حديث المقاهي

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • نورالدين لعوطار
    أديب وكاتب
    • 06-04-2016
    • 712

    حديث المقاهي

    جلس في الرّكن الأيسر القصي من هذا المقهى مظّهرا الباب، شيء قلّص مرونة جلسته وألجم حيويته، فاختار وجهه مقابلة الحائط معرضا عن متابعة ما يفيض به المكان من طرائف.
    في الماضي البعيد، هذه هي وجهته المفضلة، المائدة عينها التي تحتويه شاهدة على وقفات تأملية تغيّب المشهد أمامه، يرى فلا يرى موائد العشاق الزاخرة بالهدوء، الهمسات تزيد من منسوب سفره بعيدا، يقتنص بسمة من وجه صبوح، تسري روحه برفق منسابة مع تدفق شعر إحداهن وانسكابه العذب على ظهرها، تجرفه أخرى وشفتاها ملتحمتان حول سيجارة، سرعان ما طفقت تمسح عن فخذها رمادا طائشا سقط في غفلة منها. أخرى وضعت رجلا على رجل وجهها تكتسحه الحمرة على حين غرة، فالمائدة الصغيرة وإن كانت تحفظ للجالس عليها سرّه، وتؤمّن له امتصاص دفء جليسه كاملا، فعند الحركة مجبر على البطء والاتزان وإلا تململ السطح، انتفضت فاتحة حقيبتها بحثا عن منديل به تسعف فستانها من ورطته لتوقف نزيفه، أثواب تختار ألوانها بعناية كما أنواعها لتبيّض أحلام المواعد وتنقشها في الذّاكرة.
    تسرق أذنه نقر الفنجان حين يلامس السطح الزجاجي المصقول، تلتقط حفيف رشفة عميقة، يشرب بنهم من سيجارته حتى استطالت شعلتها، روحه في صعود وهبوط تلاحق الأنفاس، يستعيد المشهد من بدايته إلى أن طوّق السّواران معصميها، يقرأ كآبة آتية تتهادى لتغلّف وجه ابنته التي تتسلق أدراج الأنوثة برفق، يراها تنطوي رويدا رويدا والذبول يرافق نظرتها المصرّة على الحياة. حتى حسام ذو الثلاثة أعوام، كيف سيعيش أول ليلة من غيابها، لعن الهاتف والمهاتف اللذان جعلاه يراها مكشوفة مفضوحة تجرّ أذيال المهانة، بنت عزّ وفخر كانت، بنت ذوق وأصول، هنا التقيا أول مرّة، كانت عيناها تحملان شغفا للحياة لا يبلى، و اعتدادا بالنفس ظنّه لن يبور، محال أن يصدّق أنها تقترف ما اقترفت لولا رؤيته لها رأي العين تواري وجهها بيديها متفادية عينيه الجاحظتين "فيروز تفعل هذا، غير معقول..." ، أيقظته لسعة عميقة، ضغط بإبهامه على الجمرة التي اخترقت سرواله، نزل بلكمته اليسرى على الطاولة فسمع ارتطام فنجانه بالزليج، أصبح قبلة لعيون المقهى، تحاصره الوشوشة، يقوم من مكانه، تتقدّم خطواته، تبتلعه المدينة...
    التعديل الأخير تم بواسطة نورالدين لعوطار; الساعة 20-03-2018, 19:30.
  • عائده محمد نادر
    عضو الملتقى
    • 18-10-2008
    • 12843

    #2
    صباحك بعطر الندى العوطار
    لا أدري ماالذي فاتني هنا لأني تقريبا تهت
    وهل كان التعجل سيد الموقف فكان الضباب يسد باب الفهم بوجهي ويعيقني..ربما
    كانت هناك مساحة ومازالت تنتظر أن تعطيها من سرديتك الجميلة التي أعرفها تماما وأثق جدا أنها تطاوعك لأنك متمكن
    أوجزت كثيرا با بظني وكنت تقدر أن تكرمها وتجود عليها بالقليل وأنت الجواد
    لكني أحببت وصفك لانزلاق الفناجين وصوتها وتوظيفك لفيروز كان جميلا
    ربما بعض لمساتك ستفي بالغرض ولك الأمر طبعا لأن رؤيتي تقبل الخطأ قبل الصواب عزيزي
    محبتي والورد لك
    الشمس شمسي والعراق عراقي ..ماغير الدخلاء من أخلاقي .. الشمس شمسي والعراق عراق

    تعليق

    • ريما ريماوي
      عضو الملتقى
      • 07-05-2011
      • 8501

      #3
      اهلا الاستاذ نور الدين، لعله اول نص لك أجرؤ أن أعلق عليه، شجعتني الأستاذة عائدة بردها هنا.
      لا شك أنك من مؤيدي الغموض إلى أبعد حد.

