الإهداء إلى صديقي الناقد النحرير عمّار عموري ..مع المودّة الخالصة .
كانت أم يعقوب (وليست أم سيسي كما يردّد العامة)تكنس وتكنس فوجدت خريطة يكنّفها البحر من جهة والنهر من الأخرى .فعلقتها على الحائط وقالت :”أنتظر عودة يعقوب من ديار الهجرة (وليس من الرعي كما يزعم العرب).وصادف أن طرق القطوس الباب فلم تجد أم يعقوب الوقت لإخفاء الخريطة ولم تجد بدا من فتح الباب .ولما وجدت القطوس على الباب سألت عن أحواله وأحوال الربع و عن أحوال أمه وأخواته وبقية شعب القطاطيس سألته حاجته,فقال :”نحتاج غربالك فشعبنا فشا فيه الذرّ ونخشى أن يغلب عليه السوس أو أن يموت بالحكة أو تشغله عن البناء والتشييد “وبما أنّ أم يعقوب كانت منشغلة بكنس الدّار فقد أشارت إليه بأن يدخل لأخذه من المطبخ والاحتراس من رفع العينين إلى الجدار.
دخل سي القطوس تحركه الرغبة في اكتشاف أمر الحائط أكثر مما يشغله الغربال.دخل متظاهرا بالأدب والأخلاق الرفيعة.دخل مصوبا عينيه إلى الأرض فحمدت أم يعقوب فعله وقالت في نفسها : ” أرثي لحالكم آل قطوس …كم أنتم مطيعون…”وضحكت ساخرةة.
وبعد خطوات قليلة شغبت على القطوس رغباتُه وألحت عليه شهواتُه فرفع عينيه فإذا به يفاجأ بخريطة بلاده معلقة على جدار بيت أم يعقوب فراعه ما رأى وقال في نفسه :”سأضع الخريطة في الغربال وأخرج بها دون أن تفطن أم يعقوب بذلك” وكان له ذلك. فقد طواها ووضعها في الغربال وغطى به الشمس وخرج دون أن تراه المرأة. واتجه مباشره إلى أوّل دكان ورّاق مترجم ليعرّب له ما كتب على الرق بالعبرية ولكنه لم يظفر من ذلك بشيء ذي بال. فكل ما كتب لا يتجاوز أسماء لإخوة يعقوب وبعض أبنائه وقد وزّعت على مساحة الخريطة(هكذا بدا له).
سخر بعض القطاطيس مما أتاه القطوس وقالوا له :”كنت ننتظر منك سمنا ودقيقا ولحما فإذا بك تأتينا من بيت أم يعقوب برُقّ تزعم أن عليه خريطة جليلة القيمة؟؟؟ حقّ للآخرين أن يسخروا من شعب القطاطيس.”واشترطوا عليه أن يعيد للسيدة العجوز رقعتها تعبيرا عن حسن النوايا ونصحوه أن يزعم لها أن الخريطة سقطت من الجدار في الغربال دون أن يشعر بذلك.(هكذا هم القطاطيس :طيبون حدّ السذاجة) .ولما لم يجد من ذلك بدّا,انتظر فراغ القوى الأمنية من غربلة الشعب المنكوب وأخذ الغربال والخريطة ليعيدهما إلى الجارة العبرية .وما أن وصل دارها حتى سارعت بالترحيب به وفتحت له الباب وسألته عن الخريطة فأخبرها بالمعجزة التي وقعت فتظاهرت بتصديقه وصدّقها هو. ورجته أن يساعدها على إعادة المعلقة إلى موضعها من الجدار مدعية أن يعقوب هو من علقها وأنه سيغضب كثيرا إذا علم بما حدث. وسارع القطوس إلى المساعدة (هكذا هم القطاطيس لا يبخلون على محتاج بالمساعدة)ولأنه أقصر قامة من أم يعقوب فقد وقف على حجرين والتصق بالحائط ومد يديه وتمطّى إلى أقصى ما أمكنه ذلك ووقف على أصابع قدميه ولعن الوراثة وعلم الجينات وعحز القطاطيس عن تطويره …ولما أوشك أن يضع الخيط في المسمار وتسارعت دقات قلبه تستعد لإعلان الانتصار واتسعت حدقتاه للتعبير عن الفخر أحسّ بشيء يشبه الكهرباء ينفذ من مؤخّرته إلى أعماق أعماق كيانه. أحسّ بشيء لا هو ثلج ولا هو نار ولا هو وفاء ولا هو غدر ولا هو جزاء ولا هو عقاب ولم يكن يقوى على الالتفات ولا على الفرار فازداد التصاقا بالجدار حتى ظنه من لا يعرفه صورة معلقة. صرخ القطوس المسكين صرخة بكت لها الخريطة فسالت دموعها السوداء تمحو بعض أحرف أسماء بني يعقوب وإخوته. لم يلتفت الحيوان إلى الخلف حيث كانت تقف أم يعقوب, بل رفعت أم يعقوب في وجهه ذيله المقطوع وقد ذبل بسرعة وضمر وكاد يختفي من شدة ما دهمه من رعب.
