أوراق وتأملات

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • محمد شهيد
    أديب وكاتب
    • 24-01-2015
    • 4295

    #76
    المشاركة الأصلية بواسطة حسن لشهب مشاهدة المشاركة
    لأنني مجنون

    لأنني مجنون
    وفي ذهني فوضى
    و كلمات بلا معنى،
    أشتهيك ندى وشهدا
    عسلا وماء تسقيني
    بيدي غيمة ترويني
    و بالقلب شعلة منك تدنيني.
    قد يغضب الشعراء
    وترعد السماء
    قد يكون ما يكون
    لأنني مجنون!
    لن أبكي وحدتي
    لن أشهد ثورتي
    فأرحام الكلمات
    خصبة ما تزال
    رغم التيه ونشوة العلياء
    رغم التماهي مع الطين والماء.
    لن أبرح المكان
    محترقا بلوعة العشق
    ملسوعا ببرق التجلي .
    هي الكلمات
    كقطرات ماء
    تسقي الكون من كل الجهات
    هل تكفي النار والماء؟
    هل يكفي الموج
    لينير مملكة العشق؟
    ولو في خلوتي
    لا أراني
    ولا أشتهي غيرك
    في المدى الموحش
    من ذاكرتي
    عالقا أناجيك
    بين الماء والزهر
    وتحت الشجر
    هذه أنشودتي إليك
    بسمة منك تكفيني
    وكلمة من الأصل تغنيني
    لا يهم أن أراني
    فالأهم لحظة التجلي
    لأنني مجنون
    وسري قواف
    و بسمة نور.
    جنونك، أيها العاشق المتيم الولهان، أراه لجنون قيس و جميل و عنترة أبعد، و لجنون الششتري و بن الفارض و رابعة أقرب. أهو عشق الفتى أم حب في حبين من نفس فصيلة "حب الهوى و حب لأنك أهل لذاكا"؟ و ما أرى للعاذل سلطاناً عليك، و لسان حالك يردد: "يا كثير الملام لا تلمنا دعنا؛ كل معنىً معنا؛ نحن قوم لنا في المعاني أسرار؛ الهوى طبعنا والولوع والاذكار؛ سكرنا ينفعنا..."

    فأي العشقين عشقك؟

    كل عام وأنت بخير

    م.ش.

    تعليق

    • حسن لشهب
      أديب وكاتب
      • 10-08-2014
      • 654

      #77
      بعض النصوص يا صديقي بحاجة للرؤية النافذة والخلفية الثقافية التي تنيرها فضلا عن الذائقة الفنية التي يتفاوت في امتلاكها الناس..وكما ألمحت يا صديقي عن العشق لدى المتصوفة ومنهم ابن عربي مثلا نجده يميز في الحب بين ثلاث مراتب حب إلهي وحب روحاني وحب طبيعي .
      وهو يدمج في الحب الإلهي الحبين: الطبيعي والروحاني، معتبرا حب الإنسان لربه فيه بعض من الحب الطبيعي، وفيه أيضًا شيء من الحب الروحاني؛ بمقتضى الطبيعة الإنسانية المزدوجة والتي يحكمها الجسد والروح..
      من هنا نخلص إلى أن الحب الإنساني هو تحقق للحب الإلهي ، بمعنى أن حب الخلق هو صورة لحب الحق.
      ولحظة الجنون تحصل وقت التجلي والتوحد فتلتبس اللغة لحد يستلزم التأويل بوصفها حمالة للرموز في مبناها ومعناها.
      شكرا لمرورك سي محمد ولمنح هذه المحاولة المتواضعة بعضا من نور العقل وقبسا من إكسير الحياة.
      لك تحيتي ومحبتي.
      التعديل الأخير تم بواسطة حسن لشهب; الساعة 30-08-2019, 10:12.

      تعليق

      • حسن لشهب
        أديب وكاتب
        • 10-08-2014
        • 654

        #78
        سي محمد، إليك هذه الهدية من أشعار لسلطان العاشقين :
        يا قلبُ أنتَ وعدَتني في حُبّهمْ صَبراً فحاذرْ أن تَضِيقَ وتَضجرا
        إنَّ الغرامَ هوَ الحياةُ فمُتْ بِهِ صَبّاً فحقّك أن تَموتَ وتُعذرا
        — ابن الفارض
        التعديل الأخير تم بواسطة حسن لشهب; الساعة 30-08-2019, 10:09.

        تعليق

        • محمد شهيد
          أديب وكاتب
          • 24-01-2015
          • 4295

          #79
          صبيحة يوم ممطر أستقبل باعتزاز هدية نفيسة من صديق عزيز.
          أشكرك و أهديك شذرات من بعض ما تبقى من ألفاظ الحلاج، ذلك العاشق الذي ضيعه الإفراط في المجاز فضاع معه الكثير من الجمال على يد من خشوا - آنذاك - على عقولهم من الضياع.

          نَسماتِ الريحِ قولي للرَّشا
          لمٍ يزِدني الوِردُ إلا عطشا
          لي حبيبٌ حبُّهُ وسطَ الحشا
          إن يشأ يمشي على خدي مشى
          روحُهُ روحي وروحي روحُهُ
          إن يشأ شئتُ وإن شئتُ يشا

          https://www.youtube.com/watch?v=xx-mA-VYnxI

          تعليق

          • حسن لشهب
            أديب وكاتب
            • 10-08-2014
            • 654

            #80
            ما أسهل...!
            ما أصعب الكتابة اليوم...؟
            التعديل الأخير تم بواسطة حسن لشهب; الساعة 02-09-2019, 09:04.

