من روائع الكتب. الدليل بالفعل أرشد من الدليل بالقول. متجدد

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • محمد شهيد
    أديب وكاتب
    • 24-01-2015
    • 4295

    من روائع الكتب. الدليل بالفعل أرشد من الدليل بالقول. متجدد

    من كتاب المدهش للعلامة ابن الجوزي؛ أستهل به متصفحي الجديد هذا لما لدى الكتاب و مؤلفه من مكانة في صدري.

    لقيت مشايخ ، أحوالهم مختلفة ، يتفاوتون في مقاديرهم في العلم ، وكانأنفعهم لي في صحبته العامل منهم بعمله ، وإن كان غيره أعلم منه .

    ولقيت جماعة من علماء الحديث يحفظون ويعرفون ، ولكنهم كانوا يتسامحون بغيبةيخرجونها مخرج جرح وتعديل ، ويأخذون على قراءة الحديث أجرة ، ويسرعونبالجواب لئلا ينكسر الجاه ، وإن وقع خطأ .

    ولقيت ُ عبدالوهابالأنماطي فكان على قانون السلف ، لم يُسمع في مجلسه غِيبة ، ولا كان يطلبأجراً على سماع الحديث ، وكنت إذا قرأت عليه أحاديث الرقائق بكى واتصلبكاؤه ، فكانـ وأنا صغير السن حينئذ ـ يعملُ بكاؤه في قلبي ويبني قواعد ،وكان على سمت المشايخ الذين سمعنا أوصافهم في النقل .

    ولقيتالشيخ أبا منصور الجواليقي ، فكان كثير الصمت ، شديد التحري فيما يقول ،متقناً ، محققاً ، وربما سُئِل المسألة الظاهرة التي يُبادِرُ بجوابها بعضُغلمانه ، فيتوقف فيها حتى يتيقن ، وكان كثير الصوم والصمت .

    فانتفعت برؤية هذين الرجلين أكثر من انتفاعي بغيرهما .

    ففهمت من هذه الحالة أن الدليل بالفعل أرشد من الدليل بالقول .

    ورأيت مشايخ كانت لهم خلوات في انبساط ومُزاح ، فراحوا عن القلوب ، وبددتفريطهم ما جمعوا من العلم ، فقل الانتفاع بهم في حياتهم ، ونُسوا بعدمماتهم ، فلا يكاد أحد أن يلتفت إلى مصنفاتهم .


    التعديل الأخير تم بواسطة محمد شهيد; الساعة 10-01-2018, 20:34.
  • محمد شهيد
    أديب وكاتب
    • 24-01-2015
    • 4295

    #2
    من كتاب (أنا)للعقاد:

    إن كتاباً واحدا تقرأه ثلاث مرات خير من ثلاثة كتب تقرأها مرة واحدة.

    يقول العقاد عن فوائد القراءة على الفكر و الشعور والخيال:

    أهوى القراءة لأن عندي حياة واحدة في هذه الدنيا، وحياة واحدة لا تكفيني ولا تحرك كل ما في ضميري من بواعث الحركة، والقراءة دون غيرها هي التي تعطيني أكثر من حياة واحدة في مدى عمر الإنسان الواحد، لأنها تزيد هذه الحياة من ناحية العمق وإن كانت لا تطليها بمقادير الحساب، فكرتك أنت فكرة واحدة، شعورك أنت شعور واحد، خيالك انت خيال فرد إذا قصرته عليك. ولكنك إذا لاقيت بفكرتك فكرة أخرى، او لاقيت بشعورك شعورًا آخر، أو لاقيت بخيالك خيال غيرك، فليس قصارى الأمر أن الفكرة تصبح فكرتين، أو أن الشعور يصبح شعورين، أو أن الخيال يصبح خيالين.. كلا وإنما تصبح الفكرة بهذا التلاقي مئات من الفكر في القوة والعمق والامتداد...... ومهما يأكل الإنسان فإنه لن يأكل بأكثر من معدة واحدة، ومهما يلبس فإنه لن يلبس على غير جسد واحد، ومهما يتنقل في البلاد فإنه لن يستطيع أن يحل في مكانين، و
    لكنه بزاد الفكر والشعور والخيال يستطيع أن يجمع الحيوات في عمر واحد، ويستطيع أن يضاعف فكره وشعوره وخياله كما يتضاعف الشعور بالحب المتبادل، وتتضاعف الصورة بين مرآتين.
    التعديل الأخير تم بواسطة محمد شهيد; الساعة 03-04-2018, 15:25.