بعد ساعة,نهض القطوس المسكين ومشى مترنحا تاركا آثار أصابعه حمراء على الأرض.وبدأ للتوّ حكاية استرجاع الذّيل –ذيل الكرامة والعزة ,ذيل الرجولة ,ويا له من ذيل- وقال لها في ضعف :”يا أمّ يعقوب أعيدي لي ذيلي حتى لا يسخر مني الذرّ وينكرني بنو هرّ. وحتى أستطيع الرقص يوم العيد مع أولادي (لقد صدق العامة في هذه).فقالت له :”يا فتى القطاطيس أعتذر عن الحادثة وآسف على غياب الحيلة, اذهب إلى رجلين قرب نهر الأردن يسمى أحدهما سايكس ويسمى الآخر بيكو واسألهما حليبا وعسلا وعد به إليّ لأداوي جرح مؤخرتك.”
ذهب فتى حيّ القطاطيس إلى المحترمين سايكس وبيكو وسألهما حليبا وعسلا ليأخذهما إلى أم يعقوب لتداوي بهما جرح مؤخّرته. فقال له الرجلان بصوت واحد اذهب إلى رجل يدعى شريف مكة وسله عشبا أخضر نغذي به أبقارنا الحلوب فتسمن ونحلبها ونعطيك الحليب والعسل وتذهب بهما إلى أم يعقوب الطيبة فتداوي جرح مؤخرتك.
وذهب القطوس البريء الفتي النقيّ التقيّ إلى الشريف حسين قاطعا الفيافي والبيد وأخبره بالأمر فنصحه بالتوجه فورا إلى مدينة يقال لها لندن ليسأل عن رجل هناك اسمه بلفور ليأتيه منه بقطعة من ضباب المدينة ليسخنها هو في الحجاز لتمطر بعد ذلك في نجد ليستطيع استعادة “خراريف” سبأ وخصب اليمن ليمكنه أخذ العشب إلى المكرمين سايكس وبيكو ليغذوا أبقارهما العجاف لتدر بدورها اللبن ليحمله مع العسل المصفى إلى سيّدة كريمة وجارة طيبة أخطـأت وها هي تعتذر وتبدي استعدادا لإصلاح الخطإ فترجع له ذيله وتسكن وجع مؤخّرته فيرقص يوم العيد مع أولاده على أنغام الروك أند رول في ما سيأتي من غيب السنين.
وذهب إلى لندن وطلب مقابلة السيد بلفور فاستقبله بالترحاب رغم أنه لم يستطع تمالك نفسه من الضحك ومن التطلع إلى ذيله المقطوع .وضحك معه القطوس ودار دورة ودورة ليريه مصابه الجلل وليقول له :”بسبب هذا جئتك يا سيّد القوم …” وحكى له القصة من أوّلها بل من قبل ضياع الخريطة إلى العثور عليها بل حدّثه عن مملكة سبأ وعن سليمان وعن الهدهد وعن سدّ مأرب وعن السيّل بل ذهب أبعد من ذلك فحدثه بما حواه كتاب التيجان لصاحبيه عبيد بن شرية ووهب بن منبه من حكايات آدم وبنيه وما قالوه من شعر في الرثاء والزهد وغير ذلك …ولم يتوقف عن الحكي والإخبار بتاريخ القطاطيس والذئاب والكلاب والبقر والضِّباب حتى سمع شخير سيّد القوم وهو على كرسيه….في آخر الليل أحس القطوس البائس أنه فقد كل أمل في استعادة ذيله ورجولته وذكورته(ذلك أن إناث القطاطيس عندهم تقطع أذيالها منذ الولادة وتمنع من الخروج من البيوت)فاتجه إلى الباب مغادرا فأدركه صوت السيد بلفور …لا تتعب نفسك سير قطوس عندما تعود إلى هناك ستجد كل شيء قد بلغ محلّه. ويمكنك أن تذهب من هنا مباشرة إلى الخالة أم يعقوب التي أعلمتني للتو أنها مازالت تحتفظ بذيلك طازجا, يمكنك أن تذهب إليها فتجد عندها ما وعدَتك به.