            تعليق

            • حسين ليشوري
              طويلب علم، مستشار أدبي.
              • 06-12-2008
              • 8016

              #81
              المشاركة الأصلية بواسطة حسن لشهب مشاهدة المشاركة
              ما أسهل...!
              ما أصعب الكتابة اليوم...؟
              كُليمات قليلات من حيث تعدادهن لكنهن جليلات من حيث دلالتهن.
              نعم، هي كذلك الكتابةُ الهادفةُ صعبة على من يريد أن تكون كتابته رسالية فهو يعاني من أجل اختيار المفردات المعبرة عما يجيش في نفسه من المعاني النبيلة، لكنَّ الكتابة العابثة سهلة وهي في متناول كل راصف للكلمات في خطوط يحسبها سطورا ولكنها سواطير تقطع كل جميل وأوله تكريم الكتابة في ذاتها ثم توظيفها لغاية شريفة نظيفة.

              هي كليمات تنم عن معاناة يعيشها الكاتب اليوم وهي معاناة مشتركة بين الكُتَّاب الذين يوظفون الكتابة لأغراض يخدمون بها المجتمع ليسمو ويرتقي ويعلو في القيم النبيلة التي تجعل منه يستحق وصف "مجتمع إنساني" بحق، أما الكتابة الأخرى، الفاسدة المفسدة، فهي تُغرق المجتمع في مستنقع الرذيلة، لأنها، ببساطة، "كتابة ساقطة" (ينظر موضوع الأستاذة أميمة محمد:
              #432، والعبارة مستعارة منه)، فهي كتابة ساقطة في ذاتها مضمونا وشكلا، وهي ساقطة غاية وهدفا، ومسقطة لقارئها إن لم يحذر السقوط؛ يقول أديب العربية الأستاذ مصطفى صادق الرّافعي، رحمه الله وغفر له وعفا عنه:"الفرق بين كاتب متعفِّف وبين كاتب متعهِّر أن الأول مثقل بواجب، والآخر مثقل به ذلك الواجب" (كلمة وكليمة، رقم 64).

              أشكر للأستاذ حسن لشهب هذه اللمحة التي أثارت في هذه الخواطر.

              تحيتي وتقديري.

              sigpic
              (رسم نور الدين محساس)
              (رسّام بجريدة المساء الجزائرية 1988)

              "القلم المعاند"
              (قلمي هذا أم هو ألمي ؟)
              "رجوت قلمي أن يكتب فأبى، مُصِرًّا، إلاَّ عِنادا
              و بالرَّفض قابل رجائي و في الصَّمت تمــادى"

              تعليق

              • حسن لشهب
                أديب وكاتب
                • 10-08-2014
                • 654

                #82
                تحيتي لهذا المرور الوارف والمتابعة المثرية الواضحة، ففي بعض اللحظات تخامرنا أفكار ولكن يعوزنا البيان الذي يحمل معانيها بيسر ووضوح .
                دائما في الموعد أستاذنا الكريم.

                تعليق

                • حسن لشهب
                  أديب وكاتب
                  • 10-08-2014
                  • 654

