في النقد الأدبي: النقد علم؟

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • حسين ليشوري
    طويلب علم، مستشار أدبي.
    • 06-12-2008
    • 8016

    في النقد الأدبي: النقد علم؟

    في النقد الأدبي: النقد علم؟

    [align=justify]لما كنت في الجامعة طالبا ثم أستاذا بعد سنوات طويلة بعد الطلب، كنت أسمع من بعض أساتيذي المهتمين بالنقد الأدبي زعمه أنه يسعى هو ومن يقاسمونه الزعم إلى جعل النقد الأدبي "علما دقيقا"، وكنت وأنا طالب أندهش من هذا الزعم لكنني لم أكن لأتجرأ على الأستاذ وأناقضه في زعمه ذاك، لكن وبعد أن صرت أستاذا وزميلا له في الكُلِّيَّة ذاتها صار عندي من الجرأة ما يكفي لمناقشة هذا الزعم جهارا نهارا مع الطلبة الذين كانوا عندي أو مع الأساتيذ الذين يهتمون بالأدب والنقد الأدبي.

    والسؤال: هل يمكن جعل النقد الأدبي علما دقيقا؟ بحيث لا يخطئ الناقد في نقده، في حكمه على نص ما، إن هو اتبع القواعد أو الأصول أو النظريات النقدية كما لا يخطئ الحاسب في حسابه والرياضي في رياضياته والفزيائي في فزيائه إن هم اتبعوا القواعد و"الفرمولات" (formules) في عملياتهم الحسابية والرياضية والفزيائية؟

    ردي البسيط والمباشر والصريح هو: إنه لا يمكن بحال من الأحوال أن يصير النقد الأدبي علما دقيقا مهما كانت القواعد والأصول والنظريات النقدية دقيقة ومضبوطة لأن العمل الأدبي نفسه ليس علما دقيقا بل هو "تعبير عن تجربة شعورية في صورة موحية"، كما قرر ذلك الأديب المصري الكبير الأستاذ سيد قطب، رحمه الله تعالى، في كتابه الفذ "النقد الأدبي: أصوله ومناهجه"، وبناء عليه، فلا يمكن أن يكون الأدب علما دقيقا وكذلك النقد الأدبي لأنه هو الآخر "تعبير عن تجربة شعورية في صورة موحية عن تجربية شعورية سابقة"، أو هو "إبداع عن إبداع" كما قلته في موضوعي "في النّقد الأدبيِّ: النّاقد ذوّاقة":
    "النقد إبداع عن إبداع، و لذا فهو لا يقل أهمية عن الكتابة الفنية الأصلية، و هو كتابة جديدة للنص المنقود، لكنه، و زيادة عن شروط الكتابة الفنية، يخضع لشروط إضافية تمس الناقد ذاته أكثر مما تمس العملية النقدية، و من هنا أرى أن نركز في حديثنا على "الناقد" و ليس على النقد، و من ثمة فسيكون حديثي السريع هذا عن "الناقد" من حيث ذاتيته.

    "الناقد" فنان كذلك، و هو قبل هذا إنسان له من ضعف الإنسانية نصيب، أو هو مبدع من نوع آخر ينطلق من عمل فني ليصنع منه عملا فنيا جديدا. "الناقد" قارئ متميز لا يقرأ لتمضية الوقت أو للتلذذ بنص أو أي عمل فني آخر، و إنما يقرأ ليستخرج من النص، أو من العمل الفني عموما، القيم الفنية الجمالية من حيث شكل العمل المنقود أو من حيث المضمون ليستوحي منه القيم الإنسانية فيه، و هذا العمل ليس سهلا و لا ميسورا لأي أحد بل يتطلب حسا متذوقا زيادة على النزاهة و التجرد من الذاتية السلبية السالبة، و ليس الذاتية الإيجابية المضيفة ؛ و هنا مربط الفرس كما يقال، إن الذاتية السلبية السالبة هي التي تسيء إلى النقد أولا و إلى العمل الإبداعي المنقود ثانيا، و هذا ما نعاني منه عادة." اهـ بنصه وفصه؛ فالنقد يرتكز أساسا على الناقد أكثر مما يرتكز على العمل الفني المنقود، والنقاد في تذوق الأعمال الأدبية متفاوتون كتفاوتهم في تذوق الأطعمة والأشربة والملذات والجماليات وغيرها مما يعتمد على الذوق في تقديره وتقويمه.

    بيد أن هذا الإطلاق يحتاج إلى ضوابط، أو إلى قيود، فالكاتب الأديب وإن كان حرا طليقا في تصوير تجربته الشعورية ولا يلتزم إلا بما تلزمه به اللغة التي يعبر بها عن تجربته تلك فعلى الناقد أن ينضبط بقواعد أدبية تمكنه من تقويم العمل الأدبي تقويما مقبولا ولا أقول صحيحا لأن "الصحة" تقتضي خضوع الناقد لقواعد "علمية" دقيقة وهذا غير وارد في النقد والناقد هو الآخر كاتب شأنه شأن الكاتب الأديب، فهو أديب من نوع آخر، أو هو أديب يقوم أدب الآخرين ويحكم عليه حسب ذوقه أو حسب رؤيته للجمال الكامن في النص، وتقدير الجمال متفاوت عند الناس، والناقد من الناس حتما.

    تقدير جماليات النص، أو تقويمها، بمعنى: معرفة قيمتها الفنية، يحتاج إلى دراية واسعة باللغة المكتوب بها من حيث نحوها وبلاغتها وأساليبها في التعبير الصحيح، وإلى معرفة بالأدب وفنونه واتجاهاته، ثم يأتي النقد ليستنبط تلك الجماليات بموضوعية ونزاهة خدمة للنص أولا ثم للنَّاص ثانيا ثم للقراء ثالثا، فإن لم يكن للنقد هذه الغايات الثلاث فلا مبرر لوجوده ولا حاجة للأدب إليه؛ ثم إن كان النقد علما دقيقا، فلماذا يحتاج هو الآخر إلى نقد، أقصد "نقد النقد"؟ السؤال يبقى معروضا للنقاش.

    هذا، وللحديث بقية إن كان في العمر بقية، قراءة ممتعة إن شاء الله تعالى.[/align]


    البُليْدة، أمسية يوم الثلاثاء 28 نوفمبر 2017 الموافق 10 ربيع الأول 1439.

    sigpic
    (رسم نور الدين محساس)
    (رسّام بجريدة المساء الجزائرية 1988)

    "القلم المعاند"
    (قلمي هذا أم هو ألمي ؟)
    "رجوت قلمي أن يكتب فأبى، مُصِرًّا، إلاَّ عِنادا
    و بالرَّفض قابل رجائي و في الصَّمت تمــادى"

  • عائده محمد نادر
    عضو الملتقى
    • 18-10-2008
    • 12843

    #2
    مساء الخير
    يبقى النقد هو الصورة الأخرى للنصوص ( بكل أجناسها ) والتي لا يستطيع القاريء العادي أن يفككها، فهو يفكك الشيفرة إن وجدت ويسلط الضوء على مكامن القوة أو الضعف على حد سواء وإلا اعتبر مجاملة في غير محلها أو اساءة لشخص الأديب إن كان النقد جارحا أو لم يأخذ على عاتقه رصد الجمال والضعف بنظرة ناقدة حقيقية وشفافة ومن كل الزوايا.
    النقد الأدبي كما الكتابة الأدبية لايتقيد بشرط وقانون لكنه أيضا ليس منفلتا وبلا حدود لأن هناك بعض القواعد التي يجب أن يسير عليها كلا الطرفين وإلا أصبح الأمر عشوائيا ووضع كل ( هاو ) عنوانه ( ناقد أو أديب )
    فكما الأديب موهبة النقد أيضا موهبة
    وعليه يجب أن يمتلك الناقد ( العين الثالثة ) والتي لايتمتع بها الجميع لأن النقد سيف ذو حدين فهو إن لم يقطع ( النص ) سيقطع الناقد ولاشك
    ربما أحتاج وقتا إضافيا كي أكتب رؤيتي وهذه نظرة بسيطة والأمر من هذا بكثير
    الشمس شمسي والعراق عراقي ..ماغير الدخلاء من أخلاقي .. الشمس شمسي والعراق عراق

