قراءة ثانية

يا صديقتي الفراشة لماذا إصرارك على إحراجي !؟
ههه
فإن حالة العشق معي تشبه تلك التي استهل بها صاحب “طوق الحمامة” حديثه عن الحب في صباه (وهو بالمناسبة مرجعيتي الأكبر في المادة الفكرية) حين قال: “اعلم، حفظك الله، أن الحب أوله هزل و آخره جد”.

فكلما أتيت لأحكي عن قصتي مع تجربة عشق أولى، حتى أجد نفسي الحالمة تتوق للبعاد ثم، كشخصية “ريطة”، حمقاء قريش، أمزق أوراقي و أعيد البحث عن تجربة عشق جديدة. ثم أشرع ثانية في سلسلة من العشق و الهجران تلازمها أزمة ثنائية الكتابة و التمزيق. وكأنني من رواد مدرسة (دريدا) أطبق تعاليم “التخريبية” في حالتي مع العشق و الكتابة عن العشق. و لكن هذه المعاناة لا تمنعني من الإيمان بضرورة الحب في حياة الإنسان الطبيعي، و الحب - أو العشق - مقامات، كما تعلمين. منها ما نعيشه نحن البشر بين البشر و نحس به و نعبر عنه بشتى الوسائل من حركات و سلوكيات و تفاعلات و ببعض من كلام كذلك. لكن هناك المقام الأسمى و هو ما يتفرد بالتعبير عنه من شعروا به (أو كما اعتقدوا أنهم شعروا به) و أقصد مقام العشق الإلهي كما يتصوره العارفون؛ و لا أخص منهم المتصوفة من أمثال الششتري و الجنيد و ذو النون و غيرهم ممن صدق و ممن تزندق. و بما أنني لست أهلا للخوض في هذا اللون من العشق، فدعيني أختم حديثي الجميل معك على هذا التعبير الانيق عن قصة عاشقين (أتذكر منها شيئا ولست أدري هي لمن تكون):

زارني طيف الخيال في الكرى
قلت يا طير الخيال من أرسلك
قال الذي تعشقه أرسلني
الذي بعض هواه أنحلك
قلت دع العشق لا تعني به
قال لولا العشق ما دار الفلك

و قصة لقاء اخرى بعد هجران:

عاد الحبيب الذي أهوى من السفر
و الشمس قد سطرت في خده الأثرا
قلت يا عجبا! الشمس في القمر
والشمس لا ينبغي أن تدرك القمرا


و هي تعابير بالغة الحسن يعجز محمد شهيد أن يأتي ولو ببيت واحد منها لبديع صنعتها و دقيق ألفاظها.

مودتي لك موصولة من بلد القيقب و الصقيع غرباً و حتى بلاد الحمامات و الدفء شرقاً.

م.ش.

شكرا محمد على ردك العميق الذي يحتاج مني وقفة أطول
لذلك أعدك بعودتي فقد فاضات الآن مياه الأمطار من بعض نوافذ البيت
لا ينفع في مثل هذا الطقس البارد في تونس، إلا فنجان قهوة وقطعة شكولاطة

تحياتي مؤقتا

وأنا الذي كنت أظن أنكم جميعكم هنالك في مكان دافيء و أنني وحدي هنا أصارع الصقيع! هيا سارعي بتحصين المنافذ و عودي بكوب شكولا ساخن في يدك.

ننتظر...

همسات تنعش الفكر والرّوح

دمت راقية الحسّ غاليتي

ودمت جميلة الحضور عزيزتي فاتن شكرا من القلب صديقتي البهيّة

أينك، سليمى، و أين الشكولا؟
أتمنى أنك بخير.

مودتي

م.ش.