    تعليق

    • محمد شهيد
      أديب وكاتب
      • 24-01-2015
      • 4295

      #3
      الصفحة 8 من كتاب (أنا) الطبعة الثالثة إصدار 2005

      يقول العقاد عن فلسفته في الحياة:

      "و أما فلسفتي في الحياة مع الناس، فأثر التجربة والدرس فيها أغلب من أثر الطبيعة الموروثة، و قد اتخذت لنفسي شعاراً معهم، و هو: ألا تنتظر منهم كثيراً، ولا تطمع منهم في كثير..!
      وهذه الفلسفة تتلخص في سطور:
      غناك في نفسك، و قيمتك في عملك، و بواعثك أحرى بالعناية من غاياتك، ولا تنتظر من الناس كثيراً تحمد عاقبته بعد كل انتظار".
      التعديل الأخير تم بواسطة محمد شهيد; الساعة 03-04-2018, 23:13.

      تعليق

      • محمد شهيد
        أديب وكاتب
        • 24-01-2015
        • 4295

        #4
        الصفحة 8 من كتاب (أنا)


        يواصل العقاد :


        " أما فلسفتي في الحياة، فأهم جانب من جوانبها هو ما استفدته من الطبع الموروث، وجاءته بعض الزيادة من التجارب و القراءة...
        و لم أشعر قط بتعظيم إنسان لأنه صاحب مال، و لم أشعر قط بصغري إلى جانب كبير من كبراء الجاه و الثراء. بل شعرت كثيراً بصغرهم، ولو كانوا أصحاب الفتوحات!

        وأنا أعتقد أن نابليون مهرج إلى جانب العالم باستور، و الإسكندر المقدوني بهلوان إلى جانب أرشميدس، و أن البطل الذي يخوض الحرب ذوداً عن الحق و العقيدة أكرم جداً من كل بطل يقتحم الحروب ليقال أنه دوَّخَ الأمم، و فتح البلدان."
        التعديل الأخير تم بواسطة محمد شهيد; الساعة 04-04-2018, 13:16.

        تعليق

        • محمد عبد الغفار صيام
          مؤدب صبيان
          • 30-11-2010
          • 533

          #5
          المشاركة الأصلية بواسطة محمد شهيد مشاهدة المشاركة
          من كتاب المدهش للعلامة ابن الجوزي؛ أستهل به متصفحي الجديد هذا لما لدى الكتاب و مؤلفه من مكانة في صدري.

          لقيت مشايخ ، أحوالهم مختلفة ، يتفاوتون في مقاديرهم في العلم ، وكانأنفعهم لي في صحبته العامل منهم بعمله ، وإن كان غيره أعلم منه .

          ولقيت جماعة من علماء الحديث يحفظون ويعرفون ، ولكنهم كانوا يتسامحون بغيبةيخرجونها مخرج جرح وتعديل ، ويأخذون على قراءة الحديث أجرة ، ويسرعونبالجواب لئلا ينكسر الجاه ، وإن وقع خطأ .

          ولقيت ُ عبدالوهابالأنماطي فكان على قانون السلف ، لم يُسمع في مجلسه غِيبة ، ولا كان يطلبأجراً على سماع الحديث ، وكنت إذا قرأت عليه أحاديث الرقائق بكى واتصلبكاؤه ، فكانـ وأنا صغير السن حينئذ ـ يعملُ بكاؤه في قلبي ويبني قواعد ،وكان على سمت المشايخ الذين سمعنا أوصافهم في النقل .

          ولقيتالشيخ أبا منصور الجواليقي ، فكان كثير الصمت ، شديد التحري فيما يقول ،متقناً ، محققاً ، وربما سُئِل المسألة الظاهرة التي يُبادِرُ بجوابها بعضُغلمانه ، فيتوقف فيها حتى يتيقن ، وكان كثير الصوم والصمت .

