الإنسان و ... الحيوانية ! (مقالة)

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • حسين ليشوري
    طويلب علم، مستشار أدبي.
    • 06-12-2008
    • 8016

    #16
    الأستاذة أميمة تحية إليك طيبة.

    ثم أما بعد، ذُكر الإنسان في القرآن الكريم مرات عديدة، 64 مرة بل أكثر، منها ما سردتِه علينا ومنها ما أغفلتِ لكثرته.
    نعم، "الإنسانية" بما اشتهرت به من الاستعمالات مفهوم غربي معاصر وهو ترجمة لما يسمى "humanism" أو "humanisme" والـ "isme/ism"، الملحقة بآخر الكلمة في اللغات الأعجمية تعني النزعة أو "الإيديولوجية" وهي نزعة فكرية؛ والإنسانية في العربية اسم، مصدر صناعي، مشتق من "الإنسان" كما بينتُه قبلا، وتسمى الياء في "الإنسانية"، وما شابهه من المصادر الصناعية المنتهية بالياء والتاء، ياءَ النزعة وقد شاعت في الناس باسم "ياء النسبة" وهي تسمية خاطئة كما يراه بعض علماء اللغة العرب، فالحاصل أن "الإنسانية"، المترجمة من "humanism/humanisme" نزعة فكرية يراد بها الحديث عما في الإنسان من إيجابية لما يبقى إنسانا، أو لما يُبقي، هو، على ما فيه من نزعة إلى الخير إن هو حافظ على "إنسانيته" الكامنة فيه بالفطرة، فإن هو تخلى بمحض إرادته، أو بقهر خارجي، عن "إنسانيته" تحول إلى شيء آخر غير كونه "إنسانا" فيسقط حينئذ في "الحيوانية"، أو في "السَّبُعِية"، أو في "الذِّئبية"، يفترس بني جنسه، أو في "البقرية" أو في "الثورية" أو في "المعزية" يأكل ويعيش كما تعيش الأنعام، وقد وصف الله تعالى هذا الصنف من "البشر" (!) بها في قوله تعالى: {
    إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ؛ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَّهُمْ} (سورة محمد: #12)؛ و{وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ، لَهُمْ قُلُوبٌ لَّا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَّا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَّا يَسْمَعُونَ بِهَا، أُولَـظ°ئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ، أُولَـظ°ئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ}(سورة الأعراف: #179)؛ و{أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ، إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ، بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا}( سورة الفرقان: #44) فليس كل من يدعي "الإنسانية" إنسانا حتى وإن سكن القصور، وكسب الدور، كان أثرى من قارون وأعزَّ من فرعون، وقد تجلت "إنسانية" فرعون وهو في أوج طغيانه لما قال، فيما حكاه القرآن الكريم عنه: {وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ؛ إِنِّي أَخَافُ أَن يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَن يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ}(#26) فهو يظهر شفقة على قومه ولذا يستأذنهم (!) لقتل موسى، عليه الصلاة والسلام، "المفسد" حسب زعمه الكاذب، وما فعل فرعون ذلك إلا من نزعة "إنسانية" كبيرة فيه وهو الجبار المتغطرس؛ وكذلك شأن كل "فرعون" في كل زمان ومكان حتى في الأُسر قليلة العدد والمحدودة في المكان والزمان، عن أرباب الأسر الجبارين أتحدث فهم فراعين صغار في مملكاتهم الصغيرة...

    هذه إضافة أحببت تسجيلها هنا إثراءً للموضوع الكبير الذي نحن بصدده وأرجو ألا أكون قد أثقلت عليك بتدخلاتي فلولا ما تتيحينه لي من المشاركة، بارك الله فيك، بكل أريحية لما أثقلت عليك بحضوري.

    تحياتي إليك وتقديري لك.

    (هذه المساهمة مني منسوخة من متصفح الأستاذة أميمة محمد، تنظر مشاركتي رقم
    #13)



    sigpic
    (رسم نور الدين محساس)
    (رسّام بجريدة المساء الجزائرية 1988)

    "القلم المعاند"
    (قلمي هذا أم هو ألمي ؟)
    "رجوت قلمي أن يكتب فأبى، مُصِرًّا، إلاَّ عِنادا
    و بالرَّفض قابل رجائي و في الصَّمت تمــادى"

    تعليق

    • أميمة محمد
      مشرف
      • 27-05-2015
      • 4960

      #17

      ولك التحايا موصولة أخي الكريم حسين ليشوري..

