حَبَنْظَل بَظاظاْ.

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • ناريمان الشريف
    مشرف قسم أدب الفنون
    • 11-12-2008
    • 3454

    #16
    المشاركة الأصلية بواسطة محمد مزكتلي مشاهدة المشاركة
    حَبَنْظَل بَظاظاْ الفصلُ الثاني

    حتى تتصوروا أيها السادة مُجْريات الحِكاية.
    لابُدَّ من وصفِ المكان الذي شهدَ أحداثَ الرواية.
    القاعَةُ الكبرى في قصرِ السلطانِ المعَظَّم، الذي هو أنا.
    خنزيرٌ بدينٌ جَلَسَ على كرسي العرشْ، والخنزيرُ وليسَ الكرسي، هو أنا.
    يقفُ على رأسِ الخنزير بَبَّغاء، وترقدُ بين قدَمَيهِ حِرباء.
    واللتانِ هما أنا.
    بالقربِ منهم يقفُ السَيَّافُ حاملاً سيفهُ.
    وتصوروا...السَيَّافُ أيضاً هو أنا.
    الخنزير:
    حينَ وَلَدَتني أُمي ورأتني أَخرُجُ من بينِ فَخذيها.
    دَفَنت عينيها تحتَ الوسادة، وكانت آخِرُ مرةً تَلمسني فيها.
    لم يُصدِّق أحد بأنَّ كُلَّ الحُسْنَ والجمالَ اللَّذانِ كانا لأُمي.
    يمكنُ أن يُنتِجا مخلوقاً بَشعاً مشوهاً مثْلي.
    رفضت أُمي رفضاً قاطِعاً أن تُقرِّبَني إلى ثَديَيِها.
    وكانت كُلَّما سمِعَت بُكائي وصُراخي، تصُمُّ أذنيها.
    أَوكَلَت أمرَ رِضاعتي لجارِيةٍ أرمَلَةٍ عظيمَةُ الثديَين.
    التي كانت تستلقي على ظهرِها، وتضعُني فوقَ بطنها.
    وتتْرُكُني طوالَ النَهار أمتصُّ نبعَينِ نَضِحَين.
    ومع هذا كنتُ لا أشبع، أمُصُّ وأبلعُ كعلقةٍ وأمُصُّ وأبلعُ ولا أشبع.
    جَفَّفتُ ثديَيِها وشَقَقْتُ حُلْمَتيها، ولم أشبع.
    الببَّغاء:
    حينَ كَبِرْتُ أيها السادة.
    تزوجتُ من تلك الجارِية، لِأرُدَّ لها حليبها.
    لا تستغرِبوا، فهيَ لم تكن يوماً أُمي، ولم أكن أنا رضيعُها.
    فحدُّ الإحرام هو خمسُ رَضعاتٍ مُشبِعات.
    وأنا لم أشبع منها، حتى صُرتُ حليلُها.
    الخنزير:
    حارت أُمي كيف تُشبعُني، في حِرصِها على وحيدِها أن يعيش.
    أَرضَعَتني حليبَ الكِلابِ والخنازيرِ والحمير، والذئاب والرجال والخفافيش.
    وفعلا عِشتُ وكَبِرْتُ بعدَ ما أضنيتُ الجميع.
    فالسماءُ أرادت ليَ الحياة، لتجعلَني راعيَ القطيع.
    الحِرباء:
    كنتُ أتسَلَّلُ إلى غرفةِ نومِ أُمي، وأنتظرُ قابعاً تحتَ السرير.
    هذا الذي كانت تُعقدُ فوقَهُ المؤتمرات، وتُمررُ المؤامرات.
    وتُخْلَعُ سراويلَ الحرير.

    وكم كنت أتلَذَّذُ بسمَاعِ معزوفَةَ الآهات، خاصَّةً مقْطعَها الأخير.
    وبعدَ أَن يسودَ َالصمت، أعلَمُ أنَّ أُمي قد عَزَلَت قائداً أو خَلَعَت أمير.
    الخنزير:
    حينَ أصبحْتُ شابّاً، أرادت أُمي أن أكونَ فارسَ الفُرسان.
    فأجبرتني وأبي على ركوبِهِ، لِنلعبَ معاً لُعبةَ الفارسِ والحِصان.
    وما أن أتقنْتُ طريقةَ ركوبَ أبي، حتى خَلَعَت عليَّ لَقَبَ الفارسَ الذهبي.
    وطلبت مِنَ السلطان المعَظَّم أن يُعَيِّنُني في سِلاحِ الفُرسان.
    الذي سُرعان ما أصدَر أمرَهُ وهو يغتسلُ في الحمَّام.
    وملأْتُ فَمَ الحاقدِين والمتربصين والمتفيهقين والمتحذلِقين.
    بحِفنَةٍ من طين.
    صحيحٌ أنّي لم أقدر على رُكوبِ الحِصان بالقفزِ فوقَهُ كما يفعلُ الفُرسان.
    بل كنتُ أتعلقُ بِذَيلهِ وأتسَلَّقُ ظَهرَهُ، ثُمَّ أربُطُ خَصرِي بالعنان.
    وصحيحٌ أني لم أستطع حمْلَ السيفَ الذي يحمِلهُ الرجال.
    بَل عَلَّقْتُ سكيناً صغيراً تدَلَّت من رقبَتْي كالسِلسال.
    لكن، كُلَّ هذا لاَ يَهُم، المهمُ هو أنّي أصبحْتُ سيَّدَ القوم.
    الببَّغاء:
    لقد كانت أُمي تفتحُ أمامي كُلَّ الأبوابَ المُؤصدة.
    وتمهدُ ليَ الطريقَ نحوَ الأمجادَ الأمجاد ِ المُرصدة.
    صحيحٌ أنها حَرمتني حليبها ووهبتْهُ للسلطان.
    وكرهتني وكرِهَت أبي، وأحبَّت المالَ والجَّاهَ والسلطان.
    إلا أنها لو ما فعلت ما فعلت، ما كنتُ الآنَ في هذا المكان.
    ولولا أنْ ضَحَّت، ما أَمسَيْتُ سَيَّدَ هذا الزمان.
    ألا تَرَون معي أنَّهُ مِنَ الواجبِ مكافأةَ أمّي على ما فَعلَتْهُ من أجلِ وحيدها.
    أليس عيباً أن أكون عاقّاً بالعجوزِ التي ما حَرمتني شيئاً إلا حليبَها.
    يجبُ أن أُضَحي كما ضَحَت، وأبذلُ كما بذَلَت كي تفخرُ تفخرَ أخيراً بعِظَمِ صنيعها.
    الحِرباء:
    أليس من البديهي، بَل مِنَ ألازمِ اللازم أن تكونَ التضحيةُ على مستوى القضية.
    عليَّ أن أتألَّمَ وأُقاسي، أضعافَ ما عانَتهُ هذه العجوزُ الغيرية.
    وأيُّ ألمٍ وأيُّ مرارٍ آلَمُ وأمَرُّ من فُقدانِ الأُم.
    إنهُ أبشَعُ من اجتثاثِ الأطراف، بَل حتى من تَجرُّعِ السُم.
    إنَّ الفداءَ أيها السادة، لا بدَّ أن يكونَ على مُستوى الفادي.
    وحَبَنْظَل بَظاظاْ رجلٌ ليسَ كَباقيَ الرجال، إنهُ رجلٌ غيرُ عادي.
    يا سَيَّاف، اقطَع رأسَ أُمّي، لكن ترَفَّق، فالدَمُ الذي سيسيلُ هو دَمي.
    البَّبغاء:
    أرأيتم...أرأيتم أيها السادةُ عَظَمَةَ ما صنعت.
    وأيُّ قُربان قَدَّمْت.
    وأتحداكم...أتحداكُم أن يستطيعَ أيَّ واحدٌ منكم أن يفعلَ مثلَ ما فعلْت.
    ويُضحِّي بنصفِ ما ضحَّيْت.
    طبعاً هذا بديهي، أنا لستُ كأيَّ واحدٍ منكم.
    أنا حَبَنْظَل بَظاظاْ.

    وللحديثِ تَتمَّة
    يبدو أن البقية أجمل وأجمل
    وما أشرتُ إليه باللون الأزرق لهو الأهم في الحكاية
    وفي نهاية هذا الفصل شنق أمه لم لا ؟
    والحكيم يقول : انتظر الخذلان والجحود ممن عصيتَ الله من أجله
    مرة أخرى .. أنت رائع
    تحية
    sigpic

    الشـــهد في عنــب الخليــــل


    الحجر المتدحرج لا تنمو عليه الطحالب !!

