للتخلص من التشبيه و المجاز و من سفسطات أخرى

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • محمد شهيد
    أديب وكاتب
    • 24-01-2015
    • 4295

    #16
    المشاركة الأصلية بواسطة الهويمل أبو فهد مشاهدة المشاركة
    كذاب ثم كذاب

    للفرس خط مسماري قديم ثم تحولوا الى الخط الآرامي، ثم تحولوا الى الخط البهلوي وهو مزيج من الخط الآرامي والتصوير الهيروغليفي ولم يتحولوا إلى الخط العربي إلا في القرن التاسع الميلادي. وعلماء اللغات والخطوط يقرون بأن الخط الفارسي صورة محوّرة [modified] عن الخط العربي. وجاء التحول هذا في عصر المملكة الطاهرية نسبة إلى طاهر بن حسين وهو قائد عسكري أسس حكم مملكته في خرسان، وكان له دور فاعل في إذكاء الفتنة بين المأمون والأمين في الخلافة العباسية. ولعل سبب التحول يتضح إذا علمنا أن أفراد هذه المملكة الطاهرية عملوا في الجيش والأمن العباسي في بغداد.
    أشكرك، عزيزي أبو فهد، على المعلومة. يبدو أن صاحب (كلبه) استغل قصر معرفتي بتاريخ الفارسية ليتحفني بسفسطاته متجاهلاً في نفس الوقت أهم بند في تسيير المقاولات: "الزبون دوما محق".

    عند النقاش معه لم أذكر سوى مثال الأردية التي يتحدثها الملايين في بعض ولايات الهند و في باكستان و بعض اللاجئين الأفغان ممن اختاروها كلغة موحدة للتواصل. وهي عبارة عن مزيج متراكم ذي أصول تركية و عربية وغيرهما. و بما أنك ذكرت دور الجيش في تطوير الفارسية، فإن كلمة (أردو) تعني "معسكر جيش" و كانوا يطلقون على اللغة الأردية (زبان اردو معله) بمعنى: لغة الجيش الرفيعة.

    وعلى العموم، عند زيارتك المقبلة، سنذهب لتناول وجبة عشاء في مطعم (الشاليه).

    كن بخير

    م.ش.

    تعليق

    • محمد شهيد
      أديب وكاتب
      • 24-01-2015
      • 4295

      #17
      نواصل الحديث بالعودة إلى مثال التسعيرة:
      "هنا، النساء تؤدي نفس تسعيرة الرجال" كترجمة عربية لنص الدعاية الأصلي الذي طبق فيه صاحب المحل القانون المتعلق بلغة الإعلانات و أسماء المحلات الذي يلزم المحلات التجارية باستعمال اللغتين الرسميتين لكندا: Here, women pay like men/Ici, les femmes paient comme les hommes

      بالنسبة للسيمياء، "هنا/ici/here يطلق عليها مصطلح Deictique أي عبارة لا يتم استكمال معناها إلا داخل السياق الذي ذكرت فيه. بمعنى أن ما يليها من خبر يشير تحديداً إلى محل الحلاقة المذكور و لا يتعداه إطلاقاً. وبالتالي، يفهم من خلال سياق الإعلان أن هنا، في هذا المحل بالذات، على خلاف سائر المحلات المنافسة، نعمل على تطبيق وحدة الأسعار بغض النظر عن جنس الزبون. كن ذكراً أو أنثى، سيكون السعر كذا.
      نرى بأن المحل استطاع بقوة التشبيه أن ينجح، على الأقل "هنا"، في حسم صراع الرجل vs المرأة نحو تحقيق التكافؤ بين الجنسين في مجالات شتى. باختصار، استطاع منطق الاقتصاد، عصب الشعوب، ما فشلت في تحقيقه نظريات الاجتماع بكل فرضياتها.



      بما أن منطق التكافؤ ضرب لنا موعداً "هنا"، و بما أن ماهية التكافؤ أساساً تلغي مبدأ التراتبية، فلنغير بنوع من السذاجة منهاج التراتبية الذي تأسس على أعمدته نظام الخطاب التشبيهي الأصلي و لنر ماذا سيحدث.

