أرق

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • حسن لشهب
    أديب وكاتب
    • 10-08-2014
    • 654

    أرق

    أرق

    بهدوء وسلاسة غزت الظلمة المدينة ، مثلما يحدث كل يوم...صمتت أبواق السيارات وهدأ صياح الصغار أسفل العمارة وسكنت آلات النجارة ومشاحنات المشردين في الحارة …
    غاب كل شيء مزعج ، في لحظة واحدة سكن كل شيء ، لم تعد هناك أصوات إلا من صفير الأذنين وفكر متعب وجسد منهك يغشاه الأنين…
    فما الذي تبقى ،
    ما الذي تبقى؟
    أفكار تهطل كالشلال، قلق مما جرى ، أوراق مكدسة ، وفكر جامد يخشى المكنسة...
    فما الذي تبقى بعد؟
    من جلسات التأمل ، من عشرات فناجين القهوة ، ومئات من أعقاب السجائر، من ارتباك في مواقف شتى ، من كلام مطول غير مفيد ، مما يثير البكاء ووحشة المساء .
    من منظر البحر على الكورنيش وبضع مراكب صغيرة ،من هبات نسيم مشبع بذكرى رفيقة ..
    من الوعود والضحكات الرقيقة ، من أنفاسها تتسرب من العنق إلى أعماق الروح، من لحظات عصيبة ، كنا معا صامتين إلا من صفير القطار، نظرات حائرة وجروح ما تزال غائرة ، خطواتك فوق البساط وئيدة ..
    لاشيء ..
    عدا صور محنطة سلبت من الزمن والصمت ..
    وحين تغيب كل الأشياء من الأزقة ، أتفرس السماء الكالحة ، لاشيء تبقى بعد…
    عدا ألم الذكرى .
    لاشيء غير الأرق ..
    جفوني ملتهبة ، لم أعد أرغب في النوم ، لا حاجة لي بالنوم…
    في بلكونتي المظلمة ، أحاول إطالة هدوء الليل وسواد الليل….
    وراء الحيطان أشخاص يحلمون ، ينتظرون ، يكذبون يتأوهون ، يقتلون الضجر وسط سحب من الدخان بحثا عن ذواتهم ..ربما ، عن حلم ضاع بين دروب الأيام، يبسطون كلمات وزفرات تعطي للألم الشكل والمعنى…
    يلتصق الليل بالجسد يسكن عميقا فيسكن جريان الدم ، ولاشيء غير الصمت وصفير الأذنين في الظلام .
    وفي لحظة ما ، لسبب ما ، يكف الصراع ، تتلاشى الرغبة في المقاومة…
    لا أريد الاستسلام
    لم تعد لي رغبة في النوم.
    ومع شروق الشمس صباحا أشعر أن الوجود أكثر من اليقظة ، إنه اختيار وضبط للمسار ...
    من جديد أحيا
    مازال ربط طرفي الخيط ممكنا
    خيط يشدني وما يزال إلى الحلم والحياة
    لأستيقظ في الصباح
    وأقطع مسافة يوم كامل
    حياة بأسرها
    بحرية
    لا ينالها تلف ، لا يتلوها أسف
    لتأمل الأشياء من زوايا خارج المألوف والمعتاد
    ولأضفي المعنى على كل ما لا معنى له.
  • حنان عبد الله
    طالبة علم
    • 28-02-2014
    • 685

    #2
    مرحبا بك أستاذ حسن. و شكرا لمشاركتنا الأرق الذي يعاتي منه الكثير
    رغم أنني لست صديقته ولله الحمد والمنة، لكنه هنا وبالصورة التي وصفت أعجبني
    ويا ليت كل أرق يكون مثمرا ويخرج لنا متل هذا الجمال الأدبي
    حقا شكراً لك بدون مجاملة
    تحيتي

    تعليق

    • حسن لشهب
      أديب وكاتب
      • 10-08-2014
      • 654

      #3
      أهلا بالأستاذة حنان
      هي حالة حياتية يعيشها الكثيرون ، ولا شك أن دور الكتابة يتمثل في ترصد مثل هذه الحالات والتعبير عنها فنيا .
      شكرا لحضورك الوارف وكلماتك الطيبة .
      كوني بخير وسعادة

      تعليق

      • منيره الفهري
        مدير عام. رئيس ملتقى الترجمة
        • 21-12-2010
        • 9870

        #4
        أستاذي العزيز حسن لشهب
        هنا كنت رائعا ككل مرة في تصوير أدق التفاصيل..عشنا ليلة الأرق معك..و كم أعجبتني شحنة الأمل و انت تستقبل الصباح...نعم تبقى لنا الكثير الكثير...بقيت لنا الحياة بكل أفراحها و آمالها...
        شكرا لهذه المشاركة البديعة..
        تحياتي و كل الاحترام أخي الفاضل

        تعليق

        • سميرة رعبوب
          أديب وكاتب
          • 08-08-2012
          • 2749

          #5
          وينطوي طول السّهد، ببارقة أمل يتنفس بها الصبح
          سرد جميل جذاب يصور لقطة من لقطات الحياة التي نعيشها بصورة فنية بديعة
          أسجل إعجابي وتقديري لقلمك الرشيق أستاذ حسن، تحياتي إليك والورد.
          رَّبِّ
          ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا




          تعليق

          • حسن لشهب
            أديب وكاتب
            • 10-08-2014
            • 654

            #6
            المحترمة مربية الأجيال منيرة الفهري
            شرف لي أن حظيت بزيارتك وبما أكرمتني به من كلمات طيبة .
            شكرا لك سيدتي .
            كوني دائما بخير وسعادة.

            تعليق

            • ربيع عقب الباب
              مستشار أدبي
              طائر النورس
              • 29-07-2008
              • 25792

              #7
              وهنا يبص السؤال : أيزورنا الأرق بشكل عشوائي ، لا منطق له ، لا بدايات و لا نهايات ؛ سوى التسليم بواقع الحال ؟
              و كيف تنضبط كيمياء الجسد و الروح ، ولا يكون سوى التناهيد و الاستكانة ، دونما قناعة أو بقناعة مزورة و باهتة ؛ أن ليس في الامكان أفضل مما كان ؟
              وطالما أن قدراتنا محدودة ، ومقاومتنا تتهالك في نهاية الأمر بتلك المحدودية أمام سلطان النوم ؛ فلأرق أن يكون زائرا خاطفا أو زائرا ثقيلا سيان طالما أن مجريات الأحداث تسير على وتيرة واحدة ؛ فيكون الأمر محض مراجعة و إعادة ترتيب ، و ضبط البوصلة اليومية ، وقياس درجات حضورها من عدمه !
              إلا إن كان الداعي قويا ، و يستلزم التنغيص كمعضلة طارئة ، لا بد أن تستوفي شروطها لابتلاعها و هضمها ، ليعتدل ميزان الساكن الرأس ، ويستشعر الرضا من مكامن الاحساس !
              دائما أستاذي ما تثير النفس بأطروحاتك
              و لا تمر أبدا مرور الكرام .............................................. لأنها تأتي من عالم صاخب يعج بالكثير و الكثير !

              خالص محبتي
              sigpic

              تعليق

              • حسن لشهب
                أديب وكاتب
                • 10-08-2014
                • 654

                #8
                أستاذة سميرة
                شكرا لمرورك وكلماتك التي تزيدنا عزما لمواصلة الجهد والعمل .
                تقديري

                تعليق

                يعمل...
                X