      " نزعة فكرية يراد بها الحديث عما في الإنسان من إيجابية لما يبقى إنسانا، أو لما يُبقي، هو، على ما فيه من نزعة إلى الخير إن هو حافظ على "إنسانيته" الكامنة فيه بالفطرة، فإن هو تخلى بمحض إرادته، أو بقهر خارجي، عن "إنسانيته" تحول إلى شيء آخر"إنسانا" فيسقط حينئذ في "الحيوانية" "

      جزاك الله خيرا
      هذه النزعة الإيجابية التي نأملها، نأملها من إنسان صفاته كثيرة ومتغيرة مستغربة لأن الإنسان فيه الخير والشر
      فكيف نأمل إنسانية( بتصورها الإيجابي الخيّر) و الإنسان مليء كذلك بالشر
      وكيف أن الإنسانية المرتجاة يراد لها أن تعالج ما أحدثته الإنسانية البشرية نفسها بغفلتها وطغيانها وتقلبها

      كيف تعالج الإنسانية موبقات الإنسانية؟
      في كل أزمة دولية أو عالمية يُنادى بالإنسانية وما زالت الإنسانية عاجزة عن اللجوء للتعاليم السماوية غير المحرفة
      لتلجأ لقوانين إنسانية بشرية تخطئ وتصيب
      فهل تعالج الإنسانية الضعيفة علّات الإنسانية؟

      كلّا، لما نزلت شرائع السماء.. لو كان يمكنها
      لكننا نرى النداء بالرحمة والتعاون في العالم .. نداء ابتكر لمزيد من التغافل عن التمييز بين الشعوب والأديان والأقليات
      هذا التمييز الباقي فعلا فهناك أمريكي وهناك أفريقي وهناك مسلم وهناك يهودي وهناك ملحد

      تقول الإنسانية بشكل آخر: الإنسان يتساوى مع الإنسان الآخر حقوقا وواجبات ودرجة مهما كان دينه ـ أو لا دينيته ـ ولونه وعرقه وجنسيته

      كل هذا جاء به الإسلام تقريبا إلا مساواة المؤمن مع المشرك ففي الإسلام أكرمكم عند الله أتقاكم
      ولا فضل لعربي على عجمي إلابالتقوى
      ***
      ولا يفوتني ، أن أسجل الشكر والاحترام والتقدير للأستاذ الجليل حسين ليشوري
      ليس لإحياء الموضوع فحسب، بل لكل مشاركاته المثرية القيمة التي أستفيد منها كل الإفادة
      ولا غنى للموضوع عنها
      ***
      شكرا للجميع لإثرائكم وإحيائكم الموضوع

      تعليق

      • حسين ليشوري
        طويلب علم، مستشار أدبي.
        • 06-12-2008
        • 8016

        #18
        أقوال وحكم في الإنسانية (منقول).

        السلام عليكم، أستاذة أميمة، ورحمة الله تعالى وبركاته.
        1- يقول الأستاذ حسن البنا، رحمه الله تعالى: "أنا سائح يطلب الحقيقة وإنسان يبحث عن مدلول الإنسانية بين الناس ومواطن ينشد لوطنه الكرامة والحرية والاستقرار والحياة الطيبة في ظل الإسلام الحنيف" اهـ؛
        2- ويقول الأستاذ سيد قطب، رحمه الله تعالى: "لا كفاح بلا عقيدة، ولا حياة بلا عقيدة، ولا إنسانية بلا عقيدة"، اهـ؛
        3- ويقول الأستاذ مصطفى صادق الرافعي، رحمه الله تعالى: "لم يكن الإسلام في حقيقته إلا إبداعا للصيغة العملية التي تنتظم الإنسانية فيها، ولهذا كانت آدابه حراسا على القلب المؤمن كأنها ملائكة من المعاني" اهـ.
        اخترت هذه المقولات الثلاث من موقع "
        حكم نت" وفيه أشياء كثيرة تفيد قارئها إن شاء الله تعالى.
        حكم في الإنسانية
        ومن أقوالي التي حرّرتها وحبّرتها هذه الصبيحة فقط:
        "من سخافته يصنع الأنْوَك بردعة من ثقافته"،
        تقرأ هذه المقولة طردا وعكسا: "من ثقافته يصنع الأنوك بردعة من سخافته".
        تحياتي

        sigpic
        (رسم نور الدين محساس)
        (رسّام بجريدة المساء الجزائرية 1988)

