على هامش موضوع الزميلة عايدة حول "التوحد" الافتراضي، و انطلاقاً من النظرة السوسيولوجية التي أتبناها في قصيدتي الفرنسية Chimères والتي ترجمها إلى العربية الأستاذ حاتم سعيد، تأتي المداخلة الآتية تكملة للموضوع:
ورد في نص القصيد الفرنسي Chimères عبارة Otaku والتي اختار لها المترجم كلمة "بيته" في النص العربي. العبارة أصلها ياباني وهي مكونة من كلميتن : O (وتستعمل كصيغة احترام للمخاطب كما في الفرنسية votre أو الاسبانية Su) و Taku (أي البيت) فتعطينا بالعربية :"بيتكم" و بالفرنسية : votre demeure أو بالاسبانية : Su casa؛ أما بالانجليزية فلا فرق بين Your home عند التفضيل أو غيره.
هذا من حيث الدلالة اللغوية لعبارة Otaku.
أما اليوم، و بعد انتشار وسائل التواصل و بعد اكتساح التقنيات الحديثة والالكترونية شملت معظم مجالات الحياة اليومية من تعامل و تواصل و تعارف و لهو الخ، فإن عبارة Otaku صارت تطلق - في اليابان خاصة و في الأوساط المهتمة بسوييولوجيا العالم الافتراضي عامة - على كل الأشخاص الذين أصبحوا يقضون معظم أوقاتهم داخل البيت مقوقعين على أنفسهم خلف شاشات الأجهزة الذكية منها والغبية كهواتف و لوائح و ألعاب فيديو و مواقع اجتماعية و غير "اجتماعية". و هذا التعبير المجازي (المذموم في أغلبية الأحيان) ما فتيء ينعت به الحالة النفسية المزرية و المقلقة التي عادة ما تؤدي إلى حالات اكتئاب عند أصحابها "الأوطاكيين" نتيجة إدمانهم على العالم الافتراضي و انقطاعهم المخيف عن التواصل مع العالم الحقيقي كما جرت في ذلك العادة. العديد من الباحثين اليابانيين و الأوربيين دقوا ناقوس الخطر في العشرات من الكتب و المقالات يحذرون من العواقب الوخيمة التي يتسبب فيها تعاطي الأفراد المبالغ فيه و غير المعقول للتقوقع المتواصل خلف الشاشات و "التواصل مع" - الانقطاع عن - العالم المحيط بهم سواء الأسري أو المهني أو الدراسي بل وحتى العاطفي.
في اليابان، مصطلح Otaku أفرز عند الباحثين مصطلحا جديداً ألا وهو Hikikomori و يطلق على الحالة السيكولوجية لفئة المراهقين و الشباب التي تعيش في عزلة شبه تامة عن المجتمع مفضلةً العيش خلف الأجهزة و التواصل عبر الأسلاك. الأمر الخطير الذي أبانت عنه الأبحاث والتقارير هو أن في اليابان وحدها بلغ سنة 2015 عدد حالات Hikikomori أزيد من ربع مليون شاب و شابة يعيشون في عزلة تامة منذ أزيد من ربع سنة و منهم من وصل بهم الحد إلى عدم الخروج إلى الحياة مدة سنوات بأكملها. والحالات بدأت تظهر في العديد من الدول بما فيها العربية.
عندما بدأت تدريس مادة سوسيولوجيا التواصل الافتراضي في إحدى الجامعات الكندية، طلبت من الطلبة أن يحضروا بحوثاً حول مستقبل العلاقات الاجتماعية عبر الأنترنت و عواقبها السلبية (دون الإيجابية بطبيعة الحال) على سلوكيات الفرد والجماعات.
و النتيجة في نهاية الدورة كانت أكثر قتامة مما كنا نتصور في بداية مشروع البحث. أنشر بعض تلك النتائج في فرصة قادمة بحول الله.
و ما نص الأستاذة عايدة إلا نموذج آخر على تداعيات هذا النوع من السلوك الذي على المربين و الأسر أن يعيروه بالغ الأهمية قصد التوعية و الوقاية.