                  #83
                  نشهد في عصرنا ثورة رقمية آثارها
                  أضحت بينة على جميع مناحي حياتنا اليومية، فبفضل التكنولوجيا أصبح كل شيء متاحا سواء على مستوى التصنيع أو الاستهلاك أو التواصل والمعرفة وفنون العيش وهلم جرا …ورغم ذلك لا يستطيع أحد إنكار ما يساورنا من توجس وقلق إزاء عواقب ذلك على الإنسان والحياة....
                  ولا نملك جراء ما يحصل سوى الشعور بالخوف:
                  خوف على صناعتنا التقليدية واندثار تقنيات البناء وفن التطريز والخياطة ونحت الخشب وصناعة الزرابي ….إلخ
                  خوف على فنون طبخنا و موسيقانا وإبداعاتنا …
                  خوف على التعليم والتعلم طالما كل شيء جاهز ومتاح من الدروس والتمارين والأجوبة وسائر الفنون من مسرح وسينما وووو
                  خوف على موت التواصل في عصر التواصل، وخفوت جذوة الدفء والتعاطف الإنساني…
                  خوف على القيم والأخلاق وديمومة الثقافات المحلية …
                  خوف على مستقبل أبنائنا وتنمية مهارات الإبداع والاجتهاد لديهم…
                  خوف على نمو الإنسان وتطور مهاراته وعلاقاته مع جاره وصديقه وأحبائه...
                  خوف على هويتنا وأصالتنا وتراثنا...
                  فقد أصبح الإنسان مترفا وكسولا، هيابا للتعب والجهد ،وبالتالي فاقدا لإحدى مقوماته ككائن منتج وصانع Homo faber وقريبا سيفقد قدرته على التفكير بوصفه كائنا عاقلا وعارفا Homo sapiens.
                  وإذا كنا نشتكي من رداءة ومتانة مواد الاستهلاك من سيارات وألبسة وحتى الشقق والمساكن بالنظر لاعتماد أساليب الإنتاج السريع و تقنيات البناء والصناعة العصرية التي تتوخى دفع الناس للشراء ضمانا لدورة رأس المال وتنامي الأرباح في سياق نزعة الماركوتينغ والمركانتيلية….
                  أليس من الطبيعي أن نطرح نفس الأسئلة عن الإبداع ونحن نرى ما يغزو الأنترنت من منتوجات هزيلة في سائر الفنون …وما صار معتادا من ناحية الاحتفاء بالسطحية والهشاشة جراء إمساك التافهين بزمام فضاء الثقافة في العالم الرقمي .على نحو ما أكده الكندي جان دونو الذي يعلنها مدوية في كتابه "نظام التفاهة " :
                  " لقد حسم التافهون المعركة لصالحهم"وبالتالي لم تعد هناك حاجة" للكتب المعقدة " لأن صاحبها معرض للنقد لا محالة، وسيتهم بالتعالي على الناس والسبب هو "تحول الشأن العام إلى تقنية استهلاكية وغياب القيم والمباديء والمفاهيم العليا"
                  يجب أن يكون المنتوج قابلا للتعليب ، والجامعات صارت مصنعا لإنتاج أشخاص يسمون بكثير من التجاوز بالخبراء ولا نكاد نسمع حديثا عن المثقفين، ونجاح المشاريع بات محكوما بأرقام الإعجاب لا بالمضمون.
                  ألا يحق القول بأن التفاهة تتهدد كينونتنا ووجودنا برمته؟
                  طبعا لا يحق منع الناس عن الإبداع بوصفه فعلا حرا يمارس في مجتمعات ترفع شعار الديمقراطية وحقوق الإنسان، ولكن الإمعان في الصمت يجعل كرة الوهم تكبر لدى الكثيرين وعلى هذا النحو صرنا نشهد الهجوم على رواد الفكر والفن والإبداع بلا حسيب ولا رقيب وتحطيم رموز فكرية وفنية ودينية بحجة الانفتاح والتحرر من التقليد والقيود، لأن الكتبة والفنانين الجدد لمجرد امتلاكهم هواتف ذكية وحواسيب راقية و لمجرد سماع عبارات التمجيد والتهليل من طرف المنافقين يحصل لديهم الزهو والتيه، فيشعرون بأنهم فرسان لا يشق لهم غبار وحق لهم أن يدكوا صروحا بناها السابقون بالجهد والعرق، فيركبون جيادهم الخشبية ويمتشقون رماحهم الدونكيشوتية بلا مراعاة لحرمة الرواد فيدهسون كل اعتبار ووازع أخلاقي تجاههم. هذا يهاجم فلان والآخر يهاجم علان ... فهوجم علماء كبار في العلوم الدقيقة مثلما هوجم أئمة الحديث وكبار الأدباء والفنانين الأوائل وكبار الرياضيين والفقهاء ووووو
                  لا أدعي أنهم قديسين وبلا أخطاء ولكن التربية علمتنا احترام من سبقونا للعلم والإبداع لنأخذ عنهم ما يصلح ويفيد ونذكرهم بخير على ما قدموه وعلموه لنا في صبانا ….
                  أختم هذه الكلمات بالتأكيد على ضرورة الاحترام والتواضع فنحن جميعا نتعلم ومن باب الاحترام تقديم الجيد والأجود، لا التطبيل لكتابات مراهقة ما تزال تتلمس طريقها للأفضل.
                  والله أعلم بالنوايا وبما نخفي ونعلن.

                  تعليق

                  • حسن لشهب
                    أديب وكاتب
                    • 10-08-2014
                    • 654

                    #84
                    سقط عنوان المقالة سهوا، نعيد نشرها مصحوبة بعنوانها مع الاعتذار .