ذهب السير قطوس وهو ينظر إلى قطع الضباب المتراكم على الأرض والحسرة تملأ قلبه والرغبة في البكاء تفسد عليه ذلك أنه قد فاتته المكارم كلها بعجزه عن العودة بالضباب وأخذ العشب ونقل الحليب والعسل بنفسه لا بواسطة لا يعلمها.لعن السير قطوس الخرائط ومن وضع الخرائط ومن قدس الخرائط واتجه إلى القبلة وجثا على ركبتيه وجعل يدعو الله أن ينتقم له من أم يعقوب ومن المكرمين سايكس وبيكو (في الحقيقة قدم بيكو هذه المرة)والشريف حسين والسير بلفور والضباب والحليب والعسل والذيول وخاصة الذيول التي لا علاقة لها بالرجولة من قريب ولا من بعيد. ثم أخرج مقصّا وقصّ به شعرات شاربه من منبتها وأطلق لحيته وسجد فما قام من سجدته حتى أدركت لحيته صدره .وقال في سرّه وما يهمني من أم يعقوب إن تعرّفتني أو لم تتعرفني…ومضى الشقيّ بقميصه الطويل يستر عورة ذيله المقطوع وكلما مرّ بصبية في أنحاء الأرض تفرقوا فزعين ثم لقموه حجرا. وحينما تطورت التلفزة وأصبحت بالألوان تبين للقطاطيس أن الخريطة أكبر من تلك التي علقتها ام يعقوب على جدارها وتذاكروا أيام الفتى قطوس فاقاموا مناحة وعويلا وشربوا الأنخاب في الليل وهم إلى اليوم يفعلون ذلك كلما اكتمل البدر او اعتدلت الفصول أو انقلبت.
اوقفت الجارية الحكاية عندما سقط الكاس من يد مولانا المعظم وجدّ في الشخير…
كانت أم يعقوب (وليست أم سيسي كما يردّد العامة)تكنس وتكنس فوجدت خريطة يكنّفها البحر من جهة والنهر من الأخرى .فعلقتها على الحائط وقالت :”أنتظر عودة يعقوب من ديار الهجرة (وليس من الرعي كما يزعم العرب).وصادف أن طرق القطوس الباب فلم تجد أم يعقوب الوقت لإخفاء الخريطة ولم تجد بدا من فتح الباب .ولما وجدت القطوس على الباب سألت عن أحواله وأحوال الربع و عن أحوال أمه وأخواته وبقية شعب القطاطيس سألته حاجته,فقال :”نحتاج غربالك فشعبنا فشا فيه الذرّ ونخشى أن يغلب عليه السوس أو أن يموت بالحكة أو تشغله عن البناء والتشييد “وبما أنّ أم يعقوب كانت منشغلة بكنس الدّار فقد أشارت إليه بأن يدخل لأخذه من المطبخ والاحتراس من رفع العينين إلى الجدار.
دخل سي القطوس تحركه الرغبة في اكتشاف أمر الحائط أكثر مما يشغله الغربال.دخل متظاهرا بالأدب والأخلاق الرفيعة.دخل مصوبا عينيه إلى الأرض فحمدت أم يعقوب فعله وقالت في نفسها : ” أرثي لحالكم آل قطوس …كم أنتم مطيعون…”وضحكت ساخرةة.
وبعد خطوات قليلة شغبت على القطوس رغباتُه وألحت عليه شهواتُه فرفع عينيه فإذا به يفاجأ بخريطة بلاده معلقة على جدار بيت أم يعقوب فراعه ما رأى وقال في نفسه :”سأضع الخريطة في الغربال وأخرج بها دون أن تفطن أم يعقوب بذلك” وكان له ذلك. فقد طواها ووضعها في الغربال وغطى به الشمس وخرج دون أن تراه المرأة. واتجه مباشره إلى أوّل دكان ورّاق مترجم ليعرّب له ما كتب على الرق بالعبرية ولكنه لم يظفر من ذلك بشيء ذي بال. فكل ما كتب لا يتجاوز أسماء لإخوة يعقوب وبعض أبنائه وقد وزّعت على مساحة الخريطة(هكذا بدا له).
