سفينة نوح ( تمخر عباب بحارنا من جديد )

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • جلال داود
    نائب ملتقى فنون النثر
    • 06-02-2011
    • 3893

    سفينة نوح ( تمخر عباب بحارنا من جديد )

    .....و أن أصنع الفلك بأعيننا يا نوح .....

    الفلك الذي سيحمل النبي الصالح وقومه وحيواناته .
    سيكون وطنا مصغرا ينتقل من حالة إلى حالة ، و من مكان إلى مكان
    وبدأ نوح نجارة الفلك من عدة أنواع من خشب الأشجار
    فكان الفلك في غاية الجمال ، يتلألأ تحت أشعة الشمس بعدة ( ألوان ) ، لم تجعله هذه ( التعددية ) في الألوان يبدو مشوها أو متنافرا، بل متماسكا وصلبا ومتوازنا ، تتناغم ألوانه رغم ( التباين ).
    وأمر الله نوحا أن يأخذ من كل زوجين إثنين ( ذكر وأنثى ) ، لحفظ النوع من الإنقراض.
    فأختار نوح أولا من بني البشر ، المؤمنين به ، بصرف النظر عن ألوان بشرتهم وسحناتهم.المؤمنين بوحدانية الله ، و بأن ( الفلك ) هو (وطنهم) إلى أن يقضي الله أمرا كان مفعولا.
    حملهم الفلك ، ورغم (كثرتهم ) ، كانوا يحسون بأن هذا الفلك ( أكثر إتساعا ) من قراهم السابقة. وبالرغم من (تنوعهم) ، كانوا يتحدثون بلسان واحد ، يفهمون لغة واحدة ، هي ( لغة المحبة).
    و جاء دور الحيوانات التي كانت تشكل الأكثرية ، و التي كانت تشكل الخطورة على السفينة لما يمكن أن تحدثه من (فوضى و عراك وإفتراس ) وبالتالي إختلال للفلك في عرض هذه الأمواج المتلاطمة من المياة . إنه تلاحم حتمي يفرضه ( التجاور ) و ( إقتسام المصالح المشتركة في حيز معلوم ). ولكن شيئا من هذا القبيل لم يحدث.

    سارت الرحلة تنساب بأمر ربها ، و بحكمة ( قائد ) واحد وبإلهام من ربه ، رغم أمواج المياه من تحتهم والمطر المنهمر من فوقهم ، والرعد يزمجر والبرق يكاد سناه يخطف الأبصار وتنخلع له القلوب.
    ونصحهم نوح بأن الأرض القادمة التي سترسو عليها السفينة ، أرض خير وبركة ، و أن ( التعايش ) لا بد أن يكون بمبدأ ( النفوس لو تطايبت فإن الغرفة تسع مائة ).

    و عندما وصلوا .................
    عرفت الديناصورات أنها لن تستطع العيش في عالمها الجديد ، و أنه عالم لا يصلح للعمالقة من أمثالها ، و أن ( الثمار لا تكفيها كطعام )، عندها ، إنقرضت الواحد تلو الآخر ، تاركة بصماتها في حيوانات تشبهها( شكلا وطريقة كسب عيش )، و لكن ليس ( حجما).

    ولحقت بها فصيلة الماموث ، و هي أيضا تركت فصيلة الأفيال التي (تحاكيها) شكلا و لكن دون ( فائدة ) تذكر.

    و لحق بجيل العمالقة لفيف من الحيتان التي لم تتشرف بأن تعيش عصر (يونس عليه السلام ) وتفخر بأن أحد أفراد فرع من الفصيل قد إبتلع نبيا بأمر الله. و لكن كفاها فخرا بأن الحيتان ما زالت ( تجوب ) مياه ( العالم قاطبة ) تسبح بحمد الله بأن قيض لها هذا ( الهواء في الماء و على سطح البحار ) ، يستنشقونه ( دونما مضايقة كما يحدث لبقية خلق الله في البر ).

    فقالت الأفيال و هي تدب بأقدامها على اليابسة: نحن ورثة العمالقة ، والبلد بلدنا و نحن ( ال حندوس ) اللي يقيف في طريقنا.
    و لكن الأسود لم تضيع وقتا في الحديث ، فقامت بإنقلاب دموي ضد الأفيال ، ونصَبوا ( أبو لبدة ) ملكا عليهم ، وأعطوا اللبوة لقب ( أم الملوك ).
    و في الإنقلاب إياه ، تم قطع عدد من خراطيم الأفيال ، وإقتلاع كمية من الأنياب ( العاجية ) زيادة في إذلالها ، و تم (تحييدها) تماما ، ومنعها من الإشتراك في أي قتال ، فأكتفت الأفيال بتلك (الصيحة) التي تمزق طبلة الأذن أيما ممزق
    .
    و لكن الأسود ، وإحتراما (لحجم) الأفيال ، وحفاظا على ( التوازن البيئي ) ، أطلقوا يد الأفيال في ( الغابات ) تفعل بها ما تشاء ، كما إتفقوا عند (مشارف إحدى البحيرات) على أن تمتلك الأفيال ( ممرات آمنة لشرب المياه ليلا ، بشرط أن يكون القمر إبن (أربعطاشر) والويل لمن يستعمل هذه الممرات في أوقات مرورها. وحرموها من الإجتماع في قطيع يضم أكثر من ثلاثين فيلا في وقت واحد و في مكان واحد ، و لا بد أن تأخذ إذنا من ( أبولبدة شخصيا )، أو ( من أم الملوك ) في غيابه. والويل لهم إن أتوها و هي ( مرضع ) أو تداعب ( أشبالها ) ، فهو الهلاك المحتوم ، لأن مزاجها حينئذ يكون عدوانيا.