                    التكنلوجيا والإنسان


                    نشهد في عصرنا ثورة رقمية آثارها
                    أضحت بينة على جميع مناحي حياتنا اليومية، فبفضل التكنولوجيا أصبح كل شيء متاحا سواء على مستوى التصنيع أو الاستهلاك أو التواصل والمعرفة وفنون العيش وهلم جرا …ورغم ذلك لا يستطيع أحد إنكار ما يساورنا من توجس وقلق إزاء عواقب ذلك على الإنسان والحياة....
                    ولا نملك جراء ما يحصل سوى الشعور بالخوف:
                    خوف على صناعتنا التقليدية واندثار تقنيات البناء وفن التطريز والخياطة ونحت الخشب وصناعة الزرابي ….إلخ
                    خوف على فنون طبخنا و موسيقانا وإبداعاتنا …
                    خوف على التعليم والتعلم طالما كل شيء جاهز ومتاح من الدروس والتمارين والأجوبة وسائر الفنون من مسرح وسينما وووو
                    خوف على موت التواصل في عصر التواصل، وخفوت جذوة الدفء والتعاطف الإنساني…
                    خوف على القيم والأخلاق وديمومة الثقافات المحلية …
                    خوف على مستقبل أبنائنا وتنمية مهارات الإبداع والاجتهاد لديهم…
                    خوف على نمو الإنسان وتطور مهاراته وعلاقاته مع جاره وصديقه وأحبائه...
                    خوف على هويتنا وأصالتنا وتراثنا...
                    فقد أصبح الإنسان مترفا وكسولا، هيابا للتعب والجهد ،وبالتالي فاقدا لإحدى مقوماته ككائن منتج وصانع Homo faber وقريبا سيفقد قدرته على التفكير بوصفه كائنا عاقلا وعارفا Homo sapiens.
                    وإذا كنا نشتكي من رداءة ومتانة مواد الاستهلاك من سيارات وألبسة وحتى الشقق والمساكن بالنظر لاعتماد أساليب الإنتاج السريع و تقنيات البناء والصناعة العصرية التي تتوخى دفع الناس للشراء ضمانا لدورة رأس المال وتنامي الأرباح في سياق نزعة الماركوتينغ والمركانتيلية….
                    أليس من الطبيعي أن نطرح نفس الأسئلة عن الإبداع ونحن نرى ما يغزو الأنترنت من منتوجات هزيلة في سائر الفنون …وما صار معتادا من ناحية الاحتفاء بالسطحية والهشاشة جراء إمساك التافهين بزمام فضاء الثقافة في العالم الرقمي .على نحو ما أكده الكندي جان دونو الذي يعلنها مدوية في كتابه "نظام التفاهة " :
                    " لقد حسم التافهون المعركة لصالحهم"وبالتالي لم تعد هناك حاجة" للكتب المعقدة " لأن صاحبها معرض للنقد لا محالة، وسيتهم بالتعالي على الناس والسبب هو "تحول الشأن العام إلى تقنية استهلاكية وغياب القيم والمباديء والمفاهيم العليا"
                    يجب أن يكون المنتوج قابلا للتعليب ، والجامعات صارت مصنعا لإنتاج أشخاص يسمون بكثير من التجاوز بالخبراء ولا نكاد نسمع حديثا عن المثقفين، ونجاح المشاريع بات محكوما بأرقام الإعجاب لا بالمضمون.
                    ألا يحق القول بأن التفاهة تتهدد كينونتنا ووجودنا برمته؟
                    طبعا لا يحق منع الناس عن الإبداع بوصفه فعلا حرا يمارس في مجتمعات ترفع شعار الديمقراطية وحقوق الإنسان، ولكن الإمعان في الصمت يجعل كرة الوهم تكبر لدى الكثيرين وعلى هذا النحو صرنا نشهد الهجوم على رواد الفكر والفن والإبداع بلا حسيب ولا رقيب وتحطيم رموز فكرية وفنية ودينية بحجة الانفتاح والتحرر من التقليد والقيود، لأن الكتبة والفنانين الجدد لمجرد امتلاكهم هواتف ذكية وحواسيب راقية و لمجرد سماع عبارات التمجيد والتهليل من طرف المنافقين يحصل لديهم الزهو والتيه، فيشعرون بأنهم فرسان لا يشق لهم غبار وحق لهم أن يدكوا صروحا بناها السابقون بالجهد والعرق، فيركبون جيادهم الخشبية ويمتشقون رماحهم الدونكيشوتية بلا مراعاة لحرمة الرواد فيدهسون كل اعتبار ووازع أخلاقي تجاههم. هذا يهاجم فلان والآخر يهاجم علان ... فهوجم علماء كبار في العلوم الدقيقة مثلما هوجم أئمة الحديث وكبار الأدباء والفنانين الأوائل وكبار الرياضيين والفقهاء ووووو
                    لا أدعي أنهم قديسين وبلا أخطاء ولكن التربية علمتنا احترام من سبقونا للعلم والإبداع لنأخذ عنهم ما يصلح ويفيد ونذكرهم بخير على ما قدموه وعلموه لنا في صبانا ….
                    أختم هذه الكلمات بالتأكيد على ضرورة الاحترام والتواضع فنحن جميعا نتعلم ومن باب الاحترام تقديم الجيد والأجود، لا التطبيل لكتابات مراهقة ما تزال تتلمس طريقها للأفضل.
                    والله أعلم بالنوايا وبما نخفي ونعلن.
                    التعديل الأخير تم بواسطة حسن لشهب; الساعة 08-09-2019, 07:22.

                    تعليق

                    • حسن لشهب
                      أديب وكاتب
                      • 10-08-2014
                      • 654

                      #85
                      كلام العقل ينير الحقيقة بكل بهائها

                      تعليق

                      • حسن لشهب
                        أديب وكاتب
                        • 10-08-2014
                        • 654

                        #86
                        احترام المواعيد من شيم الأحرار.

                        تعليق

                        • حسن لشهب
                          أديب وكاتب
                          • 10-08-2014
                          • 654

                          #87
                          خالد جودة أحمد - حول النحافة والسمنة القصصية
                          facebook
                          القصة تكتب نفسها

                          لدى الحديث عن حجم القصة بأنواعها، بين حدي القصة القصيرة جدًا، والناجزة بسطر أو كلمات قليلة، وبين - أو ما أطلق عليه الناقد السوداني "أمين تاج السر" - مسمي "السمنة الروائية"، برواية مئوية الصفحات، يثار السؤال: متي يكون ضروريًا الإطالة في القصة؟

                          والحقيقة أن الحاكم الرئيس في هذا الشأن هو التجربة الأدبية، بمعني أن المغزى الساكن في فؤاد القاص والذي يدفعه للكتابة، والذي يختمر في روحه، وقد يبدو بصورة غير نهائية غالبًا، هو الذي يملي ذاته، أو فيما يقال عنه "القصة تكتب نفسها"، وهذا له ارتباط وثيق بلحظة الإضاءة الإبداعية.

                          ولتقريب الأمر نسوق مثال: أغلب روايات همنجواي بدأ الكتابة فيها علي أساس أنها قصة قصيرة، فامتدت معه واستغرق فيها حتى أصبحت رواياته المعروفة، والروائي "محمد جبريل" يحكي مثل هذا يقول: "بدأت روايتي من أوراق أبي الطيب المتنبي باعتبارها قصة قصيرة، لكن اتساع القراءة في الفترة التاريخية وسع ذلك من بانورامية الصورة التي يجدر بي تناولها، فتضاعفت الصفحات القليلة - كما كنت أعد نفسي - إلي ما يزيد عن المائة والخمسين صفحة"، وهنا ملمح عن أهمية مطالعة القاص حول موضوع قصته.