      لا بد أن بطلنا الذي يراقب الناس ويتفاعل معهم كغرباء، صدم لمّا عرف أن ابنته واحدة من تلك
      الحسناوات التي كانت تثيره مراقبتهن، بعد أن أخبروه عن علاقتها مع حسام لمدّة ثلاث سنوات
      ومن ثمّ هجرها بعدها وتركها وراءه تذوي وتذوب. بالتالي لم يعد يقوى على متابعة الزبائن
      الأغراب بالنسبة له، فابنته كانت واحدة منهم سابقا، ولعلّها سوف تتزوج من لا تحبّه.

      طبعا جمعت الخيوط من كلمات متناثرة في القفلة. لعلي أصبت التأويل أو أخطأته لا أدري.

      نصوصك قوية، وتستعمل مفردات غير متداولة، يدخلها القارئ في خشوع، ويخرج دون ردّ
      خشية أن يؤذي جمالها بتفسيراته الغير صحيحة.

      أنا مع الأستاذة عائدة المزيد من التوضيح لا يضر، وخصوصا أنك لست في مسابقة.

      تقديري واحترامي.


      أنين ناي
      يبث الحنين لأصله
      غصن مورّق صغير.

      تعليق

      • نورالدين لعوطار
        أديب وكاتب
        • 06-04-2016
        • 712

        #4
        أهلا بك أستاذة عايدة

        تعلمين أحيانا نكتب فقط من أجل التنشيط ولا أقصد هذا النصّ بالذّات، فمن غير اللائق أن تكون حاضرا ولا تكتب ولو لم يكن النّص في مستوى المأمول.
        أظن الفكرة في النص واضحة ولو أن فيه بعض أخطاء تعبيرية مثل السواران وكذا الهاتف والمهاتف اللذان...

        نظرا لأن النص متكئ على الحرج من الأشياء البسيطة العفوية في محراب العشّاق وفي نفس الوقت الإقدام على أفعال إجرامية لها من الأضرار ما يجعل لطخة في ثوب أو تكسير فنجان لا تستحق الإحساس بالحرج.....

        أحتاج دائما لرأيك ونصحك وكذا رأي الملتقويين الأعزاء
        لأن الفكرة قد تكون واضحة لكن نتعثر في تقريبها بالشكل الأفضل.

        محبتي وامتناني

        تعليق

        • نورالدين لعوطار
          أديب وكاتب
          • 06-04-2016
          • 712

          #5
          الاستاذة ريما ريماوي

          لم أتفطّن أن النصّ غامض إلا بعد إشارة السيدة عايدة لذلك، كما زادني ردّك تأكيدا أن النصّ فعلا يعاني من صياغة ناقصة، لذلك قمت بتعديله فلربما تضاءلت عيوبه وازداد وضوحا.

          سعيد لأنك هنا ومزيدا من الشجاعة، فأنت ربما من أقدم معارفي في هذا العالم الافتراضي.

          تحية تليق بك
          التعديل الأخير تم بواسطة نورالدين لعوطار; الساعة 20-03-2018, 19:57.

          تعليق

          • ريما ريماوي
            عضو الملتقى
            • 07-05-2011
            • 8501

            #6
            اوه اذن فيروز هي زوجته الخائنة وليست المغنية فيروز؟!
            ما زال غامضا بالنسبة لي.. يبدو أن الغموض منهاجك بالقص،
            لا عليك فكل يفهمها كما يرغب.

            تقديري.


            أنين ناي
            يبث الحنين لأصله
            غصن مورّق صغير.

            تعليق

            • محمد مزكتلي
              عضو الملتقى
              • 04-11-2010
              • 1618

              #7
              الأستاذ نور الدين:

              سامحك الله...لم قطعت علينا متعة قراءة هذه التحفة.
              تمنيت أن لا تنتهي وأنا ألتهم السطور اللذيذة بنهم.
              والإبداع يضيف السكر مع كل عبارة وسطر.
              جالس في مقهاك الذي يضج بالحياة.
              أحتسي القهوة، وأتملى في وجوه الفاتنات.

              أطالبك أن تكون كريماً في المرة القادمة.
              وقلم الكاتب ليس ملكه بل هو ملك القراء.