        "القلم المعاند"
        (قلمي هذا أم هو ألمي ؟)
        "رجوت قلمي أن يكتب فأبى، مُصِرًّا، إلاَّ عِنادا
        و بالرَّفض قابل رجائي و في الصَّمت تمــادى"

        تعليق

        • الهويمل أبو فهد
          مستشار أدبي
          • 22-07-2011
          • 1475

          #19

          الإنسانية مفردة لطيفة وتبدو بريئة قبل أن تأخذ بعدا فلسفيا وتصبح مصطلحا له دلالات غير
          ما توحي به في الحديث العفوي. فحالما أصبحت في اللغات الغربية تنتهي باللاحقة (
          ism) حتى
          تحولت عن كل ما يربطها بالعواطف البشرية، وصار العرب يترجمونها بالإنسانوية (على وزن: إسلاموية).
          شخصيا أنا أعرف أن الإنسانوية (
          humanism) مفهوم فلسفي حديث. وكلمة "حديث" هنا
          تعني قياسا بالتاريخ البشري. وتعود هذه النزعة الفلسفية إلى عصر النهضة (1400 وما بعدها)
          وشاعت في القرن السادس عشر الميلادي، ومن أشهر مروجيها ايرازموس.

          استثارتني المشاركات في هذا المتصفح لابحث في المفهوم خاصة أن الفيلسوف الفرنسي المعاصر
          ميشيل فوكو قال في مقدمة أحد كتبة إن (الإنسان ابتداع -شكل- جديد، مجرد ثنية في امتداد
          -ثوب- التاريخ البشري وسيتغير حالما يجد البشر صيغة -شكل- بديل). "ثوب" أضفتها حتى
          تعطي مفردة "ثَنْيَة" معنى .مقولة فوكو بدت لي غاية في الغرابة وظل الفضول يراودني حتى أعادتني
          المشاركات هنا إلى الأمر. بحثت في قواميس التأثيل في اللغات الغربية وزاد فضولي.

          فكلمة إنسان (human) لها علاقة غريبة بـ(الأرض: earth) وأن المفردة في أبعد زمن لم تكن معروفة
          قبل 1100م! السبب طبعا أن هذا الكائن أرضي على عكس سماوي. واستقام لي الأمر. في الثقافات
          ما قبل الحقبة القروسطية كانت المخلوقات تنقسم إلى سماوي (الآلهة) والأرضي (البشر). والحق أن الأغريق
          لهم من الآلهة وأنسبائهم حتى من البشر ما يفوق تعداد البشرية وكذا الأمر مع ورثتهم الرومان. وكان غاية الأغريقي
          أن تتركه الآلهة وشأنه على عكس المفهوم الديني في الأديان السماوية. مع عصر النهضة واكتشافاتها العلمية اعتنى
          المفكرون بالإنسان وشئؤنه على الإرض وعلاقته مع إله واحد.

          يبقى أن نقول مع عمر الخيام (ترجمة أحمد رامي):
          خفف الوطء إن هذا الثرى *** من أعينٍ ساحرةِ الاحورارِ
          أو نقول مع المعري
          خففِ الوطء ما أظـُنُّ أديم *** الأرض إلا من هذه الأجسادِ
          أما أبو الطيب فيقول:
          يـُدفـّنُ بعضنا بعضاً ويمشي *** أواخرنا على هام ِ الأوالي

          تحيات لا تبلى


          تعليق

          • حسين ليشوري
            طويلب علم، مستشار أدبي.
            • 06-12-2008
            • 8016