                          إذن الفكرة تقود نفسها والقاص متابع لها، يستدعي تجليات لحظة الإبداع حال حضورها، البعض يكتب بسرعة جدا دون تروي أو تصحيح لمفردة حتي يستفيد من تلك اللحظة كما يقول محمد جبريل أيضا "تقديم الخبز طازجًا ساخنًا" وإلا إذا لم يستثمر لحظته تلك تحول إلى طعام بارد، مع مراعاة أن هناك أساليب أخرى مثل "علي أحمد باكثير" الذي كان يكتب بأقلام رديئة وخشنة حتى يوقف من انسيال الفكرة وتدفقها في خاطره على أوراقه دون قيامه بالتدقيق الكامل في أنحائها، وكان يقضي الساعات ليحرر كلمة أو عبارة واحدة، لكن باكثير كان صاحب موهبة خصبة يصل الليل بالنهار في القراءة والكتابة.

                          الجزئية الثانية أن القصة ليس لها قواعد ثابتة مستقرة، ولكن هناك على الأقل ملامح أو أمور نرضي بها إلى حين، منها ما قاله الروائي "إبراهيم عبدالمجيد": "إن القصة إذا امتد زمنها تحدد مكانها والعكس صحيح"، لأنها تعبر عن لحظة اشتعال أو لحظة معبرة حاسمة انتقالية أو لافتة أو مأزومة، إنها موجة واحدة أو قطرة واحدة من البحر، لكنها تحمل جميع خصائص البحر، أما الرواية فتعتني بالتحليل والرسم والإيهام بالواقع من خلال التفاصيل، وتقديم كنوز نفسية وفكرية في ثوب سردي روائي، حاجة الفكرة ذاتها إلى الإشباع هو الحاكم في هذا الشأن، ماذا أريد من الكتابة يؤثر بالطبع، فإذا جلست للكتابة وهزمت رهبة السطر الأول وانطلق جواد السرد فهو يعرف متى وأين يقف وما المساحة المناسبة له للوصول إلى مقصده.

                          يبقي أمر أخير هل يمكن تحويل القصة القصيرة إلى رواية والعكس، ليس هناك قاعدة محددة – طبعًا - لكن ما عرفته أن هناك صعوبة بالغة لتقديم رواية في صورة قصة قصيرة، كما قال د. عبدالمنعم تليمه إنه لا يوجد أردأ من قصة قصيرة هي في حقيقتها رواية ملخصة، وما فعله يوسف الشاروني لتقديم رواية "اللص والكلاب" لأمير القصة نجيب محفوظ أنه التقط شخصية واحدة أو أكثر – مثل زيطة صانع العاهات - وقدمها في شكل قصص قصيرة علي باب نقده للرواية، وكان اسلوبًا مبتكرًا لكنه التزم روح القصة القصيرة، وما عرفته أيضًا أنه يمكن تحويل قصة قصيرة إلى رواية، يفعلها بعض كتاب قصص الخيال العلمي، ربما لأن التفاصيل متاحة بوفرة في عالم غرائبي جديد هو عالم الفكرة الخيالية العلمية (مثال: حديث عن المستقبل غيراىل معلوم) والتي قد تحتاج إلي إشباع جديد.

                          تعليق

                          • حسن لشهب
                            أديب وكاتب
                            • 10-08-2014
                            • 654

                            #88
                            القصة القصيرة ومأزق التجريب… ضرورة جمالية مكونة للادب
                            19 - أبريل - 2015

