Reductio ad absurdum عبارة لاتينية يقابلها في الفرنسية عبارة raisonnement par absurdité و في العربية اسمحوا لي أن أعبر عنها بعبارة : منطق السخافة.
في علم المنطق، و في استعمالات متعددة كالفلسفة و العلوم و السياسة بل وحتى في المحادثات الشعبية، تستعمل العبارة لوصف بعض البراهين التي يقدمها صاحبها لمساندة طرح ما وهي في الأساس مبنية على علل وحجج ليست فقط واهية بل تصل إلى درجة السخافة.
إنه نوع من أنواع القياس الفاسد.
بعيداً عن كتب المنطق، هاك مثالا حيا في منطق السخافة :
هب أن رجلاً مهاجراً - لنقل أنه من بني عمومتي عربي و يدين بديني، الإسلام - يقيم في بلد لا عربي و لا مسلم - تحت تأثير ما سماه "العقيد" حبوب الهلوسة، قصد على حين غرة محلاً تجارياً أو مبنى حكومياً فأطلق النار عشوائياً يحصد أرواح كل من فرضت عليه اللحظة أن يكون بعين المكان، ليسقط الضحايا بالعشرات. العلة؟ لا لشيء، إلا لاختلاف القوم مع ابن عمي في منهج الحياة أو العقيدة أو كلاهما معاً. عندئذ سوف نصيح ناعتين الفعلة القبيحة : إنها الهمجية.
الآن، حين يتم إلقاء القبض على القاتل المهلوس ذاك - هذا إن وسوس له قرينه حينها بعدم إفراغ مابقي من ذخيرة حية تلقي به صريعاً بين جثث القتلى - و يتم التحقيق معه من طرف السلطات المختصة لمعرفة كل حيثيات الحادث، فيتم بعدها تقديمه ليمثل أمام القاضي كي ينطق بالحكم عليه بكل نزاهة بغض النظر عن عقيدة الماثل و ملة الهالك - انطلاقاً من مبدإ قتل نفس واحدة بغير حق يعد قتلاً للبشرية جمعاء - لينتهي المطاف بإصدار الحكم كما ينص عليه القانون الجنائي للبلد...حينئذ سوف نردد: إنها العدالة.
أما و أن تسفك دماء عشرات الألوف في أوطاننا العربية و المسلمة ومنهم أطفال رضع و شيوخ ركع و بطون تبقر لا لعلة غير كونهم يدينون بدين "الهمجي" المذكور أعلاه، مما جعل السفاك "المتحضر" يبرهن على هيتلريته على أنها ردة فعل "منطقية" لفعلة "مماثلة" سبقتها، فوالله إنه السفاك الذي أتانا بالقياس الباطل على منهج المنطق الفاسد (السخيف شكلاً، الحاقد مضموناً). مما يجعلنا نلعن: إنها الإبادة.
وعلى نفس هذا الشكل المنطقي السخيف، يردد المغاربة مثالاً شعبياً واسع الانتشار : "طاحت الصومعة، علقوا الحجام!" (سقطت الصومعة، أشنقوا الحلاق!) وتستعمل المقولة الشعبية حين لا يوجد مبرر منطقي و لا علة معقولة بين السبب و النتيجة. وكانهم يعبرون بلسان الحال على نفس سخافة المقولة اللاتينية : reductio ad absurdum.
إلا أن بين روح النكتة في المقولة الشعبية المغربية و ثقافة الحقد الدفين وما يترتب عنها من جرائم في حق أمتنا هنا وهناك، تاالله إنه فارق ليس له حدٌّ فيُعْرِب عنه ناطقٌ بفَمِ.
م.ش.
في علم المنطق، و في استعمالات متعددة كالفلسفة و العلوم و السياسة بل وحتى في المحادثات الشعبية، تستعمل العبارة لوصف بعض البراهين التي يقدمها صاحبها لمساندة طرح ما وهي في الأساس مبنية على علل وحجج ليست فقط واهية بل تصل إلى درجة السخافة.
إنه نوع من أنواع القياس الفاسد.
بعيداً عن كتب المنطق، هاك مثالا حيا في منطق السخافة :
هب أن رجلاً مهاجراً - لنقل أنه من بني عمومتي عربي و يدين بديني، الإسلام - يقيم في بلد لا عربي و لا مسلم - تحت تأثير ما سماه "العقيد" حبوب الهلوسة، قصد على حين غرة محلاً تجارياً أو مبنى حكومياً فأطلق النار عشوائياً يحصد أرواح كل من فرضت عليه اللحظة أن يكون بعين المكان، ليسقط الضحايا بالعشرات. العلة؟ لا لشيء، إلا لاختلاف القوم مع ابن عمي في منهج الحياة أو العقيدة أو كلاهما معاً. عندئذ سوف نصيح ناعتين الفعلة القبيحة : إنها الهمجية.
الآن، حين يتم إلقاء القبض على القاتل المهلوس ذاك - هذا إن وسوس له قرينه حينها بعدم إفراغ مابقي من ذخيرة حية تلقي به صريعاً بين جثث القتلى - و يتم التحقيق معه من طرف السلطات المختصة لمعرفة كل حيثيات الحادث، فيتم بعدها تقديمه ليمثل أمام القاضي كي ينطق بالحكم عليه بكل نزاهة بغض النظر عن عقيدة الماثل و ملة الهالك - انطلاقاً من مبدإ قتل نفس واحدة بغير حق يعد قتلاً للبشرية جمعاء - لينتهي المطاف بإصدار الحكم كما ينص عليه القانون الجنائي للبلد...حينئذ سوف نردد: إنها العدالة.
أما و أن تسفك دماء عشرات الألوف في أوطاننا العربية و المسلمة ومنهم أطفال رضع و شيوخ ركع و بطون تبقر لا لعلة غير كونهم يدينون بدين "الهمجي" المذكور أعلاه، مما جعل السفاك "المتحضر" يبرهن على هيتلريته على أنها ردة فعل "منطقية" لفعلة "مماثلة" سبقتها، فوالله إنه السفاك الذي أتانا بالقياس الباطل على منهج المنطق الفاسد (السخيف شكلاً، الحاقد مضموناً). مما يجعلنا نلعن: إنها الإبادة.
وعلى نفس هذا الشكل المنطقي السخيف، يردد المغاربة مثالاً شعبياً واسع الانتشار : "طاحت الصومعة، علقوا الحجام!" (سقطت الصومعة، أشنقوا الحلاق!) وتستعمل المقولة الشعبية حين لا يوجد مبرر منطقي و لا علة معقولة بين السبب و النتيجة. وكانهم يعبرون بلسان الحال على نفس سخافة المقولة اللاتينية : reductio ad absurdum.
إلا أن بين روح النكتة في المقولة الشعبية المغربية و ثقافة الحقد الدفين وما يترتب عنها من جرائم في حق أمتنا هنا وهناك، تاالله إنه فارق ليس له حدٌّ فيُعْرِب عنه ناطقٌ بفَمِ.
م.ش.
تعليق