سخر بعض القطاطيس مما أتاه القطوس وقالوا له :”كنت ننتظر منك سمنا ودقيقا ولحما فإذا بك تأتينا من بيت أم يعقوب برُقّ تزعم أن عليه خريطة جليلة القيمة؟؟؟ حقّ للآخرين أن يسخروا من شعب القطاطيس.”واشترطوا عليه أن يعيد للسيدة العجوز رقعتها تعبيرا عن حسن النوايا ونصحوه أن يزعم لها أن الخريطة سقطت من الجدار في الغربال دون أن يشعر بذلك.(هكذا هم القطاطيس :طيبون حدّ السذاجة) .ولما لم يجد من ذلك بدّا,انتظر فراغ القوى الأمنية من غربلة الشعب المنكوب وأخذ الغربال والخريطة ليعيدهما إلى الجارة العبرية .وما أن وصل دارها حتى سارعت بالترحيب به وفتحت له الباب وسألته عن الخريطة فأخبرها بالمعجزة التي وقعت فتظاهرت بتصديقه وصدّقها هو. ورجته أن يساعدها على إعادة المعلقة إلى موضعها من الجدار مدعية أن يعقوب هو من علقها وأنه سيغضب كثيرا إذا علم بما حدث. وسارع القطوس إلى المساعدة (هكذا هم القطاطيس لا يبخلون على محتاج بالمساعدة)ولأنه أقصر قامة من أم يعقوب فقد وقف على حجرين والتصق بالحائط ومد يديه وتمطّى إلى أقصى ما أمكنه ذلك ووقف على أصابع قدميه ولعن الوراثة وعلم الجينات وعحز القطاطيس عن تطويره …ولما أوشك أن يضع الخيط في المسمار وتسارعت دقات قلبه تستعد لإعلان الانتصار واتسعت حدقتاه للتعبير عن الفخر أحسّ بشيء يشبه الكهرباء ينفذ من مؤخّرته إلى أعماق أعماق كيانه. أحسّ بشيء لا هو ثلج ولا هو نار ولا هو وفاء ولا هو غدر ولا هو جزاء ولا هو عقاب ولم يكن يقوى على الالتفات ولا على الفرار فازداد التصاقا بالجدار حتى ظنه من لا يعرفه صورة معلقة. صرخ القطوس المسكين صرخة بكت لها الخريطة فسالت دموعها السوداء تمحو بعض أحرف أسماء بني يعقوب وإخوته. لم يلتفت الحيوان إلى الخلف حيث كانت تقف أم يعقوب, بل رفعت أم يعقوب في وجهه ذيله المقطوع وقد ذبل بسرعة وضمر وكاد يختفي من شدة ما دهمه من رعب.
بعد ساعة,نهض القطوس المسكين ومشى مترنحا تاركا آثار أصابعه حمراء على الأرض.وبدأ للتوّ حكاية استرجاع الذّيل –ذيل الكرامة والعزة ,ذيل الرجولة ,ويا له من ذيل- وقال لها في ضعف :”يا أمّ يعقوب أعيدي لي ذيلي حتى لا يسخر مني الذرّ وينكرني بنو هرّ. وحتى أستطيع الرقص يوم العيد مع أولادي (لقد صدق العامة في هذه).فقالت له :”يا فتى القطاطيس أعتذر عن الحادثة وآسف على غياب الحيلة, اذهب إلى رجلين قرب نهر الأردن يسمى أحدهما سايكس ويسمى الآخر بيكو واسألهما حليبا وعسلا وعد به إليّ لأداوي جرح مؤخرتك.”
ذهب فتى حيّ القطاطيس إلى المحترمين سايكس وبيكو وسألهما حليبا وعسلا ليأخذهما إلى أم يعقوب لتداوي بهما جرح مؤخّرته. فقال له الرجلان بصوت واحد اذهب إلى رجل يدعى شريف مكة وسله عشبا أخضر نغذي به أبقارنا الحلوب فتسمن ونحلبها ونعطيك الحليب والعسل وتذهب بهما إلى أم يعقوب الطيبة فتداوي جرح مؤخرتك.