    تعليق

    • ناريمان الشريف
      مشرف قسم أدب الفنون
      • 11-12-2008
      • 3454

      #17
      سأتابعك لاحقاً حتى الفصل التاسع
      علماً بأن ملامح شخصيته بدت من الفصل الأول
      أشكرك
      تحية
      sigpic

      الشـــهد في عنــب الخليــــل


      الحجر المتدحرج لا تنمو عليه الطحالب !!

      تعليق

      • محمد مزكتلي
        عضو الملتقى
        • 04-11-2010
        • 1618

        #18
        حَبَنْظَلْ بَظاظاْ الفصلُ السادس.

        أيها السادة: كان لابُدَّ من ولِيٍّ للعهد.
        يرثُ المالَ والجاهَ، وما أقْمناهُ من سلطانٍّ ومجد.
        اقترحت دَليلة أن علِي الزئبق.
        هو الرجلُ المناسِبُ لهذه المهمة.
        وعليَّ أنْ اغويهِ وأغريهِ وأُجَرْجِرُهُ إلى فِراشِ السَلطَنَةِ.
        ولا أُخفيكم سِرّاً، أنا دائماً كنت اشتهيه.
        رُجولَتَهُ كانت تتفجرُ من مَفْرَقِ رأسهِ إلى أخمَصِ قدَمَيه.
        لكن سِحْرُ مَفاتِني، وعهرُ مداعَباتي فَشلا في إثارته.
        ودامَ مُصِرّاً على مناداتي يا أِبنتي.
        ولمّا أبى صُنْعَ هذا المعروف.
        أرغمهُ الحَبَنْظَلُ على ذلك تحتَ ظِلِّ السِيوف.
        وحَملْتُ أِبناً لحَبَنْظَل الأول من أبيه.
        ووَلَدْتُ حَبَنْظَل الثاني جميلاً فاتناً لا يشبهُ أخيه.
        ماتت دَليلة، قتَلَها خنزيرُها المدلَّلُ والشُهرة.
        قَطَعَ رأسَها في لحظةِ يأسٍ وخَمرَه.
        وهربَ علِي الزئبق بعد أنْ رأى اِبنَهُ الثاني.
        وحينَ لم أعثر عليه، أعلنْتُ مَوتَهُ بِقرارٍ سُلطاني.
        رَحَلا الإسنان، وتَرَكاْ لي حَبَنْظَلان.
        كانا بطلا قِصةٍ دموية، وضعتُ لها العنوان.
        فقد قَتَلَ حبنظل الثاني الأول، معتقداً أنهُ أبيه.
        ثُم قَتَلَ نفسَهُ، بعدَ أن عَرَفَ حقيقَةَ أخيه.
        لم أذرُف دمْعةً باردةً على أيٍّ منهما.
        فأنا التي دبَّرْتُ وخَطَّطْتُ للتخلصِ منهما.
        واشترَيتُ من سوقِ النخِاسةِ عبداً حقيراً.
        قَصْقَصْتُهُ ولوَّنْتُهُ، وجعَلْتُ منهُ السلطان المُعَظَّم.

        أنا أسمعُ أيها السادة سبَّاتكم ولعناتكُم.
        وأُمَيِّزُ فيها نَبَراتِ غيرَتِكم وقهْرِكُم.
        وأُسعدُ حين أرى نِفاقَكم وكذِبكُم.
        وحين تُخفونَ وراءَ الأقنعةِ وجوهكُم.
        وحينا تُزَوِّرونَ حقيقَةَ ضمائركُم.
        أما الحقيقةُ الحَقَة، فإني أراها طافِحةٌ في عيونِكم.
        وفي استماتَتِكم لأنظُرْ إلى أيِّ واحدٍ منكم.
        أو أن أبتسِمَ لكم، لِترقُص فرحاً قلوبكم.
        أو أن أرضى عنكم، لتدوسوا بحماسةٍ على مبادِئكم.
        نعم أيها السادة، مستحيلٌ أن تُخفوا أمامي حقيقتكُم.
        أنا المرأةُ الجميلةُ الثريةُ المجيدة.
        التي عَرَّت الكثير من قبلِكم.
        أنا هدفُكُم ومبتغاكُم ونِهايةِ طريقكُم.
        أنا مَحَجَّكم ومَثَلكُم الأعلى وقِبْلتكُم.
        فمن كان زاهداً في جمالي وأُنوثتي وفِتنتي.
        فهو بلا شك، طامعٌ بما يسَوِّرُ يَدايَ ويطوِّقُ عنقي.
        ومَن كان راغباً عن جواهري وذهبي ومالي.
        فإنهُ يتُوْقُ إلى مجدي وشُهرتي وسُلطاني.
        وطالما أنتم تُحبُّونيِ إلى هذه الدرجة وتُحِبون كلَّ ما لدي.
        أعدكم بأنِّي سأُرْضيكم جميعاً، وهَذا عَهْدٌ علَي.
        سأُنجِبُ لكم مئاتَ الحَبَنْظَلات، ليتتابَعوا على حُكمِكم.
        إلى أن تصبحوا قادرين، على لَعقِ أُنُوفكم بألسنتِكُم.
        لا تبتئسوا أيها السادة، هَذهِ هيَّ سِمَةُ الحياة الأرضية.
        دارت كأسَهَا على أسلافكم، وشرِبوها بنفسٍ رَضية.
        مَلِكٌ ومَملوك، قاهرٌ ومقهور، أبواقٌ وآذان، وسياطٌ وظْهور.
        ميلادٌ ومَوت، ثُمَّ ميلادٌ ومَوت.
        لذَّةٌ وألَم، حُبُورٌ وندَم، وأشواكٌ وزهور.
        عقْلٌ يفكرُ ويبني، وغريزةٌ تدمِّرُ وتفني.
        روحٌ نقيةٌ بلا حدود، وجسدٌ يُنتِنُ ليجذِبَ الدود.
        هذه هي الحياة، أولُها شروقٌ وأملٌ وكِبرياء، وعزيمةٌ وإصرار.
        وآخرُها غُروبٌ ويأسٌ وندَم، وخضوعٌ وهزيمةٌ وفَرار.
        نعم أيها السادة، هذه هي الحياة، تعلَّموها مني.
        فأنا تعلَّمْتُها من أوَّلِ صعلوكٍ اغتَصبني.

        وللحديثِ تَتمَّة
        أنا لا أقولُ كلَّ الحقيقة
        لكن كل ما أقولهُُ هو حقيقة.

        تعليق

        • محمد مزكتلي
          عضو الملتقى
          • 04-11-2010
          • 1618

          #19
          المشاركة الأصلية بواسطة فوزي سليم بيترو مشاهدة المشاركة
          المرأةُ تعرفُ تماماً ماذا يُريدُ منها الرجل.
          هيَ شفَتَين ونْهدَين، وفخِذين ورِدْفَين.
          أما الرجل، فَلا يعرفُ أبداً ماذا تُريدُ منهُ المرأة.
          فهيَ بنصفِ إرادة، ونصفُ شهادة، ناقصةُ عقلٍ ودِين.
          النساءُ عرفنَ هذا، وفَضَّلنَ هذا.
          واخترنَ أن يمثلنَ دورَ الضعيفات القاصرات.
          وجذَّرْنَ هذا الاعتقاد في نفوسِ الرجال، ليظللن حاكِماتٍ مُسيطِرات.


          فقرة مدمرة
          ونظن نحن الرجال أننا قوامون على النساء ؟!
          تحياتي أستاذ حبنظل
          فوزي بيرتو


          أخي فوزي:

          هي الحقيقة التي يخاف منها الرجال.
          جميعهم يعرفوها...وكلهم ينكروها.

          حتى الفصل الأخير ستتكشف لك أخي فوزي
          حقائق نعرفها ثم ندرك بأن هذا ما كنا نظنه.

          أعتذر عن تأخري في الرد.

          صباح الخير.
          أنا لا أقولُ كلَّ الحقيقة
          لكن كل ما أقولهُُ هو حقيقة.