    تعليق

    • أميمة محمد
      مشرف
      • 27-05-2015
      • 4960

      #3
      جزاك الله خيرا. شكرا لمقالتك.
      هل الناقد يستخرج الجماليات من النص فقط؟. عادة ما يُهاجم الناقد إذا سلط الضوء على سلبيات النصوص.. لمَ يا ترى؟
      الناقد لا يستطيع التحرر كلية عن مبادئه، وأفكاره، التي قد تناقض النص فكرةً وبناءً وروحاً.. هل هو مدان لذلك؟ وبما أن كل امرؤ ينظر إلى نفسه بعين الصواب
      فأين الخلل وأين المعيار؟
      عين الناقد التي ترى الجمال نفسها التي ترى القبح يُمدح لهذا ويُذم لذاك!
      في النهاية الناقد يرى من زاويته والكاتب يكتب من زاويته فيكوَّنان مثلثا، النص والناقد والكاتب ودائما مطلوب من الناقد إقصاء الكاتب
      ولكن النص رصاصة، ممن انطلقت الرصاصة؟ يقولون إن المهم هو الهدف ولكن الهدف ضحية، لم لا يُسلط الضوء على اليد!
      الكاتب يطلق رصاصته فإذا أخطأت هدفها قال: برئ مما تصفون. ولكن كيف؟!

      عذرا لخواطري والثرثرة الطارئة!
      تحيتي.

      تعليق

      • حسين ليشوري
        طويلب علم، مستشار أدبي.
        • 06-12-2008
        • 8016

        #4
        المشاركة الأصلية بواسطة عائده محمد نادر مشاهدة المشاركة
        مساء الخير
        يبقى النقد هو الصورة الأخرى للنصوص (بكل أجناسها) والتي لا يستطيع القاريء العادي أن يفككها، فهو يفكك الشيفرة إن وجدت ويسلط الضوء على مكامن القوة أو الضعف على حد سواء وإلا اعتبر مجاملة في غير محلها أو إساءة لشخص الأديب إن كان النقد جارحا أو لم يأخذ على عاتقه رصد الجمال والضعف بنظرة ناقدة حقيقية وشفافة ومن كل الزوايا.
        النقد الأدبي كما الكتابة الأدبية لا يتقيد بشرط وقانون لكنه أيضا ليس منفلتا وبلا حدود لأن هناك بعض القواعد التي يجب أن يسير عليها كلا الطرفين وإلا أصبح الأمر عشوائيا ووضع كل (هاو) عنوانه (ناقد أو أديب)؛ فكما الأديب موهبة النقد أيضا موهبة، وعليه يجب أن يمتلك الناقد (العين الثالثة) والتي لا يتمتع بها الجميع لأن النقد سيف ذو حدين فهو إن لم يقطع (النص) سيقطع الناقد ولاشك؛ ربما أحتاج وقتا إضافيا كي أكتب رؤيتي وهذه نظرة بسيطة والأمر [أوسع] من هذا بكثير.
        أهلا بسيدة الملتقى الأولى عائده محمد نادر.
        أشكر لك تعقيبك على مقالتي المتواضعة، هي خواطر أسجلها من حين إلى آخر عن النقد الأدبي وهمومه.
        نعم، الأمر أوسع من هذا بكثير ونحن هنا نريد تحسس طريقنا في النقد الأدبي وتلمس خيوط النقد وخطوطه العريضة عسانا نصل إلى رؤية موضوعية عن النقد والناقد.
        الناقد كاتب كالأديب، لكنه قبل كل شيء كاتب يقوِّم الكتابات الأخرى، وهو حتما مثل الأديب ابن بيئته الثقافية التى نشأ فيها ثم هو ابن التربية التي تلقاها في المؤسسات المختلفة التي تلقى فيها معرفته وعلمه وتجربته وخبرته من البيت إلى المدرسة بمختلف مستواياتها إلى الجامعة إلى النوادي وكلها تزوده بما سيظهر في كتاباته وينعكس من خلالها شاء أم أبى.
        السؤال هو: هل يوجد نقد "علمي" أي نقد صحيح يمكن البرهنة عليه كما تصح القواعد في الرياضيات أو في الحساب؟ الجواب: لا.
        يبقى أن النقد الأدبي، أو غيره، ليس لعبا ولا لهوا إنما هو فن من الفنون الأدبية يصيب صاحبه ويخطئ حسب ثقافته وتربيته وتجربته وخبرته في نقد الأعمال وتقويمها.
        ويبقى شيء آخر في النقد وهو كيفية تسويقه إلى المتلقين من الكاتب المنقودِ عملُه أو غيرِه ممن يتلقون ذلك النقد من القراء، وما قد يحسبه المنقود تجريحا، أو إساءة، قد يكون هو الصواب الذي سيفيده ويساعده على تصحيح كتابته، أو نصه، وفي هذا الخير الوفير للكاتب نفسه ولمن يقرأ له.
        أكرر لك شكري على المرور الكريم والتعليق العليم.
        تحياتي.

        sigpic
        (رسم نور الدين محساس)
        (رسّام بجريدة المساء الجزائرية 1988)

        "القلم المعاند"
        (قلمي هذا أم هو ألمي ؟)
        "رجوت قلمي أن يكتب فأبى، مُصِرًّا، إلاَّ عِنادا
        و بالرَّفض قابل رجائي و في الصَّمت تمــادى"

        تعليق

        • حسين ليشوري
          طويلب علم، مستشار أدبي.
          • 06-12-2008
          • 8016