      ليكن مثلا الإعلان الآتي:
      "هنا، الرجال تؤدي نفس تسعيرة النساء"/ Here, men pay like women/ Ici, les hommes paient comme les femmes

      هل بعد قراءة هذا الإعلان، سيطير الرجال (مثلي) فرحاً فيقتحمون المحل من غير تردد وهم متيقنون بأنهم سيحققون صفقة مربحة اقتصاديا تجعلهم يتمتعون بحلاقة احترافية دقيقة جداً كما هي الحال لدى النساء لكن بتسعيرة جد عادية كما هي الشأن بالنسبة لتسعيرات الرجال في باقي الصالونات؟

      نواصل.

      تعليق

      • محمد شهيد
        أديب وكاتب
        • 24-01-2015
        • 4295

        #18
        وقفة سريعة:

        قد يعتقد الدارس للفلسفات المعاصرة بما فيها علوم البرغماتيكس Pragmatique و السيمياء Semiotics و التحليل الذهني للخطاب Cognitive Sciences و البرمجة اللغوية العصبية NLP الخ، أن الفضل يرجع لأصحاب النظريات الحديثة في إعادة ربط اللغة بالفكر Mind بعد أن كادت الصلة تنتقطع كلياً، بسبب فرط المجاز، بين اللسان كأداة للتعبير عن الحقيقة من جهة و بين الحقيقة نفسها كما هي عليه في العالم الخارجي من جهة أخرى. الاعتقاد معقول و التصريح به لا يخرج صاحبه من الملة، دون شك. و بما أنني بحكم التكوين الدراسي و الاهتمام الأكاديمي من المتأثرين بالمنهجيات التحليلية للخطاب المذكورة أعلاه، فإنني من بين الذين يعتقدون على أن المنهجيات البرغماتية أعادت الاعتبار للغة باعتبارها أداة جد متطورة لا يقتصر دورها في أساليب الإنشاء و البلاغة فقط، بل بكونها جهازا معقدا Système complexe لا يحيط بكل أسراره "سوى نبي مرسل": فسبحان من (علم آدم الأسماء كلها)!

        إلا أن ذلك لا يمنعني من أن يكون لدي رأي مخالف بخصوص الظرفية الزمنية التي ظهرت - و تبلورت - فيها المنهجية الموضوعية في التعامل مع بعض استعمالات التشبيهات و المجازات السائدة داخل المجتمعات واعتبرتها تعبيراً باللسان على اعتقادات واهية و حقائق بكل بساطة (لا وجود لها).
        وقفتي اليوم مع مثال لسفسطة التشبيه مستوحى من قصة خلدتها آيات قرآنية لا تدع مجالا للشك بأن الإسلام تعامل منذ البدء بدحض الأفكار السائدة كمعتقدات واهية و حكم على القول بها أنه منكر من القول و زور.

        بدعة الظهار.

        نواصل
        التعديل الأخير تم بواسطة محمد شهيد; الساعة 23-12-2018, 15:52.

        تعليق

        • محمد شهيد
          أديب وكاتب
          • 24-01-2015
          • 4295

          #19
          يطلق لفظ (الظهار) على تشبيه الرجل زوجتَه بامرأة محرمة عليه حراماً مطلقاً، كأمه مثلاً. كان يعتبر الظهار في المجتمع الجاهلي أعظم تعبير عن الطلاق حين يقول الزوج لزوجه، لسبب ما، (أنت محرمة علي كظهر أمي). لن أطيل في التعريف بالظاهرة و تاريخها و تداعياتها، فالمرجو من القاريء الكريم أن يراجع ما ذكرته عن القضية كتب التفاسير التي تعرضت لأسباب نزول سورة "المجادلة" و بالخصوص عند شرح الآيات 1-4 التي ذكر فيها الله ربنا جل وعلا بطلان الظهار القائم على تشبيه زائف يعتبر القول به (منكراً من القول و زورا) و العمل به منهي عنه شرعاً يلزم صاحبه الكفارة.