          تعليق

          • محمد مزكتلي
            عضو الملتقى
            • 04-11-2010
            • 1618

            #20
            المشاركة الأصلية بواسطة إيمان الدرع مشاهدة المشاركة
            ويخترعون الكلمات..ويمضون في دراساتهم عن عالم المرأة
            يغوصون ويجتهدون..من غير أن يدروا
            بأنهم مازالوا على الشط واقفين..وينتهي الكون وهم ما زالوا يحاولون..
            المرأة لغز كبير..نادرون هم من يفكون شيفرته..
            وأقوى ما في المرأة ضعفها..فاعتبروا يا أولي الألباب..
            تحياتي لقلمك الجميل أستاذ محمد ..
            لقد أحببت حبنظلياتك..
            فيها تجديد..
            وفيها رؤى كاشفة وبعيدة، وبسمة لاتخفى.....مودتي.


            نعم سيدتي إيمان...كل ما قلته عن المرأة صحيح.
            المشكلة دائماً عند الرجل.

            آسف على تأخري في الرد.
            وأرجو لك متابعة مسلية ومفيدة.


            صباح الخير.
            أنا لا أقولُ كلَّ الحقيقة
            لكن كل ما أقولهُُ هو حقيقة.

            تعليق

            • محمد مزكتلي
              عضو الملتقى
              • 04-11-2010
              • 1618

              #21
              المشاركة الأصلية بواسطة ناريمان الشريف مشاهدة المشاركة
              نص ذكي ثري بعجيب الوصف ولطيف الصور
              أنت فعلاً نار على علم
              وطلاع الثنايا .. كذلك نعم
              تلك هي أوصاف المسؤول الغبي العظامي الذي يصل أعلى المراتب على أكتاف الآخرين
              المتملق الكذاب الأشر الذي يقنع الناس ( الإمعة ) بأنه المخلوق الذي لا مثيل له
              أحسنت وأجدت
              سأكمل معك حتى نهاية هذا ( حبنظل )
              ومن بعد إذنك سمحت لنفسي أن أعبث بنصك وأصحح الخطأ
              أرجو أن تتقبلني .. شكراً
              تحية


              سيدتي ناريمان:

              أشكرك جزيل الشكر على الخير الذي جدت به هنا.

              وأشكر قلمي لأنه أدخل السرور إلى نفسك.

              وأتمنى أن لا يخيب ظنك ما سيأتي.
              وأرجو لك متابعة مسلية ومفيدة.


              صباح الخير.
              أنا لا أقولُ كلَّ الحقيقة
              لكن كل ما أقولهُُ هو حقيقة.

              تعليق

              • محمد مزكتلي
                عضو الملتقى
                • 04-11-2010
                • 1618

                #22
                المشاركة الأصلية بواسطة ناريمان الشريف مشاهدة المشاركة
                يبدو أن البقية أجمل وأجمل
                وما أشرتُ إليه باللون الأزرق لهو الأهم في الحكاية
                وفي نهاية هذا الفصل شنق أمه لم لا ؟
                والحكيم يقول : انتظر الخذلان والجحود ممن عصيتَ الله من أجله
                مرة أخرى .. أنت رائع
                تحية


                مرة أخرى سيدتي ناريمان...تجزلي لي الخير.
                لك الخير وكل الخير واأنت الخير.

                أحاول بكل جهدي جعل نصوصي على مستوى القراء.
                أرجو لك متابعة مفيدة ومسلية.

                صباح الخير.
                أنا لا أقولُ كلَّ الحقيقة
                لكن كل ما أقولهُُ هو حقيقة.

                تعليق

                • محمد عبد الغفار صيام
                  مؤدب صبيان
                  • 30-11-2010
                  • 533

                  #23
                  الأديب الأريب / محمد مزكتلي
                  تبدو بذرة ملحمة إغريقية تنداح دوائرها الحلزونية لتتسع فتبلع أشخاصا و أحداثا و أفكارا ؛ بما لا يشذ عن الهدف أو ينبو عن الغاية ...و لعل جمالها ـــ و إن أثارت اشمئزازي كمتلقٍ فرد لا شبيه لي ــــ فيما تزخم به من وقائع فنية تثير الغثيان ؛ فإنها ترسم واقعنا المقرف الكئيب !
                  فقد يخدعك الجرح فلا تهتدي إليه حتى تنكأه ، و لا يبرؤ حتى تزيد النكأ فيُخرج قيحه و صديده ، ذلك بالضبط ما أثارته ( مليحمتك إن جاز لى أن أسميها ) حددت موضع الجرح فى جسد الوطن المنهك ، و نكأت الجرح فأخرجت قيحا مستترا ، و صديدا مستخفيا نعلم عنه ، و نوقن فى وجوده ، و إن لم نتخيل توحشه وفجره و فجاجته...
                  و قد خلتك تتلقفها فلا تفلتها ؛ بعدما أحكمت عليها عقلك و يراعك فرحت تلهث خلف سيل فياض من الوقائع و الأحداث ، يسلم بعضها بعضا فى سلاسة و احترافية أزكتها حماسةٌ تَلبَّستْك ، و إلهامٌ تَغَشَّاك ؛ فصنعت إبهاراً لبه و بؤرته توظيف الموروث الشعبى ، و تحطيم الموروث الفكرى ، فضلاً عن استيلاد أفكار جديدة من رحم خرافات تليدة ؛ فأدرت عقولنا يا رجل !
                  و إنْ لم يلكمك النص فى رأسك فما هو بنص ! و نصُّك لم يلكم بل ركل ! ركلاتٍ متوالياتٍ بعدد ما أثار من قضايا ، و عالج من أطروحات ، و قوَّم من مسلمات يعجزني و يضيق وقتى أن أعددها ....أقبل بعضها و أرفض البعض هذا موضوع آخر ، لا يفسد ودا ، لا و لا والله لا ينقص من إبداعك شيئاً .
                  و ها أنت ذا ألقيتها و مضيت ، فكان أول الغيث فتنة النساء بالنساء ، و لا عزاء لأضرابي من ذوي الشوارب بعدما أعجزهم التبرؤ من هذا الحبنظل المشئوم ! هههههه
                  دمت كتَّاباً بعقلك ،فذاً بفكرك .



                  "قُلْ آمَنْتُ باللهِ ثُمَّ استَقِمْ"

                  تعليق

                  • محمد مزكتلي
                    عضو الملتقى
                    • 04-11-2010
                    • 1618

                    #24
                    أخي محمد صيام:

                    بقي ثلاثة فصول ونعرف من هو هذا الحبنظل.
                    هو قريب...قريب من نفس كل واحد منا.

                    حين أقرأ ما تكتب أخي محمد أشعر...بل أتأكد بأننا قريبين.
                    متشابهان...أحبارنا من نبع واحد.
                    وإن تباينت أقلامنا، أظل وراءك بخطوتين.

                    لن أفوت قرصة مرور واحد من أكابر الملتقى.
                    أسألك أن تجلد النص دون رحمة وتشير إلى ما لم يعجبك.
                    سيكون هذا خير ما تحمله زوادتي.

                    أتمنى لك متابعة مسلية ومفيدة.


                    ملاحظة لا علاقة لها بالموضوع لكنها ضرورية.

                    هناك مشكلة في لوحة المفاتيح التي تستعملها.
                    تكتب الياء في آخر الكلمة ألفاً مقصورة.
                    عليك بإصلاحها...مثلك لا يعذر في هذا.


                    صباح الخير.
                    أنا لا أقولُ كلَّ الحقيقة
                    لكن كل ما أقولهُُ هو حقيقة.

