سفينة الأحلام الورديّة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • مصباح فوزي رشيد
    يكتب
    • 08-06-2015
    • 1272

    سفينة الأحلام الورديّة

    سفينة الأحلام الورديّة
    *****************
    لأنّه كان كالرّبيع في ريعانه ، حرًّا طليقًا كالرّيح ، وكالطيور التي تعشق التّجوال ، وكلّما رجع الحنين به إلى زمن ولّى ، عرف كيف يجمع فيه بين رقّة القلب و العنفوان ، فنال نصيبه من الرّعاية والاهتمام . وكان كالياسمين المدلّل في حياة أبيه ، الشرطي الأنيق . فاجأه ذات مرّة برحلة مميّزة إلى بلاد " الأخوّة والحرّيّة والمساواة " ، بلاد الجن والملائكة . وفي فترة رحل فيها ( الهوّاري ) ولم يأخذ معه فلسًا واحدًا ، و ترك الشعب المغبون يبكي والرّجولة وراءه تنتحب. وتولّى ( الشّاذلي ) زمام الأمور من بعده ، فرفع من سقف الحرّيّة ، وعرف ( الدّينار ) تذبذًا في دولته ، لكنّه فتح الأبواب على مصراعيها فاقبل المرفّهون على أكشاك العملات الأجنبية . نحن في مطلع الثمانينات من القرن العشرين ، بُعيد انقضاء فترة الدّراسة . صعوبة المشوار والبكالوريا على الأبواب ، ورغم ذلك لا تزال هناك جرعة أمل . لكن ، من زرع الرّيح لن يجني سوى الأعاصير .كان الأب " الشّرطي" كثير النظر إلى نفسه بمروءة وكبرياء ، رغم قلبه الحنون وتواضعه للآخرين . كثير الملاحظات ، ورغم ذلك لا يريد معاتبة ابنه الوحيد حتّى لا ينفر منه ، لكن نظراته المعاتبة تفضح كبرياءه .وقفا الإثنان على جرف الرّصيف في انتظار باخرة " الأهقّار " ، وبعدما أخذت الاستمارات وقتها والطوابير الطّويلة ، التي لا يحسن التعامل أصحابها مع الوثائق ، ولا حتى مع أعوان الأمن والجمارك . ولطالما كانوا سببًا رئيسًا في انتظار محموم .
    يتبع .../...


    التعديل الأخير تم بواسطة مصباح فوزي رشيد; الساعة 04-03-2018, 10:22.
    لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ
  • مصباح فوزي رشيد
    يكتب
    • 08-06-2015
    • 1272

    #2
    وأخيرا أبحرت السّفينة في العشيّة ، والشّمس قد دنت للمغيب تجرّ ثوبها المرصّع بالنّجوم ، خيلانًا ، ليستعرض البحر عظمته نيّابة عنها .
    شَمْسُ العَشِي قَدْ غَرَّبَتْ وَاسْتَعْبَرَتْ عَيْنِي مِنَ الفُرْقَا
    عَلَى الشَّفَقْ سَطَّرَتْ حِينَ غُيِّبَتْ زَادَ العَشِيقْ شوقا
    يَا شَمْسَ العَشِيَّا أمْهِلْ لا تَغِبْ بِالَّلهِ رِفْقَا
    هَيَّجْتِ مَا بِيَا حَتَّى زِدْتَنِي فِي القَلْبِ شَوْقَا
    لحظات ثم ألقى قائد السّفينة كلمة بلغات متعدّدة مرحّبا بالسيّدات والسّادة على متن باخرته .
    ما أجمل أن تحصل على تذكرة سفر بدون عناء .
    و أجمل منه ، أن تتملّص من كل الواجبات المدرسية ، ومن الرياضيات والفيزياء والكيمياء وبقيّة المواد المستعصية ، وتختلي بشمس الأصيل الزّاهيّة ، تثير شبق البحر المتوسّط لتهيّجه .

    انتشر الجمع ، كل إلى وجهته ، يتزاحمون في أروقة الطوابق وعلى الغرف ، ليجد الشّاب المدلّل نفسه في الصّالون جنب رفيق تونسي يروي قصّته مع النّظام ( البورقيبي ) ، كيف فرّ من ( تونس ) وجاء إلى مدينة ( عنابة ) ليحصل على شهادة ( البكالوريا ) ، والتي تمنح له فرصة للالتحاق بإحدى الجامعات الفرنسية . يومها كان التعليم في الجزائر محترمًا .
    بجنبه الآخر ، مغترب جزائري ، في حالة انفعال من جرّاء ما حدث له مع الجمارك الجزائرية ، والتي منعته من الدّخول إلى الوطن بسبب ( شمّة ) مشكوك في أمرها قام باقتنائها وجلبها من ساحة ( بالزانس ) بمدينة ( مرسيليا ) لوالدته العجوز ، ليقرّر على أثرها قطع آخر خيط يربطه بالوطن ، وعدم الالتفات إلى الجزائر مرّة أخرى كما راح يعبّر عن غضبه الشّديد. عندها كانت هناك جمارك ترعى حدود الوطن .
    يتبع .../...

    التعديل الأخير تم بواسطة مصباح فوزي رشيد; الساعة 05-03-2018, 07:24.
    لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ

    تعليق

    يعمل...
    X