                            القصة القصيرة ومأزق التجريب… ضرورة جمالية مكونة للادب

                            عبد الرحيم جيران


                            يستعمل مفهوم التجريب، في الأغلب- كما اتفق، وبعجالة غير مبالية بالمزالق التي تحف به، ومن دون أن يمحص على نحو دقيق بما يليق بالرصانة المعرفية التي يقتضيها، إذ يستفاد من توظيفه عند الكثير من النقاد والمبدعين أنه مغامرة في الكتابة تتخطى الأوفاق الجمالية السائدة بغاية الفهم عن أفق آخر أكثر جدة، لكن لم يطرح في صددها سؤال ما إذا كانت محسوبة أم لا، أو ما إذا كانت تعي الإشكالات التي تحف بنا. وأقصد من وراء هذا التقييد تأطير مفهوم التجريب ضمن اقتضاءاته العلمية، بما يتطلبه الأمر أولا من وعي بضبط الحاجة إليه نظريا وإجرائيا في ضوء تكون الأدب بوصفه ممارسة تخييلية، والسياقات التي تم فيها، وثانيا ضبط إشكاليته في علاقته بالإجناس الأدبية، وثالثا علاقته بالموضوع الجمالي.
                            مما ينبغي عدم تلافيه أو غض الطرف عنه، أن التجريب يعد خاصية ملازمة للأدب، فبه يتحدد جزء من مفهومه الواسع. ويقصد به هنا النسج على غير منوال سابق، أو نموذج قار يفرض مقوماته على نحو مسبق على الكتابة، ولا يتعلق الأمر في هذا الصدد بمسألة التقليد، وإنما بالإيجاد. لم تجد هذه الممارسة النوعية في الكتابة التخييلية الاسم الذي يليق بها إلا في القرن التاسع عشر على يد مدام دوستايل. أما تكوّن الأدب فترجع إرهاصاته إلى بداية القرن السادس عشر، أو قبله بقليل. وقد احتاج إلى زمن مديد من التطور حتى ترسخت معالمه على نحو صار معه مفهوما يشير إلى واقع تخييلي محدد، وكان تأسيسه الإشكالي قائما على تحمل الكاتب مسؤوليته في تحديد الشكل الذي يرتضيه للإشارة إلى نوع الكتابة التي ينتهجها، ومن ضمن ذلك أن تكون هذه المسؤولية تامة وفق المغايرة والأسلوب الشخصي، مع القطع مع الاستناد إلى معيارية نموذجية تشتغل في هيئة وصفة ينبغي اتباعها من أجل جلب الاعتراف. ومن ثمة تعد هذه المواصفات العامة التي تكمن خلف الأدب بمثابة محتوى التجريب نفسه، وإذا كان الأمر كذلك فهو يعد من صلبه، بل شرطا يحدد ماهيته، ولهذا لا يعد فتحا مبينا خاصا بكاتب أو حقبة معينة، ومن ثمة فهو مشكل للهوية الأدبية المؤسسة على الإضافة إليه، وتوسيع مداه بفتحه على كل ما هو رمزي يقع خارج حقله. فما يجعل الأدب أدبا قيامه على التجريب الذي يحدده، ويجعله منفتحا على الاغتناء المستمر في الشكل، والأسلوب والموضوع الجمالي. ومن ثمة فهو مغايرة مفتوحة على المجهول، لكن هذا الانفتاح محسوب، ولا بد له من أن يقام على التجديل بين تركة ومستقبل ما. فالتركة تمثل في الميراث الأدبي الذي يتراكم في هيئة تجارب تبدو أنها استكملت أهدافها في علاقتها بالعصر، والمستقبل ماثل في التنبه إلى رؤية متنبئة ذات قدرة على فهم ما يتطلبه الحاضر في علاقته بإمكان مفتوح على مشروع ما يلبي تطلعا فنيا وجماليا في علاقته بتطلع أنطولوجي لجماعة ما يضع كل إمكاناته في المستقبل. ولا يمكن حدوث ذلك إلا في ضوء مسافة جمالبة معينة، وهذه المسافة لا يمكن أن تتحقق من دون إدراك حجم الاختلاف عن التركة، ولا يكون ذلك ممكنا إلا باستيعاب تكون هذه الأخيرة، وآفاق الانسداد فيها.
                            يتمثل الوجه الثاني المتعلق بمسألة التجريب في التجديل بين المتحقق في هيئة تراكم والممكن قياسا إلى الحدس الإجناسي الخاص بجنس أدبي معين. فغالبا ما نظر إلى التجريب بوصفه يحدث خارج هذا الحدس بخرق ضوابط الجنس الأدبي أو التعين خارج معاييره. لكن الأمر ليس كذلك على الإطلاق، وتدعو الحاجة إلى إعادة النظر في ما ترسخ في الذهن في هذا الصدد. والمقصود بهذا الأمر أن الأدب يعد ممارسة تحدث وفق مراعاة الحدس الإجتاسي، أو وفق عدم مراعاته أيضا. ولا بد أن تنتج تبعات نظرية وإجرائية في حالة ما إذا عددناه حادثا وفق أحد الأمرين المذكورين. ففي الحالة الأولى لا يحدث التجريب- من حيث هو مغامرة في التجديد الشكلي والأسلوبي- إلا على نحو تنويعي على مسار تراكمي. ونعني بذلك أن الكتابة- في هذه الحالة- تتجه إلى إظهار إمكانات الجنس الأدبي غير المحينة من جهة، وإلى فعل ذلك- من جهة أخرى- قياسا إلى توافر حدس إجناسي يوجه فعل الكتابة، ويجعلها منتمية إلى تراثٍ من الإنتاج التخييلي قابل لأن يعاد تشكيله وفق إمكانات يفرضها زمن فعل الكتابة. ولن يكون التجريب في القصة القصيرة- بحسب هذا المنحى- إلا بحثا في إمكاناتها التي لم تحن بعد، بما يعنيه ذلك من استناد إلى حدس إجناسي مؤسس وفق تجربتي القراءة والكتابة. ويكاد هذا الحدس أن يكون زمنيا بالدرجة الأولى، وله صلة بالإدراك. فالقصة القصيرة تستوعب حدسيا انطلاقا من كونها تستغرق نفسها في لحظة زمنية مقلصة، لها هيئة شرخ يحدث في الزمن من حيث هو سيولة ظرفية تقبل القبض عليها في وحدة محددة. الأمر لا صلة له هنا بقصر الصفحات أو طولها، وإنما بوحدة الانطباع الزمني الذي يؤسس إدراك متاحها الجمالي، وإدراك تطلباتها على مستوى السرد بما يعنيه ذلك من كثافة. هذا فضلا عن وحدة الموقع الذي ينقل من خلاله الحدث، فهي لا تسمح بتعدد المواقع، ولا بتعدد السراد لأن ذلك يخل بوحدة الانطباع. كما أنها تتميز بقلب مفاجئ في صيرورة متسمة بالاعتياد، وهذا القلب يتخذ هيئة انفجاء لا يبرر في الغالب. هذه الملامح البنيوية تؤسس الحدس الإجناسي الخاص بالقصة القصيرة، وتشكل خطا هوياتيا في تعرف فعل القص فيها. ومن ثمة لا بد لكل تجريب من أن يحدث وفق استثمار إمكانات جديدة غير مطروقة في الشكل والأسلوب والموضوع الجمالي، وينبغي تفكر هذه الإمكانات بوصفها كامنة في الحدس الإجناسي ذاته، لكنها لا تحين إلا وفق تعالقها مع تطلبات العصر.