                    تعليق

                    • محمد مزكتلي
                      عضو الملتقى
                      • 04-11-2010
                      • 1618

                      #25
                      حَبَنْظَلْ بَظاظاْ
                      الحلقةُ السابعة
                      المكتبُ العصريُ السابقْ، اختفت الكراسي التي خَلْفَ الطاولة
                      يُسْمعُ صوتاً لا يُرى صاحبَهُ آتياً من جهةِ الطاولة.
                      أيتها السيدات أيها السادة:
                      أُقدمُ لكم نفسي وبِلاَ فَخر أنا حبَنْظَل بَظاظاْ التاسعُ عشر.
                      أنا حفيدُ السلاطين وسليلُ الأشرافَ والمَيامين.
                      أنا سلطانُ كُلَّ البهائمِ والبشر
                      أنا موجودٌ مادامَ الوجود، وأنا حيٌّ ما استمرت الحياة.
                      مهيمنٌ على كل زمانٍّ ودهر.
                      إنكم أيها السادة تسمعون صوتي، لكنكم لا تُبصرون شخصيتي المتجددة.
                      المشكلةُ ليست عندي، بَل في عيونِكم الكَليلَةَ المُرمَدَة.
                      أَنتم تعتقدون أنكم تَرَون، لكنَّ واقعَ حالِكُم يؤكدُ أنَّكُم لاَ تُبصِرونْ.
                      والفَرْقُ شاسعٌ أيها السادة بين الرؤيةِ والأِبصار.
                      كالفارق تماماً بينَ الليلِ والنَهار.
                      هيا ثَبِّتوا أمامَ عيونِكم الكَليلةِ المَناظيرَ المكبرة.
                      وأبصِروني واقفاً أُلَوِّحُ لكم بيَدي إلى جانبِ المسطرة.
                      وها أنا اقفِزُ عالِياً وأقفُ على المِحْبرة.
                      هل رأيتموني الآنَ أيها السادة، وسَلمْتُم بأنَّ العجزَ هو في حواسِّكُم.
                      وأنَّكم بحاجةٍ إلى مَناظيرٍ وسمّاعاتٍ ومجَسّات.
                      لتُدرِكوا حقيقَةَ الأشياء من حولِكم.
                      والحقيقةُ الحقَّة هي ما تُبصروهُ الآن من خلالِ المَناظير.
                      ماردٌ عظيمٌ لا نِدٌّ لهُ ولا نظير.
                      ماردٌ مازالَ يحكمُكم من جيلٍ إلى جيل، من يومِ أن قتَلَ هابيلَ قابيل.
                      مَيِّزةٌ أسبغَتْها السماءُ علينا أنا وأجدادي.
                      وستكونُ رغماً عنكم لأولادي وأحفادي.
                      لِنَكونَ وحدنا أصحاب السلطة والحِكمة والمآثر والكرامات.
                      وأنتم ما فَتِئتُم تفْتُنُكُم التفاهاتُ والتُرَّهاتُ والمَتاهات.
                      تحْكونَ لأطفالِكُم الأساطيرَ والخرافات.
                      وتُعلِّمُوهُم بأنَّ المَرَدة تسكنُ في المَصابيحِ السحريةِ والزجاجات.
                      أُدرِكُ أنَّكم متأكِدون من أني ذبابة، أو بعوضة، أو أيةِ حشرةٍ طائرة.
                      هذا لاَ يُعيبُني لو فَكَّرتم قليلاً بِعقولِكم الضامِرَة.
                      فقد كانَ جدِّيَ العاشر لا يتجاوز طولَهُ طولَ القلم.
                      ومعَ ذَلكَ حَكَمَ نِصفَ العالم، ونالَ جائزةَ أفضلَ راعٍ للغنم.
                      وجَدِّي الرابع الذي كان يحلو له الاختباء وراءَ المِحْبَرة.
                      دانَ لهُ بكل طواعية، ثلاثةَ أرباعَ العالم من هيروشيما إلى أدَنْبَرة.
                      أما نساءُ آل بَظاظاْ.
                      فلن أقولَ لكم سببَ كونهِنَّ في مثلِ أحجامكم.
                      جميعَهنَّ فاتناتٌ جميلات، كتلكَ صاحبةُ التَنْوْرَةَ الحمراء بينكم.
                      لا... لا داعي أيها السادة لأنْ تُنزِلوا المَناظير، وأبقُوها أمامَ عيونِكم.
                      فهي لَن تُفيدُكُم كثيراً ولنْ تُسيِّلَ لُعابَكم.
                      لأنكم تعوَّدتم على رؤيةِ إناثِكم بأسنانكم.
                      أيتها السيدات، أيها السادة:
                      لابد أنكم تتساءلون كيفَ أتيتُ إلى الدنيا.
                      وهل مَرَرْتُ بأطوارِ اليرقةِ والخادرةِ والعذراء.
                      سَأُشْبِعُ فضولَكم وأُخبِرُكُم بأنَّ أُمّي لم تلِدْني كما يلدْنَ النساء.
                      لقد بَصقَتْنِي ...نعم بَصقَتْنِي على وجهِ أبي في لحظةِ قَرَفٍ وازدراء.
                      كذَلكَ جَدَّتي كوَّنَت أبي بنفسِ الطريقة.
                      حين بَصَقت على كلبٍ أجربٍ تسلَّلَ إلى الحديقة.
                      هيه ...لا تُحاولوا أن تبْصُقوا أيها السادة... فإنَّ بصْقاتكم عقيمة.
                      وغُدَدَكم اللُعابِية أُخصيَّت من أوَّلِ صفعةٍ على وجوهِكم السَقيمة.
                      لا تَبْصقوا وحاوِلوا الاقتصادَ في بِصاقِكم في هذه السنين العِجاف.
                      وادَّخِروا أيضاً باقي سوائلِكم لما سيأتي من تصحرٍ وجفاف.
                      أيتها السيدات، أيها السادة:
                      إن الحُجومَ والأوزان هي قياساتٌ نسبية.
                      لا علاقةَ لها بالزمانِ والمكان وترتبطُ برؤيتِنا الذاتية.
                      فأنتم تَرَوني صغيراً جدّاً في عيونِكم المجردَة.
                      وهذا يتنافى تماماً مع حقيقةِ عَظَمتي المتفردة.
                      الحقيقةُ التي أفخرُ بها، وأحكُمُ بها، وأستمرُّ بها.
                      الشمسُ لاَ يؤذيها اعتقادُ الطفل الصغير.
                      أنها بحجمِ كُرَتِهِ التي يلعبُ بها.
                      إن رؤيتي لكم تختلفُ عن كلِ طرقكم في رؤية الأشياء.
                      رؤيةٌ تفرَّدَ بها آل بَظاظَاْ ومن تفرَعَ عنهم من وُلاةٍ وأُمَراء.
                      أنا لاَ أراكُم شخصياتٍ مُعتبَرة، أو كياناتٍ تشغلُ حيزاً في الفراغ.
                      بَل أجسادًاً تتكونُ من أيدي وأَلسِنةٍ ورؤوسٍ وبطون.
                      ولاَ اعتبارَ عندي للضميرِ أو الشعور، ولا حتى العاطفة والإحساس.
                      تلكَ هي أيها السادة نظرَةَ الرئيسِ إلى المرؤوس.
                      أنا لا أراكُم بمُجملِكم بَل بأجزائِكم وتفاصيلِكم.
                      التفاصيل...أهمُ شيء هي التفاصيل.
                      نجاح كُلَّ الأُمورِ العظيمة يتوقفُ على التفاصيل.
                      التفاصيلُ الصغيرةُ التافهةُ هي التي تؤرقُ الحُكام.
                      ولا يُعْيرها الشعبُ المحكوم أيَّ بَالٍ أو اهتمام.
                      حانةٌ صغيرةٌ في شارعٍ خلفي، أو بَغِيٌّ حقيرةٌ تسكنُ في الدورِ السفلي.
                      قصيدةٌ من أربعةِ أبيات لشاعرٍ مَغمور، او خَرْبَشاتٍ من عشرةِ أسطر لكاتبٍ مقهور.
                      عينٌ تُبصرُ بلا منظار، ولسانٌ لا يُجيدُ الكذبَ ثرثار.
                      عقْلٌ تمَردَ على الحشيش، وبطْنٌ تأكلُ فقط لتعيش.
                      هل فيكم أيها السادة مَن انتَبَهَ إلى هذه التفاصيل الصغيرة.
                      وهل فيكم مَن فَكَّرَ ولو قليلاً بآثارِها الخطيرة.
                      طبعاً لاَ...فأُمورِكم العظيمَةُ ما انفكَّت تشغَلُكُم.
                      هل صدَّقتُم الآن بأني أن الوحيدُ الذي يتفانى في خدمتِكم.
                      ويسهرُ على راحتكم ويَقِيكم شرَّ التفاصيل.
                      لتهنؤوا بحياتِكم وتَسعَدوا بأوقاتكم.
                      وبكل سرور يتلقى ثَنائَكم ومديحَكم، وبكُلِّ صدْرٍ رحْبٍ يُصَدِّقُ أكاذيبَكم.
                      أنا وأجدادي خَبِرنا كيف هي طبائعُ البشر.
                      ولهَذا ها أنا أمامكم الآن حَبَنْظَل بَظاظاْ التاسع عشر.
                      لا... لا تُصَفِقوا أيها السادة...أرجوكم أنا أكره التصفيق.
                      إنهُ مكافَئةٌ متواضعةٌ لا تنسجمُ مع عَظَمَتي ولا تليق.
                      ووفِروها لمُطْرِبتِكم المفضلة، وراقِصتِكم المُدلَّلَة، ومُمثِّلِكم الوسيمِ الأنيق.