وذهب القطوس البريء الفتي النقيّ التقيّ إلى الشريف حسين قاطعا الفيافي والبيد وأخبره بالأمر فنصحه بالتوجه فورا إلى مدينة يقال لها لندن ليسأل عن رجل هناك اسمه بلفور ليأتيه منه بقطعة من ضباب المدينة ليسخنها هو في الحجاز لتمطر بعد ذلك في نجد ليستطيع استعادة “خراريف” سبأ وخصب اليمن ليمكنه أخذ العشب إلى المكرمين سايكس وبيكو ليغذوا أبقارهما العجاف لتدر بدورها اللبن ليحمله مع العسل المصفى إلى سيّدة كريمة وجارة طيبة أخطـأت وها هي تعتذر وتبدي استعدادا لإصلاح الخطإ فترجع له ذيله وتسكن وجع مؤخّرته فيرقص يوم العيد مع أولاده على أنغام الروك أند رول في ما سيأتي من غيب السنين.
وذهب إلى لندن وطلب مقابلة السيد بلفور فاستقبله بالترحاب رغم أنه لم يستطع تمالك نفسه من الضحك ومن التطلع إلى ذيله المقطوع .وضحك معه القطوس ودار دورة ودورة ليريه مصابه الجلل وليقول له :”بسبب هذا جئتك يا سيّد القوم …” وحكى له القصة من أوّلها بل من قبل ضياع الخريطة إلى العثور عليها بل حدّثه عن مملكة سبأ وعن سليمان وعن الهدهد وعن سدّ مأرب وعن السيّل بل ذهب أبعد من ذلك فحدثه بما حواه كتاب التيجان لصاحبيه عبيد بن شرية ووهب بن منبه من حكايات آدم وبنيه وما قالوه من شعر في الرثاء والزهد وغير ذلك …ولم يتوقف عن الحكي والإخبار بتاريخ القطاطيس والذئاب والكلاب والبقر والضِّباب حتى سمع شخير سيّد القوم وهو على كرسيه….في آخر الليل أحس القطوس البائس أنه فقد كل أمل في استعادة ذيله ورجولته وذكورته(ذلك أن إناث القطاطيس عندهم تقطع أذيالها منذ الولادة وتمنع من الخروج من البيوت)فاتجه إلى الباب مغادرا فأدركه صوت السيد بلفور …لا تتعب نفسك سير قطوس عندما تعود إلى هناك ستجد كل شيء قد بلغ محلّه. ويمكنك أن تذهب من هنا مباشرة إلى الخالة أم يعقوب التي أعلمتني للتو أنها مازالت تحتفظ بذيلك طازجا, يمكنك أن تذهب إليها فتجد عندها ما وعدَتك به.
ذهب السير قطوس وهو ينظر إلى قطع الضباب المتراكم على الأرض والحسرة تملأ قلبه والرغبة في البكاء تفسد عليه ذلك أنه قد فاتته المكارم كلها بعجزه عن العودة بالضباب وأخذ العشب ونقل الحليب والعسل بنفسه لا بواسطة لا يعلمها.لعن السير قطوس الخرائط ومن وضع الخرائط ومن قدس الخرائط واتجه إلى القبلة وجثا على ركبتيه وجعل يدعو الله أن ينتقم له من أم يعقوب ومن المكرمين سايكس وبيكو (في الحقيقة قدم بيكو هذه المرة)والشريف حسين والسير بلفور والضباب والحليب والعسل والذيول وخاصة الذيول التي لا علاقة لها بالرجولة من قريب ولا من بعيد. ثم أخرج مقصّا وقصّ به شعرات شاربه من منبتها وأطلق لحيته وسجد فما قام من سجدته حتى أدركت لحيته صدره .وقال في سرّه وما يهمني من أم يعقوب إن تعرّفتني أو لم تتعرفني…ومضى الشقيّ بقميصه الطويل يستر عورة ذيله المقطوع وكلما مرّ بصبية في أنحاء الأرض تفرقوا فزعين ثم لقموه حجرا. وحينما تطورت التلفزة وأصبحت بالألوان تبين للقطاطيس أن الخريطة أكبر من تلك التي علقتها ام يعقوب على جدارها وتذاكروا أيام الفتى قطوس فاقاموا مناحة وعويلا وشربوا الأنخاب في الليل وهم إلى اليوم يفعلون ذلك كلما اكتمل البدر او اعتدلت الفصول أو انقلبت.
اوقفت الجارية الحكاية عندما سقط الكاس من يد مولانا المعظم وجدّ في الشخير…
تعليق