    الذئاب والضباع كانت طابورا خامسا للنمور والفهود التي كانت تعد العدة لعمل إنقلاب مضاد و لكن (أبو لبدة ) إكتشف المؤامرة بيد أنه غض الطرف عن ( إعدامهم ) وأكتفى (بنفيهم ) من ولاياته وتخومها. لذا فإن الطابور الخامس أعلاه ، لا يدور في فلك الطبقة الحاكمة من ذوات المخلب والظفر . ورغم أنه محسوب عليها إلا أنه ظل خارج نطاق ( الهيبة ) في كل العصور (الأسدية) ، وظلت تخيف من هم أقل شأنا منها بإنتماءها ( للطبقة الحاكمة ) وأن لها أياد وأنياب في العرين الملكي.
    عليه ، فقد إنقسمت فصيلة السباع ( و التي هي من قبيلة السنور الكبيرة ) إلى عدة أقسام حسب (أنيابها وأظافرها) و ( لون جلودها ) وحسب حبها للحوم (حمراء كانت أم بيضاء، طازجة كانت أو جيفا منتنة ).
    و بقيت الفهود والنمور ، تتربص الدوائر بأبي لبدة وقبيلته ، وتنافسه فقط في (الصيد) و لكن إلى حين.

    القرود كانت دائما في محل شك كل الحيوانات ( حتى قبل نظرية داروين ) ، فهي لم تنل ثقة أي من بني جلدتها ( الغوريللا والبابون و هلم قردا ) ، ناهيك عن بقية الحيوانات ، لذا ظلتْ ترتاد ( قمم الأشجار ) ، مكتفية (بالمراقبة فقط)، تقدم خدماتها للذي يدفع أكثر أو للذي يؤمِن لها الحماية. و قد عوقبت أكثر من مرة لتقديمها معلومات مضللة ، ولقيامها بعمليات مزدوجة ( كالمنشار ).

    أما فصيلة الثعابين ( سيدة قبيلة الزواحف ) ، فهي تعيش في ( كانتونات ) تحت الأرض ، و لا تحتاج إلى مساعدة من أحد ، مكتفية بما منحها الله من قوة ( في السم الزعاف )، وبينها و بين فصيلة السباع ( حلف غير موقع ) و لكنه ملزم ، إسمه ( الحلف المنزلق ) ، ويتجدد الحلف كل سنة عند موعد تغيير الثعابين ( لجلودها الناعمة ) بالإحتكاك بالأشجار والصخور.

    الجوارح من الطيور ، أقسمت ألا تعيش إلا ( خطْف لزْق ) ، معتمدة على النظر الحاد ، وأخطر أنواعها هو ( صقر الرمة ) ، فهو يستطيع شم رائحة الجيفة ( من على إرتفاع شاهق ) ، و رغم أن فصيله كبير العدد ، إلا أنه بجشعه لا يحدث أحدا بما ينوي أو ما يرى ، لذا تتعارك عندما تلتقي على (الجيفة ) ، وتنشغل بالعراك حتى تأتي الضباع والذئاب وتفوز بالغنيمة ، فتجتمع يتلاومون ويتعاتبون ويضعون ميثاق شرف للتعاون وتبادل الخبرات والمعلومات ، و لكن ما أن تلوح في الأفق ( رائحة جثة ) ، يقومون بتمزيق الوثيقة قبل أن يجف مدادها.

    الحيوانات المائية والبرمائية ( هي أكثر المخلوقات حظوظا ) ، وخاصة (البرمائية) فهي إن وجدت أن ( الجو ) غير ( ملائم ) برا ، زحفت للماء وغاصت فيه مستمتعة ( بالأوكسيجين المذاب في الماء ). تماما كالذي يحمل جنسيتين أو جوازى سفر ( رجل هنا ورجل هناك ) ، ويعيش في البلد الذي يكون أكثر إستقرارا.

    زوجة نوح ، كانت من الغابرين ، لم تكن تصلح أن تكون زوجة لنبي صالح كسيدنا نوح و لا أن تنجب له من صلبه أبناءا يرثون (حكمة الأنبياء) وحمل رساله الرب الأبدية.
    ولدت له إبنا.
    لم يكن مؤمنا. رغم أنه من صلب نبي.
    من هنا جاءت الأضداد : العسل من تحت إبر النحل.
    المسك من تحت إبط ( حيوان لا زال الغموض يكتنفه ).
    ورود جميلة بأغصان شائكة.

