
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وبعد: لمكانة الرسول صلى الله عليه وسلم في نفوس المسلمين قدر عظيم، فهم يحبونه ويوقرونه ويعظمونه أكثر من أهليهم وأولادهم بل حتى من أنفسهم …… لكن هذا الحب لابد أن يقترن بمتابعةٍ لسنته عليه أزكى الصلاة وأتم التسليم، كما قال الحق سبحانه وتعالى : "قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم".[آل عمران:31] ومن المعروف عندنا معاشر المسلمين أنه لا يوجد شخص قد أحب نبينا صلى الله عليه وسلم، مثل: حب أصحابه الكرام رضوان الله عليهم له، وقصصهم في التفاني في حبه معروفة مدونة في كتب السنة والسيرة، حتى كان الواحد منهم إذا تذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو جالس بين أهله وأولاده يتركهم ثم يأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم شوقاً إليه.
فالقول بأن الاحتفال بالمولد بدعة منكرة قول صائب ، وذلك لأنه لم يثبت عن نبينا صلى الله عليه وسلم أنه احتفل بيوم مولده ، ولا عن الصحابة، ولا عن التابعين، مع أن سبب الاحتفال بالمولد موجود، ومع ذلك لم يفعلوه ولم يفعله من بعدهم من التابعين لهم بإحسان، ولو كان في مثل هذه الاحتفالات خير لفعله الصحابة، ولأمر به النبي صلى الله عليه وسلم، فدل هذا على أن هذه الاحتفالات ليست بمشروعة، وأنها من الأمور المحدثة، وأول من أحدثها هم الفاطميون في القرن السادس الهجري عند ظهور الدولة الفاطمية. (العُبيديون) وقد كانت تصرفاتهم مشبوهة، ومن العلماء من أخرجهم من الملة ولا شك في ضلالهم وبعدهم عن منهج السلف الصالح، نسأل الله العافية والثبات على السنة والبعد عن البدعة، فقد ثبت في صحيح مسلم من حديث عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد).
اهـ.
http://fatwa.islamweb.net/fatwa/inde...atwaId&Id=1888
جاءت الفتوى لتذكّرنا بموقف سيّدنا أبوبكر عند موت رسول الله - صلى الله عليه وسلّم - حين همّ بالناس ليذكّرهم:
" ألا من كان يعبد محمدًا، فإنّ محمدًا قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حيّ لا يموت "
ردًا على قول الفاروق عمر -رضي عنه وأرضاه -الذي خرج يتوعّدهم بقطع رؤوسهم إذا تجرّأ بالقول أحدهم بأن رسول الله – صلى الله عليه وسلّم – قد مات: «والله ما مات رسول الله ، وليبعثنه الله فليقطعنّ أيدي رجال وأرجلهم»
حلّت المناسبة والأمّة في أحلك أيّامها، يعاني أبناؤها من الفرقة والتشرذم ، في سوريا ، وبورما ، والعراق ، وليبيا ، واليمن...شتات ودمار ، لغة الحرب والقتل هي المسيطرة ، وبينما البعض ، في مغارب الأرض ، يرقصون ويمرحون ، ويشعلون الشموع ، ويعدّون أطباق الحلوى الشهيّة، فرحًا وابتهاجا بقدوم العيد:
عيدٌ بأيّةِ حالٍ عُدتَ يا عيدُ *** بمَا مَضَى أمْ بأمْرٍ فيكَ تجْديدُ
أمّا الأحِبّةُ فالبَيْداءُ دونَهُمُ *** فَلَيتَ دونَكَ بِيداً دونَهَا بِيدُ
من يضمن للحالمين بالأعياد بأن ما تبقّى من أيّامهم ستكون كلّها مواسم أفراح وأعياد.؟
يفرحون بمولد الصادق المصدوق، صاحب الخلق الرفيع الذي قال بمنتهى الصدق والأمانة:
«مَا آمَنَ بِي مَنْ بَاتَ شَبْعَان وَجَارُهُ جَائِعٌ إِلَى جَنْبِهِ وَهُوَ يَعْلَمُ بِهِ».
ألا يجدر بمحبّي الأعياد أن يتأمّلوا مليًّا في الذي قد جري لإخوانهم ، وهناك في بلاد الشّام أقوام ، كانوا بالأمس القريب مثلهم، يفرحون ويمرحون بقدوم العيد، قد صاروا اليوم هدفا سهلا في مرمى الغزاة الجائرين ، حفاة ، عراة، بدون مأوى ولا ملجأ، يفترشون الأرض ، يلتحفون السماء، يرتعدون خوفًا من القنابل الحارقة المدمّرة ، ويتضوّرون من الجوع الكافر ، ومن البرد القارس في ليالي الشّتاء القاسي؟اا
قل للحالمين بالأعياد، تنشدون الفرح أم تحتفلون بمولد خير الأنام محمد – صلى الله عليه وسلم -؟
وما بُعث محمدٌ إلا ليتمّم مكارم الأخلاق.
فأين ذهبت أخلاقكم؟
وصدق قول القائل حين قال:
(أرضهم ذهب ونساؤهم لعب ورجالهم من غلب وأهلهم تجمعهم الطبلة وتفرقهم العصا)