الأستاذة أميمة تحية إليك طيبة.
ثم أما بعد، ذُكر الإنسان في القرآن الكريم مرات عديدة، 64 مرة بل أكثر، منها ما سردتِه علينا ومنها ما أغفلتِ لكثرته.
نعم، "الإنسانية" بما اشتهرت به من الاستعمالات مفهوم غربي معاصر وهو ترجمة لما يسمى "humanism" أو "humanisme" والـ "isme/ism"، الملحقة بآخر الكلمة في اللغات الأعجمية تعني النزعة أو "الإيديولوجية" وهي نزعة فكرية؛ والإنسانية في العربية اسم، مصدر صناعي، مشتق من "الإنسان" كما بينتُه قبلا، وتسمى الياء في "الإنسانية"، وما شابهه من المصادر الصناعية المنتهية بالياء والتاء، ياءَ النزعة وقد شاعت في الناس باسم "ياء النسبة" وهي تسمية خاطئة كما يراه بعض علماء اللغة العرب، فالحاصل أن "الإنسانية"، المترجمة من "humanism/humanisme" نزعة فكرية يراد بها الحديث عما في الإنسان من إيجابية لما يبقى إنسانا، أو لما يُبقي، هو، على ما فيه من نزعة إلى الخير إن هو حافظ على "إنسانيته" الكامنة فيه بالفطرة، فإن هو تخلى بمحض إرادته، أو بقهر خارجي، عن "إنسانيته" تحول إلى شيء آخر غير كونه "إنسانا" فيسقط حينئذ في "الحيوانية"، أو في "السَّبُعِية"، أو في "الذِّئبية"، يفترس بني جنسه، أو في "البقرية" أو في "الثورية" أو في "المعزية" يأكل ويعيش كما تعيش الأنعام، وقد وصف الله تعالى هذا الصنف من "البشر" (!) بها في قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ؛ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَّهُمْ} (سورة محمد: #12)؛ و{وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ، لَهُمْ قُلُوبٌ لَّا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَّا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَّا يَسْمَعُونَ بِهَا، أُولَـظ°ئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ، أُولَـظ°ئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ}(سورة الأعراف: #179)؛ و{أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ، إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ، بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا}( سورة الفرقان: #44) فليس كل من يدعي "الإنسانية" إنسانا حتى وإن سكن القصور، وكسب الدور، كان أثرى من قارون وأعزَّ من فرعون، وقد تجلت "إنسانية" فرعون وهو في أوج طغيانه لما قال، فيما حكاه القرآن الكريم عنه: {وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ؛ إِنِّي أَخَافُ أَن يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَن يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ}(#26) فهو يظهر شفقة على قومه ولذا يستأذنهم (!) لقتل موسى، عليه الصلاة والسلام، "المفسد" حسب زعمه الكاذب، وما فعل فرعون ذلك إلا من نزعة "إنسانية" كبيرة فيه وهو الجبار المتغطرس؛ وكذلك شأن كل "فرعون" في كل زمان ومكان حتى في الأُسر قليلة العدد والمحدودة في المكان والزمان، عن أرباب الأسر الجبارين أتحدث فهم فراعين صغار في مملكاتهم الصغيرة...
هذه إضافة أحببت تسجيلها هنا إثراءً للموضوع الكبير الذي نحن بصدده وأرجو ألا أكون قد أثقلت عليك بتدخلاتي فلولا ما تتيحينه لي من المشاركة، بارك الله فيك، بكل أريحية لما أثقلت عليك بحضوري.
تحياتي إليك وتقديري لك.
(هذه المساهمة مني منسوخة من متصفح الأستاذة أميمة محمد، تنظر مشاركتي رقم #13)
ثم أما بعد، ذُكر الإنسان في القرآن الكريم مرات عديدة، 64 مرة بل أكثر، منها ما سردتِه علينا ومنها ما أغفلتِ لكثرته.
نعم، "الإنسانية" بما اشتهرت به من الاستعمالات مفهوم غربي معاصر وهو ترجمة لما يسمى "humanism" أو "humanisme" والـ "isme/ism"، الملحقة بآخر الكلمة في اللغات الأعجمية تعني النزعة أو "الإيديولوجية" وهي نزعة فكرية؛ والإنسانية في العربية اسم، مصدر صناعي، مشتق من "الإنسان" كما بينتُه قبلا، وتسمى الياء في "الإنسانية"، وما شابهه من المصادر الصناعية المنتهية بالياء والتاء، ياءَ النزعة وقد شاعت في الناس باسم "ياء النسبة" وهي تسمية خاطئة كما يراه بعض علماء اللغة العرب، فالحاصل أن "الإنسانية"، المترجمة من "humanism/humanisme" نزعة فكرية يراد بها الحديث عما في الإنسان من إيجابية لما يبقى إنسانا، أو لما يُبقي، هو، على ما فيه من نزعة إلى الخير إن هو حافظ على "إنسانيته" الكامنة فيه بالفطرة، فإن هو تخلى بمحض إرادته، أو بقهر خارجي، عن "إنسانيته" تحول إلى شيء آخر غير كونه "إنسانا" فيسقط حينئذ في "الحيوانية"، أو في "السَّبُعِية"، أو في "الذِّئبية"، يفترس بني جنسه، أو في "البقرية" أو في "الثورية" أو في "المعزية" يأكل ويعيش كما تعيش الأنعام، وقد وصف الله تعالى هذا الصنف من "البشر" (!) بها في قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ؛ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَّهُمْ} (سورة محمد: #12)؛ و{وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ، لَهُمْ قُلُوبٌ لَّا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَّا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَّا يَسْمَعُونَ بِهَا، أُولَـظ°ئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ، أُولَـظ°ئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ}(سورة الأعراف: #179)؛ و{أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ، إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ، بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا}( سورة الفرقان: #44) فليس كل من يدعي "الإنسانية" إنسانا حتى وإن سكن القصور، وكسب الدور، كان أثرى من قارون وأعزَّ من فرعون، وقد تجلت "إنسانية" فرعون وهو في أوج طغيانه لما قال، فيما حكاه القرآن الكريم عنه: {وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ؛ إِنِّي أَخَافُ أَن يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَن يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ}(#26) فهو يظهر شفقة على قومه ولذا يستأذنهم (!) لقتل موسى، عليه الصلاة والسلام، "المفسد" حسب زعمه الكاذب، وما فعل فرعون ذلك إلا من نزعة "إنسانية" كبيرة فيه وهو الجبار المتغطرس؛ وكذلك شأن كل "فرعون" في كل زمان ومكان حتى في الأُسر قليلة العدد والمحدودة في المكان والزمان، عن أرباب الأسر الجبارين أتحدث فهم فراعين صغار في مملكاتهم الصغيرة...
هذه إضافة أحببت تسجيلها هنا إثراءً للموضوع الكبير الذي نحن بصدده وأرجو ألا أكون قد أثقلت عليك بتدخلاتي فلولا ما تتيحينه لي من المشاركة، بارك الله فيك، بكل أريحية لما أثقلت عليك بحضوري.
تحياتي إليك وتقديري لك.
(هذه المساهمة مني منسوخة من متصفح الأستاذة أميمة محمد، تنظر مشاركتي رقم #13)
تعليق