              صباح الخير.
              أنا لا أقولُ كلَّ الحقيقة
              لكن كل ما أقولهُُ هو حقيقة.

              تعليق

              • محمد فطومي
                رئيس ملتقى فرعي
                • 05-06-2010
                • 2433

                #8
                لعبة الدنيا والأقدار وحبكة الأيام التي لا أحد في وسعه أن يفكّ رموزها جعلته يتحوّل من رجل يلتقط تفاصيل الحياة بمتعة وثقة وعذوبة إلى لقطة تحدث كغيرها في مقهى عاديّ. لا صاحب للحياة أخي نور الدين
                درّة هذا النصّ.
                محبّتي
                مدوّنة

                فلكُ القصّة القصيرة

                تعليق

                • نورالدين لعوطار
                  أديب وكاتب
                  • 06-04-2016
                  • 712

                  #9
                  المشاركة الأصلية بواسطة ريما ريماوي مشاهدة المشاركة
                  اوه اذن فيروز هي زوجته الخائنة وليست المغنية فيروز؟!
                  ما زال غامضا بالنسبة لي.. يبدو أن الغموض منهاجك بالقص،
                  لا عليك فكل يفهمها كما يرغب.

                  تقديري.

                  هذا ما كنت أقصده من البداية

                  ربما طوّرت الأسلوب مستقبلا وأصبح أكثر وضوحا فالوضوح تصل إليه بعد جهد جهيد


                  شكرا على رأيك الذي يهمّني كثيرا

                  تعليق

                  • نورالدين لعوطار
                    أديب وكاتب
                    • 06-04-2016
                    • 712

                    #10
                    المشاركة الأصلية بواسطة محمد مزكتلي مشاهدة المشاركة
                    الأستاذ نور الدين:

                    سامحك الله...لم قطعت علينا متعة قراءة هذه التحفة.
                    تمنيت أن لا تنتهي وأنا ألتهم السطور اللذيذة بنهم.
                    والإبداع يضيف السكر مع كل عبارة وسطر.
                    جالس في مقهاك الذي يضج بالحياة.
                    أحتسي القهوة، وأتملى في وجوه الفاتنات.

                    أطالبك أن تكون كريماً في المرة القادمة.
                    وقلم الكاتب ليس ملكه بل هو ملك القراء.


                    صباح الخير.

                    أهلا بك سيدي محمد
                    نعم صدقت ما كتب كاتب لنفسه يوما رغم أنه قد يدّعي ذلك في لحظة ما.
                    الإنسان مجبول على اجتماعيته والإبداع بدون من يراه إبداعا كشيء من الأشياء التي لا قيمة لها.

                    تحياتي

                    تعليق

                    • نورالدين لعوطار
                      أديب وكاتب
                      • 06-04-2016
                      • 712

                      #11
                      المشاركة الأصلية بواسطة محمد فطومي مشاهدة المشاركة
                      لعبة الدنيا والأقدار وحبكة الأيام التي لا أحد في وسعه أن يفكّ رموزها جعلته يتحوّل من رجل يلتقط تفاصيل الحياة بمتعة وثقة وعذوبة إلى لقطة تحدث كغيرها في مقهى عاديّ. لا صاحب للحياة أخي نور الدين
                      درّة هذا النصّ.
                      محبّتي
                      لا صاحب للحياة صدقت أستاذي محمد فطومي، إنه الدّور، يأتي غير آبه لاستعدادك له وترحيبك به، ستردتي القميص عنوة، وتدافع عن ألوانك.

                      تحية

                      تعليق

                      • ريما ريماوي
                        عضو الملتقى
                        • 07-05-2011
                        • 8501

                        #12
                        المشاركة الأصلية بواسطة نورالدين لعوطار مشاهدة المشاركة
                        هذا ما كنت أقصده من البداية

                        ربما طوّرت الأسلوب مستقبلا وأصبح أكثر وضوحا فالوضوح تصل إليه بعد جهد جهيد


                        شكرا على رأيك الذي يهمّني كثيرا
                        المقاهي عندنا في زمن ما كانت مرتبطة مع أغاني فيروز وأم كلثوم..
                        لهذا اعتقدتك في نصك تشير إلى هذا.
                        حتى انتقاء الاسم مهم.

                        تحيتي.


                        أنين ناي
                        يبث الحنين لأصله
                        غصن مورّق صغير.

                        تعليق

                        يعمل...
                        X