م.ش.
عشية الأربعاء 3 يناير 2018
ورد في نص القصيد الفرنسي Chimères عبارة Otaku والتي اختار لها المترجم كلمة "بيته" في النص العربي. العبارة أصلها ياباني وهي مكونة من كلميتن : O (وتستعمل كصيغة احترام للمخاطب كما في الفرنسية votre أو الاسبانية Su) و Taku (أي البيت) فتعطينا بالعربية :"بيتكم" و بالفرنسية : votre demeure أو بالاسبانية : Su casa؛ أما بالانجليزية فلا فرق بين Your home عند التفضيل أو غيره.
هذا من حيث الدلالة اللغوية لعبارة Otaku.
أما اليوم، و بعد انتشار وسائل التواصل و بعد اكتساح التقنيات الحديثة والالكترونية شملت معظم مجالات الحياة اليومية من تعامل و تواصل و تعارف و لهو الخ، فإن عبارة Otaku صارت تطلق - في اليابان خاصة و في الأوساط المهتمة بسوييولوجيا العالم الافتراضي عامة - على كل الأشخاص الذين أصبحوا يقضون معظم أوقاتهم داخل البيت مقوقعين على أنفسهم خلف شاشات الأجهزة الذكية منها والغبية كهواتف و لوائح و ألعاب فيديو و مواقع اجتماعية و غير "اجتماعية". و هذا التعبير المجازي (المذموم في أغلبية الأحيان) ما فتيء ينعت به الحالة النفسية المزرية و المقلقة التي عادة ما تؤدي إلى حالات اكتئاب عند أصحابها "الأوطاكيين" نتيجة إدمانهم على العالم الافتراضي و انقطاعهم المخيف عن التواصل مع العالم الحقيقي كما جرت في ذلك العادة. العديد من الباحثين اليابانيين و الأوربيين دقوا ناقوس الخطر في العشرات من الكتب و المقالات يحذرون من العواقب الوخيمة التي يتسبب فيها تعاطي الأفراد المبالغ فيه و غير المعقول للتقوقع المتواصل خلف الشاشات و "التواصل مع" - الانقطاع عن - العالم المحيط بهم سواء الأسري أو المهني أو الدراسي بل وحتى العاطفي.
في اليابان، مصطلح Otaku أفرز عند الباحثين مصطلحا جديداً ألا وهو Hikikomori و يطلق على الحالة السيكولوجية لفئة المراهقين و الشباب التي تعيش في عزلة شبه تامة عن المجتمع مفضلةً العيش خلف الأجهزة و التواصل عبر الأسلاك. الأمر الخطير الذي أبانت عنه الأبحاث والتقارير هو أن في اليابان وحدها بلغ سنة 2015 عدد حالات Hikikomori أزيد من ربع مليون شاب و شابة يعيشون في عزلة تامة منذ أزيد من ربع سنة و منهم من وصل بهم الحد إلى عدم الخروج إلى الحياة مدة سنوات بأكملها. والحالات بدأت تظهر في العديد من الدول بما فيها العربية.
عندما بدأت تدريس مادة سوسيولوجيا التواصل الافتراضي في إحدى الجامعات الكندية، طلبت من الطلبة أن يحضروا بحوثاً حول مستقبل العلاقات الاجتماعية عبر الأنترنت و عواقبها السلبية (دون الإيجابية بطبيعة الحال) على سلوكيات الفرد والجماعات.
و النتيجة في نهاية الدورة كانت أكثر قتامة مما كنا نتصور في بداية مشروع البحث. أنشر بعض تلك النتائج في فرصة قادمة بحول الله.
و ما نص الأستاذة عايدة إلا نموذج آخر على تداعيات هذا النوع من السلوك الذي على المربين و الأسر أن يعيروه بالغ الأهمية قصد التوعية و الوقاية.
م.ش.
عشية الأربعاء 3 يناير 2018
تعليق