          بيت القصيد: ذكر اللفظ القرآني صريح العبارة في الرد على سفسطة التشبيه بما لا يترك مجالاً للشك و الريبة، فأحدث بذلك "صدمة" فكرية بل سمها "زلزلة" عقائدية هزت كيان فكر المجتمع الجاهلي الذي كان سائداً فيه تشبيه الرجل لزوجته بأمه كذريعة للتخلص منها إلى الأبد. يقول الله جل و علا:

          (قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ*الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنكُم مِّن نِّسَائِهِم مَّا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنكَرًا مِّنَ الْقَوْلِ وَزُورًا وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ*وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نِّسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ*فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا فَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ)

          إقرأ المزيد على موضوع.كوم: https://mawdoo3.com/%D9%85%D8%A7_%D9...e-yrEvG0rDDq-3

          تعليق

          • محمد شهيد
            أديب وكاتب
            • 24-01-2015
            • 4295

            #20
            الحقيقة المقتبسة من الخطاب القرآني كما نقرؤها بعين المنطق السيميائي هي كالآتي:
            أمك ليس لها شبيه في العالم الخارجي سوى "أمك".
            و منه، فإن زوجتك، مهما تفنن اللسان في التعبير اللفظي عن المعتقد الوجداني، ليست أمك بل...زوجتك. و إذا كان العيب في شيء، فليس في اللغة بقدر ما هو قابع في الذهن و المعتقد، لذا وجب تغيير المعتقد ليصح - أو يبطل - اللفظ. و بما أن ظاهرة الظهار قائمة على معتقد لا أساس له من الصحة - أي لا وجود له في الحقيقة الملموسة - فإن النطق به (و العمل به، بما أن الكلام سلوك) لا معنى له.
            و ربما قبل Wittgenstein في العمل بمبدإ (ما لا وجود له وجب السكوت عنه) قد تجد من يسبقه إليها في تاريخ المنطق عند المسلمين، بما أنني أعتبر - و قد أخطيء - أن المنهج (الظاهري) لابن حزم في التعامل مع المسائل كان له السبق و الريادة.

            نواصل.
            التعديل الأخير تم بواسطة محمد شهيد; الساعة 23-12-2018, 16:11.

            تعليق

            • محمد شهيد
              أديب وكاتب
              • 24-01-2015
              • 4295

              #21
              عودة سريعة إلى صالون الحلاقة.
              عند قلب المبنى الذي ترتكز عليه أعمدة التشبيه من مشبه و مشبه به مع الأداة و الصورة البلاغية، ماذا حصل للمعنى؟ بعبارة أخرى، هل عندما نزحزح ركيزة التشبيه سيختل نظام المعنى المعتمد أساسا على مبدأ التكافؤ - أو كما نعتقد - بما أن كل شبيهين من المفروض أن يتحقق في كليهما التطابق، على الأقل عند نقطة الالتقاء المعبر عنها بلاغة : الصورة؟

              بطبيعة الحال، نجيب بالإثبات، المعنى يختل بمجرد قلب المبنى: "هنا، سيؤدي الرجال نفس تسعيرة النساء"، لن تؤدي نفس الوظيفة كما لو ذكر المتكلم : "هنا، ستؤدي النساء نفس تسعيرة الرجال". و ذلك انطلاقاً مما ذكرناه سابقاً حين حديثنا عن المخزون الثقافي المشترك بين كل متلقي من شأنه أن يتعامل "بديهيا" مع التسعيرة الذكورية على أنها أقل كلفة من تسعيرة النساء. وبالتالي، إذا استطاع المتكلم أن ينقل فكرة "ثمن ضئيل" من خاصية التسعيرة الذكورية المتعارف عليها اجتماعياً داخل البلد الذي أنتج فيه الخطاب المذكور، فإن المتلقي نفسه سيصعب عليه ان يقبل بنفس الفكرة في حالة ما إذا كان الخطاب أمامه يعكس اللفظ عند جعل المشبه هو تسعيرة الرجل و المشبه به تسعيرة المرأة؛ و ذلك راجع للأسباب الثقافية نفسها!
              من هنا، أستعين بالسيمياء البرغماتية عند مسألة التشبيه - لنسمها كما في المنطق Analogy - لتكون ذريعة في نعتها بالسفسطة اللفظية. و تجدر الإشارة إلى أن الفلسفة منذ عهد التعاليم السقراطية إلى أن رسختها المدرسة الأرسطية تصنف "التشبيه" ضمن الحجج الأقل تأثيرا في المناظرة حين تجعل تأثيرها ضئيلاً يكاد لا يعتد به في سلم الأدلة و البراهين المقدمة من طرف المتناظرين على أساس أنها "دليل". عند المتكلمين و الفقهاء المسلمين كذلك: القياس (أو Analogy) يأتي في مرتبة متأخرة بعد الدليل القطعي من الكتاب و السنة الخ.