          فانتفعت برؤية هذين الرجلين أكثر من انتفاعي بغيرهما .

          ففهمت من هذه الحالة أن الدليل بالفعل أرشد من الدليل بالقول .

          ورأيت مشايخ كانت لهم خلوات في انبساط ومُزاح ، فراحوا عن القلوب ، وبددتفريطهم ما جمعوا من العلم ، فقل الانتفاع بهم في حياتهم ، ونُسوا بعدمماتهم ، فلا يكاد أحد أن يلتفت إلى مصنفاتهم .

          بارك الله فى عمرك الأستاذ / محمد شهيد

          و قريب من ذلك أمر ملك علىّ تفكيرى منذ أيام إثر جدال بينى و بين أحدهم و أحسبه صاحب علم و مقام ؛ إذ رددت عليه قولا فكان رده ( لا تشغلنى بتفاهات الماثل فى الواقع فإنى منظر ! ) بالطبع لم يكن ذلك رده نصا و لكن كان ذلك فحوى مقاله فألهمنى ذلك تفسيرا لبعض ما ابتلينا به من فصام بين النظرية و التطبيق و لم أجد مثالا يجسد فكرتى إلا واقع الحركة الإسلامية بنيارتها فى عالمنا الإسلامى بكافة أطيافها و هى تبدو لى فسطاطين : الفسطاط الأول آمن و عمل بـ ( التنظير ) فهو ينحت مُثُلا فى أبراجه العاجية ثم لا تجد نصيبه من الواقع العملى إلا الهباء و يمثل ذلك فيما أظن ما يسمى بــ ( السلفية العلمية ) ، و الفسطاط الآخر غرق فى ( التشمير ) عن ساعد الجد و ربما نبا بحركيته عن وعى علمى لا شك يلزمه فتحمل أخطاء ندت عنه إذ من الصعب أن تحقق الأنموذج و إن اقتربت منه كحبل الوريد و أبرز من يمثل ذلك جماعات ( الإسلام السياسىى منتهجو التربية كوسيلة للتغيير ) فأصبحنا بين تنظير يفتقد الواقعية و متغيرات العصر و بين تشمير تغشاه العشوائية فينبو عن متطلبات الشرع .
          التعديل الأخير تم بواسطة محمد عبد الغفار صيام; الساعة 04-04-2018, 14:28.
          "قُلْ آمَنْتُ باللهِ ثُمَّ استَقِمْ"

          تعليق

          • محمد شهيد
            أديب وكاتب
            • 24-01-2015
            • 4295

            #6
            الأستاذ الكريم محمد،
            السلام عليكم و رحمة الله،
            الإشكالية التي عرضها العلامة بن الجوزي هنا تمس بالخصوص العلاقة الجذرية عند العالم و المتعلم بين، من جهة، القول (النظري/مواعظ) و، من جهة أخرى، الفعل (العملي/تصرفات) و كذا السمات/السلوكات التي يراها فضيلته موجبة للترغيب/القدوة/الاتباع/قوة التأثير أو للتنفير/الهجر/ضعف التأثير.
            وفي قصتك مع من حاورته قد أفهم من يسير المعلومات الواردة عن حيثياتها على أن الجدال قائم بين النظري (القول) و العملي (الواقع)، ولربما لم تخرجا بنتيجة مرضية للطرفين بسبب استحالة اتفاقكما مبدئيا على أرضية مشتركة للحوار/ أي الأزمة هنا تواصلية أكثر منه فكرية.
            لربما لو تعيد الكرة مع إبداء استعدادك لتفهم فكرة الآخر، عندها ممكن أن يتأثر إيجابا بسلوكك الصادر عن حسن نية فيتقبل رؤيتك للإشكال.

            أما بخصوص تقسيمك للفسطاطين، فلا تنس على أنه خارج الوحي في زمن النبوة، و بعد الذي لا ينطق عن الهوى عليه الصلاة و السلام، فالناس بشر مهما اجتهدوا (مأجورين) فاجتهاداتهم تبقى تقاربية تقبل الخطأ و الصواب.

            أشكرك على حسن الحوار، أخ محمد.

            تعليق

            يعمل...
            X