          #5
          المشاركة الأصلية بواسطة أميمة محمد مشاهدة المشاركة
          جزاك الله خيرا؛ شكرا لمقالتك.
          هل الناقد يستخرج الجماليات من النص فقط؟ عادة ما يُهاجم الناقد إذا سلط الضوء على سلبيات النصوص.. لمَ يا ترى؟
          الناقد لا يستطيع التحرر كلية من مبادئه، وأفكاره، التي قد تناقض النص فكرةً وبناءً وروحاً.. هل هو مدان لذلك؟ وبما أن كل امرئ ينظر إلى نفسه بعين الصواب
          فأين الخلل وأين المعيار؟ عين الناقد التي ترى الجمال نفسها التي ترى القبح يُمدح لهذا ويُذم لذاك!
          في النهاية الناقد يرى من زاويته والكاتب يكتب من زاويته فيكوَّنان مثلثا، النص والناقد والكاتب ودائما مطلوب من الناقد إقصاء الكاتب ولكن النص رصاصة، ممن انطلقت الرصاصة؟ يقولون إن المهم هو الهدف ولكن الهدف ضحية، لم لا يُسلط الضوء على اليد!
          الكاتب يطلق رصاصته فإذا أخطأت هدفها قال: برئ مما تصفون. ولكن كيف؟!
          عذرا لخواطري والثرثرة الطارئة!
          تحيتي.
          وجزاك الله عني خيرا على المرور الكريم وعلى التعليق المفيد وعلى الشكر المشجع.
          كنت ليلة البارحة زوَّرت لك ردا متقنا لكنه طار مع طيران الصفحة بسبب خطإ تقني ارتكبته، والحمد لله على كل حال.
          ثم أما بعد، الناقد كاتب كما أن الأديب كاتب لا يختلفان إلا في كون هذا يبدع نصا وهذا يبدع قراءة لذلك النص، فالنقد إبداع عن إبداع، أو هكذا يجب أن يكون، وكما أن الأديب ابن بيئته الثقافية، بمفهوم الثقافة الواسع، فكذلك الناقد ابن بيئته، وكلما ارتقى الإبداع الأدبي ارتقى بارتقائه النقدُ الأدبي، كذلك والعكس صحيح تماما، ولا يكون ذلك الارتقاء المزدوج إلا بارتقاء الإنسان نفسه أديبا كان أم ناقدا.
          ثم إن النقد الأدبي أنواع كثيرة وليس نوعا واحدا ويمكننا أن نجمع تلك الأنواع تحت عنوان "النقود الأدبية" حتى نكون موافقين للواقع النقدي (وهذا ما سأبينه في مشاركة قادمة إن شاء الله تعالى).
          نعم، الناقد يستخرج جماليات النص من النص ذاته حتما لكنه لا يكتفي باستخراج تلك الجماليات فقط بل ينظر إلى المقاصد التي يرمي إليها الأديب المبدع بنصه ذاك من خلال التعابير والصيغ والمفردات المستعملة، أو الموظفة، لاستكناه نيّة الكاتب ومن هنا تبدأ الاختلافات والنزاعات والخصومات إذ لا يكتب كاتب شيئا دون قصد أو هدف أو غاية أو غرض وإلا كان كاتبا عابثا أو مجنونا ولا نقد لكلام العابث والمجنون؛ وقد يكون الناقد مصيبا في عملية الاستكناه تلك وقد يكون مخطئا، وهذا الخطأ ليس سيئا تماما لأن الكاتب المنقود سيوضح ذلك للناقد إن كان يريد "تبرئة" ساحته من التهم مع أن الناقد الأدبي ليس قاضيا في محكمة ولا هو جهة اتهام ومحاكمة.
          النص الأدبي هو همزة الوصل بين الأديب وناقده، هو منطلق الحديث ومحطة النقاش، هو المنطلق وهو الغاية في الوقت نفسه ومنه نستكشف الأدب بمفهوميه الفني والأخلاقي وإلا كان النص عبارة عن "خربشة كتابية" لا قيمة له إن خلا من الفن ومن الأخلاق.
          هذا ما عنَّ لي قوله تعقيبا على مشاركتك الطيبة وقد أعود، إن شاء الله تعالى، إلى بعض النقاط بالتوضيح والإثراء.
          أشكر لك، أختي الفاضلة الأستاذة أميمة محمد، تفاعلك الطيب وتشجيعك الكريم.
          تحياتي الأخوية.

          sigpic
          (رسم نور الدين محساس)
          (رسّام بجريدة المساء الجزائرية 1988)

          "القلم المعاند"
          (قلمي هذا أم هو ألمي ؟)
          "رجوت قلمي أن يكتب فأبى، مُصِرًّا، إلاَّ عِنادا
          و بالرَّفض قابل رجائي و في الصَّمت تمــادى"

          تعليق

          • عبدالرحمن السليمان
            مستشار أدبي
            • 23-05-2007
            • 5434

            #6
            المشاركة الأصلية بواسطة حسين ليشوري مشاهدة المشاركة
            وجزاك الله عني خيرا على المرور الكريم وعلى التعليق المفيد وعلى الشكر المشجع.
            كنت ليلة البارحة زوَّرت لك ردا متقنا لكنه طار مع طيران الصفحة بسبب خطإ تقني ارتكبته، والحمد لله على كل حال.
            ثم أما بعد، الناقد كاتب كما أن الأديب كاتب لا يختلفان إلا في كون هذا يبدع نصا وهذا يبدع قراءة لذلك النص، فالنقد إبداع عن إبداع، أو هكذا يجب أن يكون، وكما أن الأديب ابن بيئته الثقافية، بمفهوم الثقافة الواسع، فكذلك الناقد ابن بيئته، وكلما ارتقى الإبداع الأدبي ارتقى بارتقائه النقدُ الأدبي، كذلك والعكس صحيح تماما، ولا يكون ذلك الارتقاء المزدوج إلا بارتقاء الإنسان نفسه أديبا كان أم ناقدا.
            ثم إن النقد الأدبي أنواع كثيرة وليس نوعا واحدا ويمكننا أن نجمع تلك الأنواع تحت عنوان "النقود الأدبية" حتى نكون موافقين للواقع النقدي (وهذا ما سأبينه في مشاركة قادمة إن شاء الله تعالى).
            نعم، الناقد يستخرج جماليات النص من النص ذاته حتما لكنه لا يكتفي باستخراج تلك الجماليات فقط بل ينظر إلى المقاصد التي يرمي إليها الأديب المبدع بنصه ذاك من خلال التعابير والصيغ والمفردات المستعملة، أو الموظفة، لاستكناه نيّة الكاتب ومن هنا تبدأ الاختلافات والنزاعات والخصومات إذ لا يكتب كاتب شيئا دون قصد أو هدف أو غاية أو غرض وإلا كان كاتبا عابثا أو مجنونا ولا نقد لكلام العابث والمجنون؛ وقد يكون الناقد مصيبا في عملية الاستكناه تلك وقد يكون مخطئا، وهذا الخطأ ليس سيئا تماما لأن الكاتب المنقود سيوضح ذلك للناقد إن كان يريد "تبرئة" ساحته من التهم مع أن الناقد الأدبي ليس قاضيا في محكمة ولا هو جهة اتهام ومحاكمة.
            النص الأدبي هو همزة الوصل بين الأديب وناقده، هو منطلق الحديث ومحطة النقاش، هو المنطلق وهو الغاية في الوقت نفسه ومنه نستكشف الأدب بمفهوميه الفني والأخلاقي وإلا كان النص عبارة عن "خربشة كتابية" لا قيمة له إن خلا من الفن ومن الأخلاق.
            هذا ما عنَّ لي قوله تعقيبا على مشاركتك الطيبة وقد أعود، إن شاء الله تعالى، إلى بعض النقاط بالتوضيح والإثراء.
            أشكر لك، أختي الفاضلة الأستاذة أميمة محمد، تفاعلك الطيب وتشجيعك الكريم.
            تحياتي الأخوية.

            السلام على أخينا الحبيب الأستاذ حسين ليشوري، أدامَ الله عليه ثوب العافية، وزيَّنَ ملتقى الأدباء والمبدعين العرب بحضوره على الدوام، وحشرَ شانئيه مع إبليس الرجيم! آمين!

            يعجبني تشبيه الجاحظ للناقد بالمسن الذي يشحذ ولا يقطع! فلولا المسن (الجِلِخ باللهجة السورية) لما كان السيف قاطعًا. إذن حاجة السيف إلى المسن وجودية، لأن السيف الذي لا يقطع لا قيمة له، شأنه في ذلك شأن المدفئة التي لا تعمل في الشتاء! وكذلك الألماسة: لا بريق لها بدون صقلها بما أشبه المسن من آلات الصقل والبردغة، ولا فرق يرى بينها وبين الحصوة التي يرجم فيه إبليس اللعين في منى إن هي لم تصقل!

            فالناقد للكاتب مثل المسن للسيف والمصقل للألماسة! والكاتب الذي لا يقبل نقد الناقد الموضوعي مثل السيف الذي يصر أن يبقى غير قاطع وغير ذات قيمة، ومثل الألماسة غير المصقولة!

            بقي لي أن أحييكم وأعتذر لكم عن قلة المشاركات بسبب كثيرة الأشغال!