                      وللحديثِ تتِمَّة.
                      أنا لا أقولُ كلَّ الحقيقة
                      لكن كل ما أقولهُُ هو حقيقة.

                      تعليق

                      • محمد مزكتلي
                        عضو الملتقى
                        • 04-11-2010
                        • 1618

                        #26
                        حَبَنْظَلْ بَظاظاْ، الفصلُ الثامن.

                        أيها السيداتُ والسادة:
                        الآنَ وقد تمَّ لي حكمُ جميعَ بقاعِ الأرض، ودانَت لي كُلَّ خطوط الطُول والعرض.
                        أُعلِنُ أمامكم قيام الإمبراطورية الباظاظية.
                        التي سوفَ ترتقي بالإنسانِ إلى مستوى المَرتَبة الحيوانية.
                        دستورُها مُوجَزٌ بسيط، لا يحتاجُ إلى شرحٍ أو تبسيط.
                        هو من مادتين فقط، تُكتبانْ في سطرٍ واحدٍ وثلاثِ نقط.
                        المادةُ الأولى كلُّ شيءٍ مباح.
                        ما دامَ يُشبِعُ الغرائزَ ويُبقي على قيدِ الحياة.
                        المادةُ الثانية، كلُّ شيءٍ مَمْنوع، لَوْ تَدخَّلَ في أُمورِ الحُكام والولاة.
                        أما علمُ الإمبراطورية، فهوَ دائري، لِنَتَفادىَ مشاكلَ الحشرِ في الزوايا.
                        لونُهُ تِكنولوجي، يتبدلُ تِبعاً لتبدلِ الأهواءِ والنوايا.
                        قِسْمُهُ السفلي يحملُ صورةَ حِرباء.
                        التي ترمزُ إلى الصَراحةِ والوُضوحِ، ونبذِ الرياء.
                        وتُعبرُ عن مَبادئِنا الثابتة، وأهدافِنا الواضحة، وثوابِتنا الراسخة.
                        لونُها يتبدلُ بينَ كلِّ الألوان، وعندَ كلَّ لَون، لنا رأيٌ ووجهةُ نظرٍ وعنوان.

                        القسمُ الأوسط، عليهِ صورةَ خِنزيرٍ سمين.
                        يرمزُ إلى سرِّ الجمال، وَجَوهرُ الحياة، وجدَّتي الكبرى عسلُ الْتِين.
                        ويعبرُ عن شهواتِنا المَكْبوتة، وغرائزِنا الموءودة، وطباعِنا المَوروثة.
                        ولونُهُ يتبدلُ بين ثلاثةِ ألوانٍّ فقط.
                        الأبيضُ والشفافُ والأحمر المُرَقَّط.
                        أما الأحمر، فهو لونُ السروالَ الداخلي لكليوباترا العظيمة.
                        حينما زُفَّت إلى انطونيو الأكبر.
                        والشفافُ لجوزفين الإمبراطورة الفرنسية.
                        التي كانت تكرهُ ارتداءَ السراويل الداخلية.
                        وأخيراً الأبيض، أثارَنا على مارلين مونرو نجمةُ الإغراء.
                        حينَ طَيَّرَ ثوبَها تيارُ الهواء.
                        أما القسمُ الأعلى من العَلَم، فعليهِ صورةُ ببَّغاء.
                        يرمزُ إلى الاستقلاليةِ والذاتيةِ وتجدُدِ الآراء.
                        ويعبرُ عن فلسفتِنا في الحياة، وعن أدبِنا وفَنِّنا في الكتبِ والمجلات.
                        وعن قيمِنا، ومنهجِنا في الأسُسِ والمنطلقات.
                        لونُهُ مزيجٌ من الأزرق والأخضر والأصفر.
                        الأزرقُ يغازِلُ اليورو، نكايَةً بالدولار.
                        الأخضرُ يستجْدي الدولار، نكايَةً باليورو.
                        الأصفرُ يعبرُ عن الذهب، نكايَةً بالإثنَينِ معاً.

                        ايها السادة: لقد أخذَ العَلَمُ بِعينِ الاعتبار، كلَّ تطلعاتِ وآمالِ البشر.
                        وراعى تكالُبَهم على الدنيا وانتحارَهم في سبيلِ تَحَدِّ القَدَر.
                        والتَمَسَ اختلافاتهم وأجناسهم وانتماءاتهم واحتياجاتهم وأهدافهم.
                        وجمَعَ كُلَّ هَذهِ المفردات في جُملةٍ واحدةٍ جامعَةٍ مانعة.
                        جعلْتُها شعارَ إمبراطوريَتي، القارةُ السابعة.
                        (أَمَةٌ حَبَنْظَلِيَّةٌ حُرَّة، ذاتُ أضْرُعٍ مُدرَّة).
                        اهتفوا أيها السادة بحياتي، وارفعوا أصواتَكم ما تستطيعون.
                        حتى تسمعكُم حَرَمي المَصون.
                        لِتبْصُقُ على وجهي، وتنسخُ لكم ، حَبَنْظَل بَظاظا العشرون.

                        وللحديثِ تتمَّة
                        أنا لا أقولُ كلَّ الحقيقة
                        لكن كل ما أقولهُُ هو حقيقة.

                        تعليق

                        • محمد عبد الغفار صيام
                          مؤدب صبيان
                          • 30-11-2010
                          • 533

                          #27
                          أستاذنا الأديب الأريب / محمد مزكتلى
                          لست مضطراً لإبداء الإعجاب و كيل المدح و الثناء لما تكتب لا سيما لهذه التحفة الفريدة ، فلا اعتقد أنني سأضيف جديداً ، و إن كنت أنت من أتحفنا بالجديد الفريد ، ها بدت الصورة تتجمع بعدما أضحت الحبنظلية وطناً يجمع كل الموبقات ، و يمنح جنسيته المجانية لكل الفساق و الفجرة شريطة أن يمارسوا فجرهم ، و يقترفوا إثمهم بإخلاص توافقا مع درستور الوطن الحبنظلى البسيط فى عمقه ، و إن شئت العميق فى بساطة .
                          هنيئا لكم معشر الحباظلة راية تعبر عن فلسفة دولتكم فجمعت كل رموز السفالة و التسيب و التلون ، و الانحطاط ... هنيئا لكم أرضا تجمع شعبا ، و دستورا ، و علما تتسق مع ذاتها أيما اتساق ...
                          ننتظر التتمة... فلا تغب إنا مشتاقون ، مستاؤن...
                          "قُلْ آمَنْتُ باللهِ ثُمَّ استَقِمْ"

                          تعليق

                          • محمد مزكتلي
                            عضو الملتقى
                            • 04-11-2010
                            • 1618

                            #28
                            حَبَنْظَلْ بَظَاظَاْ، الفصلُ التاسع
                            نفسُ المَنْظرِ السّابقِ بدون تغيير، وحَبَنْظَل بَظاظاْ يواصلُ حديثَهُ الأخير.