              نواصل.
              التعديل الأخير تم بواسطة محمد شهيد; الساعة 04-01-2019, 22:34.

              تعليق

              • محمد شهيد
                أديب وكاتب
                • 24-01-2015
                • 4295

                #22
                في نظر البراغماتيكس ( فلسفة اللغة) كما تبين من خلال ماسبق، للمجاز علاقة وطيدة بالواقع على عكس ما كان يروج إليه قرونا من تدريس البلاغة على أن المجاز حكر على أهل البيان والفصاحة. فكما بين ذلك الباحثان الأمريكيان Lackoff and Johnson في كتابهما Metaphors living by الذي يعد المرجعية الأكاديمية في الميدان، فإن الذي ينظر بعين الدارس إلى الخطاب اليومي (لغة التداول، الإعلام، السياسة، الدعاية...) سيتمكن دون عناء شاق من التوصل إلى نفس النتيجة التي خلص إليها Lackoff and Johnson و سيجد بدل المثال الواحد الألوف.
                مثال آخر يحضرني اليوم: تشهد الساحة السياسية في مقاطعة كيبيك بكندا أزمة تواصل ثقافي حقيقية تلهب بتداعياتها صفحات الجرائد الشعبوية منها خاصة و تؤجج فتيل الفرقة بين شرائح المجتمع : المواطنون من أصول الجاليات المحافظة على الزي الديني من جهة (مسلمون، يهود، سيخ...) و المواطنون العلمانيون (كنديون و من بينهم مسلمين كذلك...). اندلعت الأزمة عندما قرر الحزب الحاكم مباشرة بعد نجاحه في الانتخابات التشريعية الأخيرة تعديل أخد بنود القانون المنظم للوظيفة العمومية بحيث، في حالة مصادقة البرلمان عليه، يتم منع الظهور بأي رمز من رموز الانتماء الديني أثناء قيام الموظف بمهمته الحكومية (شرطة، درك، إدارة عمومية، قضاء...) أو بخدمات للمواطنين (طبيب، ممرض، الخ)
                لا يهمني هنا الخوض في الأزمة من جانبها السياسي الشعبوي الانتهازي (وهي كذلك بالفعل). الذي يهمني بالذات توظيف المجاز و التشبيه تحديدا لخدمة الأزمة و تأجيج العواطف (كدليل آخر على سفسطة التشبيه كما أحاول الإلمام بجزئياتها في أكثر من مقام و مقال).

                بعث إلي جاري الرجل الكندي المُسن صورة يبدو أنها تتدحرج من القمة الحاكمة (موقع الحزب الحاكم مصدر الأزمة) نحو السفح (المواطن Lambda) : على الصورة فوج من نساء الشرطة في المغرب يرتدين الزي الرسمي لشرطة البلد و قد وقفن طوابيرا لتحية العلم المغربي. لماذا قفزت صورة مثل هاته من بلد المغرب لا يعرف عنه معظم المواطنين المحليين سوى الإسم و معظمهم أشك أن يعثر على موضعه في الخارطة لتصبح رمزا سيميائيا مشحون الدلالات السيمنطيقية فتصبح رمزا من رموز البربغندا (وقد وصفت الأزمة هكذا سياسيون معارضون) خدمةً لنوايا حزب علماني في منع و حظر اللباس الديني (الحجاب خاصة) أثناء القيام بالوظيفة؟ الجواب يأتي من الصورة ذاتها: عنوان وضع بالخط العريض على الصورة بلغة البلد لا يدع مجالا للشك في ضبط هوية الفاعل: "حتى في المغرب، بلد مسلم، يمنع اترداء الزي الإسلامي أثناء القيام بالوظيفة العمومية!"

                نواصل
                التعديل الأخير تم بواسطة محمد شهيد; الساعة 27-05-2019, 17:01.

                تعليق

                يعمل...
                X