            وتحية طيبة عطرة.
            عبدالرحمن السليمان
            الجمعية الدولية لمترجمي العربية
            www.atinternational.org

            تعليق

            • حسين ليشوري
              طويلب علم، مستشار أدبي.
              • 06-12-2008
              • 8016

              #7
              المشاركة الأصلية بواسطة عبدالرحمن السليمان مشاهدة المشاركة
              السلام على أخينا الحبيب الأستاذ حسين ليشوري، أدامَ الله عليه ثوب العافية، وزيَّنَ ملتقى الأدباء والمبدعين العرب بحضوره على الدوام، وحشرَ شانئيه مع إبليس الرجيم! آمين!
              يعجبني تشبيه الجاحظ للناقد بالمسن الذي يشحذ ولا يقطع! فلولا المسن (الجِلِخ باللهجة السورية) لما كان السيف قاطعًا. إذن حاجة السيف إلى المسن وجودية، لأن السيف الذي لا يقطع لا قيمة له، شأنه في ذلك شأن المدفئة التي لا تعمل في الشتاء! وكذلك الألماسة: لا بريق لها بدون صقلها بما أشبه المسن من آلات الصقل والبردغة، ولا فرق يرى بينها وبين الحصوة التي يرجم فيه إبليس اللعين في منى إن هي لم تصقل!
              فالناقد للكاتب مثل المسن للسيف والمصقل للألماسة! والكاتب الذي لا يقبل نقد الناقد الموضوعي مثل السيف الذي يصر أن يبقى غير قاطع وغير ذات قيمة، ومثل الألماسة غير المصقولة!
              بقي لي أن أحييكم وأعتذر لكم عن قلة المشاركات بسبب كثيرة الأشغال!
              وتحية طيبة عطرة.
              وعليكم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته.
              أهلا بأخي الحبيب والفقيه الأديب الأستاذ الكبير عبد الرحمان السليمان.
              وأدام الله عليك العافية وجبر الله خاطرك الكريم كما جبرت خاطري الكليم.
              ثم أما بعد، النص العليل
              كالسيف الكليل (الكهام)، يحتاج إلى المِسَنِّ ولا مِسَنَّ أنفع للفن كالنقد الصحيح الصريح، وهو، النصَّ، كالسحاب الجهام لا ماء فيه فلا نفع فيه ولا غيث فتراه يمر مر الغمام فيظنه الضمآن ماء ولا ماء ولا رواء وهذه حال كثير من النصوص ما لم تحك بمحك النقد فالنقد ضروري للنصوص لتُجلى محاسنُها وإلا بقيت صدئة، وهو قولك نفسه لكن بألفاظ أخرى إثراءً للقاموس اللغوي لمن يمر من هنا للاستفادة أو للإفادة كما فعلت أخي الفاضل زادك الله علما وحلما وحكما وفهما، آمين.
              أما الكاتب، أو الأديب، الذي لا يرضى إلا بأن يكون النقد لصالحه فقط فهو كاتب يحكم على نصه بالفشل والأفول والضمور حتى وإن ادعى لنفسه هو التفوق والبروز والظهور.
              ونحن هنا بصدد التمييز بين أنواع النقد الأدبي المتنوعة، فهي إذن "نقود أدبية" وليست نقدا وحيدا فريدا.
              أسأل الله لي ولك دوام الصحة والعافية وأن يخفف عنك وطأة الأشغال الكثيرة حتى نسر بطلعتك البهية وكلماتك النقية.
              تحيتي إليك ومودتي لك.

              sigpic
              (رسم نور الدين محساس)
              (رسّام بجريدة المساء الجزائرية 1988)

              "القلم المعاند"
              (قلمي هذا أم هو ألمي ؟)
              "رجوت قلمي أن يكتب فأبى، مُصِرًّا، إلاَّ عِنادا
              و بالرَّفض قابل رجائي و في الصَّمت تمــادى"

              تعليق

              • حسين ليشوري
                طويلب علم، مستشار أدبي.
                • 06-12-2008
                • 8016

                #8
                نقد أدبي أم نقود أدبية؟

                [align=justify]أشرت في مشاركتي رقم:#5 إلى "إن النقد الأدبي أنواع كثيرة وليس نوعا واحدا ويمكننا أن نجمع تلك الأنواع تحت عنوان "النقود الأدبية" حتى نكون موافقين للواقع النقدي (وهذا ما سأبينه في مشاركة قادمة إن شاء الله تعالى)."اهـ بنصه وفصه، وسأحاول هنا عرض ما يمكنني عرضه من تلك الأنواع النقدية، أو النقود الأدبية المتنوعة.

                عرف النقد الأدبي في الأدب العربي القديم قبل الإسلام، في الجاهلية، وكانت الأسواق التجارية، وأشهرها سوق عكاظ وسوق مجنة وسوق ذي المجاز وغيرها من الأسواق الموسمية، توظف للتباري في إنشاد الشعر وتنافس الشعراء بقصائدهم للفوز بمرتبة أشعر العرب، أو أشعر الناس وغيرهما من الألقاب إضافة إلى تنافسها في التجارة وما أقيمت له أساسا؛ ولم تكن المنافسة مقتصرة على الرجال فقط بل كانت النساء يشاركن فيها وبجدارة كبيرة، منهن الخنساء، تماضر بنت عمرو بن الحارث أخت صخر، وتنافست مع حسان بن ثابت (رضي الله تعالى عنه) وتفوقت عليه ولولا كونها امرأة لفضلت على شعراء الموسم حسب زعم النابغة الذبياني، وكانت تلك الأسواق بمثابة المنتديات الأدبية.

                وفي هذه المنتديات الأدبية الكبيرة كان الشعراء يتبارون بقصائدهم فيتحاكمون إلى شعراء آخرين هم أكفأ وأقدر وأقدم في نقد الشعر وتقويمه، ومن حكام تلك الأسواق النابغة الذبياني كما أشرت إليه آنفا، بيد أن النقد الأدبي في تلك الفترة البعيدة كان نقدا انطباعيا "فطريا" اعتباطيا يعتمد الذوق الأدبي فقط [والذوق نسبي كما نعلم جميعا] فينظر في مدى توفيق الشاعر في الوصف ليس غير بما يوظفه من ألفاظ في تصوير المواقف، أو هكذا أزعم.

                وكما وجد النقد الانطباعي، أو الفطري، أو الاعتباطي وجد كذلك "النقد البلاغي" و"هو نقد ينصب على الصور البلاغية التي يستخدمها الشاعر من غير أن يحكم على خصائص النص العامة، وقد اشتهر النقد البلاغي عند المتكليمن، ولاسيما الجاحظ" (ينظر "المعجم المفصل في الأدب" من إعداد محمد التونجي، دار الكتب العلمية، الطبعة الأولى1993/1413، ص 865).

                وهناك "النقد غير المُعلَّل" "وهو ميل النّقّاد إلى شاعر دون شاعر، وتفضيلهم إياه من غير نظر إلى أحكام النقد العامة؛ فهم يقولون: "امرؤ القيس أمير الشعراء، وجرير أفضلهم، و..." وقد يفضلون بيتا ويجعلون صاحبه أشعر الشعراء، وهذه الأحكام غير المعلَّلة ظهرت في القرن الهجري الأول عن ميل وهوى لا عن حكم ونقد منهجي" (المرجع السابق نفسه، والصفحة ذاتها) وهذا النوع من النقد يمكننا تسميته بـ "النقد الذاتي" لأنه ينطلق من ذات الناقد وليس من العمل الأدبي، وهو قريب من الأنواع سالفة الذكر: الانطباعي أو الفطري أو الاعتباطي.

                ومن خلال تعريف "النقد غير المعلَّل" تبين لنا أن هناك نقدا معلَّلا وهو "النقد المنهجي" الذي يبرر أحكامه ويعللها بالأدلة من النص المنقود، أو النص المقوَّم، ذاته، وقد نسمي هذا النوع من النقد "النقد الموضوعي" لأنه يرتكز على المادة المعروضة أمامه ليس غير (وقد نعود إلى هذا النوع من النقد بشيء من التوسع لأنه هو المطلوب في نقد النصوص وتقويمها).