                            أيَّتُها السَّيِّدات، أيُّها السّادة:
                            واضحٌ أمامكم بأنَّ آلَ بَظاظاْ سَيستمرُّونََ على حُكمِكُم إلى يومِ الدِّين.
                            على الرغمِ من أنَّهم يتضاءلونَ أكثرَ فأكثر، إلى أن يصبحوا غَيرَ مرئيين.
                            وهَذا أفضل، فكلَّما زادَت قُدرتُهُم على التَّخَفِّي والاختباء.
                            صارَ حظَّهُم أَوفرَ في الاستمرارِ والبقاء.
                            فكما بصقتْنا أُمهاتُنا على وجوهِ الرِّجالِ والكِلاب، تعبيرا عن تقزُزهنَّ.
                            سيَلِدْنَّ بَناتُنا أبنائَنا بِزَفْرِةٍ حارَّةٍ من صدورِهِن.
                            أراكُم تبرَّمْتُم من أنَّ سلاطينكم سيكونونَ غيرَ مرئيين.
                            وأراكُم نسِيْتُم بأنَّكُم منذُ الأزَلِ خاضِعينَ لجَبَابِرَةٍ متوارين.
                            أنتم لاَ تشعرونَ بنَهَمِكُم وأنانيَّتكُم.
                            ومعَ هذا فهوَ الَّذي يدفعُكُم إلى السَّرقةِ والإجرام.
                            أنتم لاَ تَرون شهْوَتَكُم ولَذَّتَكُم
                            ومعَ هذا فهما الَّتانِ تقودانِكُم إلى الشُّرورِ والآثام.
                            أنتم لا تسمعونَ صوْتَ شَخيرَكم.
                            وهذا ما جعلَ مِنْ آلِ بَظاظاْ سلاطيناً وحُكّاماً.
                            أنا والخنزيرُ والببغاءُ والحِرباءُ وعسلُ الْتِّين.
                            ومَنْ دارَ في فلكِنا من انتهازيينَ وتُبَّعٍ ووصوليين.
                            نمثِّلُ الغرائزَ المتأجِجةَ في نفوسِكم، الَّتي تدفعكم لقتلِ أبناءِ جنسكم.
                            ونعرفُ كيفَ نرَوضكم لِتَكونوا طيِّعين، نَسْلُبَكُم أهَمَّ ما يميِّزُ الآدميين.
                            لِتَركَعوا أمامَنا أذِلّاءٍ صاغرين.
                            صحيحٌ أنَّ علي الزئبق وأميرَ الدَّرَكِ وقائدَ الفُرسان.
                            شَهِدَ لهم التّاريخُ وصاروا أبطالا قوميين.
                            وأسماؤهُم ماتزالُ تملأُ قلبي رعبا.
                            رُغمَ أنَّ جَدِّي الثّالث أبادَهُم منذُ مئاتِ السِّنين.
                            إلّا أنَّهم بَاتو شعارات...مجرَّدُ شعارات.
                            أسماؤهُم تُنسى ما أن تُطوَى اللافتات.
                            ولم يَعد أحدٌ يهتَمُّ بما قالوه، أو يريدُ أن يفعلَ ما فعَلوه.
                            هم أرادوا تحويلَ حياةِ السَّعادةِ واللَّذَّةِ والنعيمِ والاستقرار.
                            إلى حياةِ البؤسِ والحِرمانِ والجَّحيمِ والمرار.
                            أرادوا أشياءً لاَ تُوصَفُ إلّا بالسَّفهِ والبشاعة.
                            مثلَ إحياءِ وخزِ الضمير وعناءِ ترْكِ الملذّاتِ ومرارِ الصبرِ وَجَورِ القناعة.
                            وماذا يعني أن يَمُرَّ التّاريخُ عليهم في بضعةِ سُطور.
                            فأنا سَيقِفُ التاريخُ عندي دُهورا ودُهور.
                            لَو أنَّهم عََرِفوا بِزَمنٍ تُصبحُ فيهِ عسلُ الْتِّين هيَ السلطان.
                            لَما اشتروا سُيوفَهُم بأغلى الأثمان.
                            أو أنَّهم توقعوا ظهورَ الرّائي والهاتفِ الجوّال.
                            لَما نامو ليلةً واحدةً في شعابِ الجبال.
                            لَو أنَّهم تَنَبَّئوا لمن اسمهُ استعمار، يدفعُ اليومَ ثمَنَ دَمِ الثُّوّار.
                            لَشَعَروا بالخزيِ والعارِ مِنْ أنَّهم عاشوا ثوّار.
                            لَو أنَّهم استَشعَروا سيادَةَ العابثينَ والمُحرِّفينَ في العقائدِ والأديان.
                            لَندِموا على كُلِّ شمعَةٍ أذابُوها في التدوينِ والنقلِ والبيان.
                            لَو أنَّهم سمعوا بِقُضاةٍ للإجار وكُتّابٍ للاستثماري وأطبّاءٍ تجّار وتُجّارٍ فُجّار.
                            لَخَصوا أنفسَهم خوفاً من أن يُلحَقَ بهم العار.
                            لَو أدركوا ما هيَ العولمةُ والشبكةُ العنكبوتية.
                            لكانوا قَبِلوا بعرضِ جَدِّي بالعفوِ عنهم وضَمِّهِم إلى فِرْقتهِ البهلَوانية.
                            لَكنَّهم أغبِياء...أغبِياء.
                            الصُدفةُ وحدها جعلتهُم أبطالاً وهم في حقيقتهم أدعياء.
                            أجدادي فقط أثبَتوا بأنَّهم كانوا وحدهم الأذكياء.
                            وتوقعوا بدقةٍ لاَ تُصدَّق كُلَّ هَذهِ الأشياء.
                            مِنْ ثِمارهم تعرفونهم.
                            وثِمارُ أجدادي يقطفْنها لكم اليومَ نانسي وَروبي وهَيفاء.
                            هل تريدونَ أيُّها السّادة أن أتوقعَ لكم ما سيكونُ في المستقبل.
                            إنِّي أراهُ بوضوحٍ تام...
                            كما أرى أمامي عيونِكم المتعطِّشَةِ وتلهُفِكم الأهبل.
                            وسأُوَفِّرُ عليكم الأموالَ الَّتي تدفعوها للعرّافين والمشعوذين والدجّالين.
                            لتشتروا بها أحلاماً وأوهاماً وترُدُّوا عجْزِكم إلى الجان والشَّياطين.
                            أنا الَّذي أمتلكُ الحقيقَة، وأُحرِّرُ الواقعَ وأصنعُ المُستقبل.
                            أنا العرّافُ الَّذي يُسأل، أنا المشعوذ الَّذي يُقْبَل.
                            وأنا الشَّيطان الَّذي لاَ يغفَل.
                            أنا الَّذي أفكرُ وأخطِّطُ وأُقَرِّرُ وأُنَفِّذُ كُلَّ الأُمورِ الَّتي في حياتكم.
                            أضعُ الخِطَطَ الخُماسية والخِطَطَ العشرية.
                            والماضي عِندي هو القادمُ من أيّامِكم.
                            وأُبَشِّرُكم أيُّها السّادة بأنَّ الغدَ سيجلبُ معه بَلسماً يُنهي آلامَكم.
                            لأنِّي اكتشفتُ أخيرا أسبابَ مرَضِكُم ومُعاناتكم.
                            إنَّها الْذِّيول...الْذِّيولُ الَّتي ضَمُرَت عبرَ مسيرةِ تطورِكم.
                            سَأُعيدُها لكم من جديد لتعودوا كأوَّلِ سيرَتِكم.
                            سَأَهدُمُ كُلَّ المَباني والعمائِر.
                            لأجعلَ كُلَّ الأرضَ مَراعيَّ خضراء تكفي إطعامكم.
                            سَأَحرِقُ الكتبَ كَيلاْ يبقى لكم ما تُصدِّعونَ بِهِ رؤوسَكم.
                            وأُدَمِّرُ الأبجديّات لأُلغي السِجالَ الَّذي أدَّى إلى اقتتالكم.
                            سَأُلغي كُلَّ أنواعِ الفنونِ كي لاَ تنحَتُوا التَّماثيلَ لظُلّامكم.
                            وترسمونَ عُراةَ نسائِكم، وتعزفونَ الموسيقى لِغوْانيكم.
                            سَأُعيدُكم عُراةً كَيلاْ تَستَرِقوا النَّظرَ من فتحاتِ ثيابِكُم.
                            لاَ وسائلَ نقلٍ واتِّصال كي لاَ تُنهَك رئاتَكم وأعصابكم.
                            سَأُعيدُكم مليونَ سنةٍ إلى الوَراءِ لأنَّ مستقبَلَكم هوَ ماضيكم.
                            ألا تحبُّونَ الطبيعة؟ ...ألا تدفعونَ الآلاف.
                            للسفرِ إلى الجزرِ النائيةِ والغابات، لكي تُريحوا أعصابكم؟.
                            ولتتخلَّصوا مِنَ الاِكتئابِ والإحباطِ والتَّوترِ النفسي الَّذينَ يأكلونَ أجسادكم.
                            سأفعلُ لكم كُلَّ هذا بالمجّانِ، وأُعيدُكم للطبيعةِ وأُنْهي تمرُّدَكم.
                            أيُّها السَّيدات والسّادة، أنا ما أفعلُ إلّا لأجلِكُم.
                            ولأجلِ حِرصِي على حِفظِ نَوعِكُم، بعدَ أن تنبَّهْتُ إلى حقيقةِ انقراضِكُم.
                            وعليَّ أن أُعيدُكم إلى ما قبلَ عصورِ القمحِ والبطاطا.
                            لأكونَ غُور باتشوفاً آخَراً في كرمْلينْ آلِ بَظاظاْ.

