اطرقت برأسها فى انكسار ..

و هى جالسة تنتظر على طاولتها ..

قرص الشمس اوشك على المغيب ..

و اعتلى الجو بعض البرودة ..

جعلتها تحيط نفسها بذراعيها لتلتمس بعض الدفء..

طلبت من النادل كوبا من مشروب دافىء ..

ليعينها على الانتظار فى هذا الجو البارد ..

ثم عادت لنفسها ..

مرت ساعات و هى تنتظره ..

لم يعد يكترث بها ..

لم يعد كسابق عهده معها ..

انتهزت الذكريات فرصة ساعات الانتظار للطوف بعقلها..

حين رأته اول مرة كان شابا وسيما مكافحا ..

انضم إلى جامعتها كزميل جديد..

كان مثقفا بالحد الذى يلفت النظر اليه ..

والذى يجعل الناس تقارن بين عمره و مدى ثقافته ..

كان يحوى عقله مئات الكتب ..

كان مقنعا قوى الحجة.. ذو رؤية واضحة ..و متريثة وواقعية ..

كان استثنائيا فى أشياء كثيرة ..

و كان مجتهدا فى دراسته ..و يحب دائما ان يتوسع فى موادها ..

كان كل مشاكله تنحصر فى ظروفه المادية المتعسرة..

بعد التخرج ..ساعدته فى الوصول لطموحه..

جعلت احد اقاربها من رجال الاعمال يقوم بتوظيفه ..

و لثقافته و طموحه ..ظل يقربه إليه و يثق فيه..

حتى صار الآن فى منصب مرموق..

و صار يتمتع بدخل مالى كريم ..

و لكنه تغير كثيرا ...

لم يعد يتحدث إليها كل يوم كما تعودت منه ..

و إن حدث فبنبرات جافة جدباء..

تتشقق لها اودية الحنين فى قلبها ..

اصبح منشغلا عنها ..

أصبح محاطا بفتايات كثيرة من نطاق عمله ..

لم تقو على الاستمرار فى الصراع بدافع الغيرة ..

فاختلاطه بهن -من وجهة نظره- من متطلبات العمل ..

نظرت لبقايا قرص الشمس نظرة طويلة ..

ظلت تتأملها مليا علها تجد الشبه بينهما..

شىء ما.... فى قصتها يشبه مغيب الشمس ..

شىء ما غاب .....و أخذ معه الدفء ..

شىء ما غاب......و اخذ معه النور ..

شىء ما غاب .....و تركها لمصير مجهول لا تعرف كيف سيكتمل ..

ولا تعرف متى سيطلع الفجر الجديد ...