                ويوجد كذلك ما يسمى "النقد المقارِن" وهو كما يزعمه الدارسون أرقى أنواع النقد الأدبي لأنه يعتمد على دراسة عدد من النصوص لأديب واحد قبل إصدار حكمه عليها؛ ويشبهه "النقد الموازِن" وهو نقد يوازن بين نصوص كثيرة لأدباء مختلفين فيفاضل بينها ويحكم، ولعل هذا "النقد الموازِن" هو منطلق "النقد غير المعلل" المشار إليه أعلاه غير أن "النقد الموازن" نقد موضوعي أما الآخر فـ"نقد ذاتي" حسب زعمي دائما.

                وكما أن النقد الأدبي أنواع متعددة فيمكن تقسيم النقد الأدبي إلى نوعين كبيرين: "نقد عام" و"نقد خاص" أو "نقد متخصص"، فأما "النقد العام" فهو النقد الذي يتناول النصوص المكتوبة من أي صنف كانت: شعر، نثر، مسرح، سينارو فلم، إلخ... (أي نص مكتوب)؛ وأما "النقد المتخصص" أو "النقد الخاص" فهو نقد يقوِّم الأعمال بعد تشخيصها عمليا كنقد مسريحة أو نقد فلم أو نقد شريط وغيرها مما قد يحول إلى عمل فني بارز للعيان فينقد النص والممثلين والديكور والتصوير وغيرها مما يجوز نقده، خلافا للنصوص "الجامدة" التي تكون على الورق أو على أي حامل من ... الحوامل (supports).

                هذه جولة سريعة في النقد الأدبي وأنواعه أنجزت بها ما وعدت القراء به، وأرجو أن أكون مصيبا فيما كتبت فيها وليس مصيبة على نفسي وعلى القراء، مع الملاحظة أنني أعتمدت في تحرير هذا العرض على مصدر واحد فريد هو الذي أشرت إليه أعلاه كما اعتمدت على ما رسخ في ذاكرتي عن النقد الأدبي القديم من أيام الدراسة في الجامعة ومن خلال قراءاتي الكثيرة عن النقد منذ سنين عديدة، والذاكرة خوانة ولذا أرجو العذر من القراء إن هم وجدوا ما يجانب الصواب ويخالف ... "الآداب".
                [/align]
                sigpic
                (رسم نور الدين محساس)
                (رسّام بجريدة المساء الجزائرية 1988)

                "القلم المعاند"
                (قلمي هذا أم هو ألمي ؟)
                "رجوت قلمي أن يكتب فأبى، مُصِرًّا، إلاَّ عِنادا
                و بالرَّفض قابل رجائي و في الصَّمت تمــادى"

                تعليق

                • حسين ليشوري
                  طويلب علم، مستشار أدبي.
                  • 06-12-2008
                  • 8016

                  #9
                  أزمة نقد أم أزمة إبداع؟

                  أزمة نقد أم أزمة إبداع؟

                  [align=justify]هل يجوز لنا ونحن بصدد الحديث عن النقد الأدبي، أو "النقود الأدبية" لأن النقد ليس نوعا واحدا بل هو أنوع كثيرة، أن نتحدث عن أزمة النقد الأدبي، أو أزمة في النقد الأدبي، والأدب نفسه يعيش أزمة كبيرة؟ أزمة متعددة الوجوه لأن الأدب لم يجد له طريقا سوية إلى غاياته التي من أجلها وجد ومن أجلها "يناضل" إلى أن يصلها أو يحققها وهي الارتقاء بوعي القارئ ومن ثمة الارتقاء بإنسانيته، أو الارتقاء ببشريته بتهذيب النفوس وتشذيب الأخلاق وتأديب العقول، لأن هذا الإنسان المبدع، أو الأديب، هو الحيوان الكاتب الوحيد في عالم الحيوان لأن الكتابة تعبير عن تفكير مضمر برموز ظاهرة هي الحروف والكلمات والعبارات والجمل والنصوص، وهي أمور لا يستطيعها غير هذا الحيوان الناطق، أي المفكر، أي الكاتب.

                  الكتابات التي نقرأها، ولا سيما في المواقع الأدبية العربية في الشبكة العنكبية العالمية، كتابات، في أغلبها، ساذَجة بسيطة سطحية فلا عجب إن جاء النقد الأدبي انعكاسا لها من حيث سذاجتُه وبساطتُه وسطحيتُه وهو في أكثره انطباعيا اعتباطيا ذوقيا عفويا لا يرتكز في "تقويمه" للأعمال الأدبية على منهجية أو تعليل أو تحليل أو تدليل، والابداع الأدبي انعكاس لمستوى الأمة في الحضارة، والنقد الأدبي انعكاس لذلك الابداع، فلا عجب إن جاء الإبداع الأدبي ضعيفا هزيلا مشوها والأمة نفسها ضعيفة هزيلة مشوهة، وإنك لا تجني من الشوك العنب، والأدب هو العنب المرجو جنيه، والأمة مشوكة منذ قرون من الأجيال ودهور من الزمان ولا تزال كذلك إلى عصور لا نعرف مداها.

                  عندما تقرأ لأديب ما وتجد هذا الأديب يرتكب الأخطاء المشينة في كتاباته من حيث اللغة، والإملاء، والنحو، والصرف، ثم ترى هذا الأديب نفسه ينتظر منك نقدا "موضوعيا" ينصفه وينوه بإبداعه كأنه أتى بما لم تأت به الأوئل فاعلم أن الأدب في أزمة كبيرة ومن ثمة فالنقد هو الآخر في أزمة لتأزم الأدب أولا، لأن النقد تابع له وليس العكس؛ نعم، قد يتأثر الأدب بالنقد فيصحح مساره أو يعدل مساقه لكنه يبقى دائما في المرتبة التالية وليس الأولى، وأول النقاد الكاتب نفسه، أو هكذا يجب أن يكون، غير أننا لا نجد هذا النقد الأولي ظاهرا في الكتابات الأدبية لأنه لو كان موجودا لما كانت تلك الأخطاء المشينة كلها، أو لحاول الكاتب تصحيحا قبل نشر كتابته بعرضها على المختصين إن عجز عن تصحيحها بنفسه.

                  ثم إن طبيعة الحياة العصرية السريعة تفرض نوعا من النقد كما فرضت أنواعا من الأدب لم تكن معروفة ومنها على سبيل المثال لا الحصر ما يسمى "القصة القصيرة جدا" (ق.ق.ج. اختصارا) فجاء النقد سريعا، أو متسرعا، هو الآخر فكان "النقد القصير جدا" (أو "ن.ق.ج" اختصارا وهذه من عندي لتصوير الأزمة، أزمة النقد وقبلها أزمة الأدب)؛ إذن، الـ "ن.ق.ج." جاء تلبية لحاجة الأدب العصري، أو الأدب "النِّتِّي"، والمتمثل في الـ"ق.ق.ج" المتفشية في المنتديات الأدبية العربية، على أن "القصة القصيرة جدا" بمفهومها الأدبي القديم غير القصة القصيرة جدا في الأدب "النِّتِّي" الوافد والمهيمن عنوة على الأنواع الأدبية الأخرى الأطول ومن ثمة "الأثقل" من حيث مادّتُها ومن حيث وظائفُها ومن حيث نقدها كذلك.