                            النهاية
                            أنا لا أقولُ كلَّ الحقيقة
                            لكن كل ما أقولهُُ هو حقيقة.

                            تعليق

                            • مادلين مدور
                              عضو الملتقى
                              • 13-11-2018
                              • 151

                              #29
                              المشاركة الأصلية بواسطة محمد مزكتلي مشاهدة المشاركة
                              حَبَنْظَلْ بَظاظاْ، الفصلُ الأول

                              أيتها السيدات، أيها السادة:
                              أُقَدِّمُ لكم نفسي وبِلاْ فخر، أنا حَبَنْظَل بَظاظاْ.
                              إنكم جميعَكم تعرفوني، فأنا عَلَمٌ على رأسهِ نارُ.
                              أنا طَلَّاعُ الثَنايا، جوّادُ البرايا، للجيشِ جرّارُ.
                              أنا ابنُ دَليلة، سليلةُ الأكابر وصاحبةُ الجاهَ والسلطانَ والثراء.
                              وأبي هو علي الزئبق، زعيمُ العيّارين صاحبُ الفطنةَ والذكاءَ والدهاء.
                              وأنا تفوَّقْتُ عليهما وأصبحْتُ حَبَنْظَل بَظاظاْ.
                              أنا نِتاجُ نطفةً ذكية، مع بيضةٍ ثَرية، ولِيدُ المصلحة والشهوة.
                              أنا أذكى من الذكاء، وأعظمُ مِنَ العظمة، وأشهرُ من الشُهرة.
                              والدليلُ على عَظَمَتِي وَشُهرتِي، هو كثرَةُ الحُسّادُ حولي.
                              أيْأَسَهُم تفوُّقْي ونجاحي فَحاكوا الأباطيلَ خلفَ ظهرِي.
                              صحيحٌ أنِّي قصيرُ القامة، لكنَّ مُنجَزاتي تَطالُ النجوم.
                              وصحيحٌ أنِّي دميمُ الوجه، لكنَّ نظرَاتي تُبرِأُ المجذوم.
                              أنا من تَدِينُ له الدهور، وتُرفعُ القُبَّعات وتُحْنَى الظهور.
                              أنا حَبَنْظَل بَظاظاْ.
                              لا تضحكوا ايها السادة، أرجوكم لا تضحكوا، حتى لا تندموا بعدَ ذلك.
                              واعلموا أَنَّ وجودي بينكم، هو مَن يُنْجيكم مِنَ المَهالك.
                              نعم، فأنا أعلمُ ما لاَ تَعلمون، وأُدركُ ما لا تُدركون.
                              وأعرف من أين تؤكلُ الكتِف، وما يجب أن يكون أو لا يكون.
                              فأمّي تعلَمُ ما لاَ تعلَمُهُ أُمَّهاتُكم.
                              وأُمّي تفعلُ ما يستحيلُ أن تفعلَهُ أُمَّهاتُكم.
                              عَلَّمتني أُمّي، حينَ كنتُ يافعاً طرِيَّ العود.
                              وقتَها كانت تُجالِسُ السلطانَ الْمُعَظَّم، ترقصُ له وتضرِبُ على العُود.
                              أِفهَم يا حَبَنْظل وأِحفظْ عن أُمِّكَ هذه الأشياء.
                              إنَّ الدينَ والجنسَ والسياسة، هم الطريقُ إلى السلطةِ والمجدِ والثَّراء
                              ومِن يومِها، جعلْتُ نفسي، ببَّغاءً وخنزيراً وحِرباء.
                              لقد دأبَت أُمّي منذُ صِغري على جَعلي الرجلَ الأوَّلَ في القصرِ.
                              ولأجلِ هذا بَذلت الغاليَ والنفيس.
                              من هزِ كؤوسَ المُدام، إلى هزِ الأردافَ والخصْر.
                              هل صدَّقْتم الآنَ بأني أنا هو الرجلُ الوحيدُ القادرُ على قيادتِكم.
                              فأنا نِتاجُ تضحيةَ أُمّي، وأنتم ضحايا أنانيةَ أُمَّهاتكم.
                              نعم، أنا هو الببَّغاءُ، وأنا الخِنزيرُ، وأنا الحِرباء.
                              أنا الأسدُ الهصور، والجملُ الصبور، والشاةُ العرجاء.
                              أنا المرجعيةُ والضميرُ والقضاء. أنا السيفُ والرقاب، والرحمةُ والعِقاب، والسِجنُ والسجناء.
                              أنا الخيرُ والشر، والقبحُ والجمال، واليأسُ والرَجاء.
                              أنا خليطٌ متجانسٌ مِن كُلِّ هذه الأشياء،
                              أنا حَبَنْظَل بَظاظاْ.
                              لا تستغرِبوا أيها السادة، فأنا مزيجٌ من أصنافكم أنتُم.
                              جعلَتني أُمي هَكذا لِأَتَفهَّمَ وأحترمَ وِجهاتِ نظرِكُم.
                              أنا أنتَ وأنتِ، وهوَ وهيَ، وهم وهَؤلاء.
                              أُفصِحُ عمّا تَخجَلونَ منه دونَ حِشْمَةٍ أو حياء.
                              أقولُ ما تخافُ منهُ ألسِنتكُم، وأُظهِرُ ما تَدفُنوه في صدوركم.
                              من غيرَ كذِبٍ ولا تملقٍ ولا رياء.
                              أنا أعرفُكُم أيها السادة أكثرَ ممّا تعرفونَ أنفسكم.
                              وأعلمُ نواياكم وخَبَاياكم وما تُضمِروه في أعماقكم.
                              أنا رجلٌ فريدٌ من نوعهِ، ورِثْتُ عنكم سِماتِكم وصِفاتِكم.
                              لأنَّ أُمّي حينَ كانت حاملاً بي، دارت على كُلِّ رجالِكم.
                              أنا ابن أزواجِكم وزوجاتكم أنا اَخٌ لأوْلادِكم وبناتكم، وحفيدٌ لآبائكم وأجدادِكم.
                              أنا الوريثُ الشرعيُ لأموالِكُم، وأنا الحاكمُ بأمرِ اللَّهِ على رقابِكم.
                              وأنا المتصرفُ بأمرِ أُمّي في شؤونِكم، أنا حَبَنْظَل بَظاظاْ.
                              أيتها السيدات، أيها السادة:
                              قد تنازلْتُ ورضيتُ الجلوسَ بينكم.
                              فإصرارُكم واستِجدائُكم وتوسُلاتُكُم جعلوا قلبي يرقُّ لحالكم.
                              فَشَنِّفُوا آذانَكُم ونظِّفوا أسنانكم وافتحوا عقولكم واقعدُوا صامتْين.
                              لأروي لكم قصتي وقِصةَ أبي وأُمِّي وجارِيَتي عسلُ الْتِين.

                              وللحديثِ تتِمَّه


                              أ محمد مزكتلي المحترم..
                              هذا الكائن الخرافي _الحقيقي مرعب، مخيف.
                              أتخيله بشعر أسود كثيف يغطي كل جسده، برأس ضخمة، ويدان طويلتان.
                              سأبدأ مع هذا الوحش المختال من أول ظهوره.
                              تحية كبيرة لهذا السرد الماتع.
                              لا أُصَدِّقُ من يقولُ لا وقتَ لدي.
                              بِهِ أفعلُ كُلَّ شيءٍ، والفائضُ أستمتِعُ بإضاعته.

