إذا صدر منك سلوك - قولا أو فعلا، حقا أم ظلما - تعتقد أن شخصا ما - صديقا كان أم قريبا و غيرهما - قد تضرر بتصرفك هذا فأصيب على إثره بجروح نرجسية متفاوتة الأثر و الخطورة، ثم ماكان من الشخص ذاته إلا أن يرد عليك بإحدى الحسنين: إما بأن يغفر لك من القلب - خاصة في حالة اعتذارك إن أسأت أو تعليلك إن أصبت - أو، إن عز عليه الصفح، بأن يعمل بوصية
لكن. ربما سوف يتبين لك أن الأمور ليست دائما بهذه المرونة كما كان يشتهيها الرجل الصالح و لا على الشكل الذي نتمناها نحن من بعده. بل، إن المتمعن - من غير سذاجة مفرطة - في سلوكيات الآدميين و طبائعهم يدرك أن الانتقام أقرب للمكلوم من الكرم و أن الصفع أيسر على المجروح من الصفح. و التاريخ على مر العصور حافل كان - و لا يزال - مسرحا لوقائع دامية و نكبات سوسيوثقافية و أزمات جيوستراتيجية توثق للسلوك الانتقامي كمتلازمة توطيد لعلاقة الإنسان بالثأر و ميوله شبه الغريزي للانتقام.
فإذا وُجد أنك فعلا أصبت شخصا بما لا يحب من قول أو فعل ثم ابتليت بشيء من الذي ابتلي به سيزار مع صديقه بروتوس، فخذ العبرة من عظماء منتقمي التاريخ و ترقّبْ موعد "رد الاعتبار". فإنني قرأت عند Francis Bacon بشأن الانتقام ما نصه: This is certain, that a man that studieth revenge, keeps his own woods green... (جروح المقبل على الانتقام لا تضمد).
و مع فائض حظوظك، ربما كان المجروح على اطلاع بأدبيات الانتقام فيقتبس منها المتلازمة الأساسية: أن ينتقم منك في العلن. يبدو على أنها في نفس المنتقم أشد وطئا و أقوم. و هو ما أشار إليه Bacon كذلك و أكده التاريخ من قبل و من بعد. و لعلها الخديعة التي فطن إليها الخليفة المنصور في حادثة انتقام ذكرها صاحب "التذكرة الحمدونية" صفحة 215 جعلت الخليفة يتصدى لها بالخطة التي نهجها ضد غريمه آنذاك بقول ترجمه إلى فعل:
إذا كنت ذا رأي فكن ذا عزيمة ... فإن فساد الرأي أن تترددا
ولا تمهل الأعداء يوما بقدرة ... وبادرهم أن يملكوا مثلها غدا
ففي غياب الرجل الصالح الذي يصفح عنك بعد الجرح، فكن، يا صديقي، يقظاً حذرا و تذكر: جروح المنتقم لا تُضمّد.
وإليك السلام.
م.ش.
الرجل الصالح كما نقلها الإمام الشافعي:رحم الله من كافأني على إساءتي من غير أن يزيد ولا يبخس حقا لي، فاعتبر نفسك ذا حظ عظيم فغريمك هذا ينتمي إلى صنف النوادر من فصيلة إنسية مهددة بالانقراض. بل دعني أهنئك صادقاً و أكرر أمامك نصيحة الشافعي البليغة:
إذا كان لك صديق فشدّ بيديك به، فإن اتخاذ الصديق صعب ومفارقته سهل. وقد كان الرجل الصالح يشبّه سهولة مفارقته الصديق بصبي يطرح في البئر حجرا عظيما فيسهل طرحه عليه ويصعب إخراجه على الرجال. فهذه وصية الإمام (ووصيتي إليك) وإليك السلام ثم انتهى الكلام بمسك الختام.لكن. ربما سوف يتبين لك أن الأمور ليست دائما بهذه المرونة كما كان يشتهيها الرجل الصالح و لا على الشكل الذي نتمناها نحن من بعده. بل، إن المتمعن - من غير سذاجة مفرطة - في سلوكيات الآدميين و طبائعهم يدرك أن الانتقام أقرب للمكلوم من الكرم و أن الصفع أيسر على المجروح من الصفح. و التاريخ على مر العصور حافل كان - و لا يزال - مسرحا لوقائع دامية و نكبات سوسيوثقافية و أزمات جيوستراتيجية توثق للسلوك الانتقامي كمتلازمة توطيد لعلاقة الإنسان بالثأر و ميوله شبه الغريزي للانتقام.
فإذا وُجد أنك فعلا أصبت شخصا بما لا يحب من قول أو فعل ثم ابتليت بشيء من الذي ابتلي به سيزار مع صديقه بروتوس، فخذ العبرة من عظماء منتقمي التاريخ و ترقّبْ موعد "رد الاعتبار". فإنني قرأت عند Francis Bacon بشأن الانتقام ما نصه: This is certain, that a man that studieth revenge, keeps his own woods green... (جروح المقبل على الانتقام لا تضمد).
و مع فائض حظوظك، ربما كان المجروح على اطلاع بأدبيات الانتقام فيقتبس منها المتلازمة الأساسية: أن ينتقم منك في العلن. يبدو على أنها في نفس المنتقم أشد وطئا و أقوم. و هو ما أشار إليه Bacon كذلك و أكده التاريخ من قبل و من بعد. و لعلها الخديعة التي فطن إليها الخليفة المنصور في حادثة انتقام ذكرها صاحب "التذكرة الحمدونية" صفحة 215 جعلت الخليفة يتصدى لها بالخطة التي نهجها ضد غريمه آنذاك بقول ترجمه إلى فعل:
إذا كنت ذا رأي فكن ذا عزيمة ... فإن فساد الرأي أن تترددا
ولا تمهل الأعداء يوما بقدرة ... وبادرهم أن يملكوا مثلها غدا
ففي غياب الرجل الصالح الذي يصفح عنك بعد الجرح، فكن، يا صديقي، يقظاً حذرا و تذكر: جروح المنتقم لا تُضمّد.
وإليك السلام.
م.ش.
تعليق