    علامة سيدنا نوح لركوب الفلك ، هو أن ( يفور التنور أو الفرن الذي في منزله و يخرج منه الماء ، إمعانا في الحذر ) ، فيعرف أنها البداية فيتوكل على الله خالقه نحو سفينته مع أتباعه و مخلوقات الله.
    زوجته ، رغم أنها رأت فوران التنور ، لم تتعظ ، لم تعرف مغزى ( المعجزة ). واختارت أن تقف مع ( الباطل.) ، بهرتها أفعالهم ، وأصنامهم ، وفسقهم وفسوقهم وفجورهم ، فأنجرفت معهم ، تاركة الرجل الجليل يعفر وجهه (بنشارة الأخشاب وحده ) ، ونقل الأشجار مع المؤمنين الموحدين ، ووقفت تسخر منه مع الساخرين.
    وإبنه ، الغرير ، قال : سآوي إلى جبل يعصمني من الماء.
    و هو لا يدري أن الغضب الآتي لا توقفه حتى سلاسل من جبال.
    و بجزع الأب ، قال نوح : يا رب إبني.
    فقال له الرب : إنه عمل غير صالح.
    فكان من المغرقين.
    يقول العلماء ( إستنادا على الآية الكريمة ) أن سفينة نوح رستْ على جبل الجودي جنوب تركيا ، و يقول آخرون أنها رست شرق آسيا
    و هذا الرأى الأخير مجرد إجتهاد.
    و لكن في إعتقادي ( الجازم والحازم )، ومستعملا أدواتا كثيرة في علم الإجتهاد التاريخي ، أقول بأن السفينة رستْ في مكان ما حيث تدب ارجلنا الآن.

    تفرق القوم على ظهر تلك البسيطة الطاهرة ، وعاشوا و هم يجترون ذكرى رحلتهم الرهيبة التي ( تقاسموا فيها العيش والملح ) و من ثم تزاوجوا وتكاثروا وفاخروا الأمم ، و من سلالتهم كان النبوغ والأفذاذ.
    و لكن فليعلموا ، أن التنور لن يفور مرة أخرى.
    و أن الأشجار لن تكفي لصنع سفينة لحمل الناس كلهم.
    و أن الحيوانات لن ترضى بدخول السفينة إلا مجتمعة و ليس زوجين من كل نوع.
    و في النهاية ، لقد إنتهى عصر الأنبياء.
  • سوسن مطر
    عضو الملتقى
    • 03-12-2013
    • 827

    #2
    ..

    نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ وَإِن كُنتَ مِن قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ (3) يوسف

    لنا في قصص الأنبياء عِبر كثيرة،
    وقصة سيدنا نوح هي أحد هذه القصص المؤثرة
    أراها تُمثل حقبة كارثية بالنسبة لمن حقَّ عليهم العذاب من ربهم
    وتُمثل عون الله لعباده المؤمنين، وأنه وحده المنجي لهم في ظلمات البر والبحر
    وفي أكثر المواقف حُلكة
    ولكن -وكما ذكرت أستاذنا- انتهى عصر الأنبياء
    ويُقال أنّ زمن المعجزات انتهى أيضاً
    فما الذي سيحدث يا تُرى...!!؟
    الفتن كالنار تأكل ما في طريقها دون تمييز
    وللطوفان أشكال عديدة..
    والأمل برحمة الله لا يمكن أن ينفد..

    ... وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ (38) محمد
    أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ (19) ابراهيم

    ..
    كلماتك تحمل الكثير أستاذ جلال ..
    لك كل التقدير

    تعليق

    • جلال داود
      نائب ملتقى فنون النثر
      • 06-02-2011
      • 3893

      #3
      تحياتي استاذة سوسن
      مشكورة على المرور الباذخ البهي

      قصص الاولين لنا فيها العظة والعبرة
      سيرة سيدنا نوح فيها كل اعتلاجات ما يحدث الآن في بلاد العرب

      دمتم

      تعليق

      • سوسن مطر
        عضو الملتقى
        • 03-12-2013
        • 827

        #4

        ..

        " ... و بحكمة ( قائد ) واحد وبإلهام من ربه ...."

        ذكّرتني بحلم العروبة القديم
        الذي لا أعرف ماذا بقي منه
        بعد كل الخيانات التي نشهدها

        تحيّتي لك

        ..



        تعليق

        • جلال داود
          نائب ملتقى فنون النثر
          • 06-02-2011
          • 3893

          #5
          المشاركة الأصلية بواسطة سوسن مطر مشاهدة المشاركة

          ..

          " ... و بحكمة ( قائد ) واحد وبإلهام من ربه ...."

          ذكّرتني بحلم العروبة القديم
          الذي لا أعرف ماذا بقي منه
          بعد كل الخيانات التي نشهدها

          تحيّتي لك

          ..




          حلم العروبة اصبح كوجود الغول والعنقاء.
          بل هو يتراجع ليصبح مجرد ناقوس يدق في عالم النسيان.
          ولكن يبقى الامل كجذوة نار في عتمة ليل بهيم

          دمتم

          تعليق

          يعمل...
          X