                            وينبغي النظر- في الحالة الثانية المتعلقة بعدم مراعاة الحدس الإجناسي، من دون نفي استضماره على مستوى فعل النفي ذاته- إلى التجريب بوصفه اختبارا للممكنات الكتابة برمتها من دون الارتكان إلى حدس إجناسي ما. وأمر من هذا القبيل يفضي بالإبداع إلى أن يصير توجها حرا يبحث عن مفتقد مستمر، من دون خريطة محددة. هنا تستحيل التسمية، وكذلك الحدود، وتصير كل الممكنات الإجناسية قابلة للتجاور، وكذلك الأساليب المختلفة من راق وسوقي وعادي. يصبح الحديث- إذن- عن التجريب في القصة القصيرة متعذرا في هذا النوع من ممارسة الكتابة، لأن الاختيار يقام فيه على نسف مفهوم الجنس الأدبي بما يستند إليه من حدس. فلا يمكن تدمير التصنيف الأدبي وتعيين فعل التدمير داخله. وترتيبا على ذلك يكون من المستحب نعت هذا النوع من الكتابة بالنص لا بأي شيء آخر، وتعليل ذلك مرده إلى أن تجربة معينة في الكتابة في الغرب (جماعة تيل كيل)- الذي نحب تقليده في كل شيء- قد أقامت أسسها الجمالية على هذا الأساس، بما يعنيه ذلك من رفض للنسب، والأبوة، والحدود، والتواصل، والمعنى. وإذا كان الأمر كذلك فكثير من النصوص التي تحمل تسمية القصة القصيرة في متننا السردي العربي المعاصر لا تنتمي إلى هذا الفن الأدبي، على الإطلاق، بل إلى الكتابة التي ترد تحت مفهوم النص، وهي كتابة تجذّر خاصية انتمائها في عدم الانتماء إلى أي إطار إجناسي. ونحن هنا لسنا في صدد إطلاق حكم قيمة، ولكن في صدد توصيف الأشياء حتى لا نضل الطريق، أو نرغم ما لا يقبل الانتماء إلى الخانات على الانتماء إليها. وغالبا ما يقود الإيغال في المجازفة غير المحسوبة إلى نتائج عكسية، فينقلب الجميل إلى ضده، وينتزع من ذاته على نحو مشوه.
                            لا ينحصر التجريب- كما في المغامرة المحسوبة باستنادها إلى وعي ما في الكتابة- في استهدافه الشكل والأسلوب واللغة فحسب، وإنما يتعدى ذلك أيضا إلى الموضوع الجمالي. ومن الواضح أن ما ترسخ لدينا في الممارسة الإبداعية- والنقد كذلك- أن التجريب مرده إلى الشكل وحده، أو الأسلوب واللغة. لكن الأمر ليس كذلك، فللموضوع الجمالي في القصة القصيرة- كما في أي فن لغوي آخر- أهمية بالغة في تثوير الكتابة. فكما للحدس الإجناسي- على مستوى فعل الكتابة- أهمية في إظهار ممكنات الجنس الأدبي، فكذلك الأمر بالنسبة إلى الموضوع الجمالي. وحتى نكون على بينة من المفاهيم التي نستعملها لا مناص من توضيح ما نقصده بالموضوع الجمالي. فهو أي موضوع يختاره الكاتب، لكنه موضوع ممرر من خلال رؤية معينة وفق اقتضاءات جنس أدبي معين. فالرؤية تتعلق بزاوية المعالجة المستندة إلى وعي جمالي معين، وتوجه فني ما، وخلفية معرفية معينة، ومتحكمات محددة. والمقصود بتحديد الرؤية من خلال هذه العناصر أن يصير الموضوع مثلا ممررا من وجهة نظر أيديولوجية محددة، إما ثورية أو تمردية، أو محافظة، أو عدمية…ألخ ، ومن خلال توجه فني، قد يكون رومانسيا أو واقعيا، أو مستقبليا أو طليعيا…الخ، ومن خلال الاستناد إلى سؤال تجريدي يجسم بوساطة المعادل الحكائي (الحبكة أو صيرورة حدثية)، كأن تستهدف القصة تمثيل الحدود بين الوهمي والواقعي، هذا إلى جانب ضرورة تمرير الموضوع من خلال متحكمات من قبيل السخرية، أو الندم، أو الحنين، أو التشاؤم أو التفاؤل…الخ. كما أن الموضوع الجمالي لا يبنى إلا في ضوء ما يفرضه الجنس الأدبي من شروط وإمكانات، وسعة في بسطه. فلا يمكن أن يعالج الموضوع بالطريقة نفسها في كل من الرواية والقصة القصيرة. فهذه الأخيرة تمرره من خلال الكثافة التي تتميز بها كلٌّ من لغتها، وحيزها الزمني المضغوط. إذن إذا كان الموضوع الجمالي حاسما في بناء القصة القصيرة، وكذلك في أي جنس فني لغوي آخر، فلا شك أن التجريب يطوله أيضا بالبحث عن توليفات جديدة بين عناصره التي ذكرناها سابقا. كما يمثل أيضا في تفجير ممكنات كل عنصر، والذهاب به نحو آفاق لم تكن متكهنة على الإطلاق، أو تطعيمه بما هو موجود في غيره من تنويعاته المختلفة، كأن يفتح الواقعي على ممكن المستقبلي، والعكس وارد جدا.