                              تعليق

                              • مادلين مدور
                                عضو الملتقى
                                • 13-11-2018
                                • 151

                                #30
                                المشاركة الأصلية بواسطة محمد مزكتلي مشاهدة المشاركة
                                حَبَنْظَل بَظاظاْ الفصلُ الثاني

                                حتى تتصوروا أيها السادة مُجْريات الحِكاية.
                                لابُدَّ من وصفِ المكان الذي شهدَ أحداثَ الرواية.
                                القاعَةُ الكبرى في قصرِ السلطانِ المعَظَّم، الذي هو أنا.
                                خنزيرٌ بدينٌ جَلَسَ على كرسي العرشْ، والخنزيرُ وليسَ الكرسي، هو أنا.
                                يقفُ على رأسِ الخنزير بَبَّغاء، وترقدُ بين قدَمَيهِ حِرباء.
                                واللتانِ هما أنا.
                                بالقربِ منهم يقفُ السَيَّافُ حاملاً سيفهُ.
                                وتصوروا...السَيَّافُ أيضاً هو أنا.
                                الخنزير:
                                حينَ وَلَدَتني أُمي ورأتني أَخرُجُ من بينِ فَخذيها.
                                دَفَنت عينيها تحتَ الوسادة، وكانت آخِرُ مرةً تَلمسني فيها.
                                لم يُصدِّق أحد بأنَّ كُلَّ الحُسْنَ والجمالَ اللَّذانِ كانا لأُمي.
                                يمكنُ أن يُنتِجا مخلوقاً بَشعاً مشوهاً مثْلي.
                                رفضت أُمي رفضاً قاطِعاً أن تُقرِّبَني إلى ثَديَيِها.
                                وكانت كُلَّما سمِعَت بُكائي وصُراخي، تصُمُّ أذنيها.
                                أَوكَلَت أمرَ رِضاعتي لجارِيةٍ أرمَلَةٍ عظيمَةُ الثديَين.
                                التي كانت تستلقي على ظهرِها، وتضعُني فوقَ بطنها.
                                وتتْرُكُني طوالَ النَهار أمتصُّ نبعَينِ نَضِحَين.
                                ومع هذا كنتُ لا أشبع، أمُصُّ وأبلعُ كعلقةٍ وأمُصُّ وأبلعُ ولا أشبع.
                                جَفَّفتُ ثديَيِها وشَقَقْتُ حُلْمَتيها، ولم أشبع.
                                الببَّغاء:
                                حينَ كَبِرْتُ أيها السادة.
                                تزوجتُ من تلك الجارِية، لِأرُدَّ لها حليبها.
                                لا تستغرِبوا، فهيَ لم تكن يوماً أُمي، ولم أكن أنا رضيعُها.
                                فحدُّ الإحرام هو خمسُ رَضعاتٍ مُشبِعات.
                                وأنا لم أشبع منها، حتى صُرتُ حليلُها.
                                الخنزير:
                                حارت أُمي كيف تُشبعُني، في حِرصِها على وحيدِها أن يعيش.
                                أَرضَعَتني حليبَ الكِلابِ والخنازيرِ والحمير، والذئاب والرجال والخفافيش.
                                وفعلا عِشتُ وكَبِرْتُ بعدَ ما أضنيتُ الجميع.
                                فالسماءُ أرادت ليَ الحياة، لتجعلَني راعيَ القطيع.
                                الحِرباء:
                                كنتُ أتسَلَّلُ إلى غرفةِ نومِ أُمي، وأنتظرُ قابعاً تحتَ السرير.
                                هذا الذي كانت تُعقدُ فوقَهُ المؤتمرات، وتُمررُ المؤامرات.
                                وتُخْلَعُ سراويلَ الحرير.
                                وكم كنت أتلَذَّذُ بسمَاعِ معزوفَةَ الآهات، خاصَّةً مقْطعَها الأخير.
                                وبعدَ أَن يسودَ َالصمت، أعلَمُ أنَّ أُمي قد عَزَلَت قائداً أو خَلَعَت أمير.
                                الخنزير:
                                حينَ أصبحْتُ شابّاً، أرادت أُمي أن أكونَ فارسَ الفُرسان.
                                فأجبرتني وأبي على ركوبِهِ، لِنلعبَ معاً لُعبةَ الفارسِ والحِصان.
                                وما أن أتقنْتُ طريقةَ ركوبَ أبي، حتى خَلَعَت عليَّ لَقَبَ الفارسَ الذهبي.
                                وطلبت مِنَ السلطان المعَظَّم أن يُعَيِّنُني في سِلاحِ الفُرسان.
                                الذي سُرعان ما أصدَر أمرَهُ وهو يغتسلُ في الحمَّام.
                                وملأْتُ فَمَ الحاقدِين والمتربصين والمتفيهقين والمتحذلِقين.
                                بحِفنَةٍ من طين.
                                صحيحٌ أنّي لم أقدر على رُكوبِ الحِصان بالقفزِ فوقَهُ كما يفعلُ الفُرسان.
                                بل كنتُ أتعلقُ بِذَيلهِ وأتسَلَّقُ ظَهرَهُ، ثُمَّ أربُطُ خَصرِي بالعنان.
                                وصحيحٌ أني لم أستطع حمْلَ السيفَ الذي يحمِلهُ الرجال.
                                بَل عَلَّقْتُ سكيناً صغيراً تدَلَّت من رقبَتْي كالسِلسال.
                                لكن، كُلَّ هذا لاَ يَهُم، المهمُ هو أنّي أصبحْتُ سيَّدَ القوم.
                                الببَّغاء:
                                لقد كانت أُمي تفتحُ أمامي كُلَّ الأبوابَ المُؤصدة.
                                وتمهدُ ليَ الطريقَ نحوَ الأمجادَ المُرصدة.
                                صحيحٌ أنها حَرمتني حليبها ووهبتْهُ للسلطان.
                                وكرهتني وكرِهَت أبي، وأحبَّت المالَ والجَّاهَ والسلطان.
                                إلا أنها لو ما فعلت ما فعلت، ما كنتُ الآنَ في هذا المكان.
                                ولولا أنْ ضَحَّت، ما أَمسَيْتُ سَيَّدَ هذا الزمان.
                                ألا تَرَون معي أنَّهُ مِنَ الواجبِ مكافأةَ أمّي على ما فَعلَتْهُ من أجلِ وحيدها.
                                أليس عيباً أن أكون عاقّاً بالعجوزِ التي ما حَرمتني شيئاً إلا حليبَها.
                                يجبُ أن أُضَحي كما ضَحَت، وأبذلُ كما بذَلَت كي تفخرُ أخيراً بعِظَمِ صنيعها.
                                الحِرباء:
                                أليس من البديهي، بَل مِنَ ألازمِ أن تكونَ التضحيةُ على مستوى القضية.
                                عليَّ أن أتألَّمَ وأُقاسي، أضعافَ ما عانَتهُ هذه العجوزُ الغيرية.
                                وأيُّ ألمٍ وأيُّ مرارٍ آلَمُ وأمَرُّ من فُقدانِ الأُم.
                                إنهُ أبشَعُ من اجتثاثِ الأطراف، بَل حتى من تَجرُّعِ السُم.
                                إنَّ الفداءَ أيها السادة، لا بدَّ أن يكونَ على مُستوى الفادي.
                                وحَبَنْظَل بَظاظاْ رجلٌ ليسَ كَباقيَ الرجال، إنهُ رجلٌ غيرُ عادي.
                                يا سَيَّاف، اقطَع رأسَ أُمّي، لكن ترَفَّق، فالدَمُ الذي سيسيلُ هو دَمي.
                                البَّبغاء:
                                أرأيتم...أرأيتم أيها السادةُ عَظَمَةَ ما صنعت.
                                وأيُّ قُربان قَدَّمْت.
                                وأتحداكم...أتحداكُم أن يستطيعَ أيَّ واحدٌ منكم أن يفعلَ مثلَ ما فعلْت.
                                ويُضحِّي بنصفِ ما ضحَّيْت.
                                طبعاً هذا بديهي، أنا لستُ كأيَّ واحدٍ منكم.
                                أنا حَبَنْظَل بَظاظاْ.

                                وللحديثِ تَتمَّة


                                قطع رأس أمه ومن على الجميع بأنه قدم قرباناً عظيماً.
                                ذلك الذي رضع حليب الخنازير والذئاب ولم يشبع.
                                هذا ما يفضله، إنه لا يريد أماً جعلت فراشها مجلساً للعموم.
                                وجارية تستلقي على ظهرها طوال النهار، تزوجها لينكر أمومتها.
                                الطغاة يريدون ماضياً يبرر أفعالهم.
                                والذي لا يستطيع ركوب الحصان يصبح فارساً مغواراً يملأ الأفواه طيناً.
                                عندها ما أسهل أن يسمى الباطل حقاً.

                                أ محمد مزكتلي...
                                سردية ماتعة بحق، فيها أدب وشعر وفلسفة وسبر لأغوار النفس البشرية.
                                أتابعها بحماس يشوبه القلق.
                                تحياتي.
                                لا أُصَدِّقُ من يقولُ لا وقتَ لدي.
                                بِهِ أفعلُ كُلَّ شيءٍ، والفائضُ أستمتِعُ بإضاعته.

                                تعليق

                                يعمل...
                                X