                  جاء حديثي هنا مسترسلا عن القصة القصيرة جدا، بمفهومها "النِّتِّي"، مع أنني لك أكن أنوي الاسترسال، لكن الحديث ذو شجون والواحد منا لا يكاد يتحكم في خوطره لما ترد على خاطره، وقد يكون فيه، الاسترسالَ، فائدة للقارئ وللكاتب نفسه قد يحتاجه في مرة أخرى؛ بيد أن هذا النوع الأدبي الجديد له كتابه وقراؤه ومحبوه ونقاده وقد أحببت التنبيه إلى أن المسمى الجديد الـ"ق.ق.ج." ليست هي القصة القصيرة جدا كما عرفها أسلافنا من الأدباء، والمقصود بـ "أسلافنا" الأدباء العرب من الأجيال السابقة عنا قريبا في القرنين العشرين والتاسع عشر، فالقصة القصيرة جدا عندهم نص أدبي لا يقل عن ألف وخمسمائة كلمة خلافا للقصة القصيرة التي تصل إلى عشرة آلاف كلمة فأين الـ"ق.ق.ج." "النتية" بكُليماتها القليلة من هذين الرقمين؟

                  أعود إلى موضوعنا بعد هذا الاستطراد العفوي وأقول:"إن النقد الأدبي يعيش حتما أزمة لكنها أزمة نابعة عن أزمة الأدب، أو أزمة الإبداع، نفسه وهي تابعة لها وليست أزمة مستقلة، وإذا أردنا أن نفك تلك الأزمة علينا أولا أن نفك أزمة الأدب نفسه ونجعله يرتقي بترقية أدواته من لغة جيدة وفكرة نيرة وأسلوب بديع وهدف رفيع ونية خيرة" فإن لم نفعل هذا كله، كل في موقعه، سنبقى نراوح مكاننا ونشكو حالنا ونلوم بعضنا ونبكي حظنا لأننا لم نلاقي من يقدر أعمالنا ويقومها وينوه بها وهذا كله لأننا نعيش أزمة أدب وإبداع وليس أزمة نقد وإقناع؛ فهذه إذن خواطر عابرة أحببت تسجيلها قبل أن تفلت مني والخواطر فلّاتة، وللحديث، إن شاء الله تعالى، بقية إن كان في العمر بقية، وقراءة ممتعة وباب المناقشة مفتوح للجميع.
                  [/align]
                  sigpic
                  (رسم نور الدين محساس)
                  (رسّام بجريدة المساء الجزائرية 1988)

                  "القلم المعاند"
                  (قلمي هذا أم هو ألمي ؟)
                  "رجوت قلمي أن يكتب فأبى، مُصِرًّا، إلاَّ عِنادا
                  و بالرَّفض قابل رجائي و في الصَّمت تمــادى"

                  تعليق

                  • حسين ليشوري
                    طويلب علم، مستشار أدبي.
                    • 06-12-2008
                    • 8016

                    #10
                    مواضيع ذات صلة.

                    sigpic
                    (رسم نور الدين محساس)
                    (رسّام بجريدة المساء الجزائرية 1988)

                    "القلم المعاند"
                    (قلمي هذا أم هو ألمي ؟)
                    "رجوت قلمي أن يكتب فأبى، مُصِرًّا، إلاَّ عِنادا
                    و بالرَّفض قابل رجائي و في الصَّمت تمــادى"

                    تعليق

                    • محمد فهمي يوسف
                      مستشار أدبي
                      • 27-08-2008
                      • 8100

                      #11
                      الأخ الأستاذ حسين ليشوري
                      حياك الله وبياك ، وجعل التوفيق والرضا من الله في دنياك وأخراك
                      موضوعك شائق وفيه صبر ومعاناة على اختلاف الرؤى بين الدارس والأساتيذ
                      حتى يصير طويلب العلم عالما يستحق التقدير والتمييز حتى على الجهابيذ

                      و ( الجِهْبِذُ، بالكسر: النَّقَّادُ الخَبيرُ. ) في الباحث العربي ( معجم كبير)
                      ربما وضعت رابطين لموضوعين لي بالملتقى عن فن النقد وهو (علمٌ )
                      كما تفضلت وأشرت ، وليتك تقرأهما لترى رأيي المتواضع الذي أفدته منك
                      ومن كل من له فضل عليَّ

                      تحياتي

                      تعليق

                      • حسين ليشوري
                        طويلب علم، مستشار أدبي.
                        • 06-12-2008
                        • 8016

                        #12
                        المشاركة الأصلية بواسطة محمد فهمي يوسف مشاهدة المشاركة
                        الفرق بين النقد والتحليل الأدبي للنص - Almolltaqa.com
                        من يريد أن ينقد أدبا http://www.almolltaqa.com/vb/showthr...%BF!!&p=163926
                        الأخ الأستاذ حسين ليشوري:
                        حياك الله وبياك، وجعل التوفيق والرضا من الله في دنياك وأخراك.
                        موضوعك شائق وفيه صبر ومعاناة على اختلاف الرؤى بين الدارس والأساتيذ حتى يصير طويلب العلم عالما يستحق التقدير والتمييز حتى على الجهابيذ و (الجِهْبِذُ، بالكسر: النَّقَّادُ الخَبيرُ) في الباحث العربي (معجم كبير).
                        ربما وضعت رابطين لموضوعين لي بالملتقى عن فن النقد وهو (علمٌ) كما تفضلت وأشرت، وليتك تقرأهما لترى رأيي المتواضع الذي أفدته منك
                        ومن كل من له فضل عليَّ.

                        تحياتي.
                        أهلا بأستاذنا الجليل الجميل النبيل محمد فهمي يوسف وسهلا ومرحبا.
                        لا يسعني إلا أن أأمن على دعائك الطيب ولك مثل ما دعوت به لي بارك الله فيك، أرجو من الله تعالى أن تكون بخير وعافية.
                        ثم أما بعد، الفضل لله وحده ومنه، سبحانه، نستمد العون والتوفيق والسداد والرشاد.
                        هي خواطر أبديها من حين إلى آخر عن النقد الأدبي لأنه من المواضيع التي تستهويني وأجد متعة في القراءة فيها وأمامي الآن مجموعة من كتب النقد باللغتين العربية والفرنسية أقرأ فيها من حين لى آخر في وقت الاستراحة من المشاركة في الملتقى.
                        لا يكون النقد الأدبي "علما" إلا حين يكون معلَّلا يتبع منهجا من مناهجه الكثيرة والمتنوعة والمتشعبة ولذا قلت "النُّقود الأدبية" ولم أكتف بكلمة "النقد" المفردة لأن "النقد" نقود وليس نقدا واحدا، وتلك المناهج الكثيرة والمتنوعة والمتشعبة تنطلق من قناعات أصحابها وما ينتمون إليه من مدارس أدبية ومذاهب فكرية ونِحل دينية (لاحظ الترتيب لأنه لم يأت عفوا دون غرض)، ولذا اختلفت من حيث طبيعتها ووسائلها ومقاصدها في النقد وتبقى "علمية" ما خضعت لمنهج ما كلي أو جزئي.
                        النقد تابع للأدب، أقصد الإبداعَ الأدبي، ونابع عنه ولا يمكن أن نُكوِّن نقدا معتبرا إلا إن وُجد أدب معتبر من حيث لغته وأفكاره وأساليبه وغاياته وإلا جاء النقد كسيحا مثل أصله الكسيح و"من شابه أَبَه فما ظلم" والأدب أبو النقد وأصله ومنبعه.
                        أما أن يكون النقد علما بالمفهوم الدقيق لكلمة علم مثله مثل العلوم التجريبية الدقيقة فهذا مما لا يقول به عارف بالنقد وبالعلم كليهما.
                        النقد كتابة عن كتابة وما دامت الكتابة الأولى الإبداعية "ذاتية" سيبقى النقد ذاتيا هو الآخر في أكثر صور تعبيره ومن هنا انتفت عنه "العلمية" بمفهومها الدقيق ولذا فهو تذوق للأدب والتذوق نسبي كما هو معلوم.
                        أشكر لك أستاذنا الجليل ما أتحفتنا به من إدراجك للرابطين فإن القارئ المهتم سيجد فيهما ما يفيده حتما.
                        تقبل أخلص تحياتي إليك وأصدق تمنياتي لك بالصحة والعافية.

                        sigpic
                        (رسم نور الدين محساس)
                        (رسّام بجريدة المساء الجزائرية 1988)

                        "القلم المعاند"
                        (قلمي هذا أم هو ألمي ؟)
                        "رجوت قلمي أن يكتب فأبى، مُصِرًّا، إلاَّ عِنادا
                        و بالرَّفض قابل رجائي و في الصَّمت تمــادى"

                        تعليق

                        • حسين ليشوري
                          طويلب علم، مستشار أدبي.
                          • 06-12-2008
                          • 8016

                          #13
                          المشاركة الأصلية بواسطة أميمة محمد مشاهدة المشاركة
                          لا أسأل عن الأديب ولا عن الناقد أستاذ محمد أنا أتأمل النقد بين العلم والفن ومع علمي القاصر؛ هل الاختراع محصور لمن سبق والتنقيب والدراسة أمر منتهي؟
                          السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
                          أهلا بك أختنا الكريمة الأستاذة أميمة محمد، أمة الله.
                          شدني الحوار الجميل بينك وبين أستاذنا المبجل محمد فهمي يوسف فأحببت المشاركة فيه بعد إذنكما طبعا.

                          ثم أما بعد، النقد الأدبي فن أدبي قائم بذاته على أسس الأدب نفسها ولم يكن علما أبدا، بالمفهوم الدقيق لكلمة "علم" كما تطلق على العلوم الدقيقة الصارمة الحادة، وإنما هو فن لأنه يعتمد التذوق والذوق نسبي ولا يتفق عليه الناس كلهم كما قد يتفقون على نتائج العلوم الدقيقة؛ صحيح، قد يسمى النقد نقدا علميا لأنه نقد منهجي يخضع للمناهج المختلفة والمدارس الأدبية المتنوعة وهذا الاختلاف، أو التنوع، ينفي "العلمية" عن النقد الأدبي إذ من المفروض ألا تختلف النتائج النهائية باختلاف طرائق التحليل.

                          أما عن قضية الاختراع أو وضع المصطلحات وابتداع المناهج لم تكن ولن تكون حكرا على الأسلاف وحدهم فقط بل هي مجال مفتوح لكل الناس أما التقيد بما قاله الأسلاف في هذه المسائل الأدبية الذوقية والتمسك به دون مخالفته أو نقده حتى إن كان خاطئا أو واهيا فهو تحجّر وتكلّس وجمود وخمود لا يرضاه الأسلاف أنفسهم وإنما هي "المدرسية" البغيضة المقدِّسة لما أنتجه الماضون وكأنه وحي من السماء يقبل بلا مناقشة ولا حتى شك وإن كان طفيفا.

                          كل ما أنتجه البشر من آراء، ولاسيما في الأدب والنقد، قابل للمناقشة والقبول والرفض والنقض والإلغاء والرد لأنه من إنتاج العقول الآدمية والعقول الأدمية معرضة للخطأ والغلط واللغط والخلط.

                          هذا ما أحببت إضافته إلى هذا الموضوع الجميل، موضوع النقد الأدبي، فعسى أن يكون ما أضفته مفيدا أو مثيرا لنقاش أوسع.

                          تحيتي إليك وتقديري لك.

                          sigpic
                          (رسم نور الدين محساس)
                          (رسّام بجريدة المساء الجزائرية 1988)

                          "القلم المعاند"
                          (قلمي هذا أم هو ألمي ؟)
                          "رجوت قلمي أن يكتب فأبى، مُصِرًّا، إلاَّ عِنادا
                          و بالرَّفض قابل رجائي و في الصَّمت تمــادى"

                          تعليق

                          • حسين ليشوري
                            طويلب علم، مستشار أدبي.
                            • 06-12-2008
                            • 8016

                            #14
                            "المدرسية" نزعة عصبية.

                            المشاركة الأصلية بواسطة محمد فهمي يوسف مشاهدة المشاركة
                            عزيزي الأستاذ حسين ليشوري
                            تهنئتي الخاصة هنا لحصولك على شخصية عام 2017 م بوسام التكريم الذي تستحقه.

                            أما عن حوارنا المتواضع عن ( من يريد أن ينقد أدبا ) ؟!! فأهلا بتعليقك الجميل الطموح المشاكس لعلمائنا القدامى الذين نحترمهم وأيضا نضيف إلى آرائهم الجديد المفيد كما تفضلت مع احترامنا لهم فمن ليس له ماض حضاري ليس له حاضر ولا مستقبل.
                            النقد أخي الكريم (فن، تذوقي نعم) لكن بمنهجية العلم كما تفضلت أيضا يصبح علما وإن كانت أسسه متجددة ومستحدثة مع كل عصر بتذوق أهله وبيئته ولنا وللأجيال القادمة أن تضيف إلى قواعده وأسسه أو نحذف منها ما لم يأت به القدماء من منهجيات علمية جديدة.
                            وهذا رأيي باختصار ،، وما أراه مخالفا كثيرا لرأيك المحترم، وإن كنت أخالفك في نفي الجانب العلمي عن النقد الأدبي الممنهج لمن يريد أن ينتهج نقدا مقبولا سليما موجها ونافعا ومشجعا لإبراز الملكات الأدبية والإبداعية عند الأدباء والكتاب.
                            والله أعلم
                            السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
                            أهلا بنا في بيتك الكريم أستاذنا الجليل محمد فهمي يوسف وشكرا على تعقيبك الجميل،
                            أضحك الله سنك ومتعك بالصحة والعافية ودمت لنا نبراسا نقتدي به في الحلم والعلم، زادك الله علما وحلما وفهما وحكما، اللهم آمين.

                            ثم أما بعد، النقد الأدبي "كلام عن كلام" والكلام مهما كان منه المقبول ومنه المردود، أو المرفوض، والناس في كلامهم أصناف و"أوصاف" ومن زادت معرفته بالكلام الجميل زادت أحكامه جمالا لكن تحديد أوصاف الجمال، في الكلام أو الأشياء، مختلف فيه بين الناس في الأمة الواحدة وبينهم في الأمم المختلفة وكذلك في الأمة الواحدة في أعصرها، أو عصورها، المتعددة فالأذواق تتغيرلكما تغيرت الأقوام، فالقضية كلها نسبية وليست تقريرية تحكمية نهائية هذا قانون سائر وسائد منذ آدم، عليه السلام، إلى آخر واحد من ذريته، هذا أولا.
                            وثانيا، وهو القانون الثاني، كل بني آدم خطاء وكلٌّ يؤخذ من كلامه ويرد وما جاء به "علماؤنا القدامى"، حسب تعبيرك الكريم، فيه الصحيح وفيه الباطل وما أحسبهم، ونحن نجلهم ونحترمهم ونحبهم، فرضوا على أتبعاهم، أو مريديهم، تقليدهم في كل شيء حتى وإن تبين للتابع، أو المريد، خطؤهم وضلالهم، وإلا سقطوا في التعصب المقيت المرفوض نقلا وعقلا.

                            مخالفتنا لأسلافنا الأجلاء فيما ذهبوا إليه في "الأدبيات" لا يقتضي أننا لا نحترمهم ولا نجلهم غير أن "المدرسية" الضيقة تحد من تصرف الأخلاف وتعطي "قدسية" أو"تنزيها" أو"عصمة" لأولئك الأسلاف لم يطلبوها هم أنفسهم ولم يدعوها لأنفسهم فلماذا نتعصب لشيء غير موجود فيهم أصلا؟

                            مناهج النقد الأدبي كثيرة ومتنوعة وينقض بعضها بعضا حسب المذاهب والنزعات الفكرية أو السياسية أو الاجتماعية فلماذا نقيد أنفسنا بمذهب أو منهج قد يكون في أصله كفرا أو شركا أو ضلالا ونحن نعرف تماما أن كثيرا من "العلماء" العرب الذين درسوا في الغرب قدا عادوا إلى أوطانهم العربية وهم مشبعون حتى التخمة، أو مشربون حتى الثمالة، بالنظريات الغربية المختلفة والمتخالفة والمتناقضة وتراهم يطنطنون، أو يدندنون، بتلك النظريات "الأدبية" و"كأنها وحي من الوحي" على حد تعبير سعد زغلول في رسالة شكره إلى مصطفى صادق الرافعي على بعض كتبه المهداة؛
                            حتى من نوهت به، أقصد الأستاذ "غنيمي هلال"، رحمه الله، فيه كلام طويل وعريض له و عليه ولا يسلم أحد من نقد ألبتة.

                            وهذا أحمد أمين، رحمه الله تعالى، وله كتاب "النقد الأدبي" لم يسلم، هو الآخر
                            ، من نقد، وعلى ذكره أشير أنه، حسب اطلاعي المتواضع الناقص، هو أول من اقترح فكرة "النقد العلمي" متأثرا، هو كذلك، بالمدارس النقدية الغربية.

                            إذن، النقد الأدبي، فن أدبي صرف وقد يسمى تجاوزا، أو تسامحا، علما إن هو اتبع منهجا مضبوطا في تحليله وتعليله وحكمه ويبقى القول، أو الحكم، على عمل أدبي ما: هو حكم حسب المنهج الفلاني، أو المذهب العلّاني، أو المدرسة الفلانية، أو "الأيديولوجية" العلَّانية، ضرورة "علمية" ولا نحكم حكما نهائيا صارما جازما حاسما على عمل ما بلا مبرر أو بلا تعليل.

                            ثم، وفي الختام، يبقى الفصل في الحكم على النقد الأدبي أفن هو أم علم؟ على مدى اتفاقنا في تحديد معنى "العلم" وإلا سيبقى الكلام يدور في حلقة مفرغة لا نعرف أولها من آخرها فنَتعب ونُتعب.

                            هذا، وإني، أستاذا الجليل، لجد مسرور بالتحاور معك فأنا أولا أستمتع بلغتك الجميلة الصافية الرقراقة خلافا للغات الآخرين، إلا المستنثنى منهم، الركيكة المقرفة المتعبة المنفرة؛ ثم ثانيا، إنني أغرف من علمك وحلمك ورحابة صدرك في الصبر على "مشاكستي" الأخوية.

                            تحيتي إليك ومحبتي لك، بارك الله فيك وزادك من أفضاله ومتعك بالصحة والعافية، آمين.

                            sigpic
                            (رسم نور الدين محساس)
                            (رسّام بجريدة المساء الجزائرية 1988)

                            "القلم المعاند"
                            (قلمي هذا أم هو ألمي ؟)
                            "رجوت قلمي أن يكتب فأبى، مُصِرًّا، إلاَّ عِنادا
                            و بالرَّفض قابل رجائي و في الصَّمت تمــادى"

                            تعليق

                            • حسين ليشوري
                              طويلب علم، مستشار أدبي.
                              • 06-12-2008
                              • 8016

                              #15
                              الاختلاف لا يفسد في الود قضية.

                              المشاركة الأصلية بواسطة محمد فهمي يوسف مشاهدة المشاركة
                              عزيزي الفاضل وصديقي الغالي الأستاذ حسين ليشوري
                              جمعتك طيبة ومباركة إن شاء الله مع خالص دعائي لك بالصحة والسعادة والتوفيق؛
                              ومشاكستك الحوارية التي تصر عليها وكأنك تؤيد رأيك فقط بثقة عالية دون غيره.
                              (...)
                              جزاك الله خيرا ومتعك بالصحة وإفادة الناس الخير.
                              والسلام على من اتبع الهدى.
                              جعلنا الله ممن يتبعون الهدى لأنفسهم ويهدون غيرهم إلى سواء السبيل، الإسلامَ، اللهم آمين.
                              تقبل الله منا ومنكم، أستاذنا الجليل الجميل، صالح الأعمال ولاسيما في هذا اليوم المبارك يوم الجمعة وأمدك الله بالصحة والعافية وأسبغ عليك نعمه ظاهرة وباطنة، اللهم آمين يا رب العالمين.

                              [align=justify]ثم أما بعد، "مشاكستي الحوارية" التي أصر عليها وأتمسك بها إنما هي منبعثة من قناعاتي الشخصية المؤسسة على قراءاتي الكثيرة والمتنوعة خلال عقود من الدهر ولم تأت من فراغ ولا من هوى ولا من رغبة في الجدال "البيزنطي" العقيم الدائر في حلقة فارغة لا يُعرف أولها من آخرها، وأنا لا أصر على "المشاكسة" إلا لتعليم الناشئة هنا، أو في الشبكة العالمية العنكبية، ممن يتابعنها، المشاكسةَ، على مناقشة بعضهم وأن لا يقبلوا كل ما يقال لهم دون إعادة النظر فيه والتحقق منه، وهكذا نربي جيلا واعيا يبدي رأيه بحرية ويقبل أو يرد آراء الآخرين بحرية كذلك إذ لا إلزام في "الأدبيات"، و"النقديات" (!) منها حتما، والنقد كما سبقت لي الإشارة إليه، كلام عن كلام بلا ريب وبلا عيب وبلا تردد ولا تزيُّد.

                              أما قولك الكريم:" أختلف معك حول هذه الفكرة [فكرة أو استعمل عبارة "النقد العلمي"]، فليس الأستاذ أحمد أمين أول من جعل النقد العلمي منهجا للحكم في الأدبيات فنحن أمام علَم من أعلام النقد، يحَدِّدُ مفهوم الشعر ببعضِ مقاييسَ تجعل الكلام الموزون شعرًا لديه؛ وهذا العلَم هو قُدامة بن جعفر، وقولي هنا مؤسَّسٌ على كتابه "نقد الشعر"، "الذي يُعدُّ أوَّل أثر نقديٍّ عِلميٍّ مشهور في الأدب العربي، الفصل الأول: قدامة بن جعفر، وكتابه نقد الشعر: المبحث الأول" اهـ بنصه وفصه، ففيه نظر لأن قدامة بن جعفر ليس أول من صنف في نقد الشعر بأسلوب علمي فقد سبقه الأصمعي، وابن سلام، والجاحظ، وابن قتيبة والمبرد، وثعلب وابن المعتز وغيرُ هؤلاء العلماء الأفذاذ من العلماء الأدباء، أو من الأدباء العلماء، وكتاب "نقد الشعر" المذكور تحت يدي الآن وأنا أنظر فيه.

                              وهذه "الأولية" المزعومة للنقد العلمي ليست مهمة كثيرا ونحن نحاول التحقق من "علمية"(!) النقد الأدبي ولا يهم من قال بها على أن لا يفوتنا التنبيه أن أولئك العلماء الإسلاميين لم يقتبسوا أفكارهم من الغرب بل اجتهدوا فيها فأصابوا وأخطأوا ولا حرج عليهم في ذلك، إنما العيب في "علماء" العرب اليوم وتأثرهم بالنظريات النقدية الغربية ونقلها إلى الأدب العربي بقضها وقضيضها وجيدها ورديئها وفرضها على الناس كأنها تنزيل من التنزيل أو كأنها وحي من الوحي، وهنا الطامة الكبرى وبهذا عمت البلوى، نسأل الله السلامة والعافية.[/align]

                              أستاذنا الجليل، أسعد دائما بالتحاور معك لأن في محاورتك الهادئة الهادية الهادفة "غذاء للفكر وبقاء للذكر" (ها ها ها) وأنا أشحذ عقلي بالحديث معك وأشحن نفسي بفكرك النير حتى وإن اختلفت معك وناقضتك، وإن الاختلاف لا يفسد في الود قضية، وقضيتنا هي الاستنارة والإنارة والاسترشاد والإرشاد.

                              تحيتي إليك ومحبتي لك كما تعلم.

                              sigpic
                              (رسم نور الدين محساس)
                              (رسّام بجريدة المساء الجزائرية 1988)

                              "القلم المعاند"
                              (قلمي هذا أم هو ألمي ؟)
                              "رجوت قلمي أن يكتب فأبى، مُصِرًّا، إلاَّ عِنادا
                              و بالرَّفض قابل رجائي و في الصَّمت تمــادى"

                              تعليق

                              يعمل...
                              X