                            لا يمكن الحديث عن التجريب في القصة القصيرة من دون الحديث عن الأسلوب الشخصي الذي يميز كاتبا من غيره في معالجته الفنية للقصة. وهنا لا بد من فتح قوس أساس ألا وهو عدم تلاؤم القصة مع تمثيل الأسلوب الجماعي، هذا التمثيل تختص به الرواية وحدها. ولذلك تعد القصة مجالا خصبا للبرهنة على مهارات فردية في الأداء الأسلوبي. ومن ثمة فهي تجنح في الغالب إلى التكثيف اللغوي، الذي يقربها من الاستعمال الشعري للغة. كما أنها تسمح بالتلاعب الذي يطال بناء الجملة السردية، وتنامي السرد بوساطة اللجوء إلى التكرار الإضافي، بحيث يكرر عنصر ما طيلة السرد، لكن هذا التكرار يضيف حين وروده خاصيات جديدة إلى العنصر المكرر كما هو الحال في قصص فوكنر. وتقطيع النص بوقف سيولته غرافيا، وتضمين هذا التقطيع مقاطع تبدو وكأنها تنزل منزلة استخلاص حكمي. في هذا الإطار التجريبي للأسلوب الشخصي يرد التنويع الأسلوبي، وذلك بفتحه على ممكنات الأجناس الأدبية الأخرى، وبخاصة الشعر؛ إذ قد يعمد القاص إلى تضمين قصته بمقاطع شعرية ينحتها هو، أو يستعيرها من غيره. كما يمكن للقصة القصيرة أن تنفتح في بنائها أسلوبيا على ممكنات الشفهي في بعديه: 1- اللغوي من حيث هو ممارسة تواصلية في الحياة، أو 2- البنائي من حيث استمداد بناء القصة من بناءات الحكاية الشعبية. لكن هذا الانفتاح الأسلوبي على أساليب إجناسية غير سردية لا يتم إلا من خلال ممكنات القصة القصيرة، وإلا تحولت هذه الأخيرة إلى كتابة تتأطر في خانة غير خانتها الإجناسية. فإذا ما استعير بناء القصة القصيرة من الحكائي الشفهي، فلا بد من جعله ممررا من اقتضاءاتها هي، وتدميره بوساطة فعلها الخاص، إما بوساطة المحاكاة الساخرة، أو بفعل تحويل في بنية علاقة الجهد بوسائل التحقيق، أو تدمير كل الشخصية.
                            لا يكفي في التجريب رفع معول الهدم حتى يصير الكاتب طليعيا، بل لا بد له من تصور معرفي، يبرر فعله هذا. والمقصود بهذا القول أن الكثير من كتاب القصة القصيرة يرفعون شعار هدم الحبكة ليدللوا على أنهم يكتبون للمستقبل، لا لقراء استهلكتهم العادة والاطمئنان إلى مقروء منهك بالتقاليد. لكن فعلا من هذا القبيل لا يعد رصينا إذا غض الطرف عن ضرورة تبريره جماليا. ولا تعد حجة «أنا أكتب وعليك أنت أن تتحمل جريرة تبرير ما أفعل» مقبولة على الإطلاق. فتدمير الحبكة له أسسه المعرفية المرتبطة بحقبة التوه في أوروبا بعد ضمور السرديات الكبرى المفسرة للعالم، وله صلة بوصول العقلانية إلى مأزق فادح في تدبير التاريخ الحديث. أما نحن في المنطقة العربية فنعيش توها آخر من صنف مختلف، إنه توه التردد بين تبني منطق العصر والتحصن بالماضي الميت. ولهذا فكل تدمير للحبكة ينبغي أن يستند عندنا إلى موضعته في أفق مغاير يمثل في تمثيل مواز للحبكة يتخذ من الصيرورة الحدثية مجالا للتساؤل، ومعنى ذلك أن ينقلب السرد على نفسه، ويسائل فعله، من حيث هو بناء، ومن حيث هو قائم يين ضفتي المعقول (المسرود من حيث هو حبكة تقدم لنا ما نفهم به الواقع)، والمعاناة من تمثيله سرديا، والتي يمكن إظهارها بواسطة تمثيل الحدود بين الواقعي والوهمي، والغاية من ذلك أننا لا نعيش التوه إلا بوصفه ازدواجا في الشخصية العربية، وهذا الازدواج لا يظّهر إلا بواسطة مزيد من الشك في الحبكة التي يسردها القاص.
                            نستنتج مما سبق ذكره أن التجريب ضرورة جمالية مكونة للأدب، ويعد خاصية ملازمة له، لكن ممارسته هي رهن بتاريخية الكتابة، ورهن بالعصر وإشكالاته، واقتضاءاته الفكرية. ولا يمكن للتجريب أن يكون مبررا من خلال فعل فوضوي غير مبرر، ولا يعي حدوده، وغاياته، فأمر من هذا القبيل يخلف أثرا سلبيا، وينحو بالكتابة صوب الإسفاف، ويجعلها غير مقنعة البتة. فلا يكفي في القصة القصيرة، أو غيرها من الأجناس الأدبية، إدعاء التحرر من التقاليد، أو التحرر من ضيق ما هو مستهلك لكي تتحقق طليعية الكتابة، وجذريتها، بل لا بد من ربط أي جهد طليعي بتصورات جمالية مبنية تستند إلى وعي قادر على تبرير نفسه.

                            أديب وأكاديمي مغربي

                            عبد الرحيم جيران
                            التعديل الأخير تم بواسطة حسن لشهب; الساعة 14-09-2019, 19:05.

                            تعليق

                            • حسن لشهب
                              أديب وكاتب
                              • 10-08-2014
                              • 654

                              #89
                              غياب

                              محترقا بوهج السؤال
                              تحن للأمل
                              وصمت المساء
                              تتأمل أشلاء حلم
                              بلا أنفاس
                              بلا كلام

                              تعليق

                              • حسن لشهب
                                أديب وكاتب
                                • 10-08-2014
                                • 654

                                #90
                                و على ناصية المدى تروي
                                حكايات الغائبين
                                و وجع الظلام
                                في ليل يئن من فرط الدماء ،
                                فيه تخبو جذوة الأفكار
                                يكسوها الشجن
                                وثقل الغياب

                                تعليق

                                يعمل...
                                X