سفينة الأحلام الورديّة
*****************
*****************
لأنّه كان كالرّبيع في ريعانه ، حرًّا طليقًا كالرّيح ، وكالطيور التي تعشق التّجوال ، وكلّما رجع الحنين به إلى زمن ولّى ، عرف كيف يجمع فيه بين رقّة القلب و العنفوان ، فنال نصيبه من الرّعاية والاهتمام . وكان كالياسمين المدلّل في حياة أبيه ، الشرطي الأنيق . فاجأه ذات مرّة برحلة مميّزة إلى بلاد " الأخوّة والحرّيّة والمساواة " ، بلاد الجن والملائكة . وفي فترة رحل فيها ( الهوّاري ) ولم يأخذ معه فلسًا واحدًا ، و ترك الشعب المغبون يبكي والرّجولة وراءه تنتحب. وتولّى ( الشّاذلي ) زمام الأمور من بعده ، فرفع من سقف الحرّيّة ، وعرف ( الدّينار ) تذبذًا في دولته ، لكنّه فتح الأبواب على مصراعيها فاقبل المرفّهون على أكشاك العملات الأجنبية . نحن في مطلع الثمانينات من القرن العشرين ، بُعيد انقضاء فترة الدّراسة . صعوبة المشوار والبكالوريا على الأبواب ، ورغم ذلك لا تزال هناك جرعة أمل . لكن ، من زرع الرّيح لن يجني سوى الأعاصير .كان الأب " الشّرطي" كثير النظر إلى نفسه بمروءة وكبرياء ، رغم قلبه الحنون وتواضعه للآخرين . كثير الملاحظات ، ورغم ذلك لا يريد معاتبة ابنه الوحيد حتّى لا ينفر منه ، لكن نظراته المعاتبة تفضح كبرياءه .وقفا الإثنان على جرف الرّصيف في انتظار باخرة " الأهقّار " ، وبعدما أخذت الاستمارات وقتها والطوابير الطّويلة ، التي لا يحسن التعامل أصحابها مع الوثائق ، ولا حتى مع أعوان الأمن والجمارك . ولطالما كانوا سببًا رئيسًا في انتظار محموم .
يتبع .../...
تعليق