الشيخ مقتحما صفوفهم يضرب بسيفه ذات اليمين وذات الشمال موقعا فيهم عديد القتلى، ولكنّهم عاودوا استعدادهم وتحلّقوا حوله من كل جانب وتمكّنوا من قطع رأسه ، وبقي الجسد على صهوة الجواد، عندها تقدّم قائد الجند وحمل ذلك الرّأس ليبرزه إلى باقي أفراد القبيلة وهو يضحك.
في تلك اللحظة حدث ما لم يكن في الحسبان، تحرّك جسد الشيخ ورفع السيف الذي بقي في قبضة يده وقطع رأس ذلك القائد وسقط معه على الأرض، فاندفع من تبقى من فرسان القبيلة مع النسوة والأطفال والعجائز يحملون أوتاد الخيام للقتال فصعق جند الباي وولّوا الأدبار وقد أصابهم الرّعب.
أردت أن أتعرّف على جذور عائلتنا وعن سبب قدومنا إلى هذه المنطقة فقال والدي:"هي قصّة طويلة، تتلخّص في ذلك الصراع حول هنشير يقع أنحاء الساحل وهو عبارة عن مجموعة من الأراضي الخصبة الممتدّة الأطراف وقد كان ملكا مشاعا بين قبيلة أولاد سعيد وقبائل أخرى مثل "نفات" والتي كانت جميعها ترتحل بحثا عن المرعى كلّما قلّ الكلأ والعشب لإطعام الماشية فيستغلّ البايات مغادرتهم له للاستيلاء عليه".
- وكيف كان يتصرّف أجدادنا؟
- كانوا يثورون عليهم ويستردّونه بقوّة السّيف.
- وما وضعيّة ذلك الهنشير اليوم؟
- لا أعلم، فوّت فيه البايات بعد اصدار قانون الملكيّة العقاريّة للوزير المصلح خير الدين باشا كمنحة بدل المال فقام هو ببيعه إلى شركة مرسيليا الفرنسية للقرض قبل دخول الاستعمار بفترة قصيرة وقد جلبت هذه الشركة معمّرين فرنسيين وإيطاليين فقاموا بتسجيله باسمهم واستحوذوا عليه.
- المصلح خير الدين فعل ذلك!
- للأسف، نعم، هكذا جرت الأمور، لم يجد الباي مالا ليسدّد جرايته فأعطاه الهنشير دون استشارة أو موافقة المتحوّزين عليه وأمام رفضهم اختار خير الدّين أن يوظفهم عنده مقابل خمس المحصول مبرما معهم عقود "خماسة" أمّا بعد فراره إلى تركيا فقد باع الأرض إلى الأجانب ولم يتمكّن للأسف أجدادنا من إثبات حقّهم لدى المحاكم التي أصبحت تلزمهم بتسجيل الأرض بأسمائهم.
أخذ والدي بعد ذلك يروى لي قصّة مشهورة عن فترة النّزاع فحدّثني عن أحد البايات الذي أرسل مجموعة من الجند للاستحواذ على تلك الأراضي وبعد معركة غير متكافئة قُتل فيها خلق كبير من فرسان أولاد سعيد، طلب قائد جند الباي من شيخ القبيلة أن يستسلم حقنا للدّماء فرفض وقال له ملزومة هذا مطلعها:"
يا جاي من بلاد التّـرك * يا ويحك من أولاد سعيـد
لا يغرّك جندك لا سلاحك * ما يموت منّا كان الصّنديد
يبقى دمّه وراك ملاحق * لا ينفعك باي ولا درع حديد
اغتاظ قائدهم وطالب جنده برأسه فاندفع الشيخ مقتحما صفوفهم يضرب بسيفه ذات اليمين وذات الشمال موقعا فيهم عديد القتلى، ولكنّهم عاودوا استعدادهم وتحلّقوا حوله من كل جانب وتمكّنوا من قطع رأسه ، وبقي الجسد على صهوة الجواد، عندها تقدّم قائد الجند وحمل ذلك الرّأس ليبرزه إلى باقي أفراد القبيلة وهو يضحك.
في تلك اللحظة حدث ما لم يكن في الحسبان، تحرّك جسد الشيخ ورفع السيف الذي بقي في قبضة يده وقطع رأس ذلك القائد وسقط معه على الأرض، فاندفع من تبقى من فرسان القبيلة مع النسوة والأطفال والعجائز يحملون أوتاد الخيام للقتال فصعق جند الباي وولّوا الأدبار وقد أصابهم الرّعب.
تعليق