            #20
            ولك تحياتي التي تبلى أستاذنا الجليل الهويمل أبو فهد.
            أعتذر إليك أولا عن التأخر في شكرك على مشاركتك القيمة والتي تحتاج إلى إعادة قراءة المرة بعد المرة للتمعن والتدبر.
            الإضافات القيمة تغني الموضوع المعالج وتعطيه بعدا جديدا لم يكن واردا عند عرضه أول مرة، وهكذا الأفكار الولادة يلقح بعضها بعضا.
            يبدو أن تلك الملحقة "ism" والتي تعني "النزعة" أو "الفكرة" أو "الاتجاه" هي التي تصاغ منها "الأيديولوجيات" كلها ما دخلت كلمة حتى أفسدتها أو حولتها عن "طيبتها" الأولى أو عن "طينتها" الأساسية التي كانت عليها قبل دخولها؛ وعندنا في الفكر الإسلامي، قضية "الإسلامية" والتي يبدو أن أول شخص وظفها في كتابته إنما هو الشيخ أبو الحسن الأشعري، رحمه الله،
            (260هـ - 324هـ = 874م - 936م)، في كتابه الشهير والمنشور "مقالات الإسلاميين" و الذي يعرفه القراء، المهتمين؛ كما أن للشيخ أبي الحسن الأشعري، رحمه الله، كتابا آخر غير مشهور كالأول بعنوان "مقالات غير الإسلاميين".
            أما نقل "الإسلامية" إلى "الإسلاموية" فهو من باب التعسف اللغوي النتاج عن الحقد "الإيديولوجي" الدفين والمكين والكمين في نفوس الحاقدين على الإسلام؛ يبقى إذن ما دخلت الملحقة "إيزم" (ism) كلمة إلا أفسدتها تماما كالخل ما دخل العسل إلا أفسده.
            هذا ما سمحت به ظروفي الآن بالتعليق به وأنا أجاهد نفسي على الرقن بدقة حتى لا أسفد ما أريد قوله أو بعضه.
            تحياتي أستاذنا الجليل مع تكرار الاعتذار عن التأخر في شكرك على مداخلتك القيمة، بارك الله فيك.

            sigpic
            (رسم نور الدين محساس)
            (رسّام بجريدة المساء الجزائرية 1988)

            "القلم المعاند"
            (قلمي هذا أم هو ألمي ؟)
            "رجوت قلمي أن يكتب فأبى، مُصِرًّا، إلاَّ عِنادا
            و بالرَّفض قابل رجائي و في الصَّمت تمــادى"

            تعليق

            • الهويمل أبو فهد
              مستشار أدبي
              • 22-07-2011
              • 1475

              #21
              أهلا ومرحبا بعودتك شيخنا الكريم والحمد لله على سلامتك
              ومنحك الله تعالى الصحة والعافية

              لا عليك شيخنا من تأخير الرد فليس القصد أن ترد أو لا
              ترد. القصد أن أشارك بما أظنه إضافة قد تفيد وتحل إشكالا
              يدور في ذهني. أما الاسلاموية فأظنها صيغة لتجاوز مفردة
              الإسلامية لأن الإسلامية مقبولة ولا أظنها تخدم غرض
              التحول مما هو مألوف ومقبول إلى ما ينطوي عليه
              التحول إلى نزعة الإزم (ism) الذي يعني فيما يعني
              التحول إلى ما يمكن أن يجد الفكرُ له بديلا-- والإسلامية
              لا بديل لها مفردة أو معتقدا. في الغرب يقابل مفردة
              الإنسانية المقبولة عاطفيا مفردة (humanity). أما كنزعة فهي
              humanism. وأحيانا يكون حرفها الأول كبيرا
              (H). وبالنسبة لصعوبة الرقن فأنت وأنا على ما يبدو في
              الهم شرق.

              حفظك الله وورعاك مع تحياتي

              تعليق

              • حسين ليشوري
                طويلب علم، مستشار أدبي.
                • 06-12-2008
                • 8016

                #22
                شكر الله لك، أستاذنا العزيز، دعاءك الطيب لي ومنحك مما دعوت به نصيبا وافرا، آمين.
                بارك الله فيك على الإضافة القيمة والقول قولك.
                تحياتي ومحبتي.

                sigpic
                (رسم نور الدين محساس)
                (رسّام بجريدة المساء الجزائرية 1988)

                "القلم المعاند"
                (قلمي هذا أم هو ألمي ؟)
                "رجوت قلمي أن يكتب فأبى، مُصِرًّا، إلاَّ عِنادا
                و بالرَّفض قابل رجائي و في الصَّمت تمــادى"